لا يمكن إلحاق الهزيمة بالثورة الديمقراطيّة الشعبيّة الفليبينيّة – الرسالة الأخيرة التي توجّه بها رئيس الحزب الشيوعي الفليبينيّ و أحد مؤسّسيه ، جوما سيسون إلى القوى الثوريّة و شعب الفليبين


شادي الشماوي
2023 / 1 / 1 - 12:04     

لا يمكن إلحاق الهزيمة بالثورة الديمقراطيّة الشعبيّة الفليبينيّة – الرسالة الأخيرة التي توجّه بها رئيس الحزب الشيوعي الفليبينيّ و أحد مؤسّسيه ، جوما سيسون إلى القوى الثوريّة و شعب الفليبين
https://maoistroad.blogspot.com عن موقع أنترنت
26 ديسمبر 2022

كلمة للمترجم : في 16 ديسمبر 2022 ، غيّب الموت خوسى ماريا سيسون رئيس الحزب الشيوعي الفليبينيّ و أحد مؤسّسيه و المستشار السياسي الأعلى للجبهة الوطنيّة الديمقراطيّة الفليبينيّة ، و ذلك عقب زهاء أسبوعين قضّاهما بمستشفى بأولتراشت بهولندا . و كان عمره 83 سنة . و مماّ جاء في بيان أصدرته اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي الفليبينيّ : " فقد الحزب قائدا عظيما . كان من عظماء الفليبين في القرن العشرين لتطبيقه بإقتدار و بصفة خلاّقة الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة على المجتمع الفليبينيّ و الثورة الفليبينيّة ..." و " نشدّد كذلك على الدور الهام الذى نهض به الرفيق جوما كرافع لراية الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة بما ساعد في إلهام البروليتاريا عبر العالم ، و الحفاظ على جذوة الحركة الشيوعيّة العالميّة وهي تلج مرحلة جديدة من النهوض ..." . و نقترح على من يرنو إلى مزيد الإطّلاع باللغة الأنجليزيّة على كتابات خوسى ماريا سيسون و حتّى نقد لبعض أفكاره التوجّه إلى موقع " الفكر الممنوع " : https://www.bannedthought.net
أمّا باللغة العربيّة عن " الثورة الماويّة في الفليبين " تجدون كتبا لشادي الشماوي بمكتبة الحوار المتمدّن
.www.ahewar.org
وفى ما يلى نصّ نشرته زوجة الفقيد بإعتباره آخر رسالة وجّهها إلى القوى الثوريّة و شعب الفليبين ( أنظروا موقع أنترنت https://maoistroad.blogspot.com ).
---------------------------------------------------------
ببالغ الأسى و اللوعة ، أجد نفسي أتحمّل مسؤوليّة نشر آخر ما خطّه قلم زوجى ، آخر رسالة إلى القوى الثوريّة و الشعب بمناسبة الذكرى 54 لتأسيس الحزب الشيوعي الفليبينيّ . فقد شرع في إجراء نقاش معى حول تخطيط و كتابة الرسالة و ذلك طوال أيّام من الشهر الفارط عند عودته من المستشفى بعد إقامته الثانية به في نوفمبر و بالضبط قبل بداية إقامته الثالثة و الأخيرة في 28 نوفمبر2022 . صاغ المشروع الأوّل على الورق و تولّيت رقنه بالحاسوب و تاليا أعاد قراءته و أدخل عليه تعديلات في مناسبتين للحصول على المشروع الأخير أدناه .
قبل حوالي 15 دقيقة من لفظه أنفاسه الأخيرة ، كان يؤكّد على أنّ الثورة ستحقّق الظفر و ستتقدّم نحو الإشتراكيّة . حتّى في آخر أفكاره ظلّ متفائلا بشان مصير الشعب الفليبينيّ الذى خدمه بكلّ جوارحه و طاقته .
--------------------
لا يمكن إلحاق الهزيمة بالثورة الديمقراطية الشعبيّة الفليبينيّة

عقب إعادة تركيز الحزب الشيوعي الفليبينيّ في 26 ديسمبر 1968 و ما تلاه من تأسيس سريع للجيش الشعبيّ الجديد في 29 مارس 1969 ، تبنّت كافة أنظمة حكم النظام السائد شبه المستعمر شبه الإقطاعي في الفليبين ( منذ زمن فرديناند ماركوس إلى الوقت الحاضر ) و كرّست خطّة إسترتيجيّة عمليّة لتحطيم الثورة الديمقراطيّة الشعبيّة الفليبينيّة . إلاّ أنّ كافة الخطط هذه مُنيت على الدوام بالفشل الذريع و أفضت على عكس ما توقّعه أصحاب تلك الخطط إلى نموّ له دلالته للحركة الثوريّة . و قد لجأ ماركو حتّى إلى فرض دكتاتوريّة فاشيّة ضد الشعب إمتدّت من 1972 إلى 1986 بتعلّة سحق الحزب الشيوعي الفليبيني و الثورة المسلّحة ، ل " إنقاذ الجمهوريّة و بناء مجتمع جديد " . غير أنّ قبضته على السلطة لم تفعل سوى الحثّ و التسريع في النموّ الشامل للحركة الثوريّة عبر البلاد . و في نهاية المطاف ، ألهمت الثورة المسلّحة و دعّمت إنتفاضات الجماهير الشعبيّة في العاصمة مانيلا و عبر البلاد بأكملها الهادفة إلى الإطاحة بالدكتاتوريّة الفاشيّة . و حاولت الأنظمة الديمقراطيّة الليبراليّة المزعومة التي تلت دكتاتوريّة ماركوس الفاشيّة أن تمزج بين مخطّطاتها العسكريّة الإستراتيجيّة من جهة و تكتيكات الإحباط من الجهة الخرى بما في ذلك مقترحات فرتات إيقاف إطلاق النار طويلة و مفاوضات سلام دون معالجة جذور النزاع المسلّح أو الحرب الأهليّة . و قد كانت جميع هذه الأنظمة الرجعيّة مهووسة بتحطيم الحركة الثوريّة و الحفاظ على النظام الإضطهادي و الإستغلالي الجائر .
