ثلاث فضائح عالمية بجلاجل


رضي السماك
2023 / 1 / 8 - 11:02     

طوال عقود ونيف الماضية، منذ أنهيار النظام الدولي ثنائي القطبية بعد انهيارأحد قطبيه (الاتحاد السوفييتي) وتحوله إلى نظام أحادي القطبية تتربع على عرشه الولايات المتحدة، تعودنا على ألا ينتهي عاماً من أعوام هذه الحقبة الجديدة دون أن يطوي معه عدد كبير من الفضائح العالمية الكبرى في ظل ورعاية ذلك النظام الدولي الجديد بزعامة أمريكا. ومع أن عام 2022 الذي ودعناه قبل أيام كان زاخراً أيضاً بالفضائح الكبرى، إلا أننا سنكتفي في هذه العجالة بذكر ثلاث منها تميزه:
الفضيحة الأولى: ومسرحها ارتكابها جرى في مبنى أو أكثر من العقارات التي تمتلكها الأكاديمية السويدية، وكان بطلها عضو الأكاديمية، المصور الفجان كلود ارنو وذلك باغتصابه 18 إمرأة من أعضاء الأكاديمية اضطررن لتلبية نزواته كارهات، ثم تقدمن بشكوى ضده،وكان كما أسلفنا عضو في المؤسسة التي هي بمثابة أقدس الأمكنة الثقافية في العالم في رمزيتها للضمير الثقافي الإنساني العالمي، وفي تحفيز ومكافأة ما يتحقق في العالم سنويا من منجزات علمية على أيدي علماء، فضلاً عن دورها في تشجيع وتقوية الجهود الدولية الساعية لتحقيق السلم العالمي باعتباره الضمانة لحماية وتطوير المنجزات العلمية والاقتصادية والابداعية على الصعيدين الوطني والدولي،وذلك من خلال تخصيص جائزة لفائز أو أكثر بالتساوي.وكان آرنو من أعضاء الأكاديمية ذوي الصلة بلجنة اختيار الجوائز،وهو أيضاً زوج كاترينا فروستنسون العضوة في الأكاديمية، والتي حُملت و أربعة أعضاء اخرين على الاستقالة ، إثر تفجر الفضيحة عام 2018،كما قام آرنو، غير مرة، بانتهاك سرية أسماء الفائزين؛ لأغراض منفعية شخصية قبل موعد الإعلان عنها في خريف كل عام!
والحال فقد دار صراع مصالح بين فريقين في الأكاديمية، أحدهما عارض التحقيق في الفضيحة أو الاعلان عنها؛ بذريعة الحفاظ على سمعة الأكاديمية وتقاليدها العريقة،أما الثاني فتمسك بوجوب اجراء التحقيق وانتهاج الشفافية، وهو الفريق الذي يبدو حقق معظم مراده، وتقررحجب الإعلان عن اسم الفائز في الآداب لعام 2018. وتعد هذه الفضيحة الأكبر حجماً منذ تأسيس الأكاديمية مطلع القرن الماضي. ورب سائل هنا: ما علاقة فضيحة وقعت في 2018 بعامنا؟ والجواب أن تداعياتها لم تتبدد تماماً،ففي الإسبوع الأخير من عامنا الذي ودعناه ، كشفت الجزيرة الوثائقية النقاب عن تفاصيل جديدة خطيرة بالغة الخطورة في فيلم وثائقي مترجم يبدو من إنتاج غربي، ومقسم على أربعة أجزاء طول كل واحد منها زهاء ساعة.
وليس أقل من هذه الفضيحة عاراً ما يتمثل في نهج الأكاديمية المزمن بتحيزها للعالم الرأسمالي الغربي وتجاهلها متطلبات الحياد والنزاهة والعدالة في توزيع الجوائز بين مناطق العالم،سيما في مجالي الآداب والسلام.
الثانية: وتتمثل في مذبحة قرية "الطنطورة"الفلسطينية في مايو 1948التي أرتكبتها العصابات الصهيونية بداياتالنكبة،والتي أتت على معظم سكانها وأزالت عمرانها، وأضحت أثراً بعد عين، وهو ما كشفته أيضاً صحيفة "هآرتس" الأسرائيلية،في يناير كانون الأول الماضي على لسان كاتبها آدم راز، عن اعترافات صادمة أدلى بها دون أن يرف لهم جفن جنود قدامى إسرائيليين بقتلهم زهاء مئتي أسير مدني فلسطيني من سكان القرية،وقد جاءت هذه الاعترافات في فيلم وثائقي لم تمنع "إسرائيل" لم يهتز له ضمير العالم الغربي البتة، مع أن الفيلم مرشح لنيل إحدى جوائز الأوسكار العالمية عن الأفلام الوثائقية الطويلة0
الثالثة: وتتمثل في نشر وسائل إعلام إسرائيلية،من بينها سلسلة تغريدات نشرها المؤرخ الاسرائيلي يوسي ميلمان، تؤكد أنه خلال حرب يونيو/ حزيران 1967 أحرق الجيش الأسرائيلي بقذائفه موقعاً عسكريا مصريا كان محاصراً من الجيش الأسرائيلي و به أكثر من 20 جندياً مصرياً أحياء، ودفنهم في حفرة جماعية لم يتم وضع علامات عليها، في مخالفة صريحة لقوانين الحرب الدولية، ورفاتهم هي الآن تحت أرضية مواقف سيارات في حديقة كبيرة عامة قرب القدس، ومر هذا الحادث في زحمة الحوادث العالمية مرور الكرام ولم يهز شعرة واحدة في إسرائيل والعالم، لا بل التزمت مصر والدول العربية ومصر الصمت المطبق إزائه !