إبراهيميتان ومفهومان خلقيان الاصغروالاعظم؟/4 مكرر


عبدالامير الركابي
2022 / 12 / 22 - 00:27     

في غمرة الثورة اللاارضوية الثانيه في 14 تموز1958 ، تسلى الحداثيون الاتباعيون النقليون، والشيوعيون العراقيون منهم بالذات، بفكرة ضرورة"تحقيق مهام الثورة الوطنيه البرجوازية" مفصحين بذلك عن غربتهم الكلية، عن واقع منطو على نوع ديناميات واشتراطات كونية، لاعلاقة لها من قريب او بعيد بالبرجوازية الاوربية وسيرورتها التي تحمسوا وهم يرددون موضوعاتها في المكان الخطا المختلف، المتجاوزلاجمالي تاريخ المجتمعية كظاهرة، والذاهب كمنطوى ومحركات الى مابعد ارضوية.
توابع ارضويون متهافتون، ليس من المتوقع اطلاقا ان يعوا نوع حقيقة تتجاوز طاقتهم التفكرية المتدنيةـ هذا اذا كانوا يفكرون اصلا ـ وقبلها طاقة من يتبعونه على ادراك، نمط حقيقة من نوع الانتقالية الكونية التاريخيه الى" المجتمعية مابعد المجتمعية الجسدية"، والتي هي بحسب مطابقتها لنوعها، مجتمعية او خلقية العقل، باعتبارها رؤية ومنظورا فوق واقعي مادي حاجاتي، والمزري في حال المذكورين انهم ليسوا ابناء اوربا المنشطرة طبقيا، بل صادف انهم مولودون في مركز وبؤرة التحولية الكونية خلال طورمن اطوار الانقطاع، بينما الموضع الازدواجي اللارضوي متجه اليوم، وبعد دورتين كونيتين امبراطوريتين، غير نطقيتين، الى الطور او الدورة الثالثة الاخيرة من تاريخانيته، ومراحل صيرورته، النطقية الانتقالية الذاهبة بالكائن البشري الى الطور الخلقي الثاني الكوني.
هذا كان قد اوجب سيرورة تنقسم الى عتبتين ومرحلتين تحديثيتين، الاولى اتباعية نقلية تسقط المفاهيم المستعارة على الواقع بلا اعتبار لخاصياته، واخرى ثانيه لاحقة هي الحداثية الكونية اللاارضوية، والحداثتان تسهم الاولى التي تتنامى في الغرب الاوربي في ايقاظهما والاسهام في بلورتهما، فتجعل من الاولى صدى لحاصل براني خاضع لاجمالي الغلبة الاوربية الحديثة نموذجا وتفكرا، وصولا لحالة استثناء تمثلت في سعية لفبركة موضع متجاوز لطاقته مثل العراق، واكراهه على الرضوخ لمنطقه ونموذجه، وهو ماتم تكريسه عبر الكيانيه والدولة المركبة من خارج النصاب المجتمعي، كما عن طريق توليف السردية الكيانيه الملفقة "للوطنية" وللنشاة العراقية الحديثة، (1) مضافا لهذا عموم المنظور الايديلوجي المنقول كما هو، وكانه نتاج الواقع المنقول اليه، وافرازه الدال على لحظته التاريخية، وعلى خاصياته.
ويتعين هناالتوقف عند مميزات وخواص اللحظة التاريخية من ناحية اعادة وصفها، ووصف الحاصل الاوربي بالذات، مع الانقلاب الالي البرجوازي، وماقد رافقه من وثبة كبرى عقلية شملت مجالات اساسية تكاد تكون شامله، ظلت موصوفه من قبل الغرب نفسه، ومعرفه بناء على رؤيته هو، وكانها وحدة عقلية مجتمعية، هي بالاحرى، وكما درجت الارضوية الاحادية، مجتمعية جسدوية، العقل ضمنها تابع وملحق، مامن شانه جعله كصيرورة وتحقق عبر المراحل وكانه اضافة بالجسد، هذا بينما تبدت التفارقية العقلية الجسدية مجتمعيا في المناسبة الاوربية بارزة، وجدت في حالة التفارقية التناقضية، بين منجز العقل وقفزته المتولدة عن مسارات التفاعلية المجتمعية التاريخيه، وبين الحدود المجتمعية التي وجدت ضمنها، وفي اطارها كمجتمعية ارضوية احادية/ ماقد فرض عليها التوقف دون العبور الى ماهو متلائم مع مقتضيات التحولية العظمى، لابل وتغدوبفعل هذه القصورية، قوة ايهام تناقضية متضادة مع ديناميات التحول الاكبر ساعة ان صار راهنا ووشيكا.
فاذا اخذنا من بين المنجزات المتحققة، نواحي وموضوعات قد تكون الاكثر اتصالا بالمسالة التحولية كموضوعات عبقرية احادية، مثل النشوء والارتقاء الداروني، والمادية التاريخيه الماركسية، تلك التي ترهن الظاهرة المجتمعية لهدف ومنتهى محكوم لقانون وحتمية، مع مجمل فكرة وممارسة الكيانوية، ووعي الذات وطنيا وتنظيما يفترض انه الاقصى الممكن، ممثلا في ( الدولة/ الامه)، وتفحصنا الحدود التي تكتنفها وتمنعها من ان تتعدى النطاق الارضوي، بما جعل دارون يرهن الترقي والنشوئية بالحيوانيه بدل العقلية كمحرك وغاية، ما يحول الجانب الحيواني الى وسيلة وحامل، له مدى زمني يتجاوزه العقل مغادرا اياه، في حين تنطلق الماركسية ابتداء من فرضية خاطئة، توقف المجتمعية كافق عند منتهى ارضوي يوتوبي، فلا يمكنها العبور الى مابعد، والى الطور الثاني الكوني من الوجود، فاما الوطنية والقومية، فانها تبدا قاصرة على الرغم من اهميتها في مجال التعرف على الذاتيه الجمعية، لانها تبدا موقوفة على الكيانوي المحلي والياته المطابقة لنوعه، مقارنه بالذاتية الكونية الازدواجية المصاغة ابتداء، ووفق مايتلائم مع الذهاب الى الكونية مابعد الحياتيه البشرية الجسدوية.
