الصراع الطبقي بمناجم اميتر 1986 - 2018


عبد السلام أديب
2022 / 12 / 21 - 07:56     

1 - من بين النضالات الشعبية الطبقية الباهرة التي عاينتها عن قرب أو تابعت أطوارها خلال العشرين سنة الماضية أذكر نضالات تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات العمومية ونضالات حركة 20 فبراير ونضالات حراك الريف وجرادة ونضالات عمال مناجم الفضة والساكنة الامازيغية لقرية اميضر حيث تتواجد هذه المناجم. وقد توفرت لي فرصة ثمينة خلال مشاركتي في ندوة حول كوب 22 في 20 يوليوز 2016 بمدينة تنغير أنا والرفيق حسن بوحميدي، حيث تعرفنا خلالها على جيلين من المناضلين الشرفاء لحركة 1996 القديمة والجديدة الذين حضروا الندوة وقدموا مداخلات وشهادات مدهشة وغنية حول سيرورة انتفاضات عمال شركة منجم الفضة باميتر وساكنة المنطقة بنجاحاتها واخفاقاتها. وقد سجلت آنذاك عددا من النقاط رغبة مني في الكتابة حول هذه التجربة الفريدة.

أولا: مقدمة عامة حول مناجم الفضة باميتر

2 - تقع مناجم الفضة اميتر بجماعة اميتر القروية بضواحي تنغير وتبلغ مساحة اميتر 140.00 كلم مربع بلغ مجموع سكانها حسب آخر إحصاء للسكان حوالي 5000 نسمة.

3 - تعود بداية استغلال رواسب اميتر بتنغير إلى القرن التاسع الميلادي، فقد بدأ عمال المناجم في تتبع اكتشاف معدن الفضة الخام من على السطح حيث تم الكشف عن ألواح الفضة الأصلية، قبل الاستمرار في العمق في أعمال الحفر لاستخراج المعدن من تحت الأرض. لكن أدى عدم استقرار الأرض المحفورة في العديد من الأماكن، بعمق 50 مترًا، إلى توقف نشاط التعدين المكتف. ومع ذلك، ظل الاستغلال متواصلا ويمكن أن يستمر لعدة قرون، مع الأخذ في الاعتبار الكمية الكبيرة من نفايات التعدين المتبقية (تقدر بمليون طن) ووجود منجم كبير مفتوح، وهو حجم يقدر بـ 150.000 م3 .

4 - تمت إعادة اكتشاف الوديعة في عام 1951 خلال حملة التنقيب الجوي. تم تنفيذ حملات الاستكشاف على مدى السنوات الخمس التالية من قبل شركة أطلس للتعدين المغربية (SMAM)، وهي شركة تابعة لشركة Peñarroya (وهي شركة فرنسية كبيرة للتعدين والمعادن في ذلك الوقت)، ولكن دون نتائج قاطعة. في عام 1969، تعاون المكتب المغربي للبحوث والمشاركة مع Omnium Nord-Africanain (ONA) لإنشاء Société Métallurgique d Imiter (SMI). بدأت الشركة في إعادة معالجة نفايات التعدين القديمة (650 ألف طن من الصخور تحتوي في المتوسط على 300 غرام / طن من الفضة) باستخدام عملية المعالجة بالسيانيد. يتيح هذا النشاط إعادة إطلاق أعمال الاستكشاف التي تسلط الضوء على ثلاث أجسام خام، بما في ذلك تلك التي استغلها المنجم الرئيسي المفتوح المسمى Grande Carrière ، وآخرون .

