الحزب/ اللاحزب الامبراطوري الكوني العراقي؟/3


عبدالامير الركابي
2023 / 1 / 14 - 16:31     

يقرن الغرب بفهاهته الاحادية، الالة بالطبقة، فيحولهما الى وحده، ولازمه قدرية مفروضة على غيره، فلاتقدم ولا تصنيع، ولا اجمالي القفزة الاليه، من دون البرجوازية التي اوجدت الاله، وقلبت الحياة بناء عليه راسا على عقب، مما استحق من المديح مالا يوصف صادرا عن عدوها المفترض ماركس (1)، فهل الالة نتاج مجتمعي ام طبقي؟، هذا سؤال لم يرد في الخاطر، ثم هل الثورة البرجوازية تجري خارج مجتمعها الاحادي الطبقي الارضوي، ام ان الطبقة تملك بذاتها الفعل المستقل في المجتمع وتغييره، وهو ماقد عاد ماركس وكرسه قائلا بان البروليتاريا تملك تغيير المجتمع من جهتها كما فعلت سالفتها البرجوازية، لتصبح والحالة هذه عند زمن الطبقات الخارجة عن المجتمعات، او المتحررة منها، الفاعله فيها وان تكن جزء من تكوينها.
لااحد سال، ترى لماذا لم يفعل الاقطاع ماقد فعلته الطبقة التي صعدت بعدها وعلى انقاضها، او لماذا لم تفعل الاقطاعية العبودية من قبلها، فتوجد الاله في حينه؟ يتعلق الامر بمجتمعية بعينها نتاج التفاعلية البشرية البيئية، في غمرتها تشكلت المجتمعية الطبقية الاحادية الارضوية، باعتبارها الانشطارية الاعلى ديناميات داخل صنفها المجتمعي، عبرت مراحل من تاريخها، قبل ان تصبح في وضع، او حال انتهاء وتوقف عن الاستمرارية بصيغتها التي وجدت عليها ابتداء، وصولا الى اخر مرحلة من مراحل تطورها، لانتفاء الضرورة التي تبررها على المستوى الكوني، فالاله هي نهاية الطبقات، وهي الطليعة المفضية بالاصل، وقبلا، الى نهاية نمط المجتمعات الارضوية الاحادية، ماكان يمكن ان تنبجس في غير الموضع والنوع الطبقي من بين المجتمعات الارضوية الاخرى.
ومع الاله ننتقل من المجتمعية نتاج الوحدة البيئية البشرية، الى المجتمعية الثلاثية، من جهة الوحدة البيئية البشرية بتراثها المديد، ومن جهة العنصر المستجد الاتي من خارجها، ومن غير طبيعتها ونوعها، الالي، العنصر المهيأ للتدخل في البنية المجتمعية اليدوية الباقية من الطور الطويل المنصرم، والمستعمل بتخطيط واع، لاجل تسييرها والتدخل في دينامياتها، والاليات التي تتحكم بمساراتها، هذا علما بان العامل البيئي لايكون وقتها قد اختفى او توقف عن الفعل، لاهو ولا البنيه الاساس، بعد التاريخ الطويل من وجوده وتفاعليته المديدة، مالابد من ان يولد حالة مستجدة من الاصطراعية، البرجوازية ابانها تمتلك وسائل غير طبقية متعدية لها بذاتها، وسائل لاسابق لها، ولم تدخل يوما في الاصطراع الطبقي، مايفضي بالاحرى الى تغييرها، وتبديل اشتراطات وممكنات وجودها، فينقلها من كونها "طبقة برجوازية" الى " برجوازية الية"، الاله عنصرالفعالية الرئيسي في وجودها، ودورها الذاهب نحو منتهيات لاعلاقة لها بماقبلها، حين كانت الطبقية مكون اجتماعي موضوعي، عناصره هي المتاحه التكوينيه بلا طرف تدخلي فعال وحاسم من خارجها، قابل للاستعمال ولتحوير العملية الاجتماعية والطبقية، مايعني بناء عليه انتهاء "المجتمعية" وآلياتها التقليديه التي تحدد نوعها.
