ستعدادا لعام الانتخابات المحلية والبرلمانية المقبل اردوغان يوظف القضاء ضد منافسيه


رشيد غويلب
2022 / 12 / 18 - 01:34     

ا

أصدر القضاء التركي المنحاز الى الرئيس رجب طيب أردوغان، الأربعاء الفائت، قرارا يهدف الى حرمان احد اكبر منافسيه من الاشتراك في الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2023. وصدر الحكم الابتدائي بحق محافظ إسطنبول أكرم إمام أوغلو، بالسجن لمدة عامين وسبعة أشهر، مع منعه من النشاط السياسي.

واتهم المحافظ والقيادي في أكبر أحزاب المعارضة التركية، الحزب الجمهوري (الكماليون) بإهانة هيئة دستورية. يقال إنه وصف أعضاء المفوضية العليا للانتخابات بـ «البلهاء» بعد أن ألغوا الانتخابات المحلية لعام 2019 في اسطنبول بعد فوز إمام أوغلو في جولة الانتخابات الاولى على مرشح حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم. وإذا صادقت محكمة الاستئناف القرار القضائي الصادر، فسيتم عزل إمام أوغلو ولم يعد يُسمح له بالترشح. وتعليقا على ما حدث قال اوغلو: «التفويض الذي منحني إياه الشعب لا يمكن أن ينتزعه مني حفنة من الناس».

لم يرشح تحالف المعارضة المكون من ستة أحزاب بزعامة الحزب الجمهوري حتى الآن السياسي البالغ من العمر 52 عامًا رسميًا لخوض الانتخابات الرئاسية. وسبق لرئيس الحزب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو، ان فشل مرارا في هزيمة أردوغان.

بعد صدور الحكم تجمع الآلاف من أنصار إمام أوغلو أمام مبنى بلدية إسطنبول، وكان بينهم محافظ انقرة منصور بافاس، ورئيس حزب ايلي الفاشي المعارض ميرال أكسينار، للتعبير عن احتجاجاهم على القرار الصادر بحق اوغلو، ولإعلان التضامن معه.



تسييس القضاء

وانتقد برفين بولدان، الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطي اليساري، على تويتر: «إنه ليس حكمًا قضائيا، بل حكما سياسيا». لقد لعب ناخبو حزب الشعوب الديمقراطي دورا رئيسيا في انتصار اوغلو على مرشح حزب الرئيس في اخر انتخابات محلية جرت في البلاد. وجاء ذلك في سياق تكتيك ناجح قام على التعاون بين أحزاب المعارضة، أدى حينها الى هزيمة مرشحي اوردوغان في ثلاث محافظات رئيسية هي إسطنبول، انقرة وازمير.

وأعلن أردوغان أنه سيرشح نفسه للرئاسة للمرة الأخيرة في حزيران 2023. والمعروف ان الدستور التركي يحظر على الرئيس الترشح لأكثر من ولايتين، الا إذا قرر البرلمان بأكثرية 60 في المائة من أعضائه اجراء انتخابات مبكرة.



محاولات ومخاوف

يحاول الرئيس التركي منذ فترة ليست بالقصيرة توظيف العديد من الأوراق لتعزيز مواقعه التي بدت متأرجحة، منها العمل على تصدير أزمات نظامه خارج الحدود عبر شن العمليات العدوانية على منطقة الإدارة الذاتية في سوريا، والقصف المستمر للمناطق الحدودية في إقليم كردستان العراق بحجة مقاومة «الإرهاب». وكذلك من خلال لعبه دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا. ويعتقد أردوغان ان بإمكان نجاحاته في السياسة الخارجية خلق تعاطف سياسي داخلي، يؤثر في حسم مواقف أوساط الناخبين المترددين لصالحه.

مخاوف اردوغان مصدرها إمكانية الحاق الهزيمة به في الانتخابات المقبلة، فاستطلاعات الراي تمنح الرئيس 30 – 40 في المائة، وبالتالي فان إمكانية هزيمته في جولة الانتخابات الثانية ليست صعبة، إذا اتفقت جميع أحزاب المعارضة على دعم اقوى منافسيه.



ازمة اقتصادية

يقول أحمد أونال شيفيكوز، عضو البرلمان التركي عن الحزب الجمهوري، ودبلوماسي سابق يقدم المشورة لزعيم حزبه: «ليس لأي من هذه الأشياء تأثير بعيد المدى». وقال تشفيكوز في فعالية نظمتها مؤسسة هاينريش بول الألمانية أخيرا في العاصمة الالمانية برلين: «المشاكل تتزايد، ارتفاع الأسعار، التضخم، الأزمة الاقتصادية». إنه واثق من النصر ومن المؤكد سيتعين على أردوغان التنحي في العام المقبل. وان الأزمة الاقتصادية تحاصر الأكثرية من سكان البلاد. ويتفهم أردوغان هذه الحقيقة، ولذلك وعد، من بين أمور أخرى، بزيادة الحد الأدنى للأجور اعتبارًا من كانون الثاني المقبل.

لكن، قد يؤدي هذا إلى زيادة التضخم المرتفع اصلا. وفق مكتب الإحصاء الوطني التركي أخيرا، فإن الأسعار ارتفعت في تشرين الأول الفائت بنسبة 85.5 بالمائة عما كانت عليه قبل عام. لقد أدى انخفاض قيمة الليرة التركية، إلى ارتفاع الأسعار لفترة طويلة منذ أن اصبحت السلع المستوردة أكثر كلفة. بالإضافة الى استمرار مشاكل سلاسل التوريد العالمية، ما يجعل المنتجات الأولية عالية الكلفة. اضف الى ذلك ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام، بسبب حرب أوكرانيا.

ويبقى السؤال هل ستؤدي الفوارق الاجتماعية الى ابتعاد الناخبين عن أردوغان، والاقتراب من المعارضة؟ النائب هبسار اوزسوي من حزب الشعوب الديمقراطي اليساري، ليس متأكدا من هذا المسار. على الرغم من أن الانتخابات ستجري بعد سبعة أشهر، الا انه لا يرى «أي تعبئة في المجتمع».