حول مفهومي الانتماء والالتزام في الحزب او الفصيل الماركسي الثوري.. ..


غازي الصوراني
2022 / 11 / 24 - 10:14     


رفاقي الاعزاء ....إن الفكر الذي يستحق اسمه هو إدراك للحاضر وللواقع بالفعل، إدراك لروح الشعب ومنطق الواقع، وإدراك للمبدأ العقلي والأخلاقي في كل مجال من مجالات الحياة".
ففي عصرنا الراهن، لا يستقيم أن تكون أمة، كائناً أخلاقياً من دون هذه الرابطة العقلية/الأخلاقية، أي من دون عقد اجتماعي –يضمن ويكرس حرية الرأي والتعدد الفكري والسياسي والتنظيمي - يكون بموجبه جميع المتعاقدين أحراراً ومتساوين.
فالسياسة التي تستحق اسمها في بلادنا، سياسة مبدؤها الفكر أو العقل، فكر الواقع أو عقل الواقع، وغايتها (علاوة على أهداف التحرر والديمقراطية) الأخلاق والحياة الأخلاقية.
لكن من المؤسف والمحزن في آن أن السياسة لم ترق عندنا بعد إلى مستوى العمل في سبيل وحدة النضال الوطني–بسبب هذا التفكك والإنقسام واستمرار الصراع-.
وإذا كان الحديث عن فساد الأنظمة العربية يثير الأسف، فإنّ الحديث عن تراجع وتفكك معظم الاحزاب والفصائل الفلسطينية بسبب غياب وضوح الهدف والرؤية والضعف الشديد في تطبيق مبدأي الانتماء والالتزام داخل هذه الاحزاب ، الأمر الذي ادى – إلى جانب أسباب أخرى - إلى وصول القضية الفلسطينية إلى مأزق مسدود أو الحصاد المر، عبر تراجعات السلطة و م.ت.ف والانقسام الكارثي وانتهاك مبادئ الأخلاق في الشأن الفلسطيني .
مفهوم الانتماء: يُعَرّف هذا المفهوم في اللغة بمعنى الانتساب، فانتماء الولد إلى أبيه انتسابه إليه واعتزازه به ، والانتماء مأخوذ من النمو والزيادة والكثرة ، نما الشيء ، ارتفع وعلى بشأنه.
يقال نما الحزب، نمت الثورة ، نما الزرع، نمت الصناعة ، نما المجتمع ... نما وعي الإنسان في علاقته بأسرته ونما وعيه بحب وطنه (الوطن غير السلطة أو نظام الحكم) ، وفي حالات الظلم الوطني والطبقي ينمو الوعي بمقاومة القهر والاحتلال والاستغلال .
أما مفهوم الالتزام : فهو كلمة تعبر عن الملازمة للشيء والدوام عليه، فالالتزام كلمة عامة تصدق على الالتزام الوطني والالتزام بالاسرة وبالأخلاق وبالحزب ... إلخ.
الانتماء هو الانتساب والاعتزاز والاشتراك ، أو أن يكون الإنسان بوعي وإدراك جزء من كل ، جزء مما هو أكبر وأعظم وأكثر أهمية ،
الانتماء أيضا هو اعتقاد الإنسان (بوعي) وإحساسه انه جزء من شعب أو مبدأ أو وجهة نظر.
أما الالتزام فهو ضريبة أو ثمن يدفعه الإنسان ليحتفظ بانتمائه.
وفي الجب ...هة الشع...بية خاصة يعتبر الانتماء والولاء أساسيا ويعتبر مترافقا مع الانضباط والالتزام من قواعد السلوك التي يحض عليها ، فعندما يفكر الفرد بالانخراط في صفوف المنظمة (التنظيم ) فإنه يتعاطى مع الفكرة الأساسية أو الغاية الرئيسة على المستويين الوطني والقومي ثم الأممي .
هناك درجات للانتماء، ودرجات الانتماء هذه تعتمد اعتمادا كليا على نقطتين.. النقطة الأولى هي الأنانية الفردية، والايثار ، فالايثار يعني أن يضحي الإنسان بوجوده في سبيل مصلحة الآخرين أو الوطن ، ومن خلال انتمائه للمجموع ينسى فرديته أو أنانيته.
