الفصل الثاني- بناء المؤسسة: مكانة البروليتكولت في الثقافة السوفياتية المبكرة

لين مالي
2023 / 1 / 17 - 22:00     


الكاتبة: لين مالي

المصدر:

Mally, Lynn. Culture of the Future: The Proletkult Movement in Revolutionary Russia. Berkeley: University of California Press, 1990. http://ark.cdlib.org/ark:/13030/ft6m3nb4b2/

جرى تصور شكل البروليتكولت خلال الثورة، التي عادت وتجذرت خلال الحرب الأهلية الروسية. كان تحولها من منظمة عمالية محلية إلى مؤسسة وطنية مهمة عاملاً مثرياً ومعقداً في الوقت عينه بسبب البيئة السياسة المضطربة التي نمت وسطها. وبصفتها حليفة للنظام الجديد، توسعت بمساعدة من الحكومة. في الوقت عينه، إن مطالبها الواضحة بتحقيق الاستقلالية جعلتها في صراع مع العديد من المؤسسات الأخرى، من بينها الحزب الشيوعي والبيروقراطية الثقافية التابعة للدولة.





خلال السنوات الأولى من عمر النظام السوفياتي، كانت كل المؤسسات الجديدة في حالة تغير مستمر وفي منافسة محتملة. وبهدف بناء قاعدة اجتماعية وتبرير وجود المنظمة، طرح قادة البروليتكولت مطالبهم كمجموعة متميزة تقوم بدور خاص في المجتمع. بحسب رأيهم البروليتكولت كان من المفترض أن تكون المدافعة المستقلة عن البروليتاريا الصناعية المستقلة في مجال الثقافة، وهي أجندة حددت جزئياً من قبل أسلاف الحركة في فترة ما قبل الثورة. مع ذلك، فإن المعنى الدقيق لاستقلالية البروليتكولت وحدود سلطتها قد نظمت تدريجياً من خلال المنظمة الوطنية وفروعها المناطقية، والتي كانت حريصة جداً على تفسير الاستقلال الذاتي على أنه تأييد للسلطة المحلية.

تنظيم الثقافة السوفياتية

أدت ثورة تشرين الأول/أكتوبر إلى ازدياد عدد من المجموعات الثقافية الجديدة. نشأت الأندية والجمعيات المستقلة، كذلك الأقسام الثقافية في النقابات، والسوفيتات والمصانع ومجموعات الشبيبة الشيوعية، والتعاونيات والجيش الأحمر. (1) موّل جهاز الدولة التربوي المسارح وقاعات اللقاءات والمدارس. وانتقلت الندوات من طرح المواضيع الدينية إلى الإسبرانتو. كما نظمت المهرجانات الجديدة التي تخلد الأعياد الثورية، كعيد العمال، وبذلك جذبت المتحمسين إلى الشوارع والساحات العامة. أعطى هذا التوسع الملحوظ للثقافة السوفياتية المبكرة حيوية كبيرة، على الرغم من الانتقادات التي ركزت على أن كمية نشاطاتها تفوق جودتها. بالنسبة للمدير المسرحي، الأمير سيرغي فولكونسكي، بدا أن السكان يعانون من نوع من الحمى التنظيمية. فقد اندهش من انتشار المسارح، فكتب فولكونسكي: “نعم، إذا كان الفن يتألف من أرقام، فيمكن القول إن الفن الدرامي قد ازدهر في روسيا”. (2)

أدركت الحكومة السوفياتية على الفور أن التعليم والإبداع الفني كانا قناتين قويتين يمكن من خلالهما بناء روح جماعية اجتماعية وسياسية جديدة. (3) بمجرد توليهم السلطة، بدأ البلاشفة بإعادة تنظيم الحياة الثقافية الوطنية. على الرغم من موقف النظام غير المستقر، قدمت الدولة الأموال والموارد المالية والحصص الغذائية لمجموعة واسعة من الدوائر الثقافية الثورية. في الوقت عينه، رفضت دعم المؤسسات التي كان تعاطفها [مع الثورة] مشبوهاً، لا بل تدخلت بهدف إغلاقها.

نشأت مفوضية الشعب للتنوير، المعروفة بالاسم الروسي المختصر ناركومبروس ضمن بنية بيروقراطية معقدة تتألف من 17 قسماً مختلفاً. سعت إلى السيطرة على المدارس والجامعات الحكومية إضافة إلى قاعات الحفلات الموسيقية والمسارح والمتاحف. رعى الجيش الأحمر المسارح وقاعات القراءة وبرامج محو الأمية. أمل المجلس المركزي الاقتصادي (فيسينكا) في السيطرة على التعليم الفني، وأنشأت النقابات العمالية الأقسام الثقافية الخاصة بها. مولت سوفيتات المدن المدارس المحلية والمعاهد الفنية وأثرت عليها. بالإضافة إلى ذلك، ازدهرت مجموعة كاملة من الجمعيات والحلقات التربوية تحت السيطرة الجماعية الفضفاضة لعدة أجهزة بيروقراطية. (4) ولأن مسؤوليات هذه المجموعات الجديدة لم تحدد بوضوح، نشأت منازعات فيما بينها.





ناضلت كل المؤسسات السوفياتية الأولى ضد ما كان يسمى بـ”التوازي”، أي ازدواجية الخدمات التي تقدمها الأجهزة البيروقراطية المتنافسة. وطرحت الثورة أسئلة صعبة عن التنظيم الحكومي لم يُرَدّ عليها إلا بطيئاً خلال السنوات الأولى من النظام. عارض المناضلون السياسيون سلطة الدولة المركزية ودور الحزب الشيوعي داخلها، والتأثير الذي يجب أن تمارسه الوكالات الوطنية على المجموعات المحلية. وتشابكت التجاذبات حول الموارد القليلة والسلطة المؤسساتية مع النقاشات النظرية حول البنى المثلى للسياسة الجديدة.

تنافست الوكالات الثقافية على التمويل والموظفين والسلطة على مجال محدد. مثلاً، من هو المسؤول عن الحياة الثقافية للنقابات العمالية؟ غالباً ما كان للمصانع المنفردة حلقاتها التعليمية الخاصة، وبعضها له تاريخ عريق، وكانت منفصلة عن برامج النقابات.

كان لدى الناركومبروس قسماً لتعليم الكبار ويقيم أنشطة خاصة بالعمال. (5) أراد المجلس الاقتصادي المركزي توجيه التعليم الفني للعمال، وكانت البروليتكولت تأمل في استقطابهم كمرشحين لمشاريعها الفنية والتربوية.

بعض الخلافات، مثل المعركة الطويلة بين الناركومبروس والنقابات العمالية والمجلس الاقتصادي المركزي حول تعليم العمال، كانت سياسية وفلسفية. أراد الناركومبروس، وخاصة قائده، لوناتشارسكي، أن تكون مناهج المدرسة واسعة ومتوازنة بشكل كافٍ لتثقيف المواطنين. في حين كانت النقابات العمالية والفيسينخا، مع ذلك، مهتمة أكثر بالتدريب المهني الذي من شأنه توفير يد عاملة ماهرة. (6) كانت النزاعات الأخرى مجرد تنافس بيروقراطي على السلطة. مستاءة من هذه النزاعات، حذرت، رئيسة قسم تعليم الكبار، ناديزدا كروبسكايا، باستمرار، العمال الثقافيين من ضرورة تجنب الهدر والارتباك الناتج عن البرامج المتوازية المتنافسة. (7) رغم ذلك، وحتى الحل الذي قدمته- القاضي بانسحاب كل المؤسسات من بينها الجيش والنقابات والبروليتكولت من مجال تعليم الكبار وأن يكون ذلك حصرياً بيد قسمها- كان جزءا من المشكلة.

وقد تشوشت أكثر هذه الأجندات المتشابكة لأن المؤسسات الوطنية مارست القليل من السلطة على فروعها المحلية. تجاهل عمال المصانع الترتيبات الدقيقة التي وضعتها المجالس النقابية العمالية المركزية. رفض المدرسون مقترحات المناهج المفصلة التي وضعها الناركومبروس. جرى تجاهل الاتفاقات المعقدة التي تقسم مسؤوليات البيروقراطيات الوطنية مثل تلك التي جرى تنظيمها بين الناركومبروس والبروليتكولت، من قبل المنظمات الأدنى مرتبة. كانت الثورة في البداية قوة دفع كبيرة تحدّت المركزية المفرطة التقليدية للنظام القيصري. في سيرورة ما بعد الثورة لبناء الدولة، حاولت المؤسسات المركزية بشكل متزايد عكس الاتجاه، مؤكدة على زيادة السلطة على فروعها. مع ذلك، كان هناك مجال كبير من العناد المحلي، إن لم يكن للسيطرة المحلية.

في هذا التسابق على التأثير الثقافي، بدأت البروليتكولت من موقف قوي. كان النظام بحاجة إلى حلفاء، وكان البروليتكولتيون من أنصار النظام الجديد. لذلك جرى مكافأتهم بالأموال والموارد المادية وحماية مفوض الثقافة، لوناتشارسكي، رغم ذلك، ما إن بدأت المنظمة بالتحرك، حتى تعرض التحالف المبكر للتهديد لأن البروليتكولت أعلنت عن مسؤوليات في مجالات أرادتها منظمات ثقافية أن تكون لها.