5 - في عام 1978، بدأت شركة التعدين التنقيب تحت الأرض وواصلت تطويرها للوصول إلى هدف إنتاج يبلغ 200 طن من معدن الفضة سنويًا. سيستغرق الوصول إلى هدف الإنتاج هذا عدة سنوات. من عام 1985 إلى عام 1988، تم تنفيذ أعمال الإرشاد، بما في ذلك محطة معالجة جديدة. تمت زيادة قدرة المعالجة من 200 إلى 650 طنًا من الخام يوميًا (طن / يوم). في عام 1996، قامت شركة مناجم Managem (مجموعة ذات مهنة تعدين تابعة لـ شركة أونا) بشراء الأسهم التي لا تزال تحتفظ بها BRPM وأنشأت مصنعًا جديدًا لمعالجة الخام مما أتاح تقييم خام بتركيز أقل من الفضة وبالتالي زيادة الكمية من الاحتياطيات القابلة للاستغلال. بعد ذلك، تم تنفيذ مشروعين آخرين لتوسيع مصنع المعالجة في 1998-1999 ثم في عام 2013، مما رفع قدرة معالجة الخام إلى 1400 طن / يوم، ثم إلى 2600 طن / يوم. تم الوصول إلى هدف الإنتاج السنوي البالغ 200 طن من معدن الفضة في عام 2016.

6 - تم تنفيذ أعمال توسعة جديدة للمصنع في عام 2017، بهدف زيادة الإنتاج السنوي من معدن الفضة بنسبة 30٪. في بداية عام 2019، قامت شركة التعدين بتشغيل وحدة إضافية في المصنع، تهدف إلى إعادة معالجة مخلفات التعدين المخزنة في أحواض المخلفات، مع زيادة متوقعة في الإنتاج السنوي بنسبة 18٪ (Managem، 2020) . بلغ الإنتاج في عام 2018 في موقع اميتر 221 طنًا من معدن الفضة وتعلن شركة التعدين أنه يمكن زيادتها إلى 300 طن بحلول عام 2020 (أي زيادة بنسبة 36٪).

7 - اليوم، يعد اميتر أكبر منجم للفضة في القارة الأفريقية ويحتل المرتبة التاسعة بين أكبر مناجم الفضة في العالم. يقدر عمرها الافتراضي حاليًا بـ 12 عامًا ويمكن أن تكون أطول اعتمادًا على نتائج أعمال الاستكشاف.

8 - شركة التعدين ايميتر (SMI) هي شركة تابعة لـمجموعة مناجم Managem الملكية التي تدير مناجم الفضة بايميتر الذي يقع شرق جبل صاغرو على بعد 150 كلم من وارزازات، على ارتفاع 1500 متر عن سطح البحر.

9 - تأسست شركة SMI عام 1969 كمستغل للمعادن المكشوفة، ولم تباشر أعمال الحفر المنجمي إلا سنة 1978 من طرف مكتب الأبحاث والمساهمات المعدنية BRPM التابع للدولة وفي أواسط التسعينات ( 1996 ) فُوت المنجم لمجموعة الشركة الملكية "أونا" ويتراوح إنتاج الشركة من فلز الفضة بين 200 و 240 طن سنويا بنسبة صفاء تصل إلى % 99,5.

10 - في نهاية عام 2017 ، أنهت SMI الأعمال التوسعية لمصنع إنتاج فضة اميتر من أجل زيادة قدرة المعالجة السنوية بنسبة 30٪. ويهدف هذا الاستثمار الجديد إلى استدامة الأنشطة التعدينية ودعم الانتاج الصناعي.

11 - في عام 2018 ، استثمرت شركة SMI في مشروع استعادة نفايات معالجة المناجم لتقليده ، وبالتالي تعزيز المسؤولية البيئية لشركتها الفرعية وتحسين أدائها التشغيلي مع زيادة الطاقة الإنتاجية بنسبة 18٪. الفضة اعتبارًا من عام 2019.

12 - تشغل «شركة معادن إميتر» حاليا 382 عاملا (ضمنهم 80 تقنيا) و18 مهندسا وقرابة نفس العدد من العمال تشغله مقاولات العمل من الباطن التي استقدمت للعمل بالمنجم في السنوات الأخيرة. أما في الإدارة العامة بالبيضاء فهناك 11 موظفا تابعا لمنجم إميتر.