و قد إستعملت هذه الأنظمة الرجعيّة ورقة معاداة الإرهاب في كلّ الأوقات لتأجيل أو تعليق أو وضع حدّ لمفاوضات السلام رغم إتفاقيّات كبرى مشتركة بين حكومة جمهوريّة الفليبين من ناحية و الجبهة الوطنيّة الديمقراطيّة الفليبينيّة مثل البيان المشترك بلاهاي سنة 1992 كإطار لمفاوضات سلام و إتّفاقيّة شاملة حول إحترام حقوق الإنسان و القانون العالمي لسنة 1998.
و بالرغم من مفاوضات السلام ، أخذت جميع الأنظمة الرجعيّة حرّية إقتراق إغتيالات في حقّ كوادر الحركة الثوريّة و أعضائها . و عندما ألقى الجيش الشعبي الجديد القبض على الجنرال أوبيلو من القوى المسلّحة الرجعيّة في ظلّ إطار CARHRIHL و القوانين العالميّة لسنة 1998 ، أعلن فورا عن نيّته إطلاق سراحه بما هو سجين حرب عند الإتّفاق على السيرورة الآمنة لإطلاق سراحه . و مع ذلك هاجم أسترادا بلا توقّف القوى الثوريّة و إستغلّ القبض على الجنرال إيّاه ليصبح أوّل رئيس رجعيّ يضع نهاية لمفاوضات السلام في ماي 1999 .
و إثر الإطاحة به بفضل إنتفاضات الجماهير الشعبيّة في 2001 ، وافق نظام آرويو على إستئناف مفاوضات السلام سنة 2002 ، مع الحكم الملكي النرويجي كطرف ثالث موفّق . لكن سنة 2004 ، صار بديهيّا أنّ نظام آرويو يتّبع إملاءات الولايات لمتّحدة للتخفيض من نسق المفاوضات حول مواضيع ملموسة و تعليقها إلى أجل غير معلوم و إطلاق العنان لعمليّات عسكريّة أكبر حجما باسم " مقاربة الأمّة بأكملها " . و قد أخفقت هذه العمليّات العسكريّة إخفاقا ذريعا في تحطيم حرب الشعب . و إقترف وزير الدفاع المعادي عداء لدودا للشيوعيّة في نهاية المطاف إنتحارا عند فضح فساده في معالجة الميزانيّة العسكريّة و حتّى أموال تقاعد ضبّاط القوّات المسلّحة الفليبينيّة ( AFP ) و جنودها .
I- التخريب التام لمفاوضات السلام بين حكومة جمهوريّة الفليبين والجبهة الوطنيّة الديمقراطيّة الفليبينيّة :
لكن الأسوأ جاء حينما إعتلى دوترتى سدّة الرئاسة . فقد زعم أنّه على إستعداد لإجراء مفاوضات سلام بيد أنّه إنتهج سياسة حرب شاملة ضد الحركة الثوريّة بتمديد خطّة آكينو بايانيهان إلى جانفي 2017 عندما جرى تبنّى خطّة كابايابان و شُرع في تكريسها . و بدلا من وضع اليد في اليد مع الجبهة الوطنيّة الديمقراطيّة الفليبينيّة لمعالجة جذور الحرب الأهليّة من خلال إصلاحات إجتماعيّة و إقتصاديّة و سياسيّة أساسيّة ، ركّز على تكتيكات بديهيّة و طفوليّة كان الهدف منها دفع الحركة الثوريّة نحو الإستسلام و التخلّى عن السلطات الشرعيّة للحكم الديمقراطي الشعبي و في المقابل يقترح تمثيلا للحزب الشيوعي الفليبينيّ في الحكومة قبل عقد إتفاقيّات السلام و تاليا في تناقض مع نفسه جعل الجيش الشعبي الجديد هدفا لإعلانه حالة الطوارئ ضد مجموعة ماوتي في مندناو سنة 2017.
