ابراهيميتان ومفهومان خلقيان الاصغروالاعظم؟/3


عبدالامير الركابي
2022 / 12 / 17 - 14:11     

تبدا الحياة على الكوكب الارضي لاارضوية قابله للتفاعل مع الحياة الكونية، وفي سومر ارض اللاارضوية الاولى الوحيدة، كانت الحياة كذلك منفصلة كليا عما تبلور بعدها من نمط مجتمعي صار هو الغالب تصورا ونموذجا، مقاربته في اعلى اشكالها هي التي سادت بما هي مستوى استيعابية احادية للظاهرة المجتمعية، حيث مفهوم المجتمعية ( التجمع + انتاج الغذاء) الارضوي الطاغي على التفكر البشري بما خص الظاهرة المجتمعية، وبدايات تبلورها التاريخي، وبالذات في اعلى حالات المقاربة والوعي المفترض مع، الغرب الحديث، وماعرف بالاركولوجيا التي توصل لها، والتوهمات المدعية الخاصة بما اطلق عليه "علم الاجتماع"، اخر العلوم، وماتضمنه من اغاليط متدنية عاجزه عن الارتقاء لمستوى الظاهرة التي تدعي مقاربتها، مستثنية الحضور العقلي كعنصر اساس مكون لظاهرة هي حالة ازدواج عقل / جسدي، كما هي مادتها المزدوجة الكينونة، الكائن البشري.
ومنذ بداية طفولة الظاهرة المجتمعية التي ماتزال في حال ترق ونضج، لم تكتمل قواما بعد، ظهر كافتتاح مغفل، نوع مجتمعية عقلية، العقل فيها متقدم على الجسدية، هو مجتمع اللاارضوية في مابين النهرين، حيث الجموح المفارق للارضوية، وحيث توفر الاسباب الضرورية التي تتيح فتح الباب للاتصال بالمخلوقات الحية الكونية، المنبثة خارج الكرة الارضية، وكما نعلم، ومع ماالفناه من قصورية وغمط جاهل ارضوي للحقيقة البدئية الخارجة على الارضوية، فان موضوع الكائنات اللارضوية المحتمل وجودها خارج الكرة الارضية على امتداد الكون المرئي الذي نحن منه، قد كرست مع حضورها الاجباري كاحتمالية منطقية، كما امكن ان تصدر عن العقل الارضوي، مكتنفه بخواصها الاعقالية الارضوية، مع الاصرار الجهول على وحدانية الوجود والخلق، وفرادته زمنا ونوعا، لابل ومع اسقاط الاحادية الارضوية على الكون نفسه، بحيث لابد من مقاربة، والى حد ما مشابهة الكائنات اللاارضوية من وجوه اساسية، للحال الارضي الارضوي بالذات، ماعدا التقدم العلمي والتنكنولوجي المحتمل لدى مخلوقات الكواكب الاخرى كاحتمال وارد، ماقد اضاع واسقط من عالم النظر والبحث، اهم الجوانب الوجودية الضرورية ارضيا بشريا، وعلى مستوى مقاربة الحال الكوني المتخيل.
ثمة ظاهرة بمنتهى الوضوح، تخطاها الاركولوجيون الارضويون من باب اخضاعها المعتاد للمنطق الارضوي، تلك هي نواحي الغرابه العائدة الى مافوق ارضوية كما تتبدى في اجمالي الحالة السومرية، بما يصل لحد مقاربة التواصل السومري الاكواني، وهي ناحية يذهب الارضويون الاحاديون الى وضعها في خانة، اما الغرائب غير المفسره، او التخاريف البدائية، مادام من غير المتاح ولا الممكن، الاعتقاد بان التواصل مع الكون الاعلى شرطة ان تكون الجهة الراغبة بالتواصل منتمبة نمطا وكبنونة لعالم اللاارضوية، وهنا نقع على اشتراط تشكلي صعودي الطابع، فالمجتمعات الارضية لن تنتقل الى التواصل مع العالم الحي الكوني، الا اذا صارت مافوق ارضوية، كما يفترض بها ان تكون عند نهاية صيرورتها التفاعلية، وعملية نموها، وصولا الى اكتمالها نضجا، وهنا تاخذ الظاهرة السومرية مكانها كحالة استثناء دالة ومبكرة، سابقة لاوانها بما هي حالة لاارضوية، هي بالاحرى النموذج المبكر، والدال على المستقبل المجتمعي مابعد الارضوي.
