نحو حركة طلاّبيّة ثوريّة


شادي الشماوي
2022 / 12 / 14 - 22:32     

جريدة " الثورة " عدد 781 ، 12 ديسمبر 2022
ورد المقال في الأصل ضمن العدد 133 من مجلّة آتاش / الشعلة للحزب الشيوعيّ الإيرانيّ ( الماركسي – اللينينيّ – الماوي )
https://revcom.us/en/forward-revolutionary-student-movement

ملاحظّة الناشر : في ما يلى مقتطفات مترجمة من مقال " نحو حركة طلاّبيّة ثوريّة " . و المقال بأكمله متوفّر باللغة الفارسيّة والترجمة من الفارسيّة إلى الأنجليزيّة تحمّل مسؤوليّتها مترجمون متطوّعون من موقع.www.revcom.us و يمكن العثور عليه بموقع أنترنت www.cpimlm.org .أمّا الهوامش فقد أضافها المترجمون .
------------------------------------
على الدوام كانت للحركة الطلاّبيّة / الطالبيّة أهمّية حيويّة في الصراعات السياسيّة للشعب ضد الأنظمة المحلّية و القوى الإمبرياليّة ، و اليوم تساعد السواعد القويّة للتمرّد الشعبيّ عبر البلاد و هدفه الإطاحة بالجمهوريّة الإسلاميّة هذه الحركة على النهوض مجدّدا .
يومنا الطلاّبي أيضا يوم عالميّ من النضالات المناهضة للإميرياليّة التي يخوضها الطلبة في العالم ، و قد نشأ في 7 ديسمبر 1953 . و جدّ ذلك بعد أربعة أشهر فحسب من الإنقلاب الذى نظّمته السى آي آي ضد حكومة الدكتور مصدذق ، و عودة الشاه على سدّة الحكم و الزيارة الرسميّة لنائب رئيس الولايات المتّحدة ، نكسن آنذاك . و حينما كانت جامعة تبريز ز طهران المؤسّستين الوحيدتين للتعليم العالي في إيران .
و الطلبة الذين إحتجّوا بعدُ على محاكمة الدكتور مصدّق ، شنّوا إحتجاجات كذلك عند زيارة نكسن . فهاجمت القوّات المسلّحة التابعة للشاه الجامعة متسبّبة في قتل ثلاثة طلبة : بوزرقنيا و زرافي من المنظّمة الشبابيّة لحزب تودة و عندش من أنصار الدكتور مصدّق و الجبهة الوطنيّة . (1)
و الآن ، يتحدّى ظرف تاريخي آخر الطلبة [ في إيران ] أن ينهضوا بدورهم في النضال لتخليص المجتمع من نظام رجعيّ آخر و داعميه الإمبرياليّين .
في الأيّام الأولى من تمرّد سنة 2022 المتواصل ، عديد الطلبة من كردستان و مشهد وتبريز و جيلان و من عديد الجامعات في طهران إلتحقوا بالتمرّد . و في الجامعات ، كانت النساء مرّة أخرى الرائدات و في الصفوف الأماميّة .
و الجامعات مثل كلّيات و معاهد العلم و التكنولوجيا بهتشى و الزهراء ، التي كان يُعتقد أنّها " لاسياسيّة " ، من أوائل الملتحقين بالإحتجاجات . في جامعة الزهراء بطهران " معهد الإسلام الأهمّ " للنساء و الساعي إلى تدريب النساء على خدمة الجمهوريّة الإسلاميّة ، ، إجتمعت الطالبات دون حجاب و شرعن في تنظيم إعتصامات و مسيرات .
و تحوّل تمرذد النساء ضد إجباريّة الحجاب الجامعة إلى أحد أهمّ حقول الصراع . و مثّل نزع الحجاب و غسقاط جدران التمييز الجندري راس حربة المواجهة الإيديولوجيّة مع النظام الذى يعتبر [ إجباريّة ] " الحجاب " أهمّ من " العداء للولايات المتّحدة ". و بدورها لعبت الإجتماعات و التجمّعات الطلاّبيّة دورا له دلالته في ثبات الإحتجاجات الجارية في الشوارع و بات إنتاج أعمال فنّية سياسيّة راديكاليّة بدرجة عالية دفاعا عن التمرّد الشعبيّ ، تطوّرا له أهمّيته في المواجهة الإيديولوجيّة للجمهوريّة الإسلاميّة و في تجاوز إيديولوجيا " الفنّ اللاسياسي " و الفرديّة و التواطئ مع النظام السائد .