الاستقلالية والهوية: البروليتكولت والناركومبروس والحزب الشيوعي

على الرغم من أن العمال والمثقفين الذين اجتمعوا في بتروغراد في تشرين الأول/أكتوبر لوضع أسس البروليتكولت كانوا يتحضرون للثورة، إلا أنهم لم يتخايلوا النتائج التي ستحصل عن الاضطرابات الوشيكة على البنية التي كانوا ينشئونها. جرى تشكيل بروليتكولت – بتروغراد في وجه قصور الثقافة لحكومة كيرنسكي. الآن، وقد وصل البلاشفة إلى السلطة، رفضت البروليتكولت التنازل عن استقلاليتها، ما أثار دهشة الكثيرين من المدافعين عن الدولة السوفياتية. أصر أنصار البروليتكولت على اعتبار أن استقلاليتها من شأنها تعزيز مكانة البروليتاريا في النظام السياسي الجديد.

كان لوناتشارسكي قدم بالفعل تبريراً لهذا الموقف مصراً على وجود أربعة أشكال تنظيمة للحركة العمالية: الأحزاب السياسية- النقابات العمالية- التعاونيات والحلقات الثقافية- والشكل الأخير لا يقل أهمية عن الأشكال الأخرى. وبنفس الروحية، بدأ البروليتكولتيون- الذين يضعون النقابات والتعاونيات ضمن خانة “المنظمات الاقتصادية” بالكتابة عن المسارات الثلاثة لسلطة العمال من خلال السياسة والاقتصاد والثقافة. (8) من الناحية المؤسساتية، عنى ذلك أنه على النقابات والحزب الشيوعي والبروليتكولت السعي وراء برامجهم الخاصة، دون تدخل من الدولة. أي ضمنياً، حرم ذلك الحزب كذلك من أي سلطة خاصة على شؤون البروليتكولت والنقابات.

سريعاً، باتت مطالبات البروليتكولت بتحقيق الحكم الذاتي وشعارها المتجسد بـ”ثلاثة مسارات لتحقيق سلطة العمال” مثيراً للجدل. وعندما خسرت البروليتكولت استحسان الحزب الشيوعي مع نهاية الحرب الأهلية، اختار النقاد تفسير مطلبها الأولي بالاستقلال بأنه مناهض للسوفيتات والشيوعية. هذا التفسير السلبي أو المعارض قد أسال الكثير من الحبر لدى الكتاب لدرجة بات من الصعب استعادة ما تعنيه الاستقلالية لأعضاء البروليتكولت. ولأن زعيم الحركة، الأكثر شهرة، ألكسندر بوغدانوف، لم ينضم إلى الحزب أبداً بعد إخراجه منه قبل الثورة، افترض العديد من المعلقين أن مطالبة البروليتكولت بالاستقلالية كانت نقداً ضمنياً لدور الحزب الشيوعي. (9)

مع ذلك، إذا تفحصنا مطالب البروليتكولت بتحقيق الاستقلالية عن قرب، يصبح واضحاً أنها كانت موجهة ضد الدولة أكثر من الحزب. لم يساوِ منظرو البروليتكولت بين سلطة الدولة والحزب. بالنسبة لهم الحزب الشيوعي، مثل منظماته والنقابات العمالية، كان تعبيراً عن مصالح الطبقة البروليتارية. الحكومة، على العكس، كان عليها الأخذ بعين الاعتبار مصالح طبقات غير بروليتارية ضمن حسابها، وهذه الضرورة جعل منها شريكة مشبوهة بالنسبة للعمال. في أذهان منظري البروليتاريا وحدها مؤسسات الطبقة العاملة النقية هي التي يمكن أن تحقق ديكتاتورية البروليتاريا.”في مسألة الثقافة نحن اشتراكيون مباشرون”، أعلنت افتتاحية هيئة تحرير مجلة البروليتكولت المركزية “الثقافة البروليتارية”. نطالب بأن تبدأ البروليتاريا الآن، وفوراً، في خلق أشكالها الاشتراكية الخاصة في الفكر والشعور والحياة اليومية، مستقلة عن التحالفات أو عن مجموعات القوى السياسية، وبهذا الخَلق، لا يمكن ولا يجب للحلفاء السياسيين- فقراء الريف والمدن- التدخل بعمل البروليتاريا”. (10)





لم يكن البروليتكولتيون وحدهم من أظهروا تمييزاً واضحاً بين سلطة الدولة والحزب مع ظهور النظام الجديد. إذ لم تُحدَد وظيفة الحزب الشيوعي ضمن الدولة قبل عام 1917. (11) مع حصول أعضاء الحزب على مراكز مهيمنة في الحكومة المركزية، اقترح بعض الثوار، ومن بينهم إيفغيني بريوبراجينسكي، حل الحزب تماماً لأنه يشكل ازدواجية مع الدولة. (12) هذه الأفكار وجدت أيضاً قبولاً على المستوى المحلي، حيث افترض العديد من المناضلين في البداية أن السوفيتات ستكون لها الأولوية على بيروقراطية الحزب. (13)

من المؤكد أن بعض القادة تصوروا أن البروليتكولت على أنها مساوية للحزب الشيوعي، الأمر الذي يشير إلى تبجح غريب في كلامهم. في هذا الإطار، كان الأكثر تطرفاً بافيل ليبيديف-بوليانسكي، أول رئيس وطني للبروليتكولت، بحيث أصر على وجود نوع من التماثل بين البروليتكولت والحزب الشيوعي؛ مشترطاً المعادلة التالية: إذا لم يشكك أي أحد في استقلالية الحزب، يجب ألا يشكك أي أحد في استقلالية المنظمة. “إذا كانت المنظمة السياسية البروليتارية ضرورية وكان وجودها لا يتعارض مع السلطة السوفياتية، إذاً البروليتكولت هي أيضاً ضرورية كمنظمة عمالية مستقلة. كالحزب، لا تتعارض مع أساس السلطة السوفياتية، إنما على العكس ستعززها”. (14) قد يأتي وقت لن يكون وجود البروليتكولت ضرورياً، ولكن وقتها كذلك لن يكون هناك حاجة للحزب الشيوعي.

لم يحدد كل أعضاء المنظمة علاقتهم بالحزب بمثل هذه الكلمات الاستفزازية، بدلاً من ذلك شعروا أن البروليتكولت يمكن أن تكون مساعدة لقضية البلاشفة. “بالطبع يلعب الشيوعيون دوراً قيادياً في البروليتكولت”، كتب أحد المناضلين في تامبوف. “لكن هيمنة الحزب الشيوعي هي أساس الديكتاتورية السياسية؛ وعمله في حقل البناء الثقافي يترك الكثير مما هو مرغوب به. لذلك تبقى منظمة البرولتيكولت هي ديكتاتورية البروليتاريا البحتة العاملة على خلق القيم الاشتراكية”. (15)

لم يقدم البروليتكولتيون أنفسهم كمعارضين للحزب الشيوعي. بالفعل، كان لدى المنظمة الوطنية نسبة كبيرة من البلاشفة بين قادتها، من بينهم ليبيديف-بوليانسكي. في المؤتمر الوطني الأول المنعقد عام 1918 كان أكثر من نصف المندوبين أعضاء في الحزب. وفي مؤتمر العام 1920 ارتفعت النسبة إلى الثلثين، وكان بوغدانوف الشخصية الوحيدة في القيادة الوطنية الذي لم يكن بلشفياً. (16) من بين القياديين أشخاص يتمتعون بمؤهلات حزبية متقدمة، مثل البلاشفة العتاق آنا دودونوفا وفيدور بلاغوناروف، اللذين ساعدا على التحريض على الثورة في موسكو، والمناضل النقابي فلاديمير كوسيور، الذي انضم أخوه لاحقاً إلى اللجنة المركزية بقيادة ستالين. (17) حتى أن بعض المشاركين، من بينهم كارل أوزول-بريدنيك، القائد في منظمة بتروغراد وفي المنظمة الوطنية، أكدوا على أنه ينبغي السماح لأعضاء الحزب فقط بالانضمام إلى المنظمة. (18)

كانت أولى صراعات البروليتكولت الجادة حيال وضعها المستقل مع ممثلي البيروقراطية الثقافية للدولة، وليس مع الحزب الشيوعي. في الواقع، اقترح ليبيديف-بوليانسكي في هذه النزاعات أن يُقبَل بكل رحابة صدر بسلطة الحزب على البروليتكولت أكثر من الناركومبروس. (19) وعندما بات التمييز بين الحزب وسلطة الدولة غير واضح بشكل متزايد، جرى تفسير معارضة البروليتكولت لسيطرة الدولة المتزايدة على أنها معارضة للنظام السوفياتي ذاته. (20)





بدأت الصراعات بين البروليتكولت والناركومبروس بعد وقت قليل على بدء المنظمة عملها. في وقت مبكر من العام 1918، رفض قادة بروليتكولت-بتروغراد التعاون مع الجهود لإقامة اتحاد مسرحي على مستوى المدينة، وأصروا على أنهم لن يقفوا إلى جانب الجماعات غير البروليتارية. (21) خلال المؤتمر التأسيسي لبروليتكولت-موسكو في شباط/فبراير 1918، طالب المندوبون باختصاصات أوسع من مجال الثقافة المحددة بشكل ضيق. تحدث المتكلمون في الطرق التي تحسن من نظافة العمال، وتوسيع أنظمة الكافيتريا في المدينة. كما توافق المحاضرون على القضايا التربوية مثل: اتخاذ تدابير لبدء المدارس المهنية، ودورات التعليم الفني، وإنشاء جامعة بروليتارية لعمال المدينة. كما اقترحوا خططاً للمباشرة في تعليم كل أطفال البروليتاريا. (22) أثار النطاق الواسع للموضوعات مجموعة من الأسئلة التنظيمية. أين ستنتهي مسؤوليات البرولتيكولت وتبدأ مسؤولية الحكومة؟ هل المقصود تلبية احتياجات البروليتاريا الثقافية والتعليمية؟ ما هو دور الناركومبروس؟