في الاونه الاخيرة صارت العلامات تشير الى مايقارب الانتقال البشري الى مافوق ارضوية، ومع ماتردد عن احتمالية ظهور الانوناكي في "اوكرانيا" وسط الجائحة الكوكبية الثانيه، بعد جائحة "الكورونا"، فان ناحية انقلابيه ملفته يجب ان توضع في الاعتبار، تلك هي احتمالية التواصل الحياتي الكوني مع الكوكب الارضي، برغم عدم انتقال المجتمعات الى الكامل الى اللاارضوية بعد، مايجعلنا نتاكد من ان لحظة الانتقال اللاارضوي اقتربت، ان لم تكن بالاحرى صارت هي المظهر المتغلب على الحال المجتمعي الارضي، مايوجه النظر والتوقعات نحو المزيد من دالات ومؤشرات الانتقالية العظمى المطردة.
لم تعد الحيا ة ارضوية بعد اليوم، وبينما تسيرالمجتمعات البشرية، وقد استنفدت الارضوية اسباب استمرارها وصلاحيتها نحو اللارضوية، فان احتمالية بقاء البشرية لوحدها كما كانت منذ طغيان الارضوية، منفصلة عن الكون والحياة خارج كوكبنا، لم تعد واردة، اي ان استئئاف والعودة الى ماقد كان توقف وانقطع مع بدء الاصطراعية الازدواجية في ارض مابين النهرين، ثم غلبة الطرف الارضوي، مع تعذر وامتناع افصاحية ونطقية اللاارضوية السابق وقتها لاوانه، مايدفع لتوقع حلول طور سمته تحققية، خارجة عن النطاق واشكال التصور المعتاد الارضوي، وحتى اللاارضوي الابتدائي الاول السماوي النبوي.
فهل ستعود ارض مابين النهرين مرة اخرى لوحدها ومن دون غيرها، للتواصلية الكونيه المابعد ارضية، من دون احتمالية تواصلية شامله، بغض النظر عما اذا كانت لها بؤرة ونواة محركة، هي اليوم بموقع مغاير تماما لما كانت عليه ابان بدايات التبلور الاولى المنتكسه، فارض الرافدين اليوم هي المتغلبة الاخذه بالتسيد نوعا على مستوى الكوكب، والياتها بظل تهاوي وانتهاء فعالية الاليات المقابله الاحادية الارضوية، صارت الارجح، فاذا ظهر "قران العراق"، فان ركن النقيصة الاساس الذي ظل حائلا دون التحقق اللاارضوي اعقالا، يكون قد حلت محله النطقية المؤجلة، بينما تكون التفاعلية المجتمعية والدورات التاريخية الثلاث قد افضت لولادة العنصر المادي، اللازم للانتقال من الارضوية مع انتقال المجتعمية من الانتاج اليدوي الارضي، الى الانتاجية العقلية، مع "التكنولوجيا العليا"، الصيغة التحولية الاخيرة للالة، بعد اكتسابها بالاصطراع مع المجتمعية البيئية، شكلها الاخير بعد المصنعي الاول، ثم التكنولوجي الوسيط الحالي، مايعني اكتمال الاسباب الضرورية اللازمه للانتقال الى مابعد ارضوية. وكل هذا سيكون من شانه تغيير، لابل قلب الصيغه، او الوظيفة التواصلية الاكوانية مع المجتمعية الارضية.