ولنتخيل خطورة مايترتب ومترتب على القصورية الاحادية ابان القفزة الاعقالية المتعدية للارضوية في الموضع الطبقي الاعلى ديناميات، والذروة ضمن صنفه ونمطيته، من نوع مثلا رؤية ماركس للصراع الطبقي الذي هو في حال انتهاء مع الالة وبسببها، لما يترتب على انبجاسها من انقلابية تطرا على الاليات المجتمعية كما سبق وكانت في الطور اليدوي، او عجز دارون عن التفريق بين النشوئية العقلية، والجسدية، وماتتسبب به من انغلاق شامل في النظرة الى الوجود والياته، فضلا عن نوع مستهدفاته، وتظل المسالة الكيانوية الوطنيه مقترنه بضعف الديناميات ومحدوديتها حتى في حالتها الانشطاروية الطبقية الذروة الاعلى.
من هنا سنعبر الى ماقد ينظر له بمثابة افتراض غير منطقي ولا مقبول، وربما خارج عن نطاق العقل، فنحن نعتقد جازمين بان ماقد تحقق ناقصا في الغرب الاوربي المعاصر، هو منجز اكتمال تحققه مقرون ومصمم لكي يتحول الى حضور ومقتضيات فعاليه، ليس في رجابه هو، يل في مكان ونمط كيانية اخرى، هي الازدواجية اللاارضوية العراقية، التي تمر ابتداء، ومع حضور الغرب الى ارض مابين النهرين، بطور من الاصطراعية الافنائية مقرونة بحداثوية اتباعية، اعلى تجسداتها " الوطنيه الايديلوجية الحزبية" النقلية.
ومع ضخامة وتركز جهد الفبركة الممارسة من الغرب ضد نمط الكيانيه الازدواجية العراقية، الا ان مجريات الاصطرعيه المنوه عنها لم تتوقف على مجهود طرف واحد، وبمقابل المسعى الغربي، مارست البنيه اللاارضوية المتشكلة في دورتها الراهنه الثالثة، دورها في الفبركة المضادة فجرت هنا مصادرة للغرب وانعكاساته، وانواع الوطنيه الايديلوجية المتصلة به، لتستعمل كقوة مضادة للنموذجية الغربية الغالبة، وهو ماقد حصل مع اكبر حزبين ايديلوجيين، هما الشيوعي، والبعث اللذين لم يتسن لهما التشكل الا في عاصمة المنتفك، وموضع التبلور الانبعاثي السومري الراهن الثالث/ الناصرية، وماقد نتج عن ذلك وعناه من وجود "حزب شيوعي لاارضوي"، استمر حاضرا من بداية الثلاثينات الى الثورة اللاارضوية الثانية عام 1958 ،ولعب هو بالدرجة الاولى، وحزب البعث الجنوبي، دورا فعالا في تاطير الزخم اللاارضوي المضاد للفبركة الانكليزيه، بما ادى الى انتهائها مقتلعة من الارض، ومسحولة في الطرقات، لتحل لحظة فراغ في السلطة، استمرت لعشر سنوات، قبل ان يتحقق التحوير اللازم في الحزبية الايديلوجية، مضافا لها دخول عامل الريع النفطي من خارج البنية الاجتماعية الازدواجية التاريخية، مدعوما بالنواة القرابية، وهو ماقد قام عام 1968.
ولا تكتمل تفاصيل المشهد من دون القاء الضوء على منتهيات الفبركة من اسفل، مقابل تلك التي من اعلى، فثورة 14 تموز، وضعت ماركس ولنين المستعارين امام سياقات متعدية لماهما معنيان به كاهداف، فلا طبقية ولا شيوعية في موضع كينونته التاريخيه هي النموذج الاعلى المساواتي في التاريخ كينونة، بحيث ماان انتهى الفصل الاول من مقاومة الفبركة من اعلى عام 1958، حتى انتهى حزب ارض السواد، المبرر وجودا بالبنية اللاارضوية مكان الطبقية، بينما عاد الحزب من جديد الى حزب الاطار الاعلى "حزب الافندية"، وقد تحول الى حزب الياته ومحركاته كردية، واجمالي وجوده من الصنف العادي المستعار بلا فعالية، ولا صلة وصل بالبنية المجتمعية، ذلك في حين صار الحزب الاخر البعث القومي العروبي، قيد التحوير الى حزب " سلطة"، سرقه العسكر ليتوفر على نواة قرابية، عزز ممكنات الحكم بيدها، النفط الى جانب "العقيدة" المحورة، كحالة مختلفة عن تلك العربية السعودية، لاختلاف الديناميات والبنيه.
ـ يتبع ـ ملحق
الانتقال للذاتية الكونية ونهاية الايديلوجا