استثمارات الله... وثروته في العراق....ج1


ليث الجادر
2022 / 12 / 27 - 00:35     

مع ان تاريخ الاستثمار الالهي في الارض يعود الى الاف السنين , ونشاطه الاستحواذي على منابع الموارد, قديم, قدم الدوله, ولربما سبقها بعشرات السنين, ومع ان تراكم الثروات في المجتمعات البشريه كان مقرونا بطغيان سطوته فيها , ورغم التكتم الفائق الحرص للتعميه عن هذه الحقيقه الراسخه الا ان العقل البشري كان على الدوام واعيا بشكل ما لطبيعة الدور الاستثماري الالهي في مجريات حياته الاجتماعيه وتفاصيلها اليوميه(ولو تماشينا مع نهج فرويد في استنباطه لعقده اوديب من المسرحيه الشكسبيريه , لاستطعنا ان نستنبط عقده – الاناناكي – من قصة الخلق السومريه التي تصف تلك الكائنات باستغلاليتها للانسان وتسخيره لتعدين الذهب لصالحها !) ..حاول الانبياء والرسل من ان يخففوا او ان يغيروا هذا الوعي وكانت محاولاتهم في كل مره تنجح باعتبارها تمثل نقدا لممارسات من سبقهم في هذا المضمار بترويجهم بان المندوبين السابقين لله كانوا قد انحرفوا عن تعاليمهم وارادته ومن ضمنها استخدامهم لقوة العون الالهيه الممنوحه لهم كورث لكبار تابعيهم في الاستحواذ على الثروات , وبالنتيجه كان الذي يخضع للمحاكمات العقليه الخاصه بهذه القضيه , هم الكهنه والسدنه والامراء الناطقين باسم اؤلئك الانبياء والرسل ..ولان الرب يعلم بان هؤلاء الاخيرين هم مخلصين وطيبي النيه فانه يدعمهم ,ولكنه يلقي اليهم بتعاليم جديده مبطنه بشروط استثماريه او بممكاناتها الجديده ! وهكذا تحول الاستحواذ المباشر للرب على الاراضي ومنظومات الري الى ضرائب عينيه تجبى من قبل مندوبين مخولين كاثمان مدفوعه لغفران الخطايا او الشكر او التزلف للرب مع رسوم ثابته وهي ايضا عينيه تفرض كنسب ثابته على مجمل مداخيل المؤمنين ...ومن بين اؤلئك الرسل والانبياء كان النبي محمدا اكثرهم شفافيه وصدق في التعبير عن الاراده الاستثماريه الهيه المقدسه , فرب محمد الذي لايستحي بان يضرب مثلا بالبعوضه لاستدلال على مهارته في الخلق (ان الله لايستحي ان يضرب مثلا ما بعوضه فما فوقها .سوره البقره ) كان واضحا ايضا في ارادته للحصول على نسبه من الاموال والثروات التي تقع بين ايدي اتابعه من المسلمين (واعلموا انما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربي واليتامى والمساكين /...سوره الانفال) كما انه فرض ضرائب صريحه على اجمالي الثروه للافراد سماها (الزكاة ) ورسوم اقامه على من هم غير مسلمين تقع اراضيهم في قبضة المسلمين سماها ب(الجزيه ) ! هذه الاموال , المنقوله منها والثابته صارت تدار من قبل من خلفوا النبي محمد ..كانت وارادت هذه الثروه تحفظ اصولها في ما يسمى (بيت مال المسلمين ) !بعد موت النبي محمد ورسوخ كيان الدوله الاسلاميه تحول هذا النشاط الاستثماري المحدد الى احتكار اثرائي خاص بمن خلفه ( الخلفاء ) ...فاذا كان الخلفاء الاربعه قد التزموا نسبيا بنسب توزيع الثروات ( بين الله والرسول وذي القربى واليتامى والمساكين ) فان اللذين جاء بعدهم صهر كل هذه النسب ووضع اليد عليها وادارها وفق رؤيته ومنهجه الخاص ..ولا ابالغ ان انسب اصل تسميه الخلفاء الاربعه الاوائل واعطائهم مكانة عليا في الادبيات الاسلاميه الى كونهم اداروا (بيت اموال المسلمين ) بمنهجيه اكثر عدلا من اللاحقين من الخلفاء ..ولعله من الواضح ايضا ان هذه الفتره وبسبب اجتهاديه الخلفاء في التصرف بمعنى مفردات معادله المحاصصه في الثروه كان واحد من اهم المسببات التي ادت الى اغناء التنازع بين العلويين والامويين ..فقضية بساتين ( فدك ) تمثل واحد من اهم اوجه مظلوميه ( فاطمه الزهراء ) بنت النبي والتي هي ام الائمه الاثني عشر للشيعه ! ...بعد انتهاء عهد الخلافه بكل اصولها وظهور الدوله الحديثه , صار الاستثمار الالهي مبطنا بصوره لا سابقه لها منذ فجر التاريخ ..ومع انشطارالاسلام الى طوائف ومدارس تشريعيه ..اختلفت المحاولات في جني الثروه الالهيه ...