و لمّا أخفق في التوصّل إلى ألهداف القريبة المدى في سعيه في التغلّب على الجبهة الوطنيّة الديمقراطيّة الفلبينيّة إتّفق توترتى مع أتباعه العسكريّين على إيقاف مفاوضات السلام الجدّية مع الجبهة الوطنيّة الديمقراطيّة الفليبينيّة بالترويج إلى " مفاوضات سلام محلّية " مغشوشة في ظلّ رعاية و تحكّم حكومة الجمهوريّة الفليبينيّة . و أضحى دوترتى و ضبّاط القوّات المسلّحة الفلبينيّة مهووسين بتنمية الميزانيّة العسكريّة تلبية لنهمهم للفساد و العمليّات لأجل تعقّب المناضلين و المناضلات و بثّ الرعب في صفوف الشعب و إختطاف و تعذيب و قتل معارضيهم السياسيّين . و هكذا ، جرت عمليّة توفير أرضيّة وضع نهاية لمفاوضات السلام بين حكومة الجمهوريّة الفليبينيّة و الجبهة الوطنيّة الديمقراطيّة الفليبينيّة في 23 نوفمبر 2017 على يد دوترتى إثر مشلورات معلنة مع رئيس الولايات المتّحدة ن ترامب .
و كان الهدف من وضع دوترتى نهاية لمفاوضات السلام منذ 2017 ليس إستخدام خدعة تفاوضيّة فحسب بل أيضا بداية وضع نهاية دائمة لمفاوضات السلام . و بالتالي ، أصدر دوترتى حضرا للحزب الشيوعي الفليبينيّ و الجيش الشعبي الجديد في 5 ديسمبر 2017 و تاليا للجبهة الوطنيّة الديمقراطية الفليبينيّة على الساس عينه و أنشأ قوّات المهام الوطنيّة قصد القضاء على النزاع المسلّح الشيوعي ّ المحلّي ( ATL.Elcac ) ، إستغلّ وباء كوفيد 19 ليمرّر قانون مناهضة الإرهاب ( ATL ) في البرلمان اللعبة بيديه و أنشأ المجلس المناهض للإرهاب ليضع الفليبين مجدّ>ا تحت إرهاب الدولة أو الدكتاتوريّة الفاشيّة و يدوس على الحقوق الوطنيّة و الديمقراطيّة للشعب و الإفلات من العقوبة و السماح للذين يمسكون بالسلطة بإقتراف الخيانة و الطغيان و اللصوصيّة .
و في ذات الإطار اللاوطني و اللاديمقراطي ، مرّر دوترتى الحكم الرجعيّ و النظام السائد لتحالف ماركوس الإبن – سارا دوترتى بالتحكّم التام في النظام الإنتخابيّ الآليّ و بصناعة أكثر من 20 مليون صوت إنتخابي لصالح ذلك التحالف و مرشّحيه إلى البرلمان و لمواقع السلطة المحلّية . و يسير النظام الفعليّ الراهن ماركوس – دوترتى وفق إملاءات الإمبرياليّة الأمريكيّة و المصالح الكمبرادوريّة و البيروقراطية الكبرى للعائلات المالكة لماركوس و دوترتى ، و يتمادى في إقتراف الجرائم الشنيعة للنظام السابق إلى أن تتمكّن القوى المعارضة ، الحركة الثوريّة و الجماهير الشعبيّة العريضة من التحرّك لتغيير الوضع في الفليبين .
و في الأثناء ، تُسَلّطُ على الشعب عذابات ارتفاع مستوى الإضطهاد و الإستغلال بفعل إشتداد الأزمة المزمنة للنظام الحاكم و السياسات اللاوطنيّة و اللاديمقراطية لتحالف ماركوس دوترتى . و اليوم تلو الآخر ، على الشعب أن يعانى و يتحدّى و يقاتل ليس الدوس الدمويّ لحقوق الإنسان فحسب و إنّما أيضا الأخبار الزائفة في حملة الحرب النفسيّة التي يشنّها الماسكون بالسلطة و مفادها أنّ الشعب الفليبينيّ و قواه الثوريّة قد تخلّيا عن النضال الثوريّ من أجل التحرّر الوطنيّ و الديمقراطيّة .
و كذلك من غير الصحيح مطلقا أنّ القوى الشعبيّة الثوريّة تترنّح و تتلاشى و تمنى بالهزيمة و أنّ الكوادر و القيادات و المقاتلين الحمر – جميعهم يملكون تجربة و محنّكين بفضل 54 سنة من الحرب الشعبيّة المظفّرة – يُقتلون أو يُعتقلون بسرعة في عمليّات عسكريّة مركّزة أو يستسلمون بسبب عروض مساعدات لجماعات على غرار برنامج الإدماج المحلّي الشامل للشحن و برنامج مساعدة جماعات و مخطّط تنمية بارنغاي . و مع ذلك تستمرّ الطغمة الحاكمة و أتباعها العسكريّين في المطالبة بمزيد من التمويلات العموميّة ليس لمهاجمة الشعب فحسب بل أيضا ليضعوا في جيوبهم القسم الأكبر من الميزانيّة العسكريّة .