ثمة اصطراعية مستجدة تطرا اليوم كما اسلفنا، لها نتائج مختلفة، وتفضي بعد طور اصطراعي بيئي بشري/ آلي، الى حصيلة تتغير المجتمعية والالة بموجبها وفي غمرتها، بعد تاريخ من التفاعلية الكوكبية للعنصر المستجد وحضوره، تتغير بموجبه اشكال عمل الاله وممكناتها، ونوع فعاليتها، مابين موضع مثل روسيا ببنيته نصف الشرقية واستبدادية نمطها، وبين الصين حيث التكلس الطبقي، مااوجب اقتران عمل الاله فيهما مع الايديلوجيا، وفعل الفئات الجديدة الداخله على المشهد المجتمعي، مع اثار الاحتدامية الصراعية المصنعية الذروة، وصولا الى اليابان وماقد افضى فيها الحضور الالي بعد تطويعه، من مفتتح انتقال بالاله المصنعية الى التكنولوجيا الوسطى الراهنة وطلائعها، قبل ان تاخذ الكيانيه الكبرى المفقسة خارج رحم التاريخ، مهمة الانتقال الى "التكنترونيه"، مكرسة كليا فعل التكنولوجيا مكان المصنعية الالية، مايضعنا امام تاريخ من التجلي الاصطراعي، والتغير،حصيلته مطردة في الالة والمجتمعات، قبل ان يفضي المسار المذكور الى الانقلابيه النهائية.
نحن ومع الحداثة الغربية، ومنذ ان بدات، نعيش بخلاف التبسيطية المتداولة التي كرسها الغرب بمحدوديته الاحادية، عصر وتاريخ الاصطراع الالي المجتمعي، ابتداء من صيغته الاساس الكلاسيكية، حيث البرجوازية في اعلى وانضج صيغها الاوربية الافتتاحية، الى ماتبعها وصولا الى المجتمع ماقبل مجتمع، الذي لم يعرف التشكلية التقليدية الاصطراعية البشرية البيئية، مايجعله حالة منطوية على دافعين تحويريين للمجتمعات الاخرى، لدرجة الغائهما، فامريكا الحلم والرسالية هي في الجوهر، نزوع بديهي تكويني بدئي في غير اوانه لازالة ماقبل، والغاء تاريخ المجتمعية البيئية الاصل، يضاف له الممكن الالي المستجد، ماجعل هذا الموضع من المعمورة القمه الافنائية لماعداه، بما يجعل افناء الهنود الحمر،سكان القارة الاصليين، ابناء البيئة والطبيعة، مقدمة ضمن برنامج شامل، لاتوجد اميركا الا به، ماينقل نزوع الهيمنه الالي البرجوازي الكلاسيكي الاوربي للهيمنه، وفرض النموذج، من الاستعمار الامبريالي، الى الكينونة الافنائية، فامريكا ليست امبريالية، ولاتنتمي للنمط الاستعماري الالي، وهي صنف اخر مختلف، عنوانه ومايصفه وينطبق على طبيعته، هو "النمطية الافنائية مابعد اليدوية"(2) .
