منهج حكومة السوداني ..وسياسة الباب المواربة


علي عرمش شوكت
2022 / 11 / 19 - 02:40     

اعتدنا ان نسمع عسل الكلام ونرى نسخاً لخطى استعراضية، من قبل حكومات جاءت متعاقبة، وتذهب مجلجلة بالفشل الذريع.. وخلال عقدين مضت كانت جميعها تبدأ مدشنة بواكير حكمها بمغازلة هموم الناس، وكأنها تريد القول: اصبروا يا قوم صبر فلاح لانها بحاجة الى حرث الارض وانتظار المطر لكي تنثر البذار لحصد الخير المبارك لاجل ان يصلكم " الرخاء " الموعود.. وما ان يجاز لها ان تمتطي سرج كرسي الحكم البغيض. لم تلبث ان تشرع في سياسة الباب المواربة. اي غير المغلقة للاخر. انما تمن على الشعب بفتحة جزئية لكي لا يقال عنها انها مغلقة على نفسها.
من البديهي بان الضمأن يظن في السراب ماءً ، على الاغلب الاعم. وهنا تقتنص الحكومة الفرصة لكي تلقي باعباء حملها من الوعود المخادعة، على ذمة الذرائع غير المنطقية، متوهمة بان الشعب يمكن تضليله. او انه سوف يبقى يتأمل من سرابها ان يروي عطشه .. وقد جات حكومة السوداني كخير خلف لاسوء سلف من الحكومات الفاشلة السابقة. حيث قدمت برنامجها الحكومي يهتف بمطالب الشعب وفي مقدمتها الانتخابات المبكرة.. ولكن سرعان ما بانت بوادرالتملص منه، اذ بان ذلك بقول السيد السوداني: بان الانتخابات المبكرة { مرهونة بتوفر متطلباتها } متناسياً انه قد وضع لها سقفاً زمنياً والذي حدده بسنة واحدة. وبثلاثة شهور لاعداد قانون جديد للانتخابات.
كما زاغ ايضاً عن تعهده بايجاد فرص عمل ومعالجة البطالة بقوله { قضية البطالة هي من شأن مجلس الخدمة الاتحادي } ، وهو لا يجهل بان المجلس لا شأن له بتوفير فرص العمل التي من واجب الحكومة حصرياً، وانما جل اختصاصاته تنحصر بسياقات اجراء التوظيف فقط.. و قد تواصلت خطى منهج الحكومة المتسم بالالتباس اذ ان في كل مادة منه لا تخرج عن كونها حمالة اوجه. ان ميدان الاختبار مكتض بالعوارض التي بمثابة عبرة الشط التي لايتمكن من يشله ويعبرها وفيه " ناقصة " خوفاً من الفضيحة. علماً ان جملة من هذه العارضات قد جاء البرنامج الحكومي متخوماً بها.
على سبيل المثال وليس الحصر. وخوضاً في مكافحة الفساد.. راح السيد رئيس الوزراء يهوّن من فاجعة " سرقة القرن" بقوله: { انه لا يعلم بحجم السرقة وبحاجة الى شركة تدقيق } واتفق فعلاً مع شركة اجنبية لمعرفة الحقيقة، وشكلة لجنة عليا لمكافحة الفساد .. بمعنى من المعاني هي { طمأنة لا تبتعد عن طمطمة } الى حد بعيد. الامر الذي يكشف نوايا من يتعكز على عدم معرفة حجم " سرقة القرن " بانه يحاول سلفاً، شاء ام ابى، التعتيم للاسف الشديد. هكذا سيحسب وان كان بعيداً عن ذلك طبعاً، ليس على هذه الجائحة الاخيرة فحسب.. انما محاولة التغاضي عن ما تمت سرقتها من اموال عامة منذ عام 2003 لحد الان، بالرغم من فضيحتها الضاربة، والتي يعرفها القاصي والداني. وهو اولهم بعتباره ابن هذا النظام ويعرف جل" درابينه "..
هذه وغيرها من المأخذ على حكومة السيد "محمد شياع السوداني " وبخاصة تشكيلتها غير السديدة حيث جعلتها في خانة التشكك وعلى وجه التعين ببعض وزرائها، على الصعيد الدولي الى جانب عدم القبول الداخلي في الاعم. الامر الذي حفز الناس وبخاصة المغتصبة حقوقها للتدقيق بالصغيرة والكبيرة واخضاعها تحت طائلة التتبع الدقيق. فضلاً عن التوجس من مستقبلها سيما وان الموازنة القادمة تتسم بالدسامة الثقيلة غير المسبوقة، بفضل الوفرة المالية، زد على ذلك خلو الساحتين الحكومية والبرلمانية من المعارضة الجديرة التي بامكانها فرملة النهب في اقل تقدير.