و قد إعترفت القوّات المسلّحة الرجعيّة في الواقع و رسميّا بأنّ الجيش الشعبيّ الجديد قد شهد نموّا في قوّته أثناء حكم نظام دوترتى . مع نهاية نظام أكينو الثاني في جانفي 2016 ، عندما أعلنوا نجاح خطّة بيانهان ، صرّحوا بأنّ قادة الجيش الشعبي الجديد و مقاتليه قد وقع تقليصهم إلى 3900 فرد لا غير . و الآن يزعمون ، مع نهاية نظام دوترتى ، أنّهم جعلوا تقريبا 24 ألف مقاتل و مقاتلة حمر يستسلمون . و بشكل غير متعمّد يفضحون أنفسهم بأنفسهم على انّهم مقترفين كبار للكذب و أكبر سرقة الميزانيّة و يقرّون با،ّ الجيش الشعبي الجديد عرف عمليّا نموّا في قوّته أثناء نظام دوترتى .
II- لماذا لا يمكن إلحاق الهزيمة بالثورة الديمقراطية الشعبيّة :
لا يمكن إلحاق الهزيمة بالثورة الديمقراطيّة الشعبيّة الفليبينيّة لأنّها ثورة عادلة و ضروريّة للقتال من أجل و بلوغ التحرّر الوطنيّ و الديمقراطيّة ضد قوى الشياطين الثلاثة للرأسماليّة الإحتكاريّة الأجنبيّة و افقطاعيّة المحلّية و الرأسماليّة البيروقراطية / الكمبرادوريّة في مجتمع شبه مُستعمر شبه إقطاعي يزداد فساده و تحلّله بسرعة كبيرة . إنّ هذه الثورة الديمقراطيّة الجديدة إمتداد للثورة الديمقراطيّة القديمة التي إنطلقت سنة 1896 مع كاتيبونان و كانت مظفّرة ضد حكم الإستعمار الإسباني إلاّ أنّها هُزمت بفعل الحرب العدوانيّة التي شنّتها الولايات المتّحدة بداية من سنة 1898 . و الفرق هو أنّ هذه المرّة لم تعد البرجوازيّة الليبراليّة الطبقة القائدة للثورة بل إنتقلت القيادة إلى البروليتاريا في عصر الإمبرياليّة و الثورة البروليتاريّة .
و طالما تظلّ القوى الشيطانيّة الثلاث المشار إليها أعلاه تسيطر على الأمّة الفليبينيّة و تذيقها الأمرّين ، تظلّ الأرضيّة خصبة لنموّ و تقدّم الثورة الديمقراطيّة الشعبيّة . و إزدادت الأزمة المزمنة للنظام السائد سوءا و يُعزى ذلك ليس إلى عوامل الإستغلال و الإضطهاد فحسب داخل الفليبين بل كذلك في النظام الرأسمالي العالمي ، أساسا الرأسماليّة الإحتكاريّة في الولايات المتحدّة . و للفليبين الحظّ في إمتلاك موارد طبيعيّة غنيّة لتطوّره الخاص لكن لسوء الحظّ ، إتفقت على الدوام القوى الإمبرياليّة و دماها الرجعيّة المحلّية على إستغلال العمل الرخيص الثمن للجماهير الكادحة من العمّال و الفلاّحين و الموارد الطبيعيّة الوفيرة للشعب .
و في كلّ منعرج كبير من سياساتها الإقتصاديّة في آسيا الشرقيّة ، جعلت الإمبرياليّة الأمريكيّة دائما مسألة محوريّة مسألة الحيلولة دون التطوّر الاقتصادي بواسطة برنامج إصلاح زراعي حقيقيّ و تصنيع وطني للفليبين . و قد رأينا هكذا ظواهر في الفترات التي كانت فيها الولايات المتّحدة تؤيّد إعادة بناء افقتصاد اليابانيّ و التوسّع بعد الحرب العالميّة الثانية و النموّ الاقتصادي ل " النمور الإقتصاديّة " ليشكّلوا خطوط مواجهة مناهضة للشيوعيّة خلال الحرب الباردة و روّجت لليبراليّة الجديدة و الفاشيّة و طوّرت شراكة ليبراليّة جديدة مع الصين إلى أن إندلع النزاع الحاليّ و إشتدّت المنافسة الإقتصاديّة و إحتدّ النزاع السياسي .
إبّان شراكتها الليبراليّة الجديدة الأقرب مع الصين ، شجّعت الولايات المتّحدة و رئيس بيادقها الفليبينيّين الصين و سمحوا لها بأن تنتهك بحر غرب الفليبين لإيجاد تعلّة لمراوغة المنع الدستوري ضد القواعد العسكريّة الأجنبيّة و القوّات العسكريّة في الفليبين بإمضاء إتّفاقيّة تعاون دفاعي معزّز للسماح للقوّات العسكريّة الأمريكيّة بالحصول على قواعد و خدمات حصريّة ضمن مخيّمات و مناطق ثكنات العسكريّة للقوّات المسلّحة الرجعيّة . لكن الآن ، الولايات المتّحدة غارقة بشكل واضح في نزاع مع الصين من أجل نهب الموارد الطبيعيّة للفليبين و بقيّة رابطة شعوب شرق آسيا .