بعد الصيغة الالية البرجوازية الكلاسيكيه الاوربية، ومن ثم الروسية والصينبه الالية الايديلوجية، وصولا لليابانيه، حتى الامريكيه، هل ثمة ياترى من نمط او حالة، وجودها النوعي موافق لمحتملات ومآلات الاصطراعية المجتمعية الالية، بعدما تدخل المجتمعية مع الاله، طور مافوق مجتمعية، بالمعنى البيئي وتوزعاته النمطية الصنفية، وصولا الى ماوراء مجتمعية، مع الاختلال البيئي، وعجز الاله عن صياغة نموذجها المجتمعي بناء لطبيعتها، واضطرارها للتحور بناء على تعدد انماط المجتمعات التي تدخلها، ومستوى وتدرجات ماتلاقيه من مقاومه، سواء بسبب ضعف البرجوازية والتطور اللامتكافيء، او حتى الابتعاد عن البنية الطبقية، لابل المجتمعية الاصل، مايصل بالحال المجتمعي حد الدخول في بدء التفارقية، بين المجتمعية ووسيلة الانتاج المتحولة الى التكنولوجيا الوسطى الحالية، الامر الذي ياخذ المجتمعات خارج السياقات التاريخيه البنيوية المتعارف عليها، ولايعود ثمة ممكن او احتمال استمرارية على هذا الصعيد، الا اذا ارتقت الاله بآخر اشكالها التي امكن لها ان تصلها، لتجد مامهيأ كينونة وبنية للتفاعل معها، ضمن اشتراطات متعدية للطور والمرحله المجتمعية كما هي، وكما كانت قد وجدت من الابتداء حتى حينه.
فهل مثل هذا النوع المجتمعي موجود، او هل ثمة ياترى من مجتمعية يمكن وصفها باللا آلية ، لنتخيل العراق بدينامياته الاكدية الابتدائية، البابلية الوسيطة، الى القمة البغدادية وحضورها الكوني اليدوي، وقد انتقل الى الالية، او لوحدث وكان هو الغرب الذي انبثقت الالة بين ظهرانيه، وكيف كان المشهد العالمي سيصبح وقتها،واي اكتساح من اية شاكله ونوع كان سيحدث انطلاقا من هذا الموقع الاختراقي الكوني على مستوى الكوكب، الامر الذي ماكان حدوثة ممكنا، ولاجائزا بحكم الكينونه الازدواجية المتعدية للالية الاصطراعية الذاتيه ازدواجا، والمفتوحة النهايات عبر متوالية الدورات والانقطاعات، ماكان من شانه ابقاء المجتمعية موقوفة على عناصرها التفاعلية البشرية البيئية وانبعاثاتها، على عكس الازدواج الطبقي المحتبس النهايات، والمنتهي عند نقطه ابان الاصطراع البرجوازي الاقطاعي، وهنا تكرس اخطر اكذوبة تقول بالتتابعية الطبقية، بمعنى حلول العبيد مكان الاقطاع العبودي، الامر الذي لم يحدث وقتها، لان الصراع الطبقي هو عملية مجتمعية، ينجم عنها تحول العبيد والاقطاع العبودي معا، ليصبح المشهد ( اقطاع/ فلاحين)، وليس حلول العبيد مكان الاقطاع، مايجعل الاصطراع الطبقي، والتناوب الطبقي محكومان للاشتراط المجتمعي وليس الطبقي، وهو ماكان يجعل من الصعود البرجوازي مستحيلا من دون مكافئه الطبقي، المستحيل تحققه بناء على ذات الوسائل اليدوية القائمه، ماقد اوجب انبثاق عنصر ثالث نوعي، من خارج العملية الاصطراعية القائمة، فالفرضية التي تقول بحلول البرجوازية محل الاقطاع مع استمرار الفلاحين مقابلها غير واردة مجتمعيا، والبرجوازية لكي تنتصر، لابد لها مجتمعيا من طبقه مقابله هي في حالتنا الراهنه، البروليتاريا، مايعني تتابعا: الاقطاع العبودي يقابله" العبيد"، ثم اقطاع ملاك الارض فقط، بمقابلهم الفلاحون، ثم البرجوازية يقابلها العمال، مع شرط"الاله" العنصر النوعي من غير طبيعة العملية الاصطراعية البيئية. وهي حالة تغير نوعي تصيب المجتمع ليس لها مايعقبها كما تصور ماركس الماخوذ بالاستقلالية الطبقية العمالية التي لاوجود لها في التاريخ،4 ولا الحاضر.