سرعان ما انزعج العاملون الثقافيون الحكوميون بشكل واضح من طموحات البروليتكولت. في ربيع العام 1918 دعا لوناتشارسكي إلى سلسلة من الاجتماعات لمناقشة العلاقات بين الحكومة والبروليتكولت. (23) جادل ممثلو الدولة أن البروليتكولتيين لم يفهموا كيف أن الثورة قد غيرت المشهد السياسي. الدولة الجديدة هي تعبير عن حكم البروليتاريا، حتى لو كان عليها الأخذ بعين الاعتبار احتياجات الطبقات الأخرى. كانت كروبسكايا قلقة من أن تبعد منظمة البروليتكولت العمال عن مهمة بناء الدولة، وبسبب استقلاليتها، تصبح ملاذاً للقوى المناهضة للسوفيات. كانت دورا إيلكينا مقتنعة من أنه إذا كانت منظمة البروليتكولت مستقلة فإن ذلك سيؤدي إلى ازدواجية مع عمل قسم تعليم الكبار. حتى أن المؤيد لوناتشارسكي تساءل عما إذا كانت البروليتكولت جهازاً مناسباً لخلق ثقافة بروليتارية، لأنها قد جذبت بالفعل إلى صفوفها غير بروليتاريين.(24)

في هذه النقاشات مثّل البروليتكولت، رئيس القسم الحكومي للثقافة البروليتارية، فيدور كالينين، الذي كان قد أنشأه لوناتشارسكي عام 1917. (25) ورئيس المكتب الوطني المنظم للبروليتكولت، بافيل ليبيديف-بوليانسكي، كان حاضراً كذلك للدفاع عن المنظمة. (26) أكد كلاهما على أن الحكومة ليس لها الحق بإخبارهما بما عليهما فعله. ولأن البروليتكولت والناركومبروس لهما أهداف مختلفة، ينبغي السماح لهما بالحفاظ على هويات مؤسساتية منفصلة. جادل ليبيديف بوليانسكي أنه لم يطالب أحداً أن تصبح النقابات جزءاً من مفوضية العمال، أو أن يكف الحزب الشيوعي عن الوجود بسبب وجود حكومة سوفياتية، إذاً لا ينبغي لأحد التشكيك في الهوية المنفصلة للبروليتكولت عن هوية الناركومبروس. (27) كانت حججهم قوية، وإلى جانب الخلافات مع ممثلي الناركومبروس، حاز دعاة الاستقلالية على نصر أولي.

لكن، على الرغم من لهجتهما اللاذعة أخذ كالينين وليبيديف-بوليانسكي مخاوف الحكومة من التوازي على محمل الجد. وعملا معاً مع شركائهم البروليتكولتيين المرتبطين بالمجلة الجديدة الثقافة البروليتارية، سعوا إلى تحديد مجال منفصل للنشاط الثقافي لا يكرر عمل الناركومبروس. في العدد الأول من المجلة بتاريخ آذار/مارس 1918، كتب ليبيديف-بوليانسكي أن البرامج التعليمية الصرفة يمكن تركها لبقية المجموعات. من الواضح أنه كان على البروليتاريا استيعاب إنجازات الثقافة الماضية، ولكن ذلك لم يكن من مهام البروليتكولت. كان دورها في حث النشاط الإبداعي المستقل ضمن الطبقة العاملة. (28)





عرّفت هيئة تحرير الثقافة البروليتارية، والتي ضمت ألكسندر بوغدانوف، البروليتكولت على أنها مختبر وقارنت مهامها بوظائف الحزب الشيوعي. كان الحزب مختبراً للشؤون السياسية التي توجه سياسات الحكومة. “المنظمات البروليتارية الثقافية-التعليمية هي أيضاً مختبرات لتحقيق البرنامج الثقافي الثوري للبروليتاريا على المستوى الوطني ومن ثم، بالطبع، في العالم”. (29) من خلال اختيار هذا الوصف المحدد، حدد قادة البروليتكولت أن المنظمة ستكون بيئة مراقبة تخدم زملاء محددين وتدرس مشاريع مختارة بكل عناية. بحكم التعريف، لم يكن المختبر مفتوحاً أمام الجميع.

هناك صلات واضحة لمنصة الفبيرد في هذا التعريف لمهمة البروليتكولت. وهذا ليس مفاجئاً لأن القدامى من الحركة في فترة ما قبل الحرب- بوغدانوف وليبيديف-بوليانسكي وكالينين- ساعدوا على تشكيلها. رفضوا فكرة أن تتولى البروليتكولت مهمة تثقيف كل البروليتاريا، أملوا في جذب اهتمام طليعة الطبقة العاملة خاصة إلى مختبرهم الثقافي. فلندع الناركومبروس تتولى إدارة الاهتمامات التعليمية الدنيا؛ وستتولى البروليتكولت مهمة الإبداع الثقافي.

رغم ذلك، إن هذا التقسيم للمهام الثقافية لم يكن مجرد نتيجة لمفاهيم ما قبل الثورة. كان المخططون الأساسيون في البروليتكولت أذكياء بما يكفي لإدراك أنه إذا كان ستُحترَم استقلالية المنظمة، فسيتعين عليهم الحد من سلطتها. وهكذا تراجعوا عن الادعاءات العالية السقف، والتي تناقضت بشكل مباشر مع أفكار العديد من الأتباع المحليين. قدّم المشاركون في موسكو وبتروغراد مخططات طموحة للغاية، حتى أن بعض الأعضاء طالبوا بأن تصبح البروليتكولت “القائدة الأيديولوجية لكل التعليم العام والتنوير”. (30) جرى التخفيف من مطلب تحويل البروليتكولت إلى مختبر، مع كل القيود التي تفرضها هذه الفكرة، بالتالي أجريت مقايضة ذكية مع الحكومة. جرى التخلي عن الرؤية العظيمة للبروليتكولت كمنافسة للناركومبروس مقابل استقلال أكبر عن الدولة.

صياغة الأجندة الوطنية

دعمت الحكومة الجديدة في البداية البروليتكولت بشكل جيد. ففي النصف الأول من العام 1918 أعطاها الناركومبروس ميزانية تفوق الـ 9 مليون و200 ألف روبل، مقارنة بـ 32 مليون و500 ألف روبل لمجمل قسم تعليم الكبار. (31) تلقت منظمة بتروغراد مبنى كبيراً وفخماً، يقع في شارع متفرع من شارع نيفسكي بروسبكت، الذي كان سابقاً نادياً للنبلاء. وسرعان ما سمي “قصر الثقافة البروليتارية”، وسمي الشارع “شارع البروليتكولت”، وهو اسم بقي مدة طويلة حتى بعد حل المنظمة. (32) تكرر هذا النمط في الكثير من المدن والبلدات الأخرى. في موسكو استولت البروليتكولت على قصر الصناعي سافا موروزوف، الواقع على إحدى الطرق الأساسية في المدينة. (33) في المنطقة القريبة من كولوغريف، مقاطعة كوستروما، انتقلت مجموعات البروليتكولت إلى منازل النبلاء المحليين. كما احتلت منظمة تامبوف الجديدة المبنى الأنيق للبنك العقاري. (34)

كما سهلت الدولة إنشاء التنظيم الوطني. أصبح قسم الثقافة البروليتارية في ناركومبروس، بقيادة كالينين، مركزاً أساسياً للتخطيط. عندما انتقلت الحكومة من بتروغراد إلى موسكو في آذار/مارس 1918، باتت العاصمة الجديدة مركزاً لنشاط البروليتكولت. انضم 5 ممثلين عن مجموعة موسكو، من بينهم بوغدانوف والمناضل التعاوني ستيفان كريفتسوف، إلى قادة بتروغراد ليبيديف-بوليانسكي وكالينين وبلاتون كيرزينتسيف، وغيرهم للتخطيط للمؤتمر الوطني الأول للمنظمة. (35) وقد وضعوا برنامج المؤتمر، وحددوا أسماء المجموعات التي يجب أن تتمثل، وأرسلوا المحرضين إلى المناطق لحشد الدعم المحلي. ومن خلال صحافة البروليتكولت الواسعة الانتشار، خاصة الثقافة البروليتارية، حاولوا كسب شعبية لوجهة نظرهم القائلة إن البروليتكولت هي مؤسسة ثقافية مستقلة مصممة لتمثيل دائرة متميزة ومحدودة.

