الأسباب التي دعت الشعوب الأوربية لتبنّي العلمانية


ضيا اسكندر
2023 / 1 / 21 - 15:25     

تُرى، لماذا اعتمد الغرب نهج العلمانية وحرّمه على الدول التي تدور في فلكه؟
الجواب باختصار لأن العلمانية – ومن خلال تجربة الغرب - تفتح آفاقاً رحبة للتطور والازدهار. وهذا محرّمٌ على الدول التي تنشد اللحاق به. لأنه لا يصبُّ في مصلحة الغرب الذي يسعى دائماً وأبداً إلى البقاء على العرش؛ حاكماً، متبوعاً، آمراً، ناهباً..

من المعروف أنه في القرن السابع عشر استمرت الحروب الدينية ثلاثين عاماً في ألمانيا بين الكاثوليك والبروتستانت، قُتِلَ خلالها أكثر من نصف سكان ألمانيا؟ وفي فرنسا استمرت قرابة الـ 40 عاماً، قُتِل فيها الملايين. وقد راح ضحية الحروب الدينية بشكل عام أكثر من 40% من الشعوب الأوربية. والسبب الأصلي في اندلاع هذه الحرب هي حركة الإصلاح البروتستانتية، التي قام بها الراهب الكاثوليكي “مارتن لوثر” (مؤسس البروتستانية) عندما انتقد الكاثوليكية ورفض أفكارها خاصة صكوك الغفران، وإمكانية شراء المناصب الدينية العليا كالمطران والبابوية.
فما كان من الكنيسة الكاثوليكية (التي كانت الحاكم الآمر الناهي) إلا استخدام محاكم التفتيش لبثّ الرعب في نفوس الناس وردعهم عن الخروج عن الكاثوليكية، ومحاكمة الهراطقة والمرتدّين والمخالفين لأوامر الكنيسة، للحفاظ على مصالحها. فقامت بإبادة الملايين بالخنق والإحراق والإغراق والإعدام شنقاً وكافة وسائل التعذيب المروعة الأخرى.
لقد استنتج المفكرون في الغرب أن هيمنة الكنيسة على الدولة هي أحد أسباب الحروب والتخلف والجهل.. فقد كانت تتدخّل في الشاردة والواردة وفي كل ما يتناقض والعقيدة الدينية الجامدة. فتوصّلوا إلى الدواء الناجع للتخلّص من كل شرور الكنيسة وسطوتها من خلال تبنّي منهج العلمانية؛ والتي تعني في جوهرها فصل الدين عن الدولة وعن المدرسة وعن العلوم وعن السياسة.. فاعتمد الغرب هذا المنهج وانطلق وحقق المعجزات.

فهل تجرؤ أنظمة الحكم العربية التابعة، على مخالفة الغرب وتحدّيه وتتبنّى العلمانية في دساتيرها؟