لكن بشكل عام فان اصول الثروه صارت تحت امرة الدوله الحديثه مع ابقاء بعض الانتيازات والمنح لموظفين ديوان تلك الثروه وهم رجال الدين اللذين وفرت لهم الدوله فرص محدده للاستحصال المستحقات الماليه للرب من عباده المتدينين عن طيب خاطر , على ان الشيعه صاروا اكثر طائفه بل الطائفه الوحيده الامينه بشكل مطلق على تنمية اصول الثروه الالهيه , وبسبب وضعهم المعارض على مدى تاريخ الدوله الاسلاميه للسلطات فانهم واجهوا الكثير من الصعاب والمخاطر في مجرى تنمية الثروه الالهيه ..حلت الموؤسسه الدينيه الشيعيه (الحوزه ) , محل (بيت اموال المسلمين ) وصارت وبشكل اقرب الى السريه تقوم باستحصال (خمس الرسول ) من اتباعها في مختلف انحاء الارض وعلى وجه الخصوص في العراق والخليج ..وقبل سقوط النظام السابق كان مجمل ثروتها يتكون من اصول ماليه نقديه , موزع نسبه كبيره منه في بنوك ومصارف خارجيه , اما اليوم وبعد تاسيس الوقف الشيعي والوقف السني كوريثين لوزارة الاوقاف الدينيه التي تم الغاؤها والتي كانت تعنى بادارة ( المساجد , والمزارات , والتبرعات ) وفي اولويتها اداره شؤون عقارات واراضي ( الوقف ) التي هي عباره عن املاك شخصيه يقوم مالكها بمنح ملكيتها وما يترتب عليها من واردات الى الجهه التي تقدم نفسها على انها وصيه لاداره اموال وثروه الدين ( ثروه الله ) .. شهدت الثروه الالهيه بشقيها الشيعي والسني , قفزه تاريخيه في التوسع والنمو ...وبعد مضي ما يقارب القرن على انحسار شديد لمعدل نمو ثروه الله في العراق .. تدفقت خلال العشرين عام الاخيره , موارد ماليه تحمل ارقام ضخمه واتسعت دائره الممتلكات العقاريه بشكل خيالي لايمكن تصوره ...ولاسباب موضوعيه متعدده فان هذه القفزه التاريخيه وهي قفزه الى الوراء , يمكن رصد ملامحها على الجانب الشيعي اكثر وضوحا مما هي عليه في الجانب السني ...مع ضرورة التاكيد على عدم صحه الفصل بينهما من حيث الماهيه والمضمون الجوهري ..فكلاهما يقع تحت عنوان الثروه الالهيه ..كما ان تعملق هذه الثروه شهد صراع قابل لان يتحول الى ذريعة حرب اهليه بين الطائفتين المتناحرتين واقعيا ..صراع ليس خفي الا عن اعين تريد ان تغمض بصرها , والا فان الاعوام التي تلت تاسيس الوقفين ( السني والشيعي ) حافلة بالاحداث المعلنه التي تفيد بصراع كلا الطرفين على حيازة ملكيه عقارات ومباني (وقف ) ..واشتد اوار هذا الصراع بعد تحرير الموصل من سيطرت تنظيم الدوله الاسلاميه ...وذات الشيء ينطبق على معرفة النمو الهائل والمتزايد لثروه الموؤسسات الدينيه التقليديه واحكام قبضتها على مفاصل مهمه من الاقتصاد المحلي ..فباستثاء الاموال المنقوله من ارصده وسندات اعتماد ..فان ممتلكات واستثمارات الموؤسسات الدينيه وبالاخص الشيعيه , صارت تترجم وتعلن عن نفسها بنفسها في تفاصيل الواقع اليومي ...لكن تبقى هذه الثروه عصيه على الدراسات المختصه واحصائاتها الرقميه الدقيقه , انها ثروه محسوسه احساسا واقعيا وبدلائل واقعيه معلنه ..لكنها تحركت وفق مسار تشعبي وبمنهج سري بحيث يكون حصر مفرداتها امرا غير محتمل التحقق ..نحن هنا نستطيع ان نشير الى كم مخيف من ارقام تدلل باعتبارها مفردات معلنه لهذه الثروه ولكننا لا نملك اي قدره للحصول على كل المفردات بل على نصف قيمه المفردات الاجماليه ..وهذا هو الذي يجعلنا نستنتج بان هذه الثروه انما عباره عن عملاق مالي ضخم , وحينما سنطلع على ما هو متوافر سنجد ان هاتين الموؤسستين( الموسسه الشيعيه وتتكون من جناح الحوزه الدينيه وديوان الوقف الشيعي ) لربما لاتقل ثروتهما عن ثروه الفانتيكان التي اتفقت كل الادبيات السياسيه العالميه على انها على راس هرم الملكيات الخاصه وانها الاخت الشقيقه لثروة عائلة روتشليد .....
- مفردات الثروه
1- التخصيصات الرسميه في موازنة الدوله
2- ملكيه العقارات والمباني
3- ملكية الاراضي الزراعيه والبساتين
4- الاستثمارات التجاريه
5- موارد التبرعات الخاصه الطوعيه
6- موارد العتبات والمزارات
.....يتبع