الجبهة البروليتارية العالمية المتحدة في مواجهة الهجوم الامبريالي العالمي


عبد السلام أديب
2023 / 1 / 14 - 10:33     

تتناول هذه الورقة مساهمة قدمها عبد السلام أديب في اطار ندوة دولية ببرلين يوم الست 14 يناير 2023، تناولت قضايا الهجوم الامبريالي على القوت اليومي للطبقة العاملة وقوت الشعوب المضطهدة وتطلع الشعوب الى الحرية والديموقراطية والاشتراكية، مستفيدا من الدعوة التي أطلقتها منظمة ايكور سنة 2019 لتأسيس جبهة عمالية عالمية متحدة لمواجهة الهجوم الامبريالي. فيما يلي عناصر هذه الورقة.

1 – تتفاقم الازمة الهيكلية للإمبريالية العالمية مع استمرار تدهور معدل الربح منذ سنة 2018. ولمعالجة هذه الازمة تحاول الامبريالية والطبقات الحاكمة نقل عبء أزمتها على كاهل الطبقة العاملة والشعوب المضطهدة عبر العالم. ولتجنب ردة فعل جماهير العمال تتزايد النزعة الفاشية والقمع البوليسي مصحوبا بالاستغلال الفائق للطبقة العاملة ونهب الشركات للموارد الطبيعية مما يترتب عنه تفاقم الفقر والبطالة وعدم المساواة وتعمق الازمة البيئية. كما عمقت هذه الازمة حدة التناقض بين الإمبرياليات الى درجة أصبحت تهدد بحرب عالمية ثالثة.

2 – وتشكل اليوم الحرب بين الامبريالية الروسية وأكرانيا كوكيلة عن حلف الناتو تحت قيادة الامبريالية الامريكية احدى افرازات هذه الازمة. فقد شكلت الحرب مناسبة لمراكمة شركات الأسلحة العالمية للأرباح، كما تم اطلاق العنان للإيديولوجيات المعادية للأجانب وللأصوليات الدينية والعرقية والظلامية لتسهيل نقل عبء أزمة التراكم على كاهل الجماهير الكادحة وعلى الشعوب المضطهدة عبر العالم، خاصة عبر الزيادة في الأسعار بفعل المضاربة للوقود والغذاء والمواد الأساسية للمعيشة اليومية.

3 – كما تفاقمت حدة التناقضات بين الامبريالية الامريكية وحلفائها من جهة والامبريالية الروسية والصينية من جهة أخرى حيث تتفاقم الى جانب الحرب في أكرانيا حدة التوثرات الجيوسياسية في منطقة آسيا والمحيط الهادي في مواجهة مفتوحة مع الصين التي ما فتئت تطوق تايوان بينما تجعل منها الولايات المتحدة الامريكية ذريعة لمحاصرة الصين. لكن الامبرياليتين الروسية والصينية تواصل نشر نفوذهما الاقتصادي والعسكري في افريقيا وامريكا اللاتينية مقلصتان بذلك من مناطق احتكار الامبريالية الامريكية وحلفائها الغربيين.

4 – في مواجهة هذه الحرب بالوكالة والحرب الباردة المواكبة لها، بدأت عدد من الشعوب خاصة في أمريكا اللاتينية تشهد انبثاق جديد للقوى اليسارية والتقدمية نتيجة تدمر جماهيري قوي في مواجهة السياسات النيوليبرالية وتعاقب السياسات الامبريالية لنقل الازمة على كاهلها، وما نجم عنها من فساد وفقر مدقع وبطالة وتدمير البيئة بدرجات خطيرة غير مسبوقة.

5 – الى جانب هذه التطورات الامبريالية الفاشية والمحاولات الخجولة للقوى اليسارية لمواجهتها، فإن تصاعد الفاشية الدينية في منطقة الشرق الأوسط والتي تكرسها السياسات الصهيونية العنصرية في فلسطين والسياسات الفاشية الإيرانية والافغانية في مواجهة شعوبها المسالمة إضافة الى السياسات التركية الفاشية والعنصرية ضد الشعب الكردستاني في منطقة روجافا في سوريا ومنطقة كردستان في العراق.

6 – ولم تسلم الشعوب الأوروبية من العودة القوية للتيارات الفاشية اليمينية كما ظهر مؤخرا في إيطاليا وفرنسا على الخصوص. وفي المنطقة الآسيوية تجدر الإشارة الى السياسات الفاشية للنظام الهندي وما حدث من ردود فعل شعبية قوية على السياسات الفاشية في سيريلانكا والانهيار الاقتصادي والاجتماعي الكارثي المرافق لها.

7 – إن ما يترتب عن تفاقم الازمة الهيكلية للإمبريالية والفاشية نتيجة تدهور معدل الربح وتزايد الهجوم على القوت اليومي والعيش الكريم للملايير من الكادحين عبر العالم، يستدعي منا كماركسيين لينينيين داخل منظمة ايكور الارتكاز على هذا الوضع الدولي المتفاقم لتحقيق تحول ثوري نوعي من اجل انجاز التغيير السياسي والاجتماعي عبر قيادة حركة عالمية مناهضة للإمبريالية والفاشية تتحدى بشكل فعال عدوان الشركات الامبريالية والحكومات الفاشية وتحقيق قفزة اشتراكية ديموقراطية نوعية.

