عرب ومستعربون


نضال نعيسة
2023 / 1 / 12 - 13:49     


من الملاحظ تماماً، أنه، وفي دول الخليج العربية (بالمناسبة، إيران المنهارة اقتصادياً والتي تعتز تحت وقع احتجاجات ومطالب حقوقية وشعبية مستاءة، جداً، من تسمية الخليج ودورة الخليج الكروية باسم الخليج العربي بدلاً من الخليج الفارسي)، وفي شبه الجزيرة العربية حيث معقل العرب الأصليين الأقحاح ومنبتهم الأصلي، وحيث توفرت الرؤية والإدارة الوطنية لإدارة المجتمع والدول والتقاليد القبلية العريقة التي يسعى الجميع لاحترامها والحفاظ عليها ورعايتها، وبعدما قاموا بتوزيع شبه عادل ونسبي، إلى حد ما، للثروة الوطنية، وقاموا بالصرف بسخاء بالغ وبذخ على شعوبهموعلى الصالح العام وعلى تجميل مدنهم التي باتت مرايا حقيقية للأناقة والنظافة والترتيب والنظام والفخامة والرفاهية وصارت لذلك مقصداً سياحياً عالمياً وملتقى ومشتهى للاستثمار المالي والعمراني والخدمي، فاكتسبوا، لذلك، مصداقية، داخلية وخارجية، عامة، ومصرفية عالية، وملاذات مالية آمنة على نحو خاص، وساهموا إلى حد كبير بترقية وتنمية وترفيه مواطنيهم، فأوجدوا هناك شيئا اسموه صناديق أو مَحافظ سيادية تـُقتطع من فوائض الميزانيات السنوية والثروة الوطنية او أرباح الشركات العامة والبورصات والقطاع العام يودعون في هذه الصناديق هذه الأموال كـ"مطمورة" وكاحتياط استراتيجي تحسبا للمستقبل والقادم من الأيام وكودائع وامانات للأجيال القادمة ويصرف منها احيانا على الطوارىء والأزمات والمساعدات الإنسانية ولم تكتف بذلك بل باتت مكاناً ووجهة للعمالة المهاجرة والكفاءات المميزة والخبراء والتكنوقراط من كل بلدان العالم حيث يجدون فيها مكاناً للعمل والاستثمار والأمان والاستقرار وصارت تمنح الإقامات والجنسية المميزة للمبدعين والمواهب والعباقرة والأذكياء من مكان بناء على هذه الاعتبارات ....
أما المستعربون (العرب المزيفون)، أشباه الأعراب، من أدعياء العروبة المزعومة والمنتسبون للعرب وما تسمى الجامعة العربية، شكلا واسما فقط، وبعدما حكموا بلدانهم بالحديد والنار والهروات والبسطار، وفتحوا السجون والمعتقلات وأتخموها بالمثقفين والمفكرين والأحرار، فقد سطوا على الأخضر واليابس مما تسمى بالثروات الوطنية وقاموا بتجويع وإفقار وإذلال الشعوب واحتكروا كل شيء لأنفسهم ولحاشيتهم ومحظييهم وخليلاتهم واقاربهم وباتت الدول مرتعا وملعبا وملهى للعائلات الحاكمة العسكرية والبوليسية الاستبدادية القمعية بمعظمها وباتت مؤسسات الدولة ووزاراتها ومنشآتها وثرواتها ملكا شخصيا للمستعربين وورثتهم واحفادهم وصبيانهم وغلمانهم يديرونها بعنجهية ونرجسية مرضية وفوقية واستبداد ومزاج شخصي وكيفي ونفعي ذاتي ولحسابهم خاص واستباحة الممتلكات العامة استباحة مطلقة وانتهاك السيادة والوطنية وكرامة بلدانهم واشتهروا بالبخل والفاقة ولتقتير الشديد والرثاثة والابتذال والقماءة الإدارية وتراكم القمامة والأوساخ والحفر والمطبات بالشوارع واكتفوا بلعب دور اللصوص وناهبي الثروات الوطنية والمتسولين والشحاذين مع شعوبهم وتسول المساعدات وسرقتها من هنا وهناك ولم يعد هناك ما يقدمونه سوى الشعارات الزائفة والضجيج والفحيح الإعلامي الأجوف والجعيع الفارغ والتهديد والوعيد لدول العالم وإلقاء اللوم على الآخرين في فشلهم وخيبتهم وحيث بات الهروب والفرار والخروج الجماعي وطلب اللجوء حتى في جزر المحيط الهادي المهورة مطلباً وحلماً لمواطنيها، فانهارت وتفككت دولهم وهجّرت وتشردت شعوبهم في أصقاع المعمورة بحثاً عن الأمن والأمان وكسرة الخبز ولقمة الطعام المجبولة بالذل والانكسار وبان زيف وخواء ودجل الخطاب الشعاراتي الطنان الرنان، الذي تصفر فيه الرياح كما تصفر بالخزينة العامة والبنوك المفلسة والمنهارة التي كنسها المستعربون وأفرغوها من آخر قرش وقاموا بتهريبها لمدن الخليج "الرجعية" نفسها، والذي-أي الخطاب- لم يغن ولم يسمن ولم يفلح إلا في المزيد من ضعف وهوان وعجز وهزال هذه البلدان المنكوبة بالأكاذيب والأوهام.....