الصين أكثر من أيّ زمن مضى تنزع بتصميم ما بعده تصميم نحو الإبقاء على جزرها الإصطناعيّة و المعسكرة في غرب بحر الفليبين و ذلك لإكتشافاتها الخاصة لأعماق البحار التي تبيّن أنّ هناك على ألقلّ 26.3 تريليون دولار من الغاز ، أكثر بكثير من كافية لإنجاز إصلاح زراعي حقيقي و تصنيع الفليبين و بالتالى تلبية المطلب الأساسيّ الاقتصادي – الإجتماعيّ في مفاوضات السلام بين حكومة جمهوريّة الفليبين و الجبهة الوطنيّة الديمقراطيّة الفليبينيّة . و رغم كلّ عموميّتها التقيّة و الملمّعة عن المساعدة في تطوير رابطة شعوب شرق آسيا و الشروع في تقليص إنبعاثات الكربون بحلول سنة 2030 ، الصين مصمّمة على وضع قبضتها على الغاز و موارد بحريّة و طبيعيّة أخرى للشعب الفليبينيّ في بحر غرب الفليبين .
لقد أفلس الاقتصاد الفليبينيّ و أفلست الحكومة جرّاء أمراضهما الداخليّة والأزمة غير المسبوقة للنظام الرأسمالي العالمي . و نظرا أساسا لمنتهى الفساد و الإستهلاك المرتبط بالتوريد و النفقات المبالغ فيها عسكريّا ، ضاعف و اكثر نظام دوترتى في ستّ سنوات فقط إلى 12.5 تريليون بالعملة الفليبينيّة الديون العامة للفليبين بعد أن كانت 5.9 تريليون تراكمت منذ 1902 . و قدّم دوترتى خدمة لماركوس الإبن بجعله رئيسا بصناعة أكثر من عشرين مليون صوت في الانتخابات الأخيرة لكنّه أورثه مشكلا ضخما ألا وهو مشكل البحث عن 1.6 تريليون بالعملة الفليبينيّة لخلاص دفعات الديون و فوائدها و دعم ميزالنيّة 2023 ب 5.2 تريليون بالعملة الفليبينيّة .
و تشهد الفليبين الآن ترنّحا نتيجة الظروف القاسية للإنتكاسة الإقتصاديّة و قد خفّضت من تصدير المواد الأوّليّة و اليد العاملة و قلّصت من الأداءات على المداخيل وإشتدّت عليها قبضة الديون الخارجيّة وتراجع الإنتاج والتشغيل تراجعا كبيرا. و يشهد إنتاج الغذاء إنحدارا و من ذلك الأرز و الخضر و السمك و التضخّم في إزدياد . لكن حلف ماركوس – دوترتى الحاكم ينشر مزحة مثيرة للألم مفادها أنّ الشعب بوسعه دائما توريد الغذاء رغم التراجع الكبير في مداخيل تصدير المواد الأوّليّة و اليد العاملة البخسة الثمن .
إنّ الشعب الفليبينيّ غاضب من كون العائلتين السياسيّتين الأسوأ ( عالتا ماركوس و دوترتى ) تحكمان الفليبين و لا تملكان أيّ حلّ للمشاكل الأساسيّة الإستعجاليّة للشعب و فوق ذلك تنخرطان في أشنع أشكال الفساد ( إستخدام أموال سرّية و مخابراتيّة دون محاسبة ) و ترفعان من الميزانيّة العسكريّة لبثّ الرعب في صفوف الشعب و قمع المقاومة الجماهيريّة رغم مزاعم الحرب النفسيّة بانّ القوى الثوريّة وقع تحطيمها أو وقع تقليص قوّتها إلى خمس جبهات أنصاريّة فحسب عبر البلاد قاطبة .
III- سيتواصل فشل الثورة المضادة المسلّحة :
سيتواصل فشل الثورة المضادة المسلّحة التي يخوضها حكم ماركوس – دوترتى لأنّ الظروف الموضوعيّة للإحتدام السريع لأزمة النظام الحاكم تجعل من غير الممكن للطبقات السائدة من الكمبرادوريّين و الإقطاعيّين الكبار و بيروقراطيّتهم أن تستمرّ في الحكم بالطريقة القديمة ( سواء كانت ليبراليّة مزعومة أم فاشيّة ) ؛ و لأنّ القوى الذاتيّة للحركة الثوريّة و الجماهير الشعبيّة العريضة عمليّا هي التي تكسب قوّة و تتقدّم بالثورة الديمقراطيّة الجديدة في ظلّ قيادة البروليتاريا و وفق الخطّ العام لحرب الشعب الطويلة الأمد .