لمن الولاء .. لمن الانتماء..
أنا انتمي نعم ولكن لمن الولاء؟ يمكن أن يتساءل الكثير منا : لمن أعطي ولائي؟ هل أعطى ولائي لشخص داخل الحركة أو التنظيم الذي أنتمي إليه ؟ أو أعطى ولائي لكتلة ؟ أو أعطى ولائي لهدف أساسي موجود ولخطة وأفكار الحزب ؟ إذا استعرضنا أهداف الجب..هة الشع...بية ، والنقاط الأساسية التي ينضم فيها الأعضاء للجبهة كمثال، نجد انه من المفترض أن يعطي الأعضاء ولاءهم لمجمل الأهداف والمبادئ وكذلك الأمر في مختلف المنظمات والمؤسسات.
تعميق الانتماء :
في داخل التنظيم يشترك الأعضاء سويا في العمل الجماعي بروح رفاقية محكومة بالوعي الثوري، لذلك فهم يفعلون شيئا (من أجل)ومع بعضهم البعض وبالتالي تتكون الجماعة أو التنظيم من شبكة متغيرة ومتطورة باستمرار من التفاعلات والعلاقات ، بما يضمن تطور وتوسع الحزب.
وتتلخص أسس تعميق وتعزيز الانتماء بالتالي :
1- التشجيع : فعلى العضو أن يكون ودودا ، دافئا، مستجيبا للآخرين ولما يسهمون به ويبدى الاهتمام بالآخرين ، وعلى القائد أو المسؤول تشجيع المبادرة والحث على العطاء والمكافأة المعنوية ، وصيانة الإنجازات .
2- التعبير عن المشاعر الرفاقية الجماعية ومشاركة الأعضاء الآخرين في مشاعرهم ، وفي أفراحهم وأتراحهم .
3- خفض التوتر : عبر الحوار الموضوعي والعقلاني الهادف إلى تجاوز الخلافات ومساعدة الأعضاء على اكتشاف الفروق بينهم والعمل على انسجام العلاقات الرفاقية الداخلية.
4- إيجاد الحلول السريعة للمشاكل على قاعدة اعتراف المخطئ بخطأه ، والحث على ممارسة النقد والنقد الذاتي ، تنظيم وضبط النفس للمحافظة على تماسك العلاقات الرفاقية داخل الهيئة الحزبية أو على صعيد العلاقات الخارجية بين الرفاق.
5- الاتصالات : محاولة حفظ قنوات الاتصال مفتوحة ، وتسهيل اشتراك الآخرين ، واقتراح الوسائل المناسبة لضمان مشاركة أوسع في الحوارات والنقاشات.
6- المشاركة : ضمان مشاركة الأعضاء في وضع الأهداف والخطط والأساليب ، وتحديد الصلاحيات وضبط الأداء ، وتعزيز الثقة .
مفهوم الالتزام التنظيمي:
الالتزام التنظيمي, مفهوم يعنى قيام المنتسب لتنظيم معين, نظرياً وسلوكيًا بتنفيذ البرنامج العام للتنظيم, وللوائحه وأنظمته الداخلية, ولقرارات وتوجيهات الهيئات القيادية للتنظيم، وذلك عبر الخيار الديمقراطي الواعي ( وأقصد بذلك الالتزام الذاتي )، فبدون الالتزام لا يوجد حياة تنظيمية , فهو الطاقة المحركة للتنظيم وعناصره والحافز على حضور الاجتماعات التنظيمية , وتحقيق برامج التنظيم والتقيد بأنظمته وقراراته وتنفيذ التكليفات ، إلى جانب الالتزام بتسديد الاشتراكات المالية وجمع التبرعات والحرص على انجاز المهمات التنظيمية بأقل التكاليف المالية .