13 - في ظل ظروف متميزة بالحضور القوي للنقابة، ستقوم الدولة بتفويت المنجم لفائدة قطب "مناجم" (الهولدينك المنجمي لمجموعة أونا) سنة 1996. وإذا كانت بورجوازية أونا قد راكمت أرباحا طائلة منذ 1969 من خلال أسهمها في الشركة (SMI) «حيث بلغ ثمن الفضة في بعض السنوات 6 دراهم للغرام الواحد، علما أن الكلفة لا تتعدى 60 سنتيما للغرام الواحد، فإنها ستحظى وحدها بالأفضلية سنة 96 في عملية تفويت الدولة لأربعة مناجم بالجملة، في إطار سياسة الخوصصة بثمن لا يتعدى 644 مليون درهما» ، واستبعاد المستثمرين الآخرين من الصفقة، ودون الإفصاح عن المقاييس المعتمدة في تحديد الثمن وعن نتائج التقييم والخبرة (أوديت) الذي قامت به إحدى الشركات الخاصة، بهدف إخفاء حجم المدخرات المعدنية الحقيقية التي تختزنها، خاصة منجم إميضر. هذا التفويت التفضيلي جعل المستثمرين الآخرين، الأجانب والمغاربة، يعتبرون أونا قطاعا شبه عمومي نظرا للدعم الذي تحظى به من قبل الماسكين بزمام الأمور في الدولة. ومعلوم أن الأسرة الملكية المساهمة في أونا تعود لها حصتها من الأرباح.

14 - وتتعدد مشاكل العمال المنجميين في مواجهة التلوت الكميائي وضعف اشكال الوقاية والحماية من الامراض المهنية وضعف الأجور مقارنة بضخامة الأرباح التي تحققها الشركة. كما يعاني ساكنة المنطقة من غياب البنيات الاجتماعية التحتية ومن الإصابات بفعل تلوت المياه والهواء وضعف تشغيل أبنائها. وقد قادت معظم هذه المشاكل الى نضالات تاريخية قوية خصوصا منذ سنة 1996 اسفر بعضها عن منح بعض الزيادات في الأجور والاعمال الاجتماعية لفائدة العمال وعن تشغيل نسبي لفائدة ساكنة المنطقة. كما تتعرض نضالات العمال المنجميين الى قمع استثنائي مقارنة بعمال باقي المناجم المغربية نظرا للطبيعة السلطوية لمالكيها. كما يخيم التعتيم عن الاحداث التي تقع اثناء الاستغلال نظرا لحوف الصحفيين من التطرق للموضوع وتعرضهم لعقوبات وتلفيقات تنهي مسارهم المهني.

ثانيا: ظروف العمل

1 – ان المنطقة التي يتواجد بها موقع مناجم اميتر بالجنوب الشرقي من المغرب تزخر بالمعادن الثمينة كالمنغنيز والباريت والحديد والكوبالت والملح والزنك والرصاص و والبيروفيلايت والفضة والذهب. غير ان الاحتياطي الكبير من الفضة يبقى ابرز هذه المعادن الثمينة والأكثر ضخا للأرباح على المستحوذين على رخصة الاستغلال.

2 - تعود ملكية مواقع التعدين الرئيسية الى شركة مناجم. ومن بين مناجم الشركة الثمانية في المغرب، تمتلك المجموعة ثلاثة مواقع رائدة تعمل في المنطقة هي بو عازار، واميتر، وبليدة، بالإضافة إلى موقع آخر يجري إعداده في سكورة. تتمثل المهمة الرئيسية للشركات التابعة لشركة مناجم في رفع أقصى توزيعات أرباح لمساهمي المجموعة المدرجة في البورصة. وتبقى أساليب إدارة الموارد البشرية موضع تساؤل من قبل عمال المناجم، بينما يتم تفويض إدارة الاشغال المرهقة لظروف العمل إلى شركات المناولة.


3 - مع تدهور ظروف العمل في المناجم أصبح يتم الاعتماد أكثر على التعاقد من الباطن مع شركات المناولة. في اميتر، تعمل اثنتا عشرة شركة من الباطن في نفس الوقت. حيث تنقص رواتب العمال بثلاث مرات عن رواتب عمال الشركة الأم، ناهيك عن ظروف العمل المرهقة وغياب المزايا الاجتماعية. ويعتبر منجم اميتر من المواقع القليلة التي تمكن فيها القاصرون من الحصول على حقوقهم بفضل النضال الشهير خلال عقد التسعينيات، وقد كان ذلك استثناء، بفضل الروح القتالية لاتحاد عمال المناجم التابع للشركة الأم، والذين دفعوا الإدارة لكي تمنع أي تعاقد من الباطن في مهن الاستخراج.