و بإعتباره فيلقا متقدّما من البروليتاريا ، حقّق الحزب الشيوعي الفليبينيّ مكاسبا كبرى في عمله الإيديولوجي و السياسي و التنظيمي . وهو يسترشد بنظريّة و ممارسة الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة و يطبّقها على التاريخ و الظروف الإجتماعيّة الراهنة للشعب الفليبينيّ ، تقدّم بخطّ عام للثورة الديمقراطية الشعبيّة بخطّ إستراتيجي لحرب الشعب الطويلة الأمد بأفق إشتراكي . و دافع عن مبدأ المركزيّة الديمقراطيّة و بنى تنظيما عبر البلاد بأسرها مندمجا إندماجا جيّدا مع الجماهير الكادحة من العمّال و الفلاّحين و بقيّة الشعب .
لا سبيل لتمكّن الدولة الرجعيّة من منع بضعة كوادر من الحزب الشيوعي الفليبينيّ من القيام بمهامهم في العمل الإيديولوجي . و من سنة إلى أخرى و من عقد إلى آخر ، ، برعاية المدرسة الثوريّة لفكر ماو تسى تونغ ، تمكّنوا من تدريب المزيد من كوادر الحزب و أعضائه في مسار العمل الجماهيري و عبروا بهم من المستويات الأساسيّة و المتوسّطة و المتقدّمة من التدريب الحزبي عقب تلقّيهم دروسا في العمل الجمالهيري الثوري للنشاط في الحركات الجماهيريّة .
و يمكن إنجاز الدروس الثوريّة بعدّة طرق بعيدة كلّ البعد عن القدرات المحدودة للعدوّ في التجسّس و قد باتت الآن المواد التعليميّة متوفّرة على نطاق واسع بنسخ ورقيّة و رقميّة .
في نضاله من أجل التحرّر الوطنيّ و الإجتماعيّ ، ينظر الشعب الفليبينيّ إلى الحزب الشيوعي الفليبينيّ على أنّه أهمّ سلاح ثوريّ مسؤول عن قيادة الثورة الديمقراطية الشعبيّة . و بدوره يمسك الحزب الشيوعي الفليبيني بسلاحين قويّين آخرين هما الكفاح المسلّح و الجبهة المتّحدة ( الجيش الشعبي الجديد و الجبهة الوطنيّة الديمقراطية اللفليبينيّة ) . و الجيش الشعبي الجديد أهمّ قوّة في قتال و هزم الجهاز القمعي للدولة الرجعيّة و فسح المجال إلى إنشاء حكم ديمقراطي شعبيّ . و الجبهة الوطنيّة الديمقراطيّة الفليبينيّة مسؤولة عن بناء جبهة متّحدة وطنيّة شاملة و عن كسب الناس بعشرات الملايين للثورة ضد الثورة المضادة المسلّحة .
و ينهض الجيش الشعبي الجديد بتكريس الخطّ افستراتيجي لحرب الشعب الطويلة الأمد لمحاصرة المدن إنطلاقا من الريف. ففي بلد شبه مستعمر و شبه إقطاعي كالفليبين ، يوفّر الريف أوسع إمكانيّات أرضيّة إجتماعيّة و ماديّة و مناطق مناورة لتطوير قوّة الجيش الشعبي من خلال مراحل إستراتيجيّة محدّدة ، مرحلة الدفاع الإستراتيجي و مرحلة التوازن الإستراتيجي و مرحلة الهجوم الإستراتيجي . و معظم السكّان يعيشون في الريف و المضمون الديمقراطي الأساسي بالنسبة إلى جماهير الفلاّحين هو الثورة الزراعيّة و تلبية المطلب الديمقراطي بالأرض .
و مه/ّة الجيش الشعبي الجديد هي خوض النضال المسلّح كشكل أساسيّ من النضال و إنجاز الإصلاح الزراعي الحقيقي من المرحلة الدنيا إلى المرحلة العليا و بناء قاعدة جماهيريّة ثوريّة . و دوره كبير في بناء المنظّمات الجماهيريّة و منظّمات السلطة السياسيّة التي تشكّل الحكم الديمقراطي الشعبيّ و في تنظيم حملات جماهيريّة و برامج و نشاطات تكرّس التدريب و التنظيم الجماهيريّين ؛ و تحقيق الإصلاح الزراعي و التطوّر الاقتصادي و الاجتماعي و الدفاع عن النفس و البتّ في النزاعات و حماية البيئة و غيرها من المهام .
و في مرحلة الدفاع الإستراتيجي ، كان الجيش الشعبي الجديد منتصرا في خوض حرب الشعب عبر حرب الأنصار على أساس قاعدة جماهيريّة متّسعة و متعمّقة أبدا . و هذا ما سمح للجيش الشعبي الجديد ببناء جبهات أنصاريّة بداية في بضعة مناطق و جهات و في نهاية المطاف في الإحدى عشرة جزيرة كبيرة التي يقطنها 94 بالمائة من الشعب . و الآن ، يقوم الجيش الشعبيّ الجديد بعمليّات في 74 مقاطعة من أصل 82 من مقاطعات الفليبين وهو يتمتّع بدعم الشعب الفليبينيّ و الجبهة الوطنيّة الديمقراطية الفليبينيّة في كافة محافظات الفليبين .
