الحلم الأمريكي (6)... في البر والبحر ...


قاسم حسن محاجنة
2022 / 11 / 14 - 15:09     

من الصعب جدا على الإنسان، ان يتخيل المسافات الشاسعة، وألأراضي الواسعة ، لأمريكا... ورغم أننا قضينا أسبوعين في سان فرانسسكو ، وزرنا مناطق مختلفة، إلّا أنني لا أستطيعُ ، حتى مجرد القول بأننا زرنا ولاية كاليفورنيا والتي تُعتبر سان فرانسسكو، محافظة من محافظاتها.. ولكن...
جلسنا وتجولنا ،على شاطيء المحيط الهادر ، وزرنا مناطق متعددة ، ذكرتُ قسماً منها وتبقى الكثير ...
كانت لنا سياحة في غابة مشهورة في منطقة سان فرنسسكو ، وهي "الغابة الحمراء"، أو على وجه الدقة " غابة الجذوع الحمراء" ...
ما أن نطقت مضيفتنا، بإسم الغابة ، إختصارا، " الغابة الحمراء" ، حتى أعادتني عقودا في الذاكرة الى الوراء.. إلى إحتفالاتنا بذكرى النصر على النازية ، في غابة على جبال القدس " الغابة الحمراء" !!
كنا شبابا في العشرينات ، أعضاء في "الشبيبة الشيوعية " ، وكان التاسع من ايلول من كل عام ، هو يوم مميز لنا ولغيرنا الكثير، يهودا وعربا ، كُنا نحتفي ونحتفل بهذا اليوم المميز ....
وفي العادة يُقام الإحتفال في يوم السبت من الاسبوع الذي يُصادفُ هذه الذكرى ... كنا مجموعة كبيرة من أبناء " الشبيبة الشيوعية " ، نصل الغابة يوم الجمعة ونقوم بالتحضير لهذا اليوم ، نبني المنصة ، ننصب خياما لتأوينا ليلة السبت ، نُجهز الكراسي ، وكُنا نقضي الليل في السهر ، وترداد الأناشيد " الثورية " ...
وكان يوم السبت مهرجانا، يتخلله مظاهرة صغيرة بالأعلام الحمراء، تليها خطابات ، أغاني ، قصائد واحتفالات حتى مساء السبت، ليعود كل الى بلده وبيته..!!
لا أعلم حقا ، فيما إذا ، ما زال هذه الإحتفال قائما ..!! فلقد تغيرت الدُنيا ...
أما غابة " الجذوع الحمراء" الأمريكية ، فهي مقصد سياحي مثير للإنتباه والإعجاب ... ويُطلق عليها " الجذوع الحمراء" ، وذلك لأن أشجارها هرمة معمرة ، بدأت جذوعها عبر السنين ن بإكتساب لون قريب من الأحمر ....
هي غابة عمرها مئات السنين ، تروي تاريخا ... اشجارها باسقة شاهقة ، ولكي ترى قمة الشجرة عليك الإنبطاح على ظهرك والنظر الى الأعلى ، وهذا ما فعلته إبنتي ..!!
تحكي اللافتات المنتشرة في الغابة الشاسعة الواسعة ، بأن طول بعض الأشجار، تجاوز ال- 120 مترا !!!
أما الجذوع فهي ضخمة هائلة ، دخلت وشريكة الحياة في أحد الجذوع ، وبدا لنا بأنه غرفة تكفي أربعة أفراد ، والتقطنا صورة داخل الجذع...
جلنا في الغابة ، والتي يُقالُ بأن الرئيس الأمريكي، روزفلت ، بعد الحرب العالمية الثانية ، قد دعا زعماء العالم ، إلى إجتماع، لتأسيس الأمم المتحدة في نزل داخل الغابة ...
أما الأمر اللافت للنظر في الغابة ، فهي يافطة تقول ، بانه تم تخليد كل الأحداث عن الغابة ، وتم التأريخ لكل شيء، إلا الحديث عن سكانها الأصليين ، وهم قبائل الهنود الحمر !!!! وكأن لا وجود لهم ، رغم أنهم سكنوا الغابة ، وفي تصوري ، فإنهم هم من قاموا "ببناء " تلك الغرف داخل جذوع الأشجار ...
أما، المعلم الآخر ، الذي "كان " من نصيب شريكة الحياة ومضيفتنا عاليا ، أن يمكثا فيه ، فهو ، جزيرة البيت الواحد ...
إنها جزيرة صغيرة ، تبعد عن الشاطيء ، ربما عشرين دقيقة في القارب ، عليها بيتُ مكون من عدة غُرف، ولكي تمكث فيه عليك الحجز بشكل مسبق ..لم نتمكن سوى من حجز غرفة واحدة ، سافرتا اليها... شريكة الحياة ومضيفتنا ...
أوصلناهما الى الجزيرة ، وصعدتا الى القارب .... وروت شريكة الحياة عن ليلة جميلة وسهرة في قلب المحيط ...
معلمٌ آخر من معالم سان فرنسسكو ، هو "الجسر الذهبي"، وهوجسرٌ طويل جدا وضخم جدا، يبدو بلون ذهبي ، تسير عليه مئات بل آلاف السيارات في نفس الوقت..
وأخيرا، مررنا عدة مرات ، بجانب الجزيرة التي كانت تحوي السجن الشهير وربما سيء الصيت في أوساط المجرمين ، وهو سجن "الكاتراز ".. الذي طالما سمعت به ، وخصوصا في الأفلام ...
وبنظرة سريعة عن بُعد ، فهمتُ ماذا يعني، استحالة الهروب من هذا السجن ، الواقع على جزيرة بعيدة عن الشاطيء ، في مياه الُمحيط !!!