الحقيقة الفعليّة بشأن ماو تسى تونغ و كسى جينبينغ ، الديمقراطية و الدكتاتوريّة


شادي الشماوي
2022 / 12 / 15 - 01:00     

جريدة " الثورة " عدد 781 ، 12 ديسمبر 2022
https://revcom.us/en/real-truth-about-mao-zedong-xi-jinping-and-democracy-dictatorship

خلال بضعة الشهر الماضية ، إندلعت إحتجاجات جماهيريّة عبر الصين ضد سياسة الحكومة للحجر الصحّيّ التام تقريبا لمنع تفشّى الكوفيد . ة قد أجبرت هذه الإحتجاجات الحكومة الصينيّة على تقديم بعض التنازلات . و أثناء هذه الإحتجاجات، روّجت وسائل الإعلام في الولايات المتّحدة بلا هوادة أكذوبة أنّ كسى جينبينغ ، الحاكم الراهن للصين ، كان " بصدد إعادة أيّام ماو تسى تونغ " ، ماو الثوري ّاعلظيم الذى قاد الثورة الصينيّة إلى الإنتصار سنة 1949 و تاليا قاد بناء الإشتراكيّة طوال 27 سنة . كما إدّعت وسائل الإعلام هذه أنّ ماو كان طاغية عنيف عانى منه الشعب الصينيّ و الآن يفعل كسى الشيء نفسه . و عقدت مقارنة بين " الصين الدكتاتوريّة و الأوتوقراطيّة " من ناحية و " الولايات المتّحدة الديمقراطيّة " من الناحية الأخرى .
لكن ما هي الحقيقة ؟ على هذه المجموعة من المقالات بموقع revcom.us ننشر نصوص أربعة تتعمّق في تناول المسألة.
هنا حقائق كبرى ثلاث .
أوّلا ، كسى و ماو على طرفي نقيض ، يمثّلان أهدافا و مناهجا و طبقات مختلفة و متعادية :
ركّز ماو دولة إشتراكيّة في الصين ، دولة تمثّل مصالح الطبقة العاملة في قتال و تخطّى التخلّف و آثاره الموروثة عن قرون من حكم بداية الإقطاعيّين و بعد ذلك الإمبرياليّين الأمريكيّين واليابانيّين والبريطانيّين وغيرها من بلدان رأسماليّة .لقد قاتل من أجل تقليص و في نهاية المطاف القضاء على الإختلافات بين شتّى الطبقات ، و من أجل الثورة حول العالم و تطوير أجهزة السلطة التي تسمح للجماهير بتثوير الصين و زرع قيم جديدة من التعاون و خدمة الشعب مقابل قيم قانون الغاب للمجتمع الطبقيّ الإستغلاليّ .
إستخدام الجماهير لمعلّقات جداريّة ذات حروف كبيرة إبّان الثورة الثقافيّة في الصين 1966-1976 ؛ و إستعملت الجماهير الشعبيّة هكذا معلّقات عبر البلاد قاطبة للتعبير عن نقدها للقادة و المؤسّسات . فكان ذلك شكلا من أشكال الديمقراطيّة التي ظهرت في ظلّ قيادة ماو و سمحت للجماهير بالصراع و النقد و التغيير في تقريبا جميع مجالات الحياة بإتّجاه إلغاء كافة علاقات الإستغلال ، كافة المؤسّسات التي كانت تدعمها و كافة القيم التي كانت تفرضها .
و كسى ليس سوى آخر الجزّارين الذين يسيّرون النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى تمّت إعادة تركيزه نتيجة إنقلاب عقب وفاة ماو تسى تونغ سنة 1976 . و الدولة الصينيّة الحاليّة تمثّل مصالح الطبقة الرأسماليّة – الإمبرياليّة الجديدة التي تجد من المفيد افبقاء على يافطة " الإشتراكية " و " الشيوعيّة " بينما تستغلّ الجماهير و تهيمن على بلدان في الخارج و تفرض هذه السياسات بواسطة دولتها – مثلما تفعل الطبقة الرأسماليّة – الإمبرياليّة في الولايات المتّحدة ، دون غطاء زائف من " الإشتراكيّة " ، طبعا . و في هذا الوقت بالذات يجدّ نزاع بين الولايات المتّحدة و الصين في سياق صدام متصاعد الحدّة و العَسكرَة .
ثانيا : النزاع و الصراع بين الولايات المتّحدة و الصين قتال بين قوّتين إمبرياليّتين ، كلّ منهما دكتاتوريّة رأسماليّة برجوازيّة ؛ و ليس صراعا بين " الديمقراطيّة و الأوتوقراطيّة " :
ما تنفكّ وسائل الإعلام الأمريكيّة تتحدّث عن أوجه الإختلاف المفترضة بين الولايات المتّحدة " الديمقراطيّة " و الصين " الأوتوقراطيّة " . لكن لنلاحظ أنّ الولايات المتّحدة " الحرّة و الديمقراطيّة " تملك أكبر نسبة سجناء مقارنة بكلّ البلدان الأخرى في العالم . و لنلاحظ أيضا أنّ 20 من المحتجّين قٌتلوا في الولايات المتّحدة " الديمقراطيّة " و تعرّض عدد لا يحصى من الناس الآخرين للضرب و السجن و ذلك أثناء الإحتجاجات على إغتيال " جورج فلويد – بريونا تايلور " ضد قتل الشرطة و قمعها للمواطنين سنة 2020 ، و ذلك على يد الشرطة و الجيش أو على يد الفاشيّين . . و إذا أصغيتم و قرأتم بتمعّن جزء من الحقيقة التي ظهرت بفعل هذه الإحتجاجات الأخيرة في الصين هي أنّ الحكومة الصينيّة " الأوتوقراطيّة " تسمح فعلا ببعض أنواع الإحتجاجات ضمن إطار ضيّق للغاية و " قابل للتطويع " ، كما تفعل الولايات المتّحدة (1) .