8 – لهذه الغاية تعمل منظمة ايكور منذ 1919 على محاولة بناء جبهة عمالية متحدة ضد النهب الامبريالي وإرهاب الحكومات الفاشية والتدخل العدواني العسكري عبر الحدود في العديد من جهات العالم. مع تكريس التضامن عبر العالم مع حركات التحرر الوطني، كما هو الشأن بالنسبة للشعبين الفلسطيني والكردستاني، من أجل التحرر الوطني والديموقراطية والاشتراكية.

9 – أن الصراع بين الامبرياليات لا يحد منه سوى تعاونها من أجل استغلال واضطهاد البروليتاريا وتدمير وحدة الانسان والطبيعة، وممارسة مطلق ارهابها في مواجهة الصراع الطبقي التحرري للجماهير المستغلة والمضطهدة، خاصة منها الطبقة العاملة والأحزاب الثورية عبر العالم.

10 – في هذا السياق انخرطت منظمة ايكور في سيرورة بناء قوة جديدة في مواجهة النظام الامبريالي العالمي بشكل منظم وعبر عملية توحيد متواصلة، في اطار جبهة موحدة مناهضة للإمبريالية وضد النهب الامبريالي والهجوم النيوليبرالي وإرهاب الدولة والعنصرية والفاشية والتدخلات العسكرية والحروب العدوانية ومن أجل التحرر الوطني والاجتماعي والديموقراطي والحرية والاشتراكية. فقد آن الأوان للبروليتاريا المضطهدة وشعوب العالم بمعية حركاتها الوطنية للالتحاق بهذه الحركة الكوكبية الموحدة والموجهة نحو المستقبل.

11 – توضيح الطابع الامبريالي ومناقشة التحولات الجارية في النظام الامبريالي العالمي، وتوضيح السيرورة والقرارات والخلاصات الوازنة من اجل استراتيجية وتاكتيك فعال للقوى الديموقراطية العالمية تلك هي المهام الأساسية للجبهة الموحدة المناهضة للإمبريالية.

12 – في كل مكان في العالم، من اكرانيا وسوريا وفلسطين واليمن وفنزويلا وآسيا الشرقية ومناطق أخرى، نشاهد معارك الامبريالية للهيمنة على العالم والتي تلقى على كاهل الشعوب. الميل العام لاستعداد الامبريالية للحرب يسرع من مخاطر الحروب. وتتمظهر هذه الخطورة في صعود الحركات الفاشية وفي الحروب التجارية والتسلح المكثف وفي المناورات العسكرية الواسعة وعبر الاستفزازات الهادفة، والتهديدات بالهجوم وبالنزاعات الإقليمية الى غاية المواجهة المباشرة بين القوى الامبريالية وأخيرا الى غاية خطر نشوب حرب عالمية ثالثة.

13 – تظل الامبريالية عنوانا للرجعية المطلقة. وتضع الجبهة الموحدة المناهضة للامبريالية في جدول اعمالها النضال من أجل المحافظة وتوسيع الحقوق والحريات الديموقراطية. فالجبهة تستهدف بالدرجة الأولى القوى التي تحاول تشويه مفهوم الاشتراكية كبديل للإمبريالية في عيون الجماهير.

14 – في ظل هيمنة النيوليبرالية وإرهاب الدولة، تعاني عاملات وعمال العالم من ظروف الاستغلال والاضطهاد المتزايد. في ظل الامبريالية، فإن القوى الإنتاجية الثورية، رغم مختلف اشكال التقدم الاجتماعي والتقني، تتحول في نهاية المطاف نحو عكسها. تظهر إضرابات يومية في كافة القارات، وترتبط بالنضالات الشعبية للجماهير الواسعة. لكن هذه النضالات تبقى في جزء كبير منها منعزلة، وتجري في اطار وطني وبدون مشاركة كافية للمعلومات ودون دعم متبادل بين الثوريين والعمال في العالم بأكمله. وتبقى الطبقة العاملة العالمية الموحدة والمعبئة، مع وجود البروليتاريا الصناعية الحديثة في قلبها، يمكنها أن تواجه النظام الامبريالي العالمي والتحول الى قوة أعلى. يجب أن تتحول الطبقة العمالية العالمية الى عمود فقري للجبهة الموحدة المناهضة للإمبريالية.

15 – تبحث البروليتاريا العالمية عن حلفائها الموضوعيين والتي هي في حاجة اليهم والى تحالف جميع شعوب العالم المضطهدة، كالفلاحين الفقراء، والشعوب الأهلية، والنساء، والشباب، واللاجئين، والعمال، والمهاجرون، والأقليات، وكل من ينخرط في النضال من أجل الديموقراطية والحرية. إن النضالات التحررية في العديد من البلدان الافريقية وامريكا اللاتينية وآسيا، والنضالات التحررية لشعوب الفلبين وكردستان وفلسطين ومناطق أخرى يبقى عدوها الامبريالي واحد: انه الرأسمال المالي العالمي. فهذه النضالات تحدث تأثيرها الثوري القوي واشعاعها الموجه نحو المستقبل. كما تضع تجاربها رهن إشارة كافة المستغلين ومضطهدي العالم.

16 – فلنحارب اذن الامبريالية، ولتسقط الامبريالية، وإرهاب الدولة، وفاشية الدولة، والتدخلات العسكرية والحروب العدوانية.