يمكن تعريف الانتماء الحزبي, بأنه الشعور الذي يلازم الشخص بالولاء للحزب والقضية التي يناضل من أجلها... بكل أبعادها الأيدلوجية والسياسية والتنظيمية..., وشعوره بأنه فرد في جماعة له مالها وعليه ما عليها، وحيث أن مفهوم الالتزام الوظيفي هو حالة تنظيمية سلوكية يمكن ملاحظتها وقياسها. فإن الانتماء هو حالة تنظيمية أكثر عمقاً ورقياً لأنها ذات أبعاد نفسية شعورية ترتبط بمدى عمق الوعي بهوية الحزب ومبادئه وأفكاره وأسسه التنظيمية.
كيف يمكن قياس الالتزام التنظيمي ؟ بالطبع الجواب هنا وبصورة محددة وواضحة : عبر اللجنة التنظيمية المركزية للجبهة واللجان التنظيمية للفروع ، وذلك باستخدام منهجية الملاحظة العلمية والمتابعة الدورية لاعمال وتقارير قيادات المناطق أولا بأول للتأكد من تنفيذ المهام الموكوله إليها، إلى جانب الاختبار التجريبي والاستبيانات الداخلية وتقييم الرفاق له.
كما أن للالتزام أشكال يمكن أن نقسمها إلى التالي:
الالتزام الظاهري (الجامد): وهو الالتزام بالمبادئ والفكر والقرارات والعمل بأخذ ظواهر النصوص دون الالتفات لتفسيراتها أو معرفة مسبباتها وهنا تتجلى اهمية الوعي وادراك النصوص بعمق .
الالتزام الفكري: والمقصود به، الالتزام بسياسة مقررة أو استراتيجية محددة للتنظيم.
الالتزام السلوكي: وهو الالتزام الذي يعكس نفسه في أخلاق التعامل والسلوك اليومي.
الالتزام الهيكلي: وهو الالتزام بالإطار التنظيمي من حيث التراتب التنظيمي وتقسيم العمل وتحديد المهمات. وفي الحركة الثورية لا بد للالتزام الواعي للكادر أن يرتبط بمحاور الفكر والأهداف والسلوك الاخلاقي الثوري المستمد أساسا من التزامنا بفكر حزبنا من خلال التزامنا وانتماؤنا لمستقبل فلسطين والوطن العربي.
تحقيق الانضباط والالتزام باشراف الحزب : ويتم عبر تطبيق جوهر النظام الأساسي بالأشكال التالية :
1- التوجيه والتوعية.
2- المراجعة المستمرة للمهمات والتكليفات
3- وضوح القرارات والتكليفات
4- تطبيق اللوائح والنظام بعدالة وحزم
5- تشجيع الأعضاء وتحفيزهم ، والإشادة بالأداء الجيد والخلق
6- اتخاذ الإجراءات اللازمة حال الإخلال بالالتزام
7- التقييم المستمر للأداء.
أهمية الالتزام التنظيمي: الالتزام التنظيمي وسيلة للحفاظ على الوحدة الداخلية للتنظيم, هو الدرع الواقي للوحدة الداخلية التنظيمية.
فبدون الالتزام لايوجد حياة تنظيمية, فهو الطاقة المحركة للتنظيم وعناصره والحافز على حضور الاجتماعات التنظيمية, وتحقيق برامج التنظيم والتقيد بأنظمته وقراراته وتنفيذ التكليفات.
الالتزام التنظيمي, كفاءة تنظيمية أفضل.
الالتزام التنظيمي, التفاف جماهيري أكثر.
كلما زادت قوة الوحدة الداخلية قوي الالتزام التنظيمي لدي العضو وزادت ثقة العضو بتنظيمه وقدرته على تحقيق أهداف الوطنية، ذلك إن قوة الالتزام التنظيمي تزداد طرديا مع مدى قوة التماسك والوحدة الداخلية للتنظيم.
وما دمنا في هذا المجال فمن المناسب الربط بين الالتزام والانضباط بالمعنى العسكري الثوري الذي يعرف بأنه : الاستجابة للنظم واللوائح ، والذي مظاهره هي : تنفيذ القوانين والنصوص ، التقيد بقرارات الهيئات العليا ، تنفيذ المهام بدقة وحماسة، تقيد المراتب الأدنى بالمراتب الأعلى تسلسلا وتوجيها، عدم مناقشة القضايا الداخلية خارج الجلسات التنظيمية السرية ، الابتعاد عن المزاجية والفردية في اتخاذ القرار ، استثمار وقت المهمة في العمل .
