الأنسنة قبل البحث عن كوكب آخر


عذري مازغ
2022 / 10 / 25 - 20:33     

الأرض مجسم كينونة، إنها تتحرك، تدور وتتنفس وتتلقى الأشعة وأكثر من ذلك خلقت في أحشائها كل هذا الشجر والحيوان الذي ننتمي إليه، خلقت الحجر والماء والغازات والحشرات وغير ذلك مما يغني خصوبة الحياة فيها، وبشكل ما إنها كائن بذاته يتطور إلى غاية ما هي أن تتحول إلى نجم لامع كالشمس، كل هذه الكائنات فيها تلعب دورا ما في هذا التحول ليأتي دور الرسول او النبي ليلعب الدور الرئيسي في تحولها إلى نجم، إنه الإنسان الذي خلق أسلحة الدمار الشامل : التناقضات الاقتصادية بين الدول الرأسمالية تقتل هذه الكائنات الحية وتساهم في التغيير السريع في تحويل هذا الكوكب إلى نجم.