كانت الاستعدادات للمؤتمر الوطني الأول متقنة. أعلنت الصحافة السوفياتية ومجلات البروليتكولت عن جدول الأعمال والمبادئ التوجيهية للمشاركة. (36) وزع قسم كالينين في الناركومبورس رسائل بريدية جماعية إلى الدوائر الثقافية الإقليمية، إلى جانب تعليمات مفصلة للمحرضين الذين أرسلوا لطلب الدعم المحلي. (37) توجه فاسيلي إيغناتوف، الممثل البروليتاري من بتروغراد، إلى تولا في آب/أغسطس عام 1918 لكسب دعم الفرع المحلي للحزب الشيوعي. (38) في إيفانوفو فوزنيسنسك ناشد عضو المنظمة، إي. ب. خيرسونسكايا، عمال المصانع المحليين أن ينتخبوا مندوبين عنهم للاجتماع المقبل.(39)

اجتمع 330 مندوباً و234 ضيفاً في موسكو في أيلول/سبتمبر عام 1918، في واحدة من أصعب مراحل الحرب الأهلية الروسية. قبل أسبوعين حاولت اشتراكية ثورية اغتيال لينين. كانت سيبيريا وأوكرانيا وجنوب روسيا في يد القوات المناهضة للسوفيات، وكان البريطانيون قد بدأوا باحتلال أرخانغلسك. كان الجيش الأحمر قد بدأ بالتقدم بحملته على طول نهر الفولغا. رغم ذلك، إن حالة الطوارئ الوطنية هذه لم تحدّ من الروح الاحتفالية للمؤتمر. استمتع المندوبون بالموسيقى الشعبية والأغاني الثورية التي عزفتها الأوركسترا الجديدة التابعة لمنظمة موسكو واستمعوا إلى قراءات مؤثرة من مسرح بروليتكولت-بتروغراد. ذكرت البرافدا أن القاعة كانت ممتلئة بالناس. (40) على الرغم من عدم وجود لائحة بمندوبي المؤتمر أو المجموعات التي يمثلونها، إلا أن وقائع المؤتمر تشير أنهم أتوا من منظمات الطبقة العاملة- النقابات وحلقات المصانع والنوادي والتعاونيات. (41)

كانت القضايا التنظيمية التي شغلت منظمي المؤتمر من بين البنود الأولى في برنامج المؤتمر. استخدم ليبيديف-بوليانسكي الخطاب الافتتاحي لتوضيح مفهومه لعلاقة البروليتكولت بالدولة. حاجج لصالح استقلالية البروليتكولت التي من شأنها أن تمكنها من أداء المهام الثقافية بعناية. (42) وقد قوبل اقتراحه، الذي كان قد كتبه في مجلة الثقافة البروليتارية، بمعارضة من طرفين، من ناحية، كان هناك من أطلق عليهم لقب “المتطرفين”، الذين اعتقدوا أن رؤية المنظمين كانت متواضعة للغاية. (43) ومن جهة أخرى، كان هناك من اعتقد أن البروليتكولت يجب أن تخفف من مطالبها الاستقلالية.

اعترض المتطرفون على أن الحدود المرسومة بين الناركومبروس والبروليتكولت مصطنعة. يجب على البروليتكولت عدم التخلي عن الإشراف على برامج التعليم الجديدة لأنه لا يمكن تحقيق الإبداع الثقافي من دون تعليم. أصر البعض على أن تتولى المنظمة الجديدة الإشراف على كل الحاجات الثقافية للبروليتاريا، دون أن تترك أي مسؤولية للناركومبروس. حتى أنهم اقترحوا أن تتولى البروليتكولت مسؤولية تعليم كل أطفال البروليتاريا. (44) وصولاً إلى الرأي الأكثر راديكالية هو مطالبة البروليتكولت بالسيطرة على الناركومبروس بشكل كامل. أعلن مدير الفن في بتروغراد، أ.أ. أندرييف: “وحدها البروليتكولت، ولا أحد غيرها، يمكنها تحقيق الثقافة الثورية”. (45)

على الجانب الآخر، المعتدلون، الذين أظهروا القليل من التعاطف مع استقلالية البروليتكولت. مرددين مخاوف عمال الناركومبروس، إذ تخوفوا من أن تؤدي البروليتكولت في نهاية المطاف إلى إضعاف الثقافة السوفياتية من خلال فرض مطالب مبالغ بها على موارد الدولة الجديدة. وبسبب وجود عدد قليل جداً من العمال في المجال الثقافي بالمقاطعات للبدء معهم، اعترض أحد المندوبين، حيث اعتبر أن توسيع البروليتكولت سيقلل من قدرة المجموعات الموجودة على الاستمرار. كما أصر أحد عمال الصلب في موسكو: “لدينا مفوضية التنوير. يجب التوحد حولها وعدم خلق منظمة موازية لها”. (46) مع ذلك، لم تؤدِ هذه الاقتراحات إلى تراجع قادة المؤتمر أو غالبية المندوبين؛ جرى إقرار مشاريع القرارات التي حضرتها اللجنة المنظمة مع القليل من التعديلات عليها.

على الرغم من أن قادة البروليتكولت قد وافقوا على تقييد سلطة المنظمة، إلا أن البرنامج الذي قدموه إلى المؤتمر كان ما زال متسعاً. شرح بوغدانوف الحاجة إلى علم بروليتاري، وهو موضوع كان قد طوره فعلياً في كتاباته الضخمة قبل الثورة. لتحقيق هذا الهدف، اقترح إنشاء جامعة بروليتارية مختصة حيث يصيغ المشاركون فيها موسوعة بروليتارية، أي تقنين معرفة الطبقة العاملة كما فعلت البرجوازية عندما صاغت الموسوعة الفرنسية. كما ناقش العمال في المجال الثقافي طرق تشكيل الموسيقى والفنون والآداب والمسرح البروليتاري من خلال استديوهات فنية مختصة. لقد خططوا لنشر إبداعاتهم عبر منشوراتهم ومعارضهم وعروضهم الخاصة. كما اعتقد عمال النوادي أن البروليتكولت يمكن أن تخلق نوعاً جديداً من التجمعات البروليتارية حيث تتحول العادات القديمة للحياة اليومية. تصور المندوبون تأسيس حلقات خاصة لاكتشاف طرق مبتكرة لتعليم الشباب. حتى أنهم أملوا بتأسيس منظمة أممية لنشر فكرة الثقافة البروليتارية من روسيا الثورية إلى العالم بأكمله. (47)

أثيرت مشكلة التمويل من جديد خلال المؤتمر. على الرغم من أن البروليتكولت كانت مستقلة، فكانت تتوقع دائماً من الناركومبورس تسديد الفواتير. كانت الحكومة تمول البروليتكولت المركزية، حتى توزعها على فروعها في المناطق. ولكن، لأن الاعتماد المالي على الدولة يتناقض بشكل تام مع ادعاءات المنظمة بالاستقلال، فقد أعرب القادة المركزيون عن أملهم باكتشاف طرق تمويل خاصة بهم خلال وقت قريب. “يجب على كل المنظمات الثقافية-التربوية البروليتارية المستقلة والتي تتلقى مالاً من أجهزة الدولة عندما تبدأ نشاطاتها بالتوسع أن تسعى إلى تحقيق بقائها استناداً إلى أموالها الخاصة”. (48)

واحدة من أهم نتائج المؤتمر كانت انتخاب مجلس إدارة للبروليتكولت الوطني. اختار المندوبون لجنة مركزية، ومجلس تحرير لمجلة الثقافة البروليتارية، والتي باتت الجريدة الرسمية للمنظمة الوطنية، وعينوا ممثلي البروليتكولت في الناركومبروس. وليس مستغرباً أن تعكس الانتخابات علاقات القوة الموجودة فعلياً. جرى انتخاب ليبيديف-بوليانسكي، الذي شغل منصبين: الأول، رئيس لجنة تنظيم المؤتمر، والثاني، رئيس المؤتمر عينه، كأول رئيس وطني. أما بقية القادة، فيدور كالينين وألكسي ساموبيتنيك-ماشيروف كنائبين للرئيس، وانتخب فاسيلي إيغناتوف أميناً للسر، والذي كان مشاركاً في البروليتكولت منذ البداية. كما اختاروا ألكسندر بوغدانوف عضواً في اللجنة المركزية ومجلس تحرير مجلة الثقافة البروليتارية. بقية أعضاء اللجنة المركزية جاؤوا بشكل أساسي من موسكو وبتروغراد. (49)

جرى تفصيل شكل المنظمة الوطنية في المناقشات والقرارات. تكون القيادة بيد اللجنة المركزية، التي يختارها المجلس الوطني المنتخب. وجرى الاتفاق على أوصاف أكثر دقة للتسلسل الهرمي للبروليتكولت في الاجتماع الأول للمجلس الوطني في كانون الثاني/يناير 1919. (50) كان من المفترض أن تكون خلية البروليتكولت الأساسية هي المصنع، حيث يتجمع كل العمال المهتمين بالثقافة. كما تتحد حلقات المصانع حتى تشكل منطقية بروليتكولت، والأخيرة تتحد في منظمة المدينة. من ثم تتحد مجموعات المدن ضمن جسم واحد على صعيد المقاطعة، ومن هذا الهرم الواسعة قاعدته تتشكل المنظمة الوطنية. (51) في كل مرحلة، تكون أجزاء البروليتكولت منتخبة ديمقراطياً. يشبه هذا المخطط البنى التنظيمية الموجودة في الحزب والنقابات، وفي الواقع اقترح اعتماد التقسيمات المناطقية الموجودة في النقابات حتى تعتمد في البروليتكولت. على الرغم من أن البروليتكولتيين ربما قد تخلوا عن مطالبهم بالهيمنة على الثقافة السوفياتية بكاملها، فمن الواضح أن المخطط كان طموحاً للغاية، لدرجة أنهم تصوروا وجود قاعدة لهم في كل مصنع بروسيا السوفياتية.

بدت البنية الوطنية الآن آمنة. من خلال البناء القاعدي بدءاً من خلايا المصانع، كان قصد البروليتكولت إيجاد قاعدة لها ضمن المصانع. كان الهدف من مكانتها المستقلة حماية الهوية الطبقية الفريدة للمنظمة. أخيراً، هدف الإطار الهرمي المحدد في الميثاق الوطني إلى إعطاء القيادة المركزية سلطة كافية لوضع المعايير والمبادئ التوجيهية للشبكات المحلية. ولكن هذا المخطط الأنيق فشل على كل المستويات. عندما بدأت البروليتكولت بالتوسع بسرعة في كل أنحاء المناطق التي تسيطر عليها السوفيتات، بدأ القادة المركزيون بمواجهة بعض الظروف المقلقة للغاية. جرى تجاهل الترتيبات الدقيقة التي وضعت مع الناركومبروس أو أسيء فهمها. وغالباً ما ثبت أن استقلالية البروليتكولت ذات السقف المرتفع يصعب تحقيقها، وفي الوقت عينه صاغت المنظمات المناطقية برامجها الخاصة مع القليل من الاكتراث بالبرنامج الوطني. سرعان ما تفككت خطط منظري البروليتكولت حيث بدأت احتياجات ورغبات المنظمات المحلية بفرض نفسها.