في ضوء كل ما تقدم ، يمكن أن نتناول بعض المفاهيم المتعلقة بالحزب الثوري.
حول أهمية الحزب أو العمل المنظـم : إن التنظيم أو الحزب هو الشرط المطلق للنضال السياسي .. فلا نضال بدون حزب منظم يقوم على تنظيم الجماهير وفق برنامج، ولا نضال أو حركة ثورية بدون نظرية ثورية.
القناعة الفكرية للعضو : ان القناعة الفكرية للرفيق لا تقوم على الإيمان الأعمى وغير المسئول بحياة أحسن ومستقبل أفضل ، إنما تستند إلى النظرة العلمية إلى العالم وفهم قوانين التاريخ والتطور الاجتماعي الموضوعية.
إن جماهيرنا الفقيرة الكادحة التي ترفع في وجه النظام الحاكم راية المطالبة بحقوقها تأمينا لمستقبلها, وترفع في وجه العدو الصهيوني راية النضال من أجل الحرية والاستقلال، إنما هي بحاجة إلى التنظيم كأسلوب وحيد لخلق الإرادة الجماعية.
فالحزب أو التنظيم هو السلاح الأمضى والوحيد الذي يوفر عناصر القوة للجماهير الشعبية الفقيرة لمواجهة قوى الاستبداد والظلم وأدواتها .
البناء الحزبي : لهذا المفهوم جانبان مترابطان : فمن جهة، يفهم على انه عمليات تطوير الحزب وتنظيم حياته الداخلية ونشاطه القيادي. ومن الجهة الأخرى، وهي الأهم، فإن البناء الحزبي هو علم قوانين تطور الحزب وتعاظم دوره القيادي في المجتمع وفي أوساط الجماهير الشعبية.
إن البناء الحزبي بوصفه علما يدرس قوانين بناء الحزب الماركسي وتطوره وتوظيفه بما يعزز ويدفع إلى الأمام كافة نشاطاته ، بمثل ما يعزز كافة نشاطاته على الصعيد الداخلي بين جميع المراتب والهيئات الحزبية.
قواعد الحياة الحزبية : أن قواعد الحياة الحزبية يمكن تصنيفها إلى ثلاث مجموعات :
المجموعة الأولى تتضمن قواعد ترتبط بالعضوية في الحزب ، أي مجمل قواعد قبول الأعضاء الجدد في الحزب .
والمجموعة الثانية من قواعد الحياة الحزبية تتعلق بتنظيم العلاقات الحزبية الداخلية الديمقراطية النابعة من مبدأ المركزية الديمقراطية مثل مبدأ انتخاب الهيئات الحزبية وتقديمها التقارير ، ودورية عقد الاجتماعات وجلسات اللجان الحزبية ، وجماعية القيادة ، وحرية المناقشة ، والنقد ، والانضباط الحزبي .
والمجموعة الثالثة قواعد تحدد البنية التنظيمية للحزب ، النظام الخاص بتكوين ووظائف منظمات الحزب في القاعدة ، والروابط والمناطق والفرع واللجنة المركزية والمكتب السياسي والمؤتمر العام.
الأسس التي يقوم عليها الحزب الثوري وهي :
1. الأساس التنظيمي : بدون هذا الأساس لا يمكن أن يوجد اصل للحزب اليساري الماركسي. و الأداة التنظيمية هي الحزب الثوري، و تتشكل أساسا من العناصر الأكثر وعيا من الطبقة العاملة، و من حلفائها الطبقيين كالفلاحين الفقراء و المعدمين، والمثقفين الثوريين، و الشرائح المتضررة من البورجوازية الصغرى، و العاطلين و أشباه العاطلين. و التنظيم يعتبر أداة و وسيلة في نفس الوقت، أداة تجمع الشرائح الأكثر وعيا، و تطور وعيهم، و ترسم خططهم و تراقب حركتهم ، و تفعلهم في أوساط الجماهير الكادحة.