فالانوناكي على سبيل المثال لم يكن حضوره قابلا لان يتجاوز من حيث الفعالية التشاركية مع اللاارضوية السومرية، تاكيد النموذج او النوع المتعدي للارضوية، وقت ان لم يكن مطروحا الذهاب للابعد، من قبيل الدخول التفاعلي مع اللاارضويين السومريين بعلاقة انتقالية تجولية مابعد ارضوية، تعزل المجتمع السومري عن بقية اجزاء الكرة الارضية، او تجلعه منفردا من حيث توفر اسباب الانتقال الى الكونية، ماكان يعني في حينه وساعته ايقافا او قطعا للمسار المطلوب الشامل لعموم الارض، بمجتمعيتها الغالب عليها النوع والنمطية الارضوية، المفترض، لابل المطلوب انتقالها ككل، الى الطوراللاارضوي، ماجعل العلاقة بالكائنات اللاارضوية والكونية تظل محدودة وقتها بادنى الحدود، فلم تتعد من حيث الفعل نطاق تاكيد النمطية، ومنحها الاسباب والموجبات الضرورية لتكريس الذاتيه واكتمال النوع.
هذا ومن المهم التوقف عند مااعقب الفترة البدئية المقصورة بالدرجة الاولى على طور الاصطراعية مع البيئة الطاردة، وبدايات الاصطراعية المزدوجة مع البيئة ابتداء، ومع الارضوية النازلة من اعلى، والطامحه للغلبه، حين صار من غير الوارد تواصل الكائنات الحية العاقلة على امتداد الكون، مع ارض اللاارضوية حتى في طورها الثاني العباسي القرمطي الانتظاري، مع الغلبة الطاغية والمديدة للارضوية، حين صار الحضور اللاارضوي واقعا بلا افصاحية نطقية، او مقاربة بعد ان كانت اللارضوية قد عبرت عن نوعها وذاتها في الدورة الازدواجية الاولى، السومرية البابلية الابراهيمه، بالنبوية الحدسية الالهامية، ماقد ادى اضافة لعوامل اخرى، الى طمس معالم وتفاصيل التواصلية الاولى مع الكون ومخلوقاته العاقله/ العقلية، ناهيك عما قد اضافته فترة الانقطاع التي انتهت اليها الدورة الثانيه، على هذا الصعيد، دافعة بالفصل الاول المجتمعي، والجانب الكوني من كينونته، بعيدا عن مدى الرؤية.
اختلفت كليا الاسباب والاشتراطات التواصلية الاكونية مع الكوكب الارضي ومجتمعيته اليوم، مع ذهاب الكوكب الارضي الى الكونية واقعا موضوعيا، نتج عن مسيرة التفاعلية المديدة، التاريخيه اليدوية الارضوية، ومع تنامي اشتراطات الانتقالية الى اللارضوية على مستوى المعمورة، فلابد من توقع انفتاح الباب امام الكائنات العاقلة الكونية، كي تدخل طورا من التواصلية، يتوقع لها ان تكون فعالة ومساعدة على تسريع، او تسهيل عملية الانتقال الراهنه، المعقدة، والمشحونه بالتناقضات والتوتر والتازمات الحادة الانهيارية، ومن بين مايمكن توقعه لهذه الجهه، لابل الاهم، اعطاء الاشارات الانفتاحية الكونية باعتبار ذلك واثره على المناخ البشري، وبالذات في مجال فتح نافذه على مستوى البديل، طردا للانغلاق، وانسداد الافق الذي تظل الارضوية والعنصر الجشع منها، تستغلة لكي تعيد تكريس ذاتها وانماط الحلول العقيمة والقاتله التي تسوقها، ان حضور الانوناكي الاخير في "اوكرانيا"، حتى وان هو قد ظل وسيظل بمثابة حدث مشكوك بصحته لاسباب لاتحصى، سيكون بالاحرى نقطة ابتداء، تنتظر تكرارات واشكال حضور اخرى صارت متوقعة.
فماذا سيكون ياترى الشكل الجديد من الحضور الكوني في الارض الاولى اللاارضوية، الحضور الثاني التحققي، الانتقالي، بعد اللقاء الاول التاكيدي الذاتي، ماشكله، وعلى ماذا ستتركزمهمته، بعد ان صارت اسباب الانتقالية حاضرة، والانقلاب الاعظم ممكن ووشيك على مستوى المعمورة؟
ـ يتبع ـ
حلقة أخيرة تحققية كونية