ردة الفعل المحلية

قال أحد الخطباء في مدينة بيرم بمناسبة افتتاح البروليتكولت المحلي صيف عام 1918: “نحن ندخل بداية نهضة جديدة”. (52) نقلت مغالاته بعض الحماس الذي استقبلت البروليتكولت في السنوات الأولى به السلطة السوفياتية. أذهلت شعبية هذه الحركة الثقافية حتى أكثر مؤيديها تفاؤلاً. نشأت منظمات جديدة “كالفطر بعد أمطار الربيع”، على حد تعبير الكليشيهات المستعملة لوصف انتشارها. كان توسع البروليتكولت سريعاً وفوضوياً بحيث لم تكن المنظمة المركزية قادرة على مراقبتها أو حتى إدارتها بنجاح. تأسست وأغلقت مجموعات جديدة بأعداد كبيرة، بسبب الحرب الأهلية والمشاكل المالية أو الصراعات المحلية على الموارد الثقافية. ولجعل الأمور أكثر إرباكاً، أطلقت بعض الحلقات على نفسها اسم البروليتكولت، دون وجود أي رابط بينها وبين المركز على الإطلاق.

خلال ربيع وصيف عام 1918، بدأت مجموعات قليلة العمل في المدن والبلدات الإقليمية، متأثرة بالتقارير الصحافية وجهود المحرضين المرسلين من موسكو وبتروغراد. (53) ولكن الانتعاش التنظيمي الحقيقي بدأ بعد مؤتمر أيلول/سبتمبر الذي حظي بتغطية واسعة في الصحافة الوطنية. (54) كتب أحد المشاركين من إيفانوفو-فوزنيسينسك: “فتح المؤتمر الوطني لنا عالماً جديداً من الفكر”. عاد وآخرون إلى منازلهم محملين بكميات كبيرة من المواد وبدأوا بتأسيس اللجان المحلية. (55) أصبح أحد أعضاء نقابة الخياطين من مقاطعة تفير داعماً قوياً للمنظمة في بلدته. حيث أن عرضاً لمسرح بروليتكولت-بتروغراد أقنعه أن المنظمة ستحدث فرقاً في حياة تفير الثقافية. (56)

سرعان ما استحوذت البروليتكولت على خيال العديد من المناضلين الثقافيين، وباتت المنظمة تضم 147 فرعاً محلياً بحلول نهاية العام 1918. (57) على الرغم من أن هذا الرقم ليس تقديراً موثوقاً تماماً، إلا أنه يظهر تزايداً ملحوظاً خلال أشهر قليلة. كما لاحظ أحد المشاركين على ما يبدو أن معدل توسع المنظمة يقاس بالساعة وليس باليوم. (58) بحلول شتاء العام 1920 قدّرت المنظمة الوطنية وجود حوالي 300 فرع محلي لها في روسيا السوفياتية. (59) جريدة بتروغراد “المستقبل” أعلنت أن المنظمة الأم كانت تتألف من شبكة ضخمة تضم 1384 منظمة. (60) تظهر هذه التقديرات المختلفة إلى حد كبير انعدام دقة محبطة لأرشيف البروليتكولت، ولكن الرقم الأدنى هو تقدير أفضل لأنه الرقم الذي استعملته المنظمة الوطنية على نحو متكرر.

لم تتشكل فروع المناطق وفق معيار واحد. من الناحية المثالية، جرى تأسيسها خلال تنظيم المؤتمرات، مثل تلك التي عقدت في بتروغراد وموسكو. رغم ذلك، بدأ البعض بالعمل من دون مشاركة عامة كبيرة. في أطراف روسيا أو في مناطق المعارك في الحرب الأهلية كانت تفتتح وتغلق الفروع تبعاً لانتصارات الجيش الأحمر. في كييف، كان هناك ثلاث محاولات منفصلة للبدء بالبروليتكولت من عام 1918 إلى عام 1920. (61) ساعد المنظمون المركزيون الذين أرسلوا من موسكو في تأسيس بضعة مجموعات مناطقية، لكن معظمها جاء نتيجة مبادرة محلية. العمال الذين جرى حشدهم من بلدة إلى أخرى خلال الحرب الأهلية ساعدوا كذلك في تعريف الناس على المنظمة الجديدة، كما ألهمت فرق البروليتكولت التحريضية التي كانت تؤدي عروضها أمام الجماهير المحلية للبدء بتأسيس مجموعاتهم الخاصة بهم. (62)

كما ساعدت النقابات المحلية ولجان المصانع والسوفيتات وقطاعات الحزب الشيوعي وأقسام الناركومبروس على جعل البروليتكولت أكثر شعبية. (63) ساهمت مجموعات عديدة في تمويل وتزويد المجموعات الجديدة بالموارد. فقد أعطى سوفيات تولا حصة صغيرة من موازنته عام 1918 وبداية عام 1919. (64) كما حصلت المنظمة في مصنع لينين للسكر في كورسك على الدعم من نقابة عمال السكر. (65) كما تلقى فرع البروليتكولت في تامبوف على تبرع متواضع من قطاع الحزب في المدينة بقيمة 2000 روبل. (66) خلال عملية التوسع، صنعت الفروع المحلية أعداءها كذلك. فقد واجه فرع البروليتكولت في مدينة إيجفيسك ضمن مقاطعة فياتكا معارضة من لجنة الحزب المحلية، على الرغم من كون العديد من قادة البروليتكولت هناك كانوا أعضاء في الحزب. (67) في مدينة كاشين الواقعة في مقاطعة تفير، أصر المناضلون النقابيون على إخضاع البروليتكولت لجهاز النقابة الثقافي. (68)

كانت مجموعة متنوعة من الدوافع تعمل على تشكيل البروليتكولت. بالنسبة لبعض المجموعات، كان افتتاح البروليتكولت وسيلة للحصول على أموال لمشاريع موجودة مسبقاً، ولكن بالنسبة للآخرين كان تعبيراً عن تأييدهم الصادق لأهداف المخططين المركزيين. وكنتيجة لذلك، يمكن لمؤسسة تحمل اسم البروليتكولت أن يكون لها عدة وظائف- مركز ترفيهي، قسم بديل للناركومبروس، ناد قروي لمحو الأمية، أو خلية مصنع حصرية بعمال المصنع. تفسر المرونة في هوية البروليتكولت شعبيتها بشكل جزئي.

من الصعب تحديد سبب انضمام الناس إلى البروليتكولت بشكل دقيق بدلاً من واحدة من الحلقات الثقافية الموجودة، ولكن التقارب كان عاملاً بالتأكيد. في بعض المناطق بدأت منظمة البروليتكولت العمل قبل الأجهزة التعليمية الحكومية وقدمت أكثر البرامج المحلية شمولاً. (69) في المدن الكبيرة، مثل موسكو وبتروغراد، رعت البروليتكولت شبكة واسعة من النوادي في ضواحي المناطق العمالي. عندما حاولت منظمة موسكو دمج أنديتها في وحدات أكبر وأكثر فعالية، تراجع عدد أعضائها بشكل كبير. (70) قد يصبح البعض عضواً فيها بطريقة شكلية. تقدمت اللجنة الثقافية لمصنع تولا للأسلحة، التي تأسست قبل ثورة تشرين الأول/أكتوبر، بطلب حتى تصبح منظمة في البروليتكولت عام 1919 من أجل الحصول على أموال إضافية لمسرحها. (71) وبالنتيجة، تحول محبو مسرح المصنع إلى البروليتكولتيين، ربما من دون التزام شخصي كبير.

من الواضح أن المبادئ التنظيمية للبروليتكولت قد ألهمت المشاركين المحليين. أعجب البعض باستقلالية البروليتكولت وأيد بحماس موقفها المستقل تجاه الدولة. (72) أعلنت رئاسة فرع البروليتكولت في كوستروما أن قسم تعليم الكبار في الناركومبروس، باعتباره جهازاً حكومياً يعمل بشكل أساسي مع المفكرين، لا يمكن له أن يمثل احتياجات البروليتاريا فضلاً عن منظمات الطبقة العاملة. (73) وبحسب أحد المعلقين، جرى افتتاح في البلدات الريفية الصغيرة فروع للبروليتكولت إلى جانب أقسام الناركومبروس لأن المنظمين أملوا أن تقدم البروليتكولت أشياء ملائمة أكثر للاحتياجات المحلية من التعليم العام لوحده. (74) حتى كروبسكايا، التي لم تكن صديقة للبروليتكولت، اعترفت عام 1919 أن المؤسسة المنافسة لها شعبية كبيرة جداً. “من المميزات أن يتجه الجمهور إلى البروليتكولت وليس إلى المفوضية لأننا غير مرتبطين بالجماهير”. (75)

على الرغم من الأهداف التنظيمية للمنظمة المركزية، إلا أنها لم تمارس سوى القليل من السيطرة على النمو المتسارع للبروليتكولت. جاءت طلبات الحصول على المال والموارد، والأهم من كل ذلك، طلبات الحصول على قادة وموظفين من كل أنواع المجموعات الثقافية. استجابت اللجنة المركزية المنشغلة للغاية من خلال إرسال أعداد من مجلة الثقافة البروليتارية، وخطة البروليتكولت التنظيمية، وطبعت البروتوكولات الصادرة عن المؤتمر الأول. ولكن اللجنة لم يكن لديها ما يكفي من الموظفين لتكليفهم بالعمل في المنظمات المحلية. بالفعل، كانت المنظمة ترسل القادة الأساسيين إلى الجبهة، من بينهم ليبديف-بوليانسكي نفسه. (76) حتى لو طلبت الحلقات الجديدة المساعدة، ففي معظم الحالات ستحصل في أفضل الأحوال على معونة مالية وحزمة من المواد التي تركت لفك شيفرتها وتنفيذها بنفسها.

