شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة و إمكانيّة حرب أهليّة مرتقبة – و الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة ؛ أساس ضروريّ و خارطة طريق أساسيّة لهذه الثورة ( 5 ) من الخطاب الثالث من كتاب : الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ...


شادي الشماوي
2022 / 11 / 20 - 20:37     

شيء فظيع أم شيء تحريريّ حقّا : أزمة عميقة و إنقسامات متعمّقة و إمكانيّة حرب أهليّة مرتقبة – و الثورة التي نحتاج بصفة إستعجاليّة ؛ أساس ضروريّ و خارطة طريق أساسيّة لهذه الثورة ( 5 ) من الخطاب الثالث من كتاب : الثورة الشيوعيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة : ضروريّة و ممكنة ...

و بنموّ الثورة على هذا النحو : هناك الكثير نقوم به و بصفة إستعجاليّة و الذى يتطلّب جرأة و جسارة حقيقيّتين ضد الفاشيّين و أيّة قوّة إضطهاديّة أخرى ، في تحرّكاتها لتهديد الجماهير و بثّ الرعب فيها و تعنيفها و قتل الناس . دعونى أوضّح أنّى لست أدعو إلى شنّ هجمات غير مستفزّة و غير مبرّرة ضد أيّ شخص ؛ لكن هناك حقّ و حاجة – و هناك مسؤوليّة – الدفاع عن المضطهَدين و المعنّفين في ظلّ هذا النظام و عن الذين يمثّلون و يقفون من أجل ما هو حقّ و يتعرّضون إلى الهجوم جرّاء ذلك .
في ستّ " نقاط يجب الإنتباه إليها من أجل الثورة " – التي هي مبادئ أساسيّة لنوادى الثورة كشكل مفتاح للتنظّم من أجل الثورة ، يعتمد عليها و يقاتل في سبيلها – النقطة الأخيرة هي التالية :
" نمضى من أجل الإطاحة الفعليّة بهذا النظام و إرساء طريقة أفضل تتجاوز كلّيا النزاعات المدمّرة و الخبيثة القائمة اليوم فى صفوف الناس . و لأنّنا نتحلّى بالجدّية ، فى هذه المرحلة ، لا نبادر بإستعمال العنف و نعارض أيّ عنف يسلّط على الشعب أو يمارس فى صفوفه ."
أجل ، هذا شيء جدّي جدّا : المضيّ من أجل الإطاحة العمليّة بهذا النظام و من أجل نظام أفضل تماما . و أجل ، جزء من كبير من هذا هو تجاوز كيف أنّ الناس الذين هُم بعدُ بعدّة طرق أخرى ، بفعل هذا النظام ، يسقطون في أحابيل أخرى يغالطهم بها هذا النظام : قتال بعضهم البعض . و يجب إيقاف هذا .
لكن هذا لا يحتاج إلى مجرّد الإيقاف . يحتاج الناس الواقعين في هذه الأحابيل أن يكونوا جزءا من شيء إيجابيّ حقّا – يحتاجون أن يصبحوا جزءا من قوى الثورة اللازم تشكيلها بصفة إستعجاليّة جدّا .
إنّ الإحباط و الغضب الذين يشعر بهما الكثيرون لا سيما الكثير من الشباب القاعديّ لقدرتهم على تلمّس أنّ الحياة في ظلّ هذا النظام لا توفّر لهم أي شيء جيّد – و ذلك منذ ولادتهم ، يكبّلون و تحاصرهم قوّات تنظر إليهم و تتعاطى معهم على أنّهم غرباء يبعثون الرعب و الكره – و أولئك الذين تنظر إليهم السلطات على أنّهم حثالة لا يستحقّون أكثر من ضربهم على مؤخّراتهم و توجيه رصاصة إلى رؤوسهم – يحتاج هذا الإحباط و هذا الغضب أن يُعاد توجيهه إلى قتال النظام الذى يتعاطى معهم على هذا النحو و يحرمهم و الكثير من أمثالهم عبر العالم من حياة كريمة و مستقبل كريم أو أيّ مستقبل أصلا .
و مرّة أخرى ، هناك الكثير الذى يستدعى بصفة ملحّة جرأة و بسالة كبيرتين للقيام بما نحن في حاجة إلى القيام به : المساهمة في النهوض ضد هذا النظام و الإستعداد لخوض كامل الثورة حالما يحين الوقت - و كجزء هام من هذا ، مساندة و الدفاع عن الذين يتعرّضون بإستمرار إلى الهجمات غير العادلة على حقوقهم و على وجودهم ذاته .
و ثمّة الهجمات المستمرّة على الناس و على الحركات الذين يتمرّدون ضد الإضطهاد العنصريّ . وثمّة التهديدات بالإعتداء الجسدي على العاملين بالرعاية الصحّية و مقدّمى خدماتها و على موظّفى الحكم المحلّى ( و على أسرهم ! ) ؛ و كذلك على العاملين بالمغازات و ما إلى ذلك ، عندما يدافعون عن و يطبّقون متطلّبات الحاجة إليها ماسة و منقذة للحياة كإرتداء الكمّامات و التلاقيح للتعاطى مع تواصل وباء الكوفيد .