2. الأساس الأيديولوجي أو الفكري : نظرية الحزب الثوري باعتباره حزبا للطبقة العاملة لا يمكن أن تكون إلا النظرية الماركسية أو الاشتراكية العلمية بشقيها : المادية الدياليكتيكية، و المادية التاريخية في تطبيقاتها على واقعنا الوطني الفلسطيني والقومي العربي، و المناضل المنتمي إلى الحزب الثوري لابد له من التسلح بهذه النظرية ومنهجها ، و لابد من الاستفادة من مختلف التجارب من اجل رسم برنامجه السياسي المرحلي، و تحديد هدفه الاستراتيجي، و المناضل الذي لا يتسلح بالماركسية يبقى عرضة للأخطار و المنزلقات الفكرية ، و خاصة منها ذات الطبيعة الإصلاحية الليبرالية أو اليسارية العدمية والانتهازية . و لذلك ، فإن تحقيق وحدة الهوية الفكرية و تعميقها في أذهان رفاقنا لا يتم إلا عن طريق التسلح المستمر بالفكر الاشتراكي العلمي بهدف تحقيق المستوى الفكري المتقدم والناضج وما سيعكسه من أثار ايجابية جداً بالنسبة لوحدة هوية حزبنا الفكرية إلى جانب وحدة بنية الحزب الداخلية التي تصير خميرة فاعلة في الواقع الاجتماعي و في مختلف المجالات مما يؤدي إلى توسيع قاعدة الحزب على مستوى الكم و على مستوى تغلغله في مختلف قطاعات المجتمع .
3. الأساس السياسي : وهو مدخل كل رفاقنا في الجب...هة للارتباط بالجماهير عبر فهمنا واستيعاب لمضمون شعارنا : التحرر الوطني والديمقراطي بالارتباط العضوي مع الاحزاب والقوى الماركسية في حركة التحرر القومي العربية ، وبالتالي فإن فهمنا في الجب...هة لهذا الاساس السياسي هو تجسيد لممارساتنا في اطار حزبنا على الصعيد الوطني التحرري وعلى الصعيد الديمقراطي الذي يمس كافة الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية والقانونية وقضايا المرأة والشباب والنقابات والعمل الجماهيري عموماً، التي تشكل في مجملها منظومة من الحقول التي يصعب الفصل بينها، و التي تتحدد في إطار برنامج الحزب السياسي المرحلي، و الاستراتيجي. ولذلك فالحزب الثوري يبلور مواقف سياسية مرحلية تتناسب و الشروط الموضوعية المتغيرة، كما تتناسب و إرادة الجماهير الشعبية الكادحة، بحيث لا تمر مناسبة دون أن يحدد الحزب الثوري موقفه منها، انطلاقا من البرنامج العام الذي ترسمه هيآت الحزب المقررة ، و الذي يشرح الوضعية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية محددا موقف الحزب منها، و طارحا البديل الذي يعمل المناضلون الحزبيون على تحقيقه من خلال عملهم في مختلف المنظمات الحزبية و الجماهيرية.
أما المبادئ الأساسية للحزب الماركسي الثوري : فهي تتحدد وتاخذ أسسها من المقولات التالية :
1) النقد و النقد الذاتي. 2) المحاسبة الفردية و الجماعية. 3) خضوع الأقلية لرأي الأغلبية وفق مبدأ المركزية الديمقراطية. 4) القيادة الجماعية. بالإضافة إلى مبادئ النظرية الماركسية ومنهجها المادي الجدلي الذي يمدنا بأدوات التحليل العلمي الملموس للواقع الملموس. وفي هذا السياق فإن العلاقة بين المركزية و الديمقراطية هي علاقة جدلية، و لا يمكن للحزب الثوري أن يكون مركزيا صرفا، و لا ديمقراطيا صرفا. لأن ذلك قد يؤدي به إلى التفكك أو التشرذم الحلقي الذي يشكل خطرا على الحزب كما يحصل في العديد من الأحزاب ذات التوجه الديمقراطي الإصلاحي أو الليبرالي. أما بالنسبة للنقد و النقد الذاتي فلابد من هذه الثنائية، فالنقد يعني الكشف عن الخطأ في الممارسة النظرية و العملية وفق منهج دقيق قائم على التحليل العلمي للوقائع و الأحداث بشقيها النظري و العملي قصد حماية الحزب مما قد يتسرب إليه من ممارسات نظرية أو عملية يمينية انتهازية أو يسارية مغامرة . و بذلك يكون سلاح النقد وجيها، و ضروريا شرط الابتعاد به عن الذاتية التي قد تسقط التنظيم في صراعات هامشية .