4 - ومعلوم أن المغرب انتظر ثمانية عشر عاما قبل أن يصادق عام 2013 على الاتفاقية الدولية رقم 176 بشأن السلامة والصحة في المناجم. لكن التشريع المغربي المتعلق بحماية العمال في هذا القطاع يعود إلى سنة 1960، ولا ينطبق الا على شركات التعدين التي توظف أكثر من 300 عامل منجمي، وهو ما يدفع الباطرونا المنجمية الى الاحتيال للتهرب من هذه القاعدة. لذلك يستهدفون استخدام العديد من شركات المناولة من الباطن في نفس موقع التعدين لتقليص عددا العمال الرسميين دون 300 عامل، وهو ما تستنكره منظمة العمل الدولية.

5 - وحول موضوع الحوادث والأمراض المهنية والحوادث الخطيرة في مواقع التعدين، تطالب منظمة العمل الدولية المغرب بتحسين قواعد ووسائل الإنقاذ والوقاية. لكن تنفيذ هذه الإجراءات، يتطلب من وزارة الطاقة والمعادن جرأة أكبر غير متوفرة للتعامل مع الشركة القابضة الملكية القوية.

6 - إن التزامات المغرب بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ لا تشير الى هذا الموضوع. ويمكن تفسير هذا الصمت بالوزن الكبير للمكتب الشريف للفوسفات في الاقتصاد الوطني، المعروف بكونه ملوثًا رئيسيًا. من جهتها، تراهن شركة مناجم على رهان آمن آخر، حيث أن وزيرة الطاقة والمناجم المغربية السابقة، أمينة بن خضرة، تعتبر عضوة في مجلس إدارتها. المشكلة هي أنها ترأس حاليًا المكتب الوطني للهيدروكربونات والمناجم (ONHYM)، فلا يمكن حين اجتماع الخصم والحكم في نفس الشخص أن ينصف الطبقة العاملة النجمية.


ثالثا: الصراع الطبقي بين الباطرونا والعماله وساكنة اميتر

1 – ان انفجار الصراع الطبقي بين عمال المنجم وساكنة اميتر من جهة وباطرونا المنجم من جهة أخرى رفع الستار عن الخروقات التي ترتكبها شركة المنجم، والاستنزافات التي تتعرض لها المنطقة سواء ما يتعلق بالفرشة المائية الباطنية أو الأراضي، التي تحولت إلى ارض جرداء قاحلة نتيجة تفريغ نفايات المنجم فوقها، في الوقت الذي تواجه فيه كافة مطالب الساكنة بالاستهزاء و اللامبالاة من طرف المسؤولين.

2 - شكلت انتفاضة سنة 1986 المحطة الأولى التي انطلقت منها شرارة الاحتجاج والمطالبة بحقوق أهالي اميتر، فقد انطلق هذه الاحتجاج بعد علم الساكنة بتشييد بئر جديد قرب القرية بدون سابق انذار، فتم تنظيم مسيرات استمرت خمسة أيام تم على إثرها اعتقال سبعة مناضلين وحكم عليهم بالسجن لمدة شهر. بينما تم اسكات الباقين بوعود بتشغيل بعض أبناء المنطقة.