و ثمّة هجمات على أعضاء طاقم المعاهد ليس لتبنّيهم هذه الإجراءات الصحّية الأساسيّة و حسب و إنّما أيضا لأشياء كالقبول بتدريس بعض الحقائق بخصوص تفوّق البيض الملازم لهذه البلاد منذ وجودها أو السماح بإحترام حقوق المتحوّلين جنسيّا.
و هناك هجمات عنيفة مستمرّة بما فيها التهديد بالعنف المادي و إستخدامه ، مرّة أخرى لمنع السود و غيرهم من المضطهَدين من حتّى ممارسة ما يُفترض أنّها حقوق أساسيّة كالتصويت في الانتخابات . ( بمنهج و مقاربة علميّين ، في آن معا من الممكن و الهام معارضة محاولات إنكار حقّ الناس في التصويت معارضة نشيطة ، و في الوقت نفسه كسب الناس إلى رؤية أنّ جهودهم يتعيّن أن توجّه ليس إلى التصويت لممثّلى هذا النظام الذى يضطهدهم بل إلى العمل على بناء أسس الإطاحة بالنظام برمّته ) .
كلّ هذه الهجمات على الجماهير الشعبيّة و على حقوقها لا بدّ من معارضتها معارضة قويّة و الناس الواقفون على الجانب الصحيح يحتاجون إلى الحماية النشيطة و الدفاع عنهم بنشاط كلّما تعرّضوا إلى التهديد و حتّى الهجوم الجسديّ المباشر .
و ثمّة حاجة إلى منع الشرطة من تعنيف و ببساطة إغتيال الناس بدم بارد . و لنتذكّر ما قاله بعض من كانوا شهودا على و حتّى سجّلوا الحركات البطيئة للقتل الخبيث لجورج فلويد : لقد تعذّبوا عذابا شديدا و هم يواجهون ما إذا كان عليهم القيام بأكثر ممّا فعلوا ، ما إذا كان يجب عليهم التحرّك لإيقاف عمليّة القتل الجليّة هذه لرجل أسود لا يقدر على الدفاع عن نفسه . و الآن ، مرّة أخرى ، ما أشير إليه متناغم مع النقطة السادسة من ستّ " نقاط يجب الإنتباه إليها من أجل الثورة " – و في ما أقوله هنا، لست أدعو إلى شنّ هجوم على أي شخص .لكن لا يحقّ لأيّ كان بما في ذلك الشرطة أن تقتل ببساطة شخصا – و هناك حقّ و مسؤوليّة الدفاع عن الناس و حمايتهم من لهجمات غير العادلة على حقوقهم و على حياتهم ذاتها .
تصوّروا لو توجد وُجدت ، في مثل هذه الظروف المختلفة ، نواة قوّة قويّة ثوريّة منها شباب قاعديّ ، يكون حضورها في تشكيلة منضبطة و منظّمة توضّح أنّها لن تقبل الهجمات غير العادلة على الناس . إلاّ أنّ هذا لا ينبغي أن يبقى مجرّد تصوّر – يجب تطويره كجزء هام من السيرورة العامة من الإعداد و بناء القوى المنظّمة من أجل الثورة .
من الواجب أخذ هذا مأخذ الجدّ ، مأخذ العلم – أن لا نحاول في أيّة لحظة معطاة القيام بما لا تتوفّر قاعدة لقيام به ، و إنّما نسعى سعيا حثيثا نحو إيجاد ظروف حيث ما كان غير ممكن قبلا يغدو ممكنا مع تواصل نموّ صفوف الثورة المنظّمة و تحوّلها إلى قوّة منضبطة صلبة كالفولاذ . إن فُهم الأمر على هذا النحو، يمكن أن يكون له تأثير ديناميكيّ متصاعد – ب " تبعات " و إنعكاسات أبعد من الوضع المباشر ، جاذبا المزيد من الناس إلى صفوف هذه الثورة ... ما سيجعل بدوره ممكنا إحداث تأثير أكبر ... و جذب حتّى المزيد من القوى إلى صفوف الثورة .
كلّ هذا جزء هام من المقاربة العامة التي عُرضت في ثنايا هذا الخطاب و هذا ما سيخوّل لقوى الثورة المنظّمة الصغيرة اليوم من مواصلة النموّ - بشكل متزايد وعبر طفرات وقفزات - عدديّا و قوّة منظّمة وتـأثيرا على المجتمع ككلّ. و لهذا ينبغي تحدّى المزيد و المزيد من الناس و تمكينهم من أن يساهموا في ذلك .