مع بداية التمرّد ، قامت حكومة إيران بإيقاف عشرات الطلبة المعروفين جيّدا أو النشطاء السياسيّين في الجامعات و لا يزال بعضهم معتقلا إلى يومنا هذا . و كان الهدف من هذه الضربات خنق الإحتجاجات وهي في المهد و لذلك تمّ حتّى طرد عدد من أساتذة الجامعة .
و تاليا ، شاهدنا النظام يُطلق الرصاص على الطلبة و كانت النتيجة جرح و إيقاف عدد من الطلبة في جامعة غيلان و مداهمات جامعة الشريف للتكنولوجيا بطهران من قبل الحرس الثوري و مجرمي " الباسيج " الذين إعتقلوا أو كالوا الضرب لما يناهز المائة طالب ما أفرز ردّ فعل سريع بين ليلة و ضحايا للجماهير الشعبيّة التي هبّت لنصرة الطلبة و مساندتهم .
و قد زلزل التمرّد عبر البلاد الجامعات . فقد كسرت حرارة التمرّد الجمود و السلبيّة اللذان ميّزا الجامعات لعدّة سنوات ، منذ أواسط عقد 2000-2010. و فقدت الآن نشاطات " السعي وراء المهنة " و خطّ البحث عن مهنة لا غيرمصداقيّتها و هما يشهدان نبذا و تفكّكا . و إنّه لأمر جيّد أن تضطلع الآن الجامعات بمثل هذا الدور في المرحلة الراهنة و يعرف الأمر توسّعا في الجامعات التي كانت لاسياسيّة في الماضي . و جميعنا يذكرون جوّ السلبيّة الذى ساد الجامعات عقب [ الإحتجاجات الجماهيريّة ] في نوفمبر 2019 .
لكن لا بدّ من طفرات سياسيّة – فكريّة لتتمكّن الجامعات و يتمكّن الطلبة المناهضين للنظام من النهوض بدورهم الاجتماعي التاريخي كمثقّفين ثوريّين ، و ذلك بواسطة إنشاء حركة طلاّبيّة لا تتخلّف عن حركة المجتمع بل بالعكس تصبح منبرا من منابره التحريريّة .
كانت لجامعات إيران مكانة خاصة في تفكير و سياسات قرن من تأسيسها . و صارت الجامعات من أهمّ معاقل النضال السياسي الشعبيّ في المجتمع ، خاصة إثر تشكّل الحركة الطلاّبيّة منذ خمسينات القرن العشرين فصاعدا . كانت من أهمّ معاقل الحركات اليساريّة و الشيوعيّة و مصدرا لقادة و كوادر الحزاب و المنظّمات الشيوعيّة الثوريّة و الحركاة العمّاليّة و الكفاح المسلّح .
الحركة الطلاّبيّة التي نرغب فيها :
ليس الطلبة لا بشرا من صنف خاص و ليست لهم طبيعة خاصة ، لأكّنهم إجتماعيّا إحتلّوا مكانة خاصة نظرا لتقسيم العمل القائم في المجتمع الطبقيّ ، إذ لديهم فرص أكبر للإشتغال على الأفكار ما يعطيهم هذا الدور الاجتماعي الخاص . و فهم دور الطلبة و موفقهم [ الإجتماعيّ ] يكتسى أهمّية حيويّة بالنسبة إلى النشطاء و للحركة الطلاّبيّة . يجب أن تكون الحركة الطلاّبيّة رائدة في النضال من أجل التحرّر و من أجل التغيير الجوهريّ في المجتمع الإنسانيّ ، و يجب أن تصبح الجامعة منبتا للثورة الفكريّة في المجتمع باسره . و قد قال ماركس إنّه كي ينهار هيكل إجتماعي عمليّا ، يجب أن ينهار أوّلا في أذهان الناس . (2)
في جميع أنحاء العالم و عبر التاريخ ، كانت الحركات الطلاّبيّة حركات سياسيّة . و عندما تتطلّب ذلك التطوّرات الإجتماعيّة، قد تُمسى طبيعة الطلبة و يُمسى دورهم أساس إحداث منعرج سياسيّ و غيديولوجي بما يجعل الجامعات منابرا سياسيّة ضد النظام القائم و النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي .
