من الأدب الشعبي الروسي


حسين محمود التلاوي
2022 / 11 / 3 - 14:31     

فيما يلي ملخص لحكايتين خرافيتين من الأدب الشعبي الروسي مع تعليق شخصي عليهما.
الترجمتان بتصرف عن موقع Russia Beyond
*********
إيفان تزاريفيتش (ابن القيصر) والذئب الرمادي
قرر القيصر أن يرسل أبناءه الثلاثة للبحث عن طائر النار السحري ذي الريش الذهبي. واجه الابن الأصغر، إيفان تزاريفيتش (ابن القيصر) ، مشكلة شديدة الخطورة في اللحظات الأولى من رحلته؛ فبينما كان يأخذ قسطًا من الراحة، أكل أحدُ الذئاب حصانَه. وعندما اكتشف الشاب ما حدث، شعر بقدر هائل من الأسى، حتى إن الذئب أشفق عليه، وعرض المساعدة. وهكذا انطلق "إيفان"، معتليًا ظهر الذئب الرمادي، يبحث عن طائر النار. وبمرور الوقت اتضح أن الذئب شديد البراعة والدهاء. وبفضل هاتين الصفتين، لم يجد الأمير طائر النار فحسب، بل وجد كذلك حب حياته؛ "إلينا" الجميلة التي استطاع، بمساعدة الذئب، أن يهرب بها من أراضي ملك آخر. إلا أن شقيقيه حاولا أن يعرقلاه، ولكن — وكما هو الحال غالبًا في القصص الخرافية الروسية — تغلب العطف والنبل على كل النوازع الشريرة!
*********
الأميرة الضفدعة
تدور هذه القصة من الأدب الشعبي الروسي حول زوجة مسحورة. تبدأ القصة بأن طلب القيصر من أبنائه الثلاثة أن يختاروا زوجاتهم بأن يطلق كل منهم سهمًا من قوس، ويتزوج من يقابلها في الموضع الذي يسقط فيه السهم؛ أيًّا كان هذا المكان. بعد أن أطلق الابن الأصغر، "إيفان تزاريفيتش"، سهمه، وجده قد سقط في مستنقع، وكان الكائن الوحيد الذي قابله هناك ضفدعة؛ ومن ثم تعيَّن على "إيفان تزاريفيتش" أن يتزوج الضفدعة.
ولكن يتضح فيما بعد أن الضفدعة مسحورة، ويمكنها أن تنزع عنها جلد الضفادع، وتتحول إلى شابة جميلة؛ "فاسيليا" الجميلة (أو فاسيليا الحكيمة). ولكي يحرر الأميرُ زوجته من التعويذة الشريرة، اضطُرَّ إلى أن يسافر عبر الغابات والمستنقعات بحثًا عن "كوشاي" الشرير الرهيب. ولكي يتمكن "إيفان" من ذلك لم يكن أمامه سوى أن يجد "سر" موت "كوشاي" المُخَبَّأ في طرف إبرة المُخَبَّأة في بيضة، التي كانت مُخَبَّأة بدورها داخل بطة، كانت مُخَبَّأة كذلك داخل أرنب، كان مُخَبَّأ في خزانة حجرية، كانت موضوعة في شجرة صنوبر عالية.
ولحسن الحظ، تلقى "إيفان تزاريفيتش" الشجاع طيب القلب المساعدة من حيوانات مختلفة في مسعاه هذا؛ ليتمكن في نهاية الأمر — بالطبع — من إنقاذ "فاسيليا"!
*********
ملحوظة من المترجم تتعلق باسم البطل:
في اللغة الروسية، يضاف إلى نهاية اسم العائلة أو اسم الأب مقطع "وف" أو "فيتش" أو "سكي"، وكل مقطع له معناه؛ مثل كلمة "ابن" في اللغة العربية التي تضاف بعد اسم الفرد، وقبل اسم الأب أو اسم العائلة؛ فمقطع "وف" لاسم العائلة، ومقطع "فيتش" لاسم الأب في حالة ذكر الاسم ثلاثي، ومقطع "سكي" للنسب إلى اسم مكان؛ كمدينة، أو بلدة. وفي قصتنا هذه أضيف مقطع "فيتش" إلى اسم القيصر للدلالة على أن الأمير إيفان ابن القيصر؛ فجاء الاسم "تزاريفيتش"؛ أي ابن القيصر. وقد كان من الممكن كذلك كتابته "قيصروفيتش"، ولكن لعدم احتواء اللغة الروسية على حرف "ص"، كان هذا الاسم ليبدو غريبًا، ومزجًا غير مقبول بين العربية والروسية.
*********
تعليق على الحبكتين:
هاتان حبكتان لحكايتين خرافيتين من الأدب الشعبي الروسي مترجمتان عن ملخص إنجليزي على موقع Russia Beyond. جرى اختيار القصتين لتشابه شخصية البطل؛ وهو "إيفان تزاريفيتش". وعلى الرغم من اختلاف الحبكة في كل حكاية، فإن التشابه ظاهر في بعض النقاط؛ ومن بينها سعي البطل الأمير"إيفان تزاريفيتش" إلى إنقاذ امرأة جميلة، وكذلك تلقي الأمير الدعم من عالم الحيوان، وفراره بالفتاة من سلطة شخصية مؤثرة.
تختلف التفاصيل بين الحكايتين؛ فالحكاية الأولى تقول إن الأمير وجد حب حياته أثناء سعيه وراء طائر النار، أما الحكاية الثانية فتقول إنه وجد زوجته مسحورة؛ فبدأ يسعى إلى إنقاذها من التعويذة الشريرة. كذلك هناك اختلاف في أن الشخصية المؤثرة في الحكاية الأولى كانت ملكًا، بينما في الحكاية الثانية كائنًا شريرًا رهيبًا.
ربما تأسست الحكايتان على قصة معاناة أحد أبناء قيصر من قياصرة روسيا مع اختطاف زوجته على يد ملك من الأعداء، أو عصابة من قطاع الطرق، ووجد الدعم من أهالي مناطق الغابات الذين يُرْمَزُ إليهم بالحيوانات؛ وهو الرمز الذي قد لا ينطوي على إهانة؛ حيث تلعب الحيوانات على الدوام دورًا بارزًا في الحكايات الخرافية، ومن الممكن استخدامها في الرمز إلى نوازع البشرية؛ سواءً الطيبة أو الشريرة، كما أنها تحظى بتقدير القرويين؛ حيث تمثل أبرز الأدوات المساعدة على إنجاز الكثير من الأعمال؛ مثل الحراثة.
الأدب الشعبي الروسي شديد الثراء؛ فيمكن من خلاله التعرف على الثقافة الروسية إجمالًا، والبنية الاجتماعية الروسية في الفترة القيصرية، وأبرز ملامح تلك الفترة على ما قد يشوب السرد التاريخي من إضافات فانتازية وقصصية. وبالإضافة إلى ذلك، لدينا الثراء اللغوي، وأخيرًا، وليس آخرًا، المستهدف الأساسي من أية حكاية؛ وهو الإمتاع. إنه أدب من الممتع قراءة قصصه.