و إذا ألقينا نظرة علميّة تماما ، الإستنتاج الوحيد المستخلص هو أنّ كلاّ من الصين راهنا و الولايات المتّحدة شكلان من الدكتاتوريّة الرأسماليّة البرجوازيّة يتضمّنان كذلك بعض المؤرسّسات الديمقراطيّة في آن معا كمنافذ أمان و طرق إدخال تعديلات في إطار النظام القائم و إستعادة المتمرّدين .
ثالثا : في ظلّ قيادة ماو تسى تونغ ، دور الجماهير في إجتثاث الإضطهاد و إعادة تشكيل المجتمع – و الصراع بحيويّة حول كيفيّة القيام بذلك – وقع المضيّ به قُدما أكثر من أيّ زمن سابق في التاريخ . و الشيوعيّة الجديدة التي تقدّم بها بوب أفاكيان تبنى على ذلك الأساس و تمضى أبعد منه بكثير :
في ظلّ قيادة ماو تسى تونغ ، كانت الصين تمارس الدكتاتوريّة الإشتراكيّة ضد الذين كانوا يحاولن إلعادة تركيز الإستغلال. و في الوقت نفسه ، خوّلت الأشكال الديمقراطيّة الأوسع نطاقا بمساهمة الجماهير الشعبيّة أكثر من أيّ زمن سابق لتناضل من أجل و تنقد وتغيّر تقريبا كلّ مجال من مجالات الحياة بإتّجاه القضاء على كافة علاقات الإستغلال و كافة المؤسّسات التي تسند تلك المؤسّسات و كافة القيم التي تفرض ذلك . و الحوارات على هذه المجموعة مع بوب أفاكيان و ريموند لوتا لم يوضّحوا " كيف يبدو ذلك " فحسب بل تعمّقوا في أسباب و دلالة ذلك في النقائص و الأخطاء ، و حتّى أخطاء جدّية ، في تنفيذ و رؤية هذه السياسات .
لكن التاريخ لم يتوقّف مع ماو . و حتّى أهمّ من ذلك ، نشير عليكم ب " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " الذى ألّفه بوب أفاكيان مؤسّسا على و حتّى ماضيا أبعد من الثورة الثقافيّة بقيادة ماو في الصين – و في بعض مستويات مفاتيح يمضى إلى قطيعة أبعد من ذلك . و بوجه خاص في مجال النقاش الجماهيريّ حول توجّه المجتمع ، يقطع بوب أفاكيان مع التضييقات على النقاش في إيديولوجيا رسميّة التي ينتظر من الناس أن يؤمنوا بها – شيء عمل ضد حيويّة ما يحتاجه المجتمع الإشتراكي من حيويّة ، و ضيّق على البحث عن الحقيقة و على قدرة الجماهير الشعبيّة على التمييز بين الحقيقة و الزيف ، بين الصواب و الخطأ .
عند وصف التقدّم الذى يمثّله " دستور الجمهوريّة الإشتراكيّة الجديدة في شمال أمريكا " ، كتب بوب أفاكيان :
" إنّه لأمر واقع أنّه لا وجود في أي موقع آخر ، في أيّة وثيقة تأسيسيّة أو مرشدة مقترحة من أيّة حكومة ، لأيّ شيء يُشبه ليس فحسب حماية المعارضة و الحثّ عليها و على الغليان الفكريّ و الثقافي المتجسّدين في هذا الدستور ، بينما لهذا في نواته الصلبة أرضيّة من التغيير الإشتراكي للإقتصاد ، بهدف القضاء على كلّ الإستغلال و التغيير المناسب للعلاقات الإجتماعيّة و المؤسّسات السياسيّة و إجتثاث كافة الإضطهاد و التشجيع عبر النظام التعليمي و في المجتمع بأسره لمقاربة أنّ هذا " سيمكّن الناس من إتّباع الحقيقة مهما كان المكان الذى تؤدّى إليه ، بروح الفكر النقديّ و الفضوليّة العلميّة ، و على هذا النحو التعلّم المستمرّ من العالم و القدرة على المساهمة بشكل أفضل في تغييره وفقا للمصالح الجوهريّة للإنسانيّة " . و كلّ هذا يفكّ أسر و يطلق العنان للقوّة الإنتاجيّة و الإجتماعيّة الهائلة للبشر المتسلّحين و الملهمين للعمل و النضال معا تلبية للحاجيات الأساسيّة للناس – مغيّرين المجتمع تغييرا جوهريّا و مساندين و داعمين النضال الثوريّ عبر العالم – و غايتهم الأسمى عالم شيوعيّ ، خالى من كلّ الإستغلال و الإضطهاد ، بينما في الوقت نفسه نعالج الأزمة البيئيّة و الإيكولوجيّة الوجوديّة حقّا على نحو له مغزى و يكن شاملا وهو غير ممكن في ظلّ النظام الرأسمالي – الإمبريالي . "
(" بيان السنة الجديدة لبوب أفاكيان "/"سنة جديدة ، الحاجة الملحّة إلى عالم جديد راديكاليّا – من أجل تحرير الإنسانيّة جمعاء " )