مع توجيه مركزي أو من دونه، ابتكر المتحمسون المحليون تفسيراتهم الخاصة لمهمة البروليتكولت. من الواضح أن البعض رأى في ذلك استمراراً لحلقات تعليم الكبار التي بدأت قبل ثورة تشرين الأول/أكتوبر. تقدمت جمعية كالوغا للتعليم والدعم الذاتي التي تأسست عام 1914 بطلب إلى البروليتكولت للحصول على المساعدة. أصر رئيس الجمعية على أنه عمل من أجل تحقيق أهداف البروليتكولت منذ بدء الجمعية، على الرغم من أنها لم تكن تلبي حاجات الطبقة العاملة لوحدها. (77)

اعتقد القسم التعليمي في بلدة نوفوسيل، الواقعة في مقاطعة تولا، أن البروليتكولت هي استمرارية لتقليد منازل الشعب، المراكز الثقافية المحلية ذات التاريخ الطويل ما قبل الثورة. أرسل رئيس القسم إلى الناركومبروس عدة رسائل أوضح فيها أنه يمكن معالجة تدني المستوى الثقافي للسكان في المنطقة إذا أنشأوا مركزاً ثقافياً ناشطاً. لم يكن للسكان المحليين أي مكان يذهبون إليه في أوقات فراغهم. كان الحل ببناء مركز للبروليتكولت. في الواقع، احتاجت المدينة إلى مركزين، مركزاً خشبياً جاهزاً للبروليتكولت وآخر من الطوب من أجل تنظيم النشاطات المستقبلية. (78)

حتى في أفضل الظروف، كان من الصعب إيجاد الفروق الدقيقة بين عمل البروليتكولت والناركومبروس. رفض بعض المنظمين التنازل عن مطالبهم المتطرفة حيال السيطرة الثقافية. الزعيم الوطني ورئيس منظمة تولا، فاسيلي إغناتوف، كان مدافعاً شرساً. فقد ساعد على وضع برامج طموحة للغاية لمنظمات بتروغراد وموسكو. وعندما انتقل إلى تولا في بداية عام 1919، أصر على أن تسيطر البروليتكولت على مسارح ودور السينما في المدينة والمناطق حتى مصادرة كل تجهيزات التصوير لصالح مشاريعها. (79) ولحل المشاكل المحتملة مع الناركومبروس، اقترح أن يتولى هو مسؤولية البروليتكولت وقسم تعليم الكبار في وقت واحد، وهو اقتراح لقي رفضاً قاطعاً من قبل المنظمة الوطنية. (80)

في حالات أخرى، أدين عمال الناركومبروس بانتهاك استقلالية البروليتكولت. في إيجيفسك، أنشئت منظمة للبروليتكولت من قبل رئيس قسم تعليم الكبار المحلي، والذي كان يدير القسم الفني في القسم نفسه. تشكلت جوقة ومجموعة مسرحية صغيرة، وكانت نشاطاتهما مفتوحة أمام الجمهور. وكان من بين المشاركين العمال والمعلمين والموظفين من ذوي الياقات البيضاء. (81) غير راضين من هذا الترتيب، أرسل العديد من العمال المحليين ممثلاً عنهم إلى موسكو لجمع المعلومات حول كيفية تنظيم المنظمة. وعندما عاد الممثل، مسلحاً بأعداد من مجلة الثقافة البروليتارية، قرر العمال غير الراضين تأسيس منظمة للبروليتكولت بشكل مستقل. نظموا مؤتمراً محلياً وانتخبوا العامل في صناعة الصلب والعضو في الحزب، أندريه كوزوتشكين، وأحد المنتقدين للمنظمة الأولى، رئيساً لها. (82)

عندما بدأت البروليتكولت المحلية العمل قبل تشكيل أقسام الناركومبروس، جرى إغراءهم بتولي مسؤولية برامج تعليمية شاملة تتجاوز الحدود التي وضعها القادة المركزيون. في فلاديكافكاز، وهي منطقة معارك خلال الحرب الأهلية، افتتحت البروليتكولت عام 1918 قب أن تترسخ سلطة السوفيات في المنطقة. تألفت المنظمة الجديدة من ممثلين عن السوفيات المحلي، والأحزاب الاشتراكية الثورية والشيوعية، ونقابة المعلمين ونقابة عمال المسرح، والمكتب المركزي للنقابات العمالية. وأدارت مدرسة فنية ونادياً للعمال، ولكن أكثر الأقسام نشاطية كانت أقسام التحريض والروضات. أرسلت البروليتكولت منظمين إلى الجبال المحيطة لجمع الدعم لسلطة السوفيات. كما فتحت صفوفاً لمحو الأمية للسكان المحليين ودعمت صفوف تعليم الأولاد. (83) في هذه الحالة، عملت البروليتكولت كمؤسسة تعليمية محلية تابعة للسوفيات.

في فلاديفوستوك البعيدة، أدت البروليتكولت وظيفة تعليمية واسعة جداً. جرى تأسيسها عام 1920 من قبل الكاتب البروليتاري ألكسندر أليكسيفيتش بوغدانوف (لا علاقة له بالزعيم المركزي)، والذي ذهب إلى سيبريا كمنظم للبروليتكولت. (84) جرى دفع بوغدانوف إلى الشرق أكثر من قبل قوات كولتشاك [الجيش الأبيض] وانتهى به الأمر في مدينة فلاديفوستوك في بداية عام 1920. مع دعم النقابات، والحزب الشيوعي والمثقفين اليساريين، نظم سريعاً منظمة للبروليتكولت. أعطى المجلس البلدي دعماً نوعياً، وتولت المنظمة الجديدة دوراً شبيهاً بدور البروليتكولت في بتروغراد، حيث كان بمثابة قاعدة تعليمية وثقافية للطبقة العاملة في المدينة. فقد دعم سلسلة من الندوات، والصفوف والمهرجانات وورش العمل الفنية. قدم المعلمون المحليون خدماتهم، كذلك الأمر مع الشاعرين المستقبليين المعروفين والمقيمين في المدينة، دافيد بورليوك ونيكولاي شوجاك. ولأن فلاديفوستوك انقطعت كلياً عن موسكو بسبب الحرب، كانت هذه المنظمة موجودة من دون مساعدة أو حتى معرفة المنظمة المركزية. (85)

الهيكل الهرمي الذي تصوره المخططون المركزيون- حيث يجتمع بروليتكولتيو المصانع لتشكيل مجموعات على مستوى المدينة، وتندمج هذه المجموعات في بروليتكولتات المقاطعات- لم يتحقق. تصرفت العديد من منظمات المصانع بشكل مستقل، من دون رابط مع منظمة المدينة أو المقاطعة؛ تشكلت البروليتكولتات في مناطق لا يوجد فيها مصانع؛ وكان هناك بعض المنظمات الإقليمية من دون بنية تحتية على الإطلاق. هذا الوضع الفوضوي الكبير أدى إلى تعقيد جهود المنظمة المركزية بشكل كبير لنقل التمويل والمعلومات وبالطبع لفرض السيطرة على المنظمة المتنامية بشكل سريع. بالفعل، أنفق الكثير من وقت اللجنة المركزية في محاولة معرفة ما يحصل في المناطق. على الرغم من أن توسع البروليتكولت كان إنجازاً مثيراً للإعجاب، ولكن لم يكن واضحاً ما جرى إقامته- تحالف ثقافي فضفاض أو قوة واعية وهادفة في الدولة الجديدة.

في السنوات الأولى للنظام السوفياتي ناضل دعاة البروليتكولت لتحديد هوية متماسكة وبنية وطنية آمنة. لم تكن معظم مشاكلهم فريدة من نوعها. كل المؤسسات السوفياتية الأولى واجهت ارتباكاً بسبب التوازي بين المؤسسات، وتعلمت الدفاع عن مكوناتها بوجه المجموعات المنافسة. كذلك، وجدت البيروقراطيات المركزية الجديدة صعوبة في تكوين شبكة وطنية تعمل بسلاسة، وقد أدت الاضطرابات الناتجة عن الحرب والثورة إلى تعقيد المهمة. يمكن أن نضيف لائحة من الشكاوى المعتادة من سوء التوظيف والتمويل والتواصل والمظالم التي تملأ بروتوكولات كل المؤسسات من سوفيتات القرى إلى المفوضية الوطنية.

في بعض الأحيان كانت البروليتكولت في وضع محظوظ جداً، بسبب تدخل لوناتشارسكي، جرى حماية استقلاليتها، مهما كانت محدودة، من قبل أقرب منافس لها الناركومبروس. وهكذا يمكن للقادة الوطنيين المطالبة بسرعة بمكانة متميزة داخل مجموعة مرتبكة من المؤسسات الثقافية. كانت الصفقات التي عقدوها مع الناركومبروس ذكية. لن تكون البروليتكولت مجرد منظمة ثقافية أخرى؛ إنما ستكون “مختبراً” إبداعياً، مع كل التفرد الذي يتطلبه الأمر. وسوف تلبي احتياجات البروليتاريا المتخصصة المنخرطة في الإبداع الثقافي وتترك واجبات تأمين تعليم معياري للمجموعات التي تخدم كل السكان. رغم ذلك، فإن احتمالية حصول ارتباك وسوء فهم واستياء في هذا التقسيم كانت هائلة. على الرغم من أن البروليتكولت كانت مستقلة بشكل رسمي، إلا أنها اعتمدت محلياً على حسن النية ودعم المنافسين المحتملين لتأمين قاعدة مستقرة لها. العديد من النزاعات المفترض حلها على المستوى الوطني كانت تتكرر مراراً على المستوى المحلي.