3 – لكن بعد استمرار إدارة المنجم في عدم الوفاء بالوعود التي قطعتها للساكنة جاءت المحطة الثانية في يناير 1996، التي عرفت اعتصام أغلب الساكنة، التي طالبت بحقها في التشغيل منتفضة ضد نهب الأراضي السلالية لجماعة اميتر وعدم تجديد عقد الاستغلال. وقد دام هذا الاعتصام خمسة و أربعين يوما منها شهر واحد أمام المنجم "توزاكت"، وخمسة عشر يوما قرب البئر الجديدة، وتوجت بمسيرات جماعية وتظاهرات يومية. الى أن حل تاريخ 10 مارس من نفس السنة، الذي شهد فيه تدخل قوات القمع لردع مسيرات الأهالي، حيث تم خلالها اعتقال 23 مناضلا من بينهم امرأتان وتم الزج بهم في السجن، ومن بين هؤلاء المعتقلين الشهيد "لحسن أسبضان" الذي لقي حتفه بعد خروجه من السجن، وهو ما خلف استياء عميقا لدى ساكنة اميتر نظرا للظروف الغامضة المحيطة بملفه، حيث تقول الساكنة أن موته جاء نتيجة للتعذيب الوحشي الذي طاله داخل الزنزانة. وقد جاءت تسمية "حركة على درب 96" التي تأطر نضالات الحركة منذ غشت 2011 كإعادة اعتبار لهذا الشهيد.

4 - ومنذ مطلع غشت 2011 وساكنة جماعة اميتر تخوض أشكالا احتجاجية سلمية متنوعة، من مسيرات واعتصامات. فكانت البداية باعتصام دام لمدة 20 يوما أمام مقر جماعة اميتر كأولى الشرارات، لأطول اعتصام مفتوح في المغرب المعاصر لأزيد من سلع سنوات. ثم انتقل الوضع إلى جبل ” ألبّان”، قرب الخزان المائي المزود للشركة المنجمية. حيث تم توقيف هذا الضخ الغير القانوني وتم الاعلان عن الدخول في الاعتصام حتى يتم تسوية الملف الحقوقي المرفوع إلى الجهات المعنية وبدون التفاف أو مراوغة.

5 – وتجدر الإشارة الى أن الاحتجاجات التي انطلقت في غشت 2011 جاءت على اثر رفض الشركة عقدة الشهر القانوني لصالح الطلبة أو ما يسمى "بالتشغيل الموسمي للطلبة"، وهو ما أدى الى احتجاجات و عقد حلقيات نقاش حول هذا الرفض، وخرجت على إثرها بقية الساكنة حاملة معها قنينات ماء فارغة كإشارة على نقص المياه وشحها. وهكذا ابتدأت الاحتجاجات والمسيرات في اتجاه المنجم وتوجت بحلقيات وتجمعات من أجل توضيح الحقائق والتنديد بخروقات الشركة المستغلة للمنجم.

6 – بالموازاة مع صد أبواب الشركة المنجمية والسلطات الباب أمام نداءات ومطالب الساكنة، تم إغلاق الصنبور الرئيسي للمياه والذي يتواجد فوق جبل ألبان، في خطوة تصعيدية، بذريعة نهاية عقدة استغلال البئر التي تزود الصهريج المتواجد بذات الجبل وعدم تجديد العقدة. هذا الصنبور الذي يزود المنجم بكميات هائلة من المياه، ( 16 لتر إلى 24 لتر في الثانية بكيفية مستمرة 24-24) مستنزفا الفرشة المائية الباطنية، الشيء الذي يهدد الخطارات ويهدد معه حياة الساكنة بالتزود بالمياه الصالحة للشرب. تبع هذه الخطوة نصب الخيام فوق الجبل وتنظيم مبيت يومي وحوارات يومية تم من خلالها تسطير ملف مطلبي جديد يهم تنمية المنطقة وتشغيل أبناء المنطقة بنسبة تم تحديدها في 75 في المائة.

7 – لكن الباطرونا ومسؤولي السلطات المحلية التي لم تستسغ الأمر لجأت الى لهجة غليظة وشديدة وصلت إلى حد إحراق جميع خيام المعتصم، وتوجيه تهديدات متتالية واستفزاز النساء وأمهات المناضلين وآباءهم. ووصلت التهديدات أوجها باستعمال مروحية لإخافة المعتصمين وتفريقهم وفض الاعتصام، لكن كل هذه التهديدات تكسرت فوق عزيمة ساكنة اميتر التي أبت إلا أن تستمر في مطالبها المشروعة.