خلال ال44 سنة الفارطة ، الموضوع السياسيّ الأهمّ في مجتمعنا كان وجود نظام تيوقراطي فاشيّ . و قد أُجريت مئات البحوث حول هيكلة هذا النظام في الجامعات حول العالم إلاّ أنّ ما من بحث حلّل واقع أنّ صعود الأصوليّة الإسلاميّة في التاريخ المعاصر مرتبط وثيق الإرتباط بالسير الكامن للنظام الرأسمالي – الإمبريالي .
و من العوامل الهامة الأخرى في هزيمة ثورة 1979 و صعود الثورة المضادة الإسلاميّة إلى السلطة ، كان الوضع الوضع السائد في العالم حينها إذ أعيد تركيز الرأسماليّة كأهمّ حدث جدّ في الصين الإشتراكية [ 1949-1976]. و قد أضعف هذا الحدث التاريخي العالمي إضعافا شديدا القوى الشيوعيّة الثوريّة ، و إعتبارا لنقاط الضعف النوعيّة و الكمّية للبديل الشيوعي الثوريّ ن بات الرجعيّون افسلاميّون صوتا لفئة من الناس و رافعي راية " معاداة الإمبرياليّة ".
و يعدّ تحليل بوب أفاكيان لكيفيّة سير النظام الرأسمالي – الإمبريالي العالمي مركزيّ في فهم الصوليّة الإسلاميّة و فهم أنّ الوقوف إلى جانب الأصوليّة الإسلاميّة أو إلى جانب الإمبرياليّة سيفضى إلى تعزيز كلاهما ، يعدّ من أهمّ المساهمات النظريّة للشيوعيّة الجديدة . و دون فهم هذه النظريّة و إستخدامها ، ستكون هذه المرحلة من الصراع الطبقي في إيران و الشرق الوسط عصيّة عن الفهم .
و يتطلّب الخطّ السياسيّ الصحيح لمواجهة القوّة السياسيّة الحاكمة في غيران إتّخاذ موقف ضد كليهما : ضد الجمهوريّة الإسلاميّة و ضد الإمبرياليّة و يشمل هذا كلّ من القوى الإمبرياليّة المعادية للجمهوريّة الإسلاميّة ( الولايات المتّحدة و أوروبا ) و كذلك أصدقاء الجمهوريّة الإسلاميّة ( الصين و روسيا ). و لأنّ الصين تساند الجمهوريّة الإسلاميّة و لها تاثير كبير على الإقتصاد و السياسة في إيران ، و تعرية طبيعة الصين ارأسماليّة – الإمبرياليّة و إختلافها الأساسيّ مع الصين الإشتراكيّة من أهمّ القضايا السياسيّة التي لا يمكن أن تتجنذبها الحركة الطلاّبيّة بل ينبغي أن تتعاطى معه .
و من أهمّ القضايا السياسيّة التي يُثيرها التمرّد الراهن و التي لا يمكن للحركة الطلاّبيّة أن تتجنّب التعاطى معها هي مسألة بديل نظام الجمهوريّة الإسلاميّة . فالنزعات العفويّة السائدة في الشارع تستهدف شكلا من أشكال الديمقراطيّة الرأسماليّة – من الصنف الموجود في أوروبا أو الإمبرياليّة الأمريكيّة . لكن في عالم اليوم ، ما أوجد إزدهار أوروبا و الإمبرياليّة الأمريكيّة هو تفقير " جنوب الكوكب " أو بلدان ما يسمّى ب " العالم الثالث " . و هذا الهدف [ الديمقراطية الرأسماليّة ] لن و لا يمكنه أبدا أن يحرّرنا من الفقر و البطالة و البطرياركيّة / التفوّق الذكوري و إضطهاد القوميّات غير الفارسيّة و تحطيم البيئة و الحروب المدمّرة . [ و في مقابل ذلك ] ، مضمون ثورة حقيقيّة هو تحديدا الإطاحة بالجمهوريّة الإسلاميّة و إجتثاث بنيتها التحتيّة الرأسماليّة من خلال تركيز دولة إشتراكيّة . و هذا قضيّة من القضايا السياسيّة التي تحتاج اليوم أن تعالج في كلّ من الشوارع و الجامعات . و إلاّ غداة الإطاحة بالجمهوريّة الإسلاميّة ، سنواجه طريقا مسدودا كارثيّا مثلما حدث ذلك سنة 1979 .