هكذا تكون الاله بالاحرى وواقعا، حالة وعامل انتقال من نوع ونمطية مجتمعية بذاتها، الى مجتمعية اخرى متعدية للمجتمعية، قاعدتها والنموذج القابل للتفاعل مع نوعها الانقلابي، موجود وقائم منذ ابتداء المجتمعية كظاهرة، حين قامت المجتمعات اصلا وكافتتاح بصفتها مجتمعية لاارضوية، هي نتاج بيئة استثنائية وضعت الكائن البشر في ارض سومر، تحت طائلة اشتراطات "العيش على حافة الفناء"، والمجتمعية الذاهبه الى الاكوان الاخرى، وما لحق بها وبحركتها ابتداء من نكوص، منع عليها التحقق الانتقالي، تحت طائلة القصورين، المادي على مستوى وسيلة الانتاج التي هي بالذات، تلك التي ستولد من تحورات الاله، حين تصبح بالتفاعلية الاصطراعية مع المجتمعية البيئية، " تكنولوجية وسطى" اولى هي الحالية، ثم " تكنولوجيا عليا" صارت على الابواب، سيتكفل موضغ الازدواج واللاارضوية باللقاء معها، والصعود بها وعلى جناحها الى مابعد مجتمعية، والى العالم العقلي المهيأ للانتقال الى الكون الاخر، والحياة الثانيه مابعد الارضية، بينما تكون البشرية قد دخلت حقبة من تاريخها اقرب للفنائية، يتراجع عندها التواصل بين وسيلة الانتاج، والنوع او النمط المجتمعي القائم، او ماقد تبقى منه، فتتهافت المجتمعية، وتصير من قبيل الحالة الباقية في مكانها، تدور على ذاتها، وتزداد لافعالية، وصولا الى الجمودبة المطردة والانهاك المفضي للفناء.
يستدير الزمن والوجود عودا على بدء، من عتبه اولى غير قابله للتحقق في ساعتها واوانها، نحو الزمن الاعظم التحولي، واذ تنبثق الاسباب المادية الضرورية، وتتشكل صعدا، فان الامر الاهم الذي يتبقى على طريق الانتقالية العظمى، هو الافصاحية الموجله تحت طائلة الاعقال الانسايواني، حيث النقيصه الاخرى الانتكاسية، ربما الاهم على طريق الذهاب الى الحياة الثانيه الكونية، المقدرة للكائن الحي .
في الاول وعند الابتداء والانتكاس، تكون النبوة والحدس هي وسيلة النطقة اللاارضوية الممكنه في الزمن الانسايواني، معززة بالمعجزة، وهو زمن انتهى محققا المطلوب منه ابان طوره الانتظاري الطويل، اليوم لانبوه، والنطقية اللاارضوية ارتقت مع القرون عتبة الانسايوانيه، وقد كشف عنها النقاب، مقاربة الذرى الاكتمالية الادراكية "العليّة"، السببيه، المكمله الفاصلة، لتغدو المعجزة تعويضا عن غياب النبوة، فلكل وقت واوان تعبيره واشتراطات تحققه.
ـ يتبع ـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) في باريس في "مركز بومبيدو" الهائل ترفع لافته ضخمه، موجوده لاظهار عظمة المنجز البرجوازي بحسب تقريض ماركس الذي يبدع محقا، في مديح الطبقة التي هيأت الاسباب لنظريته، والطبقة التي يتحدث باسمها لان تكتسب ماظنه هو وشيكا، كتعاقب طبقي مفترض متوهم.
(1) الموضوعه المشار اليها هنا هي من دون شك لاسابقة لها، وهي بحاجه الى وقفة خاصة، لانها نوعية وفاصلة على صعيد تعيين مراحل الاليه وتطورها، والتطور المجتمعي بظل وجودها ونوع الاصطراعية التي تولدها، مقابل بروز نوع " مجتمعية" مفقسه خارج اشتراطات التشكل المجتمعي، لها منظورها ومحركاتها المختلفه المستقلة المخالفة، وان غلفت باستعارات واسقاطات ايهاميه.