كما واجهت البروليتكولت صعوبات أثارتها أجندتها الثقافية الطموحة. أثارت المطالب المتعلقة بالاستقلالية والعمل المستقل استجابة محلية مؤيدة. ولكن مثل هذه المطالبات غذّت القوى الإقليمية، وانتزعت السلطة من الأجهزة الوطنية. لم تضفِ هذه المبادئ الشرعية على تحديات البروليتكولت الوطنية للبيروقراطية الثقافية للدولة؛ إنما شجعت المشاركين على تشكيل منظماتهم الخاصة لخدمة الحاجات المحلية.

تشكلت البروليتكولت الجديدة لأسباب عديدة- لمواصلة المشاريع التعليمية التي بدأت قبل الثورة بكثير أو للتحريض على انتصار سوفياتي في الحرب الأهلية. في هذا المسار، ابتكر المشاركون مجموعة ممتازة من البرامج الثقافية، من الاستديوهات المسرحية المتنقلة إلى صفوف محو الأمية، وكذلك فتحوا أبواب المنظمة أمام الجمهور. إن التزام منظري البروليتكولت بالاستقلالية الإبداعية هدد هذا التنوع عن غير قصد وقوض كل الجهود لخلق حركة وطنية متماسكة.

الهوامش:

[1] See E. N. Gorodetskii, “Bor’ba narodnykh mass za sozdanie sovetskoi kul’tury, 1917–1920 gg.,” Voprosy istorii , no. 4 (1954), pp. 18–37; and V. V. Gorbunov, “Oktiabr’ i nachalo kul’turnoi revoliutsii na mestakh,” in Velikii Oktiabr’ , ed. Iu. A. Poliakov (Moscow, 1978).

[2] Serge Wolkonsky, My Reminiscences , trans. A. E. Chamot (London, 1924), vol. 2, p. 220.

[3] See Peter Kenez, The Birth of the Propaganda State: Soviet Methods of Mass Mobilization (Cambridge, Eng., 1985).

[4] For a description of these new cultural bureaucracies see Sheila Fitzpatrick, The Commissariat of Enlightenment (Cambridge, Eng., 1970); A. I. Fomin, “Stanovlenie tsentral’nogo sovetskogo apparata gosudarstvennogo rukovodstva narodnym prosveshcheniem,” Voprosy istorii , no. 12 (1976), pp. 17–29; Kenez, Birth of the Propaganda State ; S. S. Tarasova, “Kul’turnoe stroitel’stvo v pervyi god sovetskoi vlasti,” in Pobeda Velikoi Oktiabr’ skoi sotsialisticheskoi revoliutsii , ed. G. N. Golikov (Moscow, 1957); and Mark von Hagen, The Red Army and the Revolution: Soldiers’ Politics and State-Building in Soviet Russia, 1917–1930 (forthcoming), chaps. 2 and 3.

[5] “Vneshkol’nyi otdel ” is usually translated as the “Extra-Mural Educational Division,” but I think that Adult Education Division better conveys a sense of its programs. It oversaw libraries, clubs, evening schools, and museum programs aimed primarily at the adult population. On its structure see T. A. Remizova, Kul’turnoprosvetitel’naia rabota v RSFSR, 1917–1925 (Moscow, 1968), p. 6.

[6] On these disputes see Fitzpatrick, Commissariat , esp. pp. 26–88, 210– 55; and idem, Education and Social Mobility in the Soviet Union, 1921–1934 (Cambridge, Eng., 1979), pp. 41–63.

[7] See, for example, N. K. Krupskaia, “Organizatsiia komissariatov,” from Pravda , 1919, reprinted in Pedagogicheskie sochineniia v desiati tomakh , by N. K. Krupskaia (Moscow, 1957), vol. 2, pp. 99–100.

[8] In “Ot redaktsii,” Proletarskaia kul’tura , no. 1 (1918), pp. 1–3, Bogdanov discusses the importance of cultural, political, union, and cooperative organizational forms and then combines the latter two. On the authorship of this unsigned article see A. A. Bogdanov, O proletarskoi kul’ture, 1904–1924 (Moscow, 1924), p. 100.

[9] This is a common theme in Soviet scholarship. See, for example, V. V. Gorbunov, V. I. Lenin i Proletkul’t (Moscow, 1974), esp. pp. 5–7. For a Western assessment that makes a similar point see Zenovia A. Sochor, Revolution and Culture (Ithaca, 1988), pp. 140–42.

[10] “Ot redaktsii,” Proletarskaia kul’tura , no. 3 (1918), p. 36. Emphasis in the original.

[11] See Edward Hallett Carr, The Bolshevik Revolution, 1917–1923 (New York, 1952), vol. 2, pp. 214–32; and T. H. Rigby, Lenin’s Government: Sovnarkom, 1917–1922 (Cambridge, Eng., 1979), esp. pp. 160–89.

[12] Richard Sakwa, “The Commune State in Moscow in 1918,” Slavic Review , vol. 46, no. 3/4 (1987), p. 444; and Rigby, Lenin’s Government , p. 178.

[13] Alexander Rabinowitch, “The Evolution of Local Soviets in Petrograd, November 1917–June 1918: The Case of the First City District Soviet,” Slavic Review , vol. 46, no. 1 (1987), pp. 20–37, esp. pp. 27–28.

[14] P. I. Lebedev-Polianskii IV. Polianskii, pseud.], “Zlobodnevnye voprosy,” Griadushchee , no. 2 (1918), pp. 1–3, quotation p. 3.

[15] L. B-a, “K gubernskomu s” ezdu Proletkul’tov,” Griadushchaia kul’tura , no. 2 (1918), pp. 15–16.

[16] Izvestiia VTsIK , September 26, 1918; Griadushchee , no. 12/13 (1920), p. 22; and “Neobkhodimoe ob “iasnenie,” Tsentral’nyi Gosudarstvennyi Arkhiv Literatury i Iskusstva [henceforth cited as TsGALI] f. 1230 (Proletkul’t), op. 1, d. 51, 1.6.

[17] For more on the background of Proletkult leaders see Chapter 4.

[18] Protokoly pervoi Vserossiiskoi konferentsii proletarskikh kul’turno- prosvetitel’nykh organizatsii, 15–20 sentiabria, 1918 g. , ed. P. I. Lebedev- Polianskii (Moscow, 1918), p. 24.

[19] The protocols from the April 8, 1918, meeting of the government educational commission are reprinted in I. S. Smirnov, comp., “K istorii Proletkul’ta,” Voprosy literatury , no. 1 (1968), p. 121.

[20] See Chapter 7.

[21] Fitzpatrick, Commissariat , pp. 92–93. For similar struggles in Moscow see “Proletarskaia kul’tura,” Izvestiia VTsIK , August 13, 1918, and “Ot redaktsii,” Proletarskaia kul’tura , no. 3 (1918), pp. 35–36.

[22] For conference delegates see Pervaia Moskovskaia obshchegorodskaia konferentsiia proletarskikh kul’turno-prosvetitel’nykh organizatsii, 23–28 fevralia 1918 goda: Tezisy, rezoliutsii (Moscow, 1918), p. 1. For the full range of speeches see pp. 62–63.

[23] Minutes of the March and April 1918 meetings of the Government Commission of Education, Tsentral’nyi Gosudarstvennyi Arkhiv RSFSR [henceforth cited as TsGA RSFSR] f. 2306 (Narkompros), op. 1, d. 35, ll. 14– 79. The protocols for the April 8 and April 13 meetings are reprinted in Smirnov, “K istorii Proletkul’ta.”

[24] Smirnov, “K istorii Proletkul’ta,” pp. 120, 124.

[25] “Dekret ob uchrezhdenii gosudarstvennoi komissii po prosveshcheniiu,” November 22, 1917, Dekrety sovetskoi vlasti (Moscow, 1957), vol. 1, pp. 60–62.

[26] On the organizational bureau see Proletarskaia kul’tura , no. 2 (1918), p. 25.

[27] Smirnov, “K istorii Proletkul’ta,” p. 121; see also Lebedev-Polianskii’s speech at the first national conference, “Revoliutsiia i kul’turnye zadachi proletariata,” Protokoly pervoi konferentsii , pp. 27–29.

[28] P. I. Lebedev-Polianskii [V. Polianskii, pseud.], “Pod znamia Proletkul’ta,” Proletarskaia kul’tura , no. 1 (1918), p. 6.

[29] “K sozyvu Vserossiiskoi kul’turno-prosvetitel’noi konferentsii rabochikh organizatsii,” Proletarskaia kul’tura , no. 1 (1918), p. 27.

[30] Vasilii Ignatov, “Tvorchestvo revoliutsii,” Griadushchee , no. 4 (1918), p. 15.

[31] Gorbunov, Lenin i Proletkul’t , p. 59; N. K. Krupskaia, “God raboty Narodnogo Komissariata Prosveshcheniia,” 1918, reprinted in Pedagogicheskie sochineniia v desiati tomakh , by N. K. Krupskaia (Moscow, 1957), vol. 2, p. 93.

[32] “Dekret o natsionalizatsii doma kluba prinadlezhashchego ‘Blagorodnomu sobraniiu’ v Petrograde i peredache ego Proletkul’tu,” February 2, 1918, Dekrety sovetskoi vlasti , vol. 1, pp. 380–81; and D. Zolotnitskii,” Teatral’nye studii Proletkul’ta,” Teatr i dramaturgiia: Trudy Leningradskogo gosudarstvennogo instituta teatra, muzyki i kinematografii , vol. 3 (1971), pp. 135–36.