أيها الرفاق .. إن انتماؤكم لحزبكم ، لجبهتكم الشعبية ، كان منذ البدء انتماءاً طوعيا واعيا وحرا الى ابعد الحدود ، انطلاقا من إيمانكم العميق بحقوق شعبنا التاريخية والقانونية في السيادة على أرضه وتحقيق أهدافه وثوابته الوطنية من ناحية ، وانطلاقا من مواقعكم الطبقية ضمن الشرائح الفقيرة والكادحة التي دفعت بكم الى وضوح الرؤية في الالتحاق بالجب...هة باعتبارها الحزب الطليعي المناضل ضد كل اشكال الاستغلال الطبقي من اجل العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص والتقدم من ناحية ثانية ، وكما تعلمون أيها الرفاق ، منذ اللحظة الأولى التي انتسبتم فيها الى حزبكم ، فإن الجب..هة الشع.ب..ية لت.حرير فلسطين –كما نص عليها دستورنا/نظامنا الداخلي- حزبٌ سياسيٌ كفاحي يعمل لتوعية وتنظيم وقيادة الجماهير الفلسطينية من أجل استعادة الحقوق الوطنية الفلسطينية، ويناضل من أجل مجتمع اشتراكي خال من الاستغلال قائم على المبادئ الديمقراطية والإنسانية على طريق تحقيق مجتمع عربي اشتراكي موحد.
إن الجب..هة الشع....بية لتحرير فلسطين التي ضمت بين صفوفها منذ تأسيسها إلى يومنا هذا ، أجيالا من المناضلين ، ضمت الجد والجدة والأب والأم والأبناء من جماهير الفقراء والكادحين، أجيال تواصلت الى يومنا هذا ، وتعاقبت على حمل الراية ، راية التحرر ، راية الوطن ، راية الشعب ، راية العمال والكادحين الفقراء والفلاحين والمثقفين الثوريين على امتداد أربعة عقود مضت ناضلت جب..هتنا عبرها من اجل تحرير الوطن وطرد المحتل وتقرير المصير وحق العودة والاستقلال ، بمثل ما ناضلت من اجل حقوق الفقراء من العمال والفلاحين وكل الكادحين في سبيل لقمة اطفالهم ، علاوة على نضالها اليوم من اجل الحريات الديمقراطية ومن اجل المساواة بين المرأة والرجل في كافة الحقوق والواجبات .
وطالما أن حزبنا، الجب..هة الشع..بية لتحرير فلسطين، حزب طليعي يعبر عن مصالح ومستقبل الفقراء والمُستَغَلِّين والمُضطَهَدين، فهو من أجل ذلك تنظيم بالمعنى السياسي للكلمة، كفاحي في إطار النضال الوطني والصراع مع العدو الصهيوني ، وكفاحي بنفس الدرجة –مع اختلاف الأسلوب- في قضايا النضال الديمقراطي الداخلي، وهو بالضرورة حزب يجب أن يخضع للقوانين والأنظمة التي تحكم أساليب وطرق التحرك والنضال حسب كل مرحلة أو ظرف، لضمان حركة صعوده وتقدمه من ناحية، وتوفير سبل التوسع والتجديد والبناء وتعبئة الطاقات من ناحية ثانية، مسترشداً في كل ذلك بالنظرية الثورية الماركسية ومنهجها المادي الجدلي، هذه النظرية التي تمكننا عبر استخدامنا ووعينا لمنهجها وقوانينها، من فهم واقعنا وتغييره، إنها فلسفة التطور والتقدم التي لا يمكن لأحد أن يتجاوزها، إنها المدخل النظري الوحيد الذي يُمَكِّن جماهير الكادحين والعمال في العالم كله للخلاص من بشاعة الاستغلال الرأسمالي وسيطرته على مقدرات الشعوب الفقيرة، ذلك أن الحاجة للماركسية اليوم هي أكبر بما لا يقاس من تلك الحاجة التي تداعت في القرنين التاسع عشر والعشرين بحكم تزايد وتعمق وحشية النظام الرأسمالي المعولم في هذه المرحلة.