8 – أحد ضحايا القمع آنذاك، مصطفى أوشطبان وهو أحد ساكنة اميتر، والذي كان يعمل بالمنجم لفائدة شركة مناولة، كان يخصص وقته الشاغر للنضال بجانب أبناء المنطقة ويشارك في مسيرات واحتجاجات الساكنة سواء فوق الجبل أو أمام المنجم، الشيء الذي أثار حفيظة الشركة المشغلة، وتم على إثرها فبركة اتهام بالسرقة في حقه، حيث تم اعتقاله بعد أن تم دُسّ 18 غرام من الفضة في ملابسه، وتم توقيفه بتهمة السرقة، وتسليمه للسلطات التي أضافت تهمة التحريض على العصيان المدني و تمويل الاعتصام ... وقد تم البث في قضيته في المحكمة دون توفير المادة المحجوزة، حيث تم الحكم عليه بأربع سنوات سجنا كما تم اعتقال خمسة مناضلين آخرين بتهمة الضلوع في أحداث 2001 و 2004 وما قبلها.

9 - دام اعتصام ساكنة اميضر فوق جبل البان ازيد من سبعة سنوات، في معركة تاريخية نضالية بين الساكنة من جهة وباطرونا المنجم والسلطات. وما يجذب الأنظار فوق جبل "ألبان"، كجبل "التويزة والكرامة" هو وجود جميع شرائح المجتمع وبمشاركة وازنة. أطفال في مقتبل العمر يشاركون في حلقيات النقاش والاجتماعات "إكراون" التي تعقدها الساكنة لمناقشة المستجدات والاستفاضة في النقاش وتوزيع المهام بشكل ديمقراطي يحترم جميع الآراء والمقترحات. وتجذر الاشارة أيضا أن الساكنة، تقوم كل مساء بالتجمع قرب الطريق الرئيسية في مكان أطلق عليه " توريرت ن أسبضان" تكريما لروح الشهيد أسبضان، الذي أصبح رمزا لمكان النقاش.

10 - تستهدف جل مطالب ساكنة اميتر تأهيل المنطقة وتنميتها بتوفير الضروريات الأساسية من صحة وتشغيل (بنسبة 75 % مع إعطاء الأولوية لأبناء المنطقة) وتمدرس لائق، توازن في استغلال المياه و تقنينها وذلك بتشييد السدود التلية التي ستساعد على الحفاظ على الفرشاة الباطنية المهددة بالاستنزاف، والمحافظة على البيئة بتوفير مطارح النفايات وفضلات المنجم في أماكن بعيدة عن السكان، كما يستهدف الملف المطلبي تفعيل الاتفاقيات المبرمة بين الشركة والجماعة القروية وتجديد العقد المنتهية صلاحياتها.

11 - تضم قرية اميتر سبعة قصور وهي (أنو نييزم، تبولخيرت، اكيس، ايت ابراهيم، اغير، ايت امحمد، ازومكن) وتغيب عن بعضها ظروف العيش الكريم، إذ أن هناك دواوير بدون ماء ولا كهرباء و لا طرق مجهزة، كما أن هناك مصحة وحيدة لسبعة قصور، تشتغل فيه ممرضة وحيدة، وفي غياب تام للوسائل الضرورية و الأساسية في هذا المستوصف وغياب الشروط الصحية. كما تتوفر القرية على مجموعتين مدرسيتين هما: مجموعة مدارس اميتر ومجموعة مدارس أنو نييزم، التي تغيب فيها شروط مدرسة الناجعة.

12 – بالموازاة مع اعتصام ساكنة اميتر فوق جبل البان ظهرت مقاطعة التلاميذ للدراسة مما خلف سنة بيضاء. علما أن المدارس لا ترقى إلى المستوى المطلوب، كأقسام مشتركة، فهي مدارس بدون أسوار وبعيدة عن الساكنة، وفي غياب النقل المدرسي حيث يضطر بعض التلاميذ إلى قطع مسافة تسع كيلومترات من أجل الوصول إلى المدرسة. كما أن بعض المدارس تدرس فيها ثلاثة مستويات في قسم واحد وهو ما يسمى في أدبيات الوزارة " بقسم متعدد المستويات".