[33] Proletarskaia kul’tura , no. 2 (1918), p. 25 lists the Morosov mansion, Vozdvizhenka 16, as Proletkult headquarters. This building, located near the Lenin Library, is now the House of Friendship.

[34] Zhizn’ iskusstv , no. 4 (1918), p. 15; and Dmitrii Vasil’ev-Buglai, “Na fronte v 1918 godu,” Sovetskaia muzyka , no. 2 (1940), p. 13.

[35] The other members were N.M. Lukin, E. P. Khersonskaia, and N. M. Vasilevskii, according to the published proceedings of the first national Proletkult conference. See Protokoly pervoi konferentsii .

[36] See Proletarskaia kul’tura , no. 1 (1918), pp. 28–29.

[37] “Vsem sovdepam,” TsGALI f. 1230, op. 1, d. 137, 11. 7–8; “Instruktsiia

dlia tov. instruktorov po sozyvu Vserossiiskoi konferentsii,” ibid., 11. 9–9 ob.

[38] “Vypiska iz protokola Tul’skogo komiteta RKP, 1-ogo avgusta, 1918 g.,” TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1536, 1.8.

[39] This untitled report was written by a delegate to the first conference, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1245, ll. 4–5.

[40] Pravda , September 17, 1918. On the theater performances see A. A. Mgebrov, Zhizn’ v teatre (Moscow, 1933), vol. 2, pp. 394–403.

[41] Protokoly pervoi konferentsii identifies forty-seven delegates by name and organization. Eight were from the organizing committee, nine came from the Moscow or Petrograd Proletkults and thirty others came from a variety of groups, including unions, soviets, factories, and clubs. For the delegates’ party affiliation see Izvestiia VTsIK , September 26, 1918; and Proletarskaia kul’tura , no. 5 (1918), p. 26.

[42] “Revoliutsiia i kul’turnye zadachi proletariata,” Protokoly pervoi konferentsii , pp. 17–21, esp. pp. 20–21.

[43] The term is Stefan Krivtsov’s, “Konferentsiia proletkul’tov,” Rabochii mir , no. 14 (1918), p. 33.

[44] Protokoly pervoi konferentsii , pp. 51–52, 63–64.

[45] Ibid., pp. 25–26, quotation p. 26.

[46] Ibid., p. 26.

[47] On science see ibid., pp. 31–42; on art see ibid., pp. 44–47, 72–80, 110–28; on clubs see ibid., pp. 90–100; on youth see ibid., pp. 66–72; on the International Proletkult see ibid., p. 14.

[48] Ibid., p. 54.

[49] Ibid., pp. 7, 55.

[50] “Plan organizatsii Proletkul’ta,” from TsGALI f. 1230, op. 1, d. 138, ll. 1–3; reprinted in Proletarskaia kul’tura , no. 6 (1919), pp. 26–29.

[51] Ibid. This structure is graphically represented in Peter Gorsen and Eberhard Knödler-Bunte, Proletkult: System einer proletarischen Kultur (Stuttgart, 1974), vol. 1, pp. 62–63.

[52] Cited in Proletarskaia kul’tura , no. 3 (1918), p. 31.

[53] See reports in Proletarskaia kul’tura , no. 1, p. 32; no. 2, p. 34; no. 3, p. 31; no. 4, p. 34.

[54] Pravda , for example, printed reports almost every day from September 17 to 25, 1918, including verbatim texts of numerous resolutions.

[55] Unsigned report from 1922, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1245,1.5. [56] “Kak sozdalsia Tverskoi Proletkul’t,” Proletkul’t: Tverskoi vestnik

proletarskoi kul’tury , no. 1/2 (1919), p. 41.

[57] “Proletkul’ty, zaregistrirovannye v 1918 godu,” TsGALI f. 1230, op. 1, d. 117, ll. 40–41. There is some cause to be skeptical about this list. It includes, for example, the Krasnodar regional Proletkult at a time when Ekaterinodar, not yet renamed, was the center for the White Army in the South. Similarly, it includes cities in Siberia that were not yet under Soviet control. Nonetheless, the central Proletkult consistently used this figure in its estimates of organizational expansion and decline. See “Sostav Proletkul’tov i rukovodiashchikh organov Proletkul’ta,” TsGALI f. 1230, op. 1, d. 121, 1. 51; and “Piat’ let bor’by za proletarskuiu kul’turu,” TsGA RSFSR f. 2313 (Glavpolitprosvet), op. 1, d. 19, 1.48.

[58] “Vserossiiskaia konferentsiia predstavitelei sovetov Proletkul’ta,” Griadushchee , no. 1 (1919), p. 19.

[59] P. I. Lebedev-Polianskii [V. Kunavin, pseud.], “Vserossiiskii s”ezd Proletkul’ta,” Proletarskaia kul’tura , no. 17/19 (1920), p. 74. On Lebedev- Polianskii’s many pseudonyms see “Bibliografiia literaturnykh rabot P. I. Lebedeva-Polianskogo,” Literaturnoe nasledstvo , vol. 55 (1947), p. 612.

[60] “Pervyi Vserossiiskii s”ezd Proletkul’tov,” Griadushchee , no. 12/13 (1920), p. 21. The main difference is in the number of factory Proletkults; the Griadushchee report includes over eight hundred. Zenovia Sochor suggests that the low figure of three hundred simply excludes factory organizations, thus accounting for the difference. See Sochor, Revolution and Culture , p. 129. However, central lists include factory organizations, and their figures are never as high. Perhaps the larger figure included workers’ clubs, which were part of the Proletkult apparatus but not considered independent organizations.

[61] See Proletarskii den’ kul’tury: V den’ prazdnika kul’tury, 6. avgusta, 1919 (Kiev, 1919), columns 17–19, 22, 26–27; Biulleten’ pervoi Kavkazsko- Donskoi konferentsii proletarskikh kul’turno-prosvetitel’nykh organizatsii, 25–28 sentiabria 1920 goda (Armavir, 1920), no. 2, p. 5; and the meeting of the central Proletkult presidium, October 24, 1920, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 6, 1. 92.

[62] See the reports of the local response to the Moscow Proletkult’s Workers’ Theatrical Troupe touring the front lines in 1920, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 393.

[63] For a short list of the groups and individuals responsible for starting twenty-three Proletkult organizations see Gorbunov, “Oktiabr’ i nachalo kul’turnoi revoliutsii,” p. 66.

[64] Tretii s”ezd sovetov rabochikh, krest’ianskikh i krasnoarmeiskikh deputatov Tul’skoi gubernii (Tula, 1919), pp. 79, 81.

[65] General meeting of the factory organization, May 29, 1919, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1280, 1.6.

[66] Zarevo zavodov , no. 2 (1919), p. 70.

[67] Report of the Izhevsk Proletkult president Kozochkin, 1920, TsGALI f.

1230, op. 1, d. 1221, 1.10 ob.

[68] “Protokol konferentsii Proletkul’ta goroda Kashina,” December 9, 1920, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 531, 1.8 ob.

[69] See the case of Vladikavkaz later in this chapter.

[70] Gorn , no. 2/3 (1919), pp. 126–27; no. 5 (1920), pp. 71–87.

[71] “Poiasnitel’naia zapiska k smete kul’turno-prosvetitel’nogo komiteta Tul’skogo oruzheinogo zavoda,” TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1536, ll.45–46.

[72] See, for example, reports from Penza, cited in Proletarskaia kul’tura , no. 5 (1918), p. 40 and from an organizing conference for the Iurevsk Proletkult, Ivanovo-Voznesensk, March 1919, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1271, 1.4.

[73] “Organizatsiia Kostromskogo Proletkul’ta,” Sbornik Kostromskogo Proletkul’ta , no. 1 (1919), p. 107.

[74] Rainin, “Rost Proletkul’ta,” Proletarskaia kul’tura , no. 9/10 (1919), p. 31.

[75] See the excerpts from Krupskaia’s speech at a meeting for leaders of provincial Adult Education Divisions, January 24–28, 1919, cited in Vneshkol’noe obrazovanie (Moscow), no. 2/3 (1919), column 73.

[76] See the minutes of Proletkult central committee meetings for the first part of 1919, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 3, ll.1–30. On LebedevPolianskii see d. 230, 1.71 ob.

[77] Questionnaire dated 1919, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 117, ll. 30–30 ob. See also the questionnaire from the cultural-educational circle in the village of Karchum, Viatka province, December 24, 1918, ibid., 1.27.

[78] “Doklad uezdnomu Ispolkomu o postroike v g. Novosile uezdnogo Proletkul’ta,” May 23 [1919], TsGA RSFSR f. 2306, op. 3, d. 317, ll.17–18.

[79] January 1919 meetings of the Tula Proletkult, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1537, ll.1, 6.

[80] Discussed at the July 4, 1919, meeting of the Proletkult central committee, TsGALI f. 1230, op. 1, d. 3, 1.49 ob.

[81] “Doklad o deiatel’nosti Izhevskogo Proletkul’ta s 15-ogo avgusta 1919 g. do 1920 g.,” TsGALI f. 1230, op. 1, d. 1221, l. 1.

[82] Ibid.

[83] Proletkul’t (Vladikavkaz), no. 1 (1919), esp. pp. 10–17.

[84] See his personnel file in TsGALI f. 1230, op. 1, d. 715, ll.19–23.

[85] V. G. Puzyrev, ” ‘Proletkul’t’ na Dal’nem Vostoke,” in Iz istorii russkoi i zarubezhnoi literatury , ed. V. N. Kasatkina, T. T. Napolona, and P. A. Shchekotov (Saratov, 1968), vol. 2, pp. 90–93, 115; on the zemstvo government’s aid see Canfield F. Smith, Vladivostok under Red and White Rule (Seattle, 1975), p. 20.