فليس يساريا من لا يلتزم في الممارسة والنظرية بأسس النضال الطبقي والصراع السياسي والديمقراطي ضد قوى اليمين الليبرالي والرجعي السلفي/الإسلام السياسي ...وضد التبعية والتخلف والاستبداد والخضوع ،وليس يساريا من لا يمارس - - وفق الزمان والمكان المناسبين- كل أشكال المقاومة المسلحة والشعبية ضد الوجود الصهيوني والقواعد الأمريكية المنتشرة في الوطن العربي ... وليس يسارياً – بل خائنا - من يستعين بأعداء وطنه بذريعة الديمقراطية ، وليس يسارياً من يشارك في حكومة من صنع الاحتلال أو يتحالف معها ، وبالطبع ليس يسارياً أيضاً من يعترف بدولة العدو الصهيوني ويتناسى دورها ووظيفتها في خدمة النظام الامبريالي . .. وليس يسارياً أيضاً من لا يستوعب تماماً كل مكونات واقع بلده الاقتصادي والاجتماعي / الطبقي بكل تفاصيله المتعلقة بقضايا الطبقة العاملة والبطالة والفقر والتنمية والتشغيل وتوزيع الدخل والمسألة الزراعية والصناعة وقضايا المرأة والشباب والصحة والتعليم ... الخ ، وفق منطلقات ومبادئ وبرامج الثورة الوطنية الديمقراطية ضد التحالف الكومبرادوري / البيروقراطي وإسقاط أنظمة الاستبداد ، من أجل انعتاق شعوبنا عموماً و إلغاء كل أشكال قمع الحريات والاستبداد والاستغلال والاضطهاد والتبعية . من هذا المنطلق يجب أن نعيد تحديد معنى اليسار عموما، والماركسي المتطور والمتجدد خصوصاً ،الملتزم بالمنهج المادي الجدلي ، فلا مكان هنا للتلفيق أو التوفيق ناهيكم عن الارتداد الفكري صوب الأفكار الهابطة والانتهازية والليبرالية الرثة ، إذ أنَ هذه المنهجيات المُضَللة أساءت كثيرا جدا لليسار العربي كله وأدت إلى عزلته عن الجماهير وعن سقوطه المدوي في آن واحد . هذه تعريفات جوهرية وقيم عامة لليسار، ومن وجهة نظري ،ليس يساريا من لا يدافع عنها ، وبالتالي بات من الضروري تحقيق الفرز انطلاقاً منها، وأن لا يُكتفى بالتسميات أو الألوان الحمراء ، بل أن يجري الانطلاق من المواقف والسياسات علاوة على الوعي المتجدد للماركسية ومنهجها . ولهذا حينما يجري التأسيس لعمل يساري أو وحدة قوى يسارية يجب أن ينطلق من هذا الفرز، ويقوم على أساسه، وإلا استمرت التوجهات السياسية الانتهازية والارتدادات الفكرية وتفاقم مظاهر التفكك الشللية والتحريفية الانتهازية والمصالح الطبقية الخاصة ، فاليسار ليس تسمية بل موقف وفعل أولاً وأساساً .
إن الماركسية تعني العدالة وحب المساواة، وأن تصبح ماركسياً معناه أن تقوم بزيارة التاريخ لا أن تُزَوِّره ، أن تَزُورَه عبر تحليل وفهم التطور التاريخي لشعوبنا العربية منذ آلاف السنين –كما شعوب العالم- وفق قوانينها ومقولاتها العلمية الموضوعية، ووفق مضمونها الاقتصادي الذي يرفع رايات الكادحين ضد رايات الرأسمالية وأدواتها المُستَغِلّه التي تنزف دماً من كلّ مساماتها .