و هنا يبرز بُعدٌ هام آخر من العمل من أجل الثورة – و معارضة الفاشيّين كجزء من القيام بذلك : لزاما علينا أن نفضح و نعارض بشدّة - و نقاوم لنتجاوز سياسيّا و عمليّا – واقع أنّ التفوّقيّين البيض و الفاشيّين عموما بإنتظام قد رفعوا عاليا راية البند الثاني من الدستور ، المعلن ل" الحق في حمل السلاح "، و لقوا مساندة قانونيّة و قضائيّة في ذلك من طرف الشرطة و غيرها من مؤسّسات الدولة ؛ بينما بالنسبة إلى السود و المضطهَدين الآخرين و عامة الذين يعارضون إضطهاد هذا النظام و ظلمه ، مُنعوا من " حق حمل السلاح " حتّى عند الدفاع عن النفس و تعرّضوا للقمع القاسي جرّاء ذلك .
و قد تمّ تسجيل هذا بجلاء في كتاب لكارول أندرسن بؤرة تركيزه البند الثاني من الدستور – " الثاني : العرق و البنادق في أمريكا غير المتساوية بشكل قاتل " . و يتضمّن هذا الكتاب ( حتّى أكثر ! ) فضحا حارقا لعنف منفلت من عقاله سلّط على السود عبر تاريخ هذه البلاد ، و كيف أنّ " حقّ حمل السلاح " لم ينسحب قط على السود بل على العكس من ذلك وُجد حقّ فاسد ، " حقّ قتل " السود على يد السلطات القائمة و البيض العنصريّين عامة . و هذا أمر لا يمكن السماح بتواصله .
و خوض النضال نضالا مصمّما لا ينبغي أن يتمحور حول ما يمثّله ببساطة " البند الثاني من الدستور " ، بل حول عديد الطرق التي بها تجرى مقاربة الحقوق التي من المفترض أن تكون مضمونة للناس و التي تطبّق بطريقة لامتساوية إلى أقصى الحدود ، فبإستمرار يجد المضطهَدون و الذين يعملون ضد العلاقات الإضطهاديّة لهذا النظام حقوقهم عُرضة للهجوم و " التقييد " أو مداسة تمام الدوس . و في خوض هذا النضال ، من المهمّ الإعتراف إلى الدرجة الممكنة و الإستفادة من هذا التناقض : في الواقع ، في ظلّ هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، الحقوق و الحرّيات محدّدة و محدودة حسب ما يخدم مصالح هذا النظام و طبقته الحاكمة ؛ إلاّ أنّه يُقال لنا بصفة مستمرّة في ظلّ هذا النظام هناك " حرّية وعدالة للجميع " و يشعر حكّام هذا النظام أو على الأقلّ بعضهم بأنّه من المهمّ الحفاظ على هذه الأسطورة . و مجدّدا، إلى الدرجة الممكنة ، يجب إغتنام هذا التناقض في خوض النضال لإلحاق الهزيمة بمحاولات فارضي هذا النظام دوس ما يُفترض أنّه حقوق أساسيّة ، في تحرّكاتهم لقمع من ينهض ضد هذا النظام و ظلمه العميق .
و ما هو أكثر مركزيّة هو أنّ هذا النضال يتعيّن أن يُخاض بوعي تام و بفهم يعتمد العلم للطبيعة الأساسيّة لهذا النظام ، بتوجّه و هدف العمل للإطاحة بهذا النظام و تفكيك علاقاته و مؤسّساته للإستغلال الخبيث و لإضطهاد و لإلجام مصّاصي الدماء .
و مرّة أخرى ، كي نحقّق كلّ هذا في الواقع ، و هذه الثورة تتقدّم إلى أعداد متنامية من الشباب القاعديّ و غيرهم ، و يقع تحدّيهم للتعمّق فيها ، لا مناص من خوض صراع معهم ، صراع شاق لتخليصهم من طرف التفكير السلوك التي تبقي على هذا النظام سائدا . إنّهم في حاجة إلى " تعديل أذهانهم " ، إلى وضع رؤوسهم على أكتافهم و إلى تبنّى المنهج و المقاربة العلميّين للشيوعيّة الجديدة لتفسر الواقع و تغييره جوهريّا عبر الثورة . و هذا يعنى ليس مجرّد المضيّ للقتال من أجل النفس أو من أجل الذين نتماثل معهم بطريقة ضيّقة ( مهما كانوا ) بل التحوّل إلى ثوريّين بأتمّ معنى الكلمة – إلى شيوعيّين ثوريّين ، محرّري الإنسانيّة قاطبة – التحوّل إلى جزء من القوى المنظّمة و المنضبطة من أجل الثورة و لا شيء أقلّ من ذلك .
و كما قلنا ، إلى " كلّ من له / لها قلب يحفّزه على القتال في سبيل شيء يستحقّ حقّا النضال من أجله : تحتاجون إلى أن تكونوا جزءا من هذه الثورة . ".