و قد تبجّح كلّ نظام من الأنظمة الرجعيّة التي حكمت بالقدرة على تحطيم الثورة المسلّحة في غضون عهدة نيابيّة رئاسيّة . لكن الطابع شبه المستعمر و شبه الإقطاعي للنظام الحاكم و أزمته المزمنة المتفاقمة أبدا وضعت حدودا لقدرته على التحكّم في الشعب و قمع المقاومة الشعبيّة . في أيّ وقت من الوقات ، للجيش الشعبي الجديد و للقوى الثوريّة الأخرى القدرة على العمل بحرّية و على شنّ هجمات تكتيكيّة في أكثر من 80 بالمائة من أرخبيل جزر الفليبين .
و طبعا ، القوّات المسلّحة الرجعيّة و الشرطة بوسعهما أن يبذلواقصترى جهدهم للتعرّف على و إستهداف الجبهات الأنصاريّة للجيش الشعبي الجديد بحملات عسكريّة مركّزة . إلاّ أنّ إستراتيجيا و تكتيك حرب الأنصار قد خدمت الجيش الشعبي الجديد أيّما خدمة فعندما يتقدّم العدوّ بقوّة متفوّقة ، تتراجع القوّة الأساسيّة للجيش الشعبيّ الجديد مع أنّها تنشر ألغاما أرضيّة يتمّ التحكّم فيها عن بعد و فرق قنّاصة ضد تقدّم العدوّ . و عندما يتنقّل العدوّ و يحتلّ منطقة من جبهة أنصاريّة للجيش الشعبي الجديد ، يراقب هذا الأخير إنتشار العدوّ ليتمكّن من هرسلته و توجيه ضربات لحرس منطقته المعزول و ينصب كمائن لوحدات حراسته .
و لمّا ينهك التعب العدّو المخبيّم فيضطرّ إلى الانسحاب ، يأتي دور الجيش الشعبي الجديد للتقدّم و يوجّه له ضرباته الهجوميّة بنسق أعلى . لكن حتّى حين يبدو العدوّ متفوّقا من خلال تقدّمه و تخييمه ، قوّة الجيش الشعبي الجديد المجبورة على التراجع التكتيكي من جبهة أنصاريّة يمكن أن تشرع في شنّ هجمات تكتيكيّة بوسعها كسبها في منطقة قريبة . و في أسوأ الأحوال بالنسبة إلى العدوّ ، كما كان الحال عادة ، في عدّ جبهات أنصاريّة في المنطقة نفسها و في كافة المناطق الأخرى ، يفتكّ الجيش الشعبي الجديد المبادرة ليشنّ هجمات تكتيكيّة كطريقة لتعزيز نفسه بواسطة القتال و مساعدة الجبهات الأنصاريّة التي يركّز عليها العدوّ هجماته .
إجمالا في كامل تاريخه ، كان الحزب الشيوعي الفليبينيّ ممتازا و ناجحا في بناء القوى الثوريّة عبر البلاد بالتمكّن من قيادتها و التنسيق بينها بأشكال متنوّعة في النضال و في حقل الكفاح الثوريّ المُسلّح بإستخدام جبهة أنصاريّة قائمة لبناء جبهات أنصاريّة أخرى في المنطقة نفسها و توفير كوادر محنّكة من الحزب الشيوعي الفليبيني و قادة للجيش الشعبي الجديد و مقاتلين و مقاتلات إلى مناطق أخرى .
و أدّت الجبهة الأنصاريّة الأوّليّة في ترلاك سنة 1969 إلى بناء عدّة جبهات أنصاريّة في وسط منداناو و شمالها و جنوبها من 1972 فصاعدا . ثمّ خلال العقد نفسه من سبعينات القرن العشرين ، ساعدت الجبهات الأنصاريّة من فيساياس و مندناو بعضها البعض كما قدّمت الكوادر المحنّكة من الحزب الشيوعي الفليبينيّ و القادة الحمر للوزون . و أصبح الحزب الشيوعي الفليبيني و الجيش الشعبي الجديد و الجبهة الوطنيّة الديمقراطية الفليبينيّة متجذّرين بعمق على النطاق الوطني و مندمجين مع الجماهير الكادحة من العمّال و الفلاّحين و بقيّة الشعب .
IV – أفاق الثورة الديمقراطية الشعبيّة :
لا تزال حرب الشعب في الفليبين في مرحلة الدفاع الإستراتيجي متقدّمة من المرحلة الوسطى إلى المرحلة المتقدّمة . بمعانى ملموسة ، حرب الأنصار عبر البلاد هي الشكل الأساسي للكفاح المسلّح المخاض عبر البلاد قاطبة . و في الوقت عينه ، إرتقت سرايا الجيش الشعبيّ الجديد من فصائل في الإعداد إلى إتمام مرحلة الدفاع الإستراتيجي و التقدّم نحو التوازن الإستراتيجي حيث سيكون للسرايا و الكتائب دور متنامى في الهجمات التكتيكيّة .