الرفاق الاعزاء.... الماركسية هي منهجية تحفر في الواقع الاجتماعي او الطبقي ، والاقتصادي والسياسي والثقافي ، وتؤسس لتجاوز كل مظاهر التبعية والتخلف والفقر وكل اشكال الاستغلال والاضطهاد،لتحقيق اهداف شعبنا الوطنية في تقرير المصير والعودة بقيادة م.ت.ف الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا، الى جانب مواصلة النضال لتحقيق اهداف الثورة الوطنية الديمقراطية بافاقها الاشتراكية كهدف استراتيجي .. بمثل ما تؤسس وتفعل النضال الطبقي والوطني والقومي التحرري والديمقراطي من خلال الحزب الثوري الحامل لافكارها وتطبيقه لهذه الافكار على واقعه او مجتمعه بكل مكوناته ( السياسية والاجتماعية الطبقية والاقتصادية والثقافية ...الخ ) ..ما يعني ان الالتزام الواعي بالماركسية في صيرورتها المتطورة المتجددة من ناحية وفي توجيه وتسخير افكارها في خدمة الواقع المعاش وخصوصية مكوناته من ناحية ثانية هو الشرط الاول للاسترشاد الذي يصبح في هذه الحالة تجسيدا للالتزام الواعي ولصيقا به..وفي حال تغييب الالتزام الواعي بالماركسية فلا يمكن في هذه الحالة استخدام المنهج الجدلي الا عبر اساليب انتهازية ..اذ لا يمكن موضوعيا الحديث عن المنهج الجدلي بدون الماركسية ..لان الهروب من الماركسية باسم المنهج الجدلي خطوة تؤشر على نزعة مرتدة عما تحمله هذه النظرية من مضامين ثورية ، كما تؤشر على درجات من الهبوط السياسي اليميني وعلى نزعة انتهازية او ليبرالية هابطة تسعى الى الخروج من التراث الماركسي كله ..بهذا المعنى انا مع الاسترشاد اذا كان من منطلق الوعي بالماركسية والانحياز عمليا لمقتضياتهاوتطبيقاتها المنهجية ..
أيها الرفاق ، أن تكونوا ماركسيين اليوم، معناها أن تقاوموا هذه الحركة الصهيونية، وليدة النظام الرأسمالي وربيبته، وأن تقاوموا كافة انظمة الكومبرادور والتبعية وكل قوى اليمين بمختلف الوانه واطيافة ...أن تكونوا ماركسيين يعني ان تقاوموا نظام العولمة البشع ، لا أن تستهلكوا بضاعته الفكرية الرخيصة من الواقعية الى الليبرالية ، أن تكونوا ماركسيين ، يعني أن تكونوا حاضنة دافئة للجماهير العفوية، تحترمون كل تراثها ومعتقداتها وتتعلموا منها ، فأن تكون ماركسياً، يعني أن تنظر إلى الدين على أنه وعي اجتماعي وجزء هام ورئيسي من الوعي الإنساني، استطاع أن يلعب دوراً في تحرير الإنسان من الاستغلال عندما أحسن التعاطي مع أفكاره وجوهره عموما وفي بداياته الاولى خصوصا .
وأخيراً أن تكون ماركسياً، هو أن يتكامل وعيك أيها الرفيق، فتنهل من النظرية وتدرك منهجها ادراكا ذاتيا ، وتؤسس لك أرضية صلبة تنطلق منها للعمل النضالي والديمقراطي، الوطني والقومي والإنساني، لا أن تأخذ السياسة على حساب الفلسفة، فالجزء يكمل الكل، ولا تنفصل النظرية الماركسية ومنهجها بالنسبة لنا وفي كل الظروف عن العمل السياسي، فإذا ضاع الجزء، ضاع الكل ، وضاعت معه هوية حزبنا الفكرية .
أن تكون ماركسياً هو أن تعمل على أن يكون وطننا العربي كله، وطن لأبناءه ، وطناً مستقلاً حراً موحداً تسوده الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، يبنيه ويحميه أبناءه من الفقراء والكادحين بإرادتهم الجماعية الحرة، وبقيادة حزبنا، جبه..تنا مع كافة أحزاب اليسار الماركسي الطليعية في مشرق ومغرب الوطن العربي.... .