لقد وفّر التمرّد فرصة كبرى لإنشاء حركة طلاّبيّة عريضة و راديكاليّة سياسيّا تكون ميزاتها : نبذ الجمهوريّة الإسلاميّة و نبذ دمج الدين بالدولة و نبذ الرأسماليّة و الرأسماليّة – الإمبرياليّة و تكريس مقاربة أمميّة و نبذ الفقر و البطالة و البطرياركيّة / التفوّق الذكوريّ و إضطهاد القوميّات غير الفارسيّة و الحروب الرجعيّة و الإمبرياليّة و التصدّى للضربات القمعيّة من طرف قوّات الأمن و ل
تحطيم البيئة .
إنّ إنشاء حركة طلاّبيّة عريضة و راديكاليّة أفضل طريقة لدعم التمرّد الراهن للإطاحة بالجمهوريّة الإسلاميّة . و في سبيل فتح المجال لثورة حقيقيّة و الحيلولة دون الفشل تلو الفشل ، نحن في حاجة إلى إيجاد قطب من الطلبة الشيوعيّين الثوريّين المعتمدين على الشيوعيّة الجديدة لأنّه دون معرفة و علم الثورة المستند إلى الشيوعيّة الجديدة ، لن نحقّق أبدا ثورة و تحريرا إجتماعيّين حقيقيّين من كافة أشكال الإضطهاد و الإستغلال .
و قد سعت الجمهوريّة الإسلاميّة و تيّارات برجوازيّة صغيرة أخرى في الجامعة و ستسعى جهدها لمنع نشر و إدراك النظريّة الشيوعيّة و الترويج للتنظيم الشيوعي في النضالات الطلاّبيّة . و ستكون تبعات دوس حقّ تشكيل حزب و منع نشر الأفكار الشيوعيّة و تجريم السياسة في الجامعات و في المجتمع ، ستكون فظيعة لا سيما في عالم حيث يجد البشر أنفسهم فى مفترق طرق ؛ طريق تؤدّى إلى مستقبل فظيع و طريق تؤدّى إلى مستقبل تحريريّ .
الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي - اللينينيّ - الماويّ ) - 06 ديسمبر 2022
www.cpimlm.org
الهوامش :
1- معهد جامعة تبريز للهندسة الذى إستهدفه الشاه كان معقلا للنشاط الطلاّبيّ. في 7 ديسمبر 1953 ، قبل يوم من وصول نائب رئيس الولايات المتّحدة ، نكسن الذى من المبرمج أن يحصل على شهادة شرفيّة فى الحقوق من جامعة طهران ، هاجمت فيالق الشاه المعهد و تسبّبت فى قتل ثلاثة طلبة . و كان ذلك بمثابة التحذير للطلبة من قبل النظام كي يحسّنوا من سلوكهم أثناء زيارة نكسن .
2- 19 سنة كان عمر بوزرقنيا ؛ و كان سنّ رازافى سيبلغ 21 سنة في 7 ديسمبر ؛ و كان عمر غندشي 20 سنة . الأوّلان أعضاء في المنظّمة الشبابيّة لحزب تودة و الأخير من أنصار الدكتور مصدّق و الجبهة الوطنيّة .
3- مرجع كلمات الفهم الماركسي كما ذكرت في الصفحة الرابعة من " الشيوعيّة : بداية مرحلة جديدة . بيان للحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة " : " عندما تدرك العلاقة الداخلية ، فإنّ الإعتقاد النظريّ للضرورة الدائمة للظروف القائمة يتوقّف قبل أن ينهار عمليّا " و هذا التحليل الحيويّ مرتبط بالنقطة التي صاغها لينين ، " لا حركة ثوريّة دون نظريّة ثوريّة ".