و على الأرجح أنّ التوازن الإستراتيجي سيكون أقصر مدّة من مرحلة الدفاع الإستراتيجي الطويلة بعدُ بسرايا و كتائب الجيش الشعبي الجديد . و مثل هذه القوى موجودة في مناطق إرتكاز مستقرّة يمكن أن تتجمّع في أفواج و كتائب و حتّى في وقت أقصر من أجل هجمات مضادة إستراتيجيّة لتسقط وأو تجبر على افستسلام آخر مواقع العدوّ الأكثر تحصينا و عُزلة . و هذا مجرّد خطّ إمكانيّة قائم على حروب أهليّة مظفّرة . غير أنّ هناك على الدوام خطّ الإمكانيّة العكسيّة أن تشنّ الإمبرياليّة الأمريكيّة حربا عدوانيّة ضد الشعب قبل النجاح التام للثورة الفليبينيّة .
و التحالف الرجعي ماركوس – دوترتى مصمّم تصميما ما بعده تصميمعلى مواصلة الثورة المضادة المسلّحة للحفاظ على النظام القائم و خدمة مصالح الإمبرياليّة الأمريكيّة و جعل الحرب الأهليّة الراهنة تعبّد الطريق لحرب عدوانيّة أمريكيّة . و ليس لدي شعب الفليبين من خيار سوى إنجاز الثورة الديمقراطية الجديدة بالإستمرار في حرب الشعب الطويلة الأمد ضد الدولة الرجعيّة في سياق الحرب الأهليّة الجارية و أيضا ضد تصاعد التدخّل العسكريّ و الحرب العدوانيّة المحتمل أن تشنّها الإمبرياليّة الأمريكيّة .
لكن هناك حدود نامية لما بوسع الولايات المتّحدة القيام به للهيمنة على الفليبين و شرق آسيا و العالم . لا تزال رقم واحد كقوّة إمبرياليّة غير انّها تنهار إستراتيجيّا من قمّتها بعد فترة من التمتّع بمكانة القوّة العظمى الوحيدة عقب تداعى الإتّحاد السوفياتي سنة 1991، و تشاركت مع الصين في العولمة " الليبراليّة الجديدة " و وسّعت حلف الناتو و شنّت حروبا عدوانيّة تحت غطاء المسمّاة بالسياسة المحافظة الجديدة و أنفقت ما يقدّر بعشرة تريليون دولار أمريكي دون أي نموّ هام في مناطق الإستغلال .
و قد إفتضحت حدود قوّة الولايات المتّحدة بإخفاقها في الإستيلاء على مصادر النفط و بناء 16 قاعدة عسكريّة في العراق لتحطيم تحالف سوريا – روسيا – إيران ، و لتدمير النضال الثوري للشعبين التركيّ و الكرديّ و للمسك بمقاليد السلطة في أفغانستان و تسليمها مجدّدا إلى طالبان . و في النزاع الراهن الروسي – الأوكراني ما فتأت الولايات المتّحدة تستخدم أوكرانيا في حرب بالوكالة لتهديد و إستفزاز روسيا لشنّ حرب إلاّ أنّ النزاع ببساطة آل إلى خسارة الولايات المتّحدة لحفاء من الناتو يشتكون من أنّهم مضطرّون إلى صرف المزيد من المال للتزوّد بالطاقة من الولايات المتّحدة بدلا من التزوّد بالغاز الرخيص الثمن من روسيا .
و على الرغم من الترويج الحديث لكونه بوسع الولايات المتّحدة أن تخوض حربا عدوانيّة ضد الصين و جمهوريّة كوريا الديمقراطية الشعبيّة و روسيا و تنتصر فيها ، يجب التذكير بانّ الولايات المتّحدة قد خسرت الأرض الساسيّة في آسيا و أوراسيا مع بداية القرن العشرين عقب خسارة سلسلة من الحروب . و لا يزال توجّه الإمبرياليّة الأمريكيّة نحو الحروب العدوانيّة و خطر حرب عالميّة و حرب نوويّة مكبوحا بخشية التدمير المتبادل و إضمحلال الإنسانيّة بفعل الولايات المتّحدة و جميع القوى النوويّة . و يبدو أنّ ارتفاع حرارة الكوكب أكبر تهديد بارز حاليّا لوجود الإنسانيّة مقارنة بحرب نوويّة .
أزمة النظام الرأسمالي العالمي تزداد سوءا بسرعة نظرا للمراكمة المبالغ فيها للرأسمال الإحتكاري و المبالغة في إستخراج فائض القيمة من الجماهير الكادحة و الأنتلجنسيا . كلّ التناقضات الكبرى تحتدّ مثل تلك التناقضات بين العمل و رأس المال و بين القوى الإمبرياليّة نفسها ، و بين القوى الإمبريالية و الشعوب و الأمم المضطهَدَة و بين القوّة الإمبرياليّة و البلدان المشدّدة على إستقلالها الوطني و المتطلّعة إلى الديمقراطيّة و الإشتراكيّة ...
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------