رسالة سياسية مفتوحة إلى قيادة حزب النهج الديمقراطي العمالي..


حسن أحراث
2022 / 11 / 3 - 21:29     

تحية نضالية

بكل وضوح ومسؤولية نضاليتين، وتجاوزا للرسائل والكتابات الصريحة والمُشفّرة، ومنها الجارحة حينا واللّبقة أحيانا أخرى؛ أتوجّه إليكم، مناضل من أبناء الشعب المغربي، بهذه الرسالة المفتوحة، من منطلق تحمُّلكم تبعات كل ما يصدر عن مناضلي ومناضلات حزبكم من مواقف وممارسات.
والمناسبة هي مشاركة مسؤول قيادي عن حزبكم في نشاط لجماعة العدل والإحسان؛ وهو الرفيق عمر باعزيز، النائب الرابع للأمين العام. وبالنسبة لمشاركة أسماء أخرى (عبد المومني والجامعي والبوحسيني)، فلا يُقاس عليها، لأن المعنيين لا يمثلون إلا أنفسهم..
يتعلق النشاط بذكرى تأسيس الجماعة، علما أنه يتزامن وعشية ذكرى استشهاد رفيقكم/رفيقنا، شهيد الشعب المغربي أمين تهاني (6 نونبر 1985)، وليس بعيدا عن ذكرى اختطاف واغتيال الشهيد المعطي بوملي (31 اكتوبر- 1 نونبر 1991)، بمشاركة أعضاء من الجماعة المذكورة.
إن القوى الظلامية، وجماعة العدل والإحسان جزء منها، قوى رجعية تخدم مشروع الأنظمة الرجعية العميلة للامبريالية. كما أنها متورطة في اغتيال العديد من المناضلين بالمغرب وخارجه. وبالنسبة لجماعة العدل والإحسان، فأدبياتها تؤكد الأمر وأيضا تصريحات مسؤوليها. وليس أدل على ذلك من قول أمينها العام محمد العبادي "الحضور القوي في الميدان، هو الذي جلب على الجماعة بأس الدولة ونقمتها، فهي في كل مرة تبتكر أساليب ماكرة لتشتيت صفها ومحوها من الوجود، ظنا منها أن هدف الجماعة هو الاستلاء على السلطة، وزحزحة الحكام عن كراسيهم، ولا يخطر في بال أحد منهم ما نكن لهم من الشفقة حرصا على مصيرهم الدنيوي والأخروي، كما كان يقول الأستاذ عبد السلام ياسين".
إن أي عمل مشترك مع القوى الظلامية، سياسيا كان أو نقابيا أو ثقافيا أو حقوقيا أو مدنيا، تبييضٌ مكشوف لرصيدها الدموي ومساهمةٌ في تنزيل مشروعها النكوصي وطعنٌ في ظهر، بل في صدر الشهداء، ومنهم بالخصوص من سقطوا بأياديها الغادرة. ويترتب عليه بالضرورة التزامات سياسية و"أخلاقية" قد لا تنتهي..
فكيف يلتقي من يناضل ضد النظام القائم مع من "يشفق" عليه ويقدم له "النصيحة"؟!!
إن دماء الشهداء لم تجف بعد، ماذا عن مبدأ عدم الإفلات من العقاب والمحاسبة، خاصة وأن الجرائم السياسية لا تعرف التقادم؟!!
كيف يلتقي من يناضل من أجل تحرر المرأة مع من يكرس دونيتها، فكرا وممارسة؟!!
أين يلتقي من يتبنى حقوق الإنسان في شموليتها وكونيتها مع من يؤمن بالخصوصية، و"يُفصّل" حقوق الإنسان حسب هواه وحاجته بانتقائية مفضوحة؟!!
ليس كل ما يلمع ذهبا، وليس أتباع الجماعة إلا طعما لإغراء الراغبين في سلاح العدد (الكم). إن مريدي القوى الظلامية، كخلايا نائمة أو كجيش احتياطي، لن يُطلق سراحهم حتى يستدعي الأمر مواجهة أبطال اليسار الحقيقي، ولنا في التاريخ عبرة. فلا نرى لهم أثرا في الساحة السياسية إلا في حالة استعراض العضلات (بعض المسيرات التضامنية مع الشعب الفلسطيني وإبان الجنائز). أما غير ذلك، أي خوض معارك ضد الفساد وضد ارتفاع الأسعار ومواجهة التردي الاقتصادي والاجتماعي عموما، أو مناهضة التطبيع عمليا، فلن تجد إلا أفرادا معزولين بهدف المتابعة وتسجيل الحضور واكتساب المشروعية..
إن أغلب أطر القوى الظلامية تعيش أوضاعا اقتصادية مريحة. والرهان على قواعدها المُتشبّعة بالغيبيات والمُنفّذة بشكل أعمى للأوامر والفتاوى كالرهان على السراب أو على البروليتاريا الرثة، إنها سيف ذو حدين. فمن نفّذ جرائم اغتيال كل من عمر بنجلون (1975) والمعطي بوملي (1991) ومحمد بنعيسى أيت الجيد (1993)؟!!
ألم نستفد من درس تجربة 20 فبراير؟!!
ألم يكن انسحاب القواعد من الساحة انسجاما وتواطؤ القيادة و"كولستها"، باعتراف مسؤولة الجماعة آنذاك نادية ياسين، حين "خانها" التعبير مُصرّحة أن الجماعة في شخص زعيمها ياسين "بردت الطرح"؟!!
أي خيط ناظم يربط القوى الديمقراطية حقا والتقدمية حقا بالقوى الرجعية التي يعانق مشروعها السياسي مشروع البورجوازية الكبيرة، قاعدة النظام الطبقية؟!!
إنها رسالة، قد لا تعني الحزب وقيادته، إلا أنها صرخة للتاريخ، ومناشدة للمناضلين كل من موقعه من أجل وقف مسلسل السقوط والانهيار الذي يستنزف الذات المناضلة ويشوّش على مسارها الشاق والطويل..
إن أي ممارسة غير محسوبة باسم النضال تسيئ إلى النضال، ويتحمل عبئها المناضلون القابضون على الجمر والسائرون على درب الشهداء. إنها تعيق تقدم الفعل النضالي وتُتّخذ ذريعة لتصفية الحسابات وقتل الجديد المتطلع إلى التغيير الجذري. كما أن الإمعان في مواصلة الممارسة الخاطئة وتكرارها ليس غير شكل من أشكال الانتحار السياسي الذي يأتي على اليابس والأخضر (طارت معزة/عنزة)..
إننا اليوم نعاني في خضم معركة البناء جراء الخيانات السابقة وما تليها من مراجعات/تراجعات فجة في المجالات السياسية والنقابية والثقافية.
إنها مسألة مبدأ قبل كل شيء، ورهان ثقة في المشروع الطبقي الثوري لليسار..

وتقبلوا مروري الرفاقي بغيرة نضالية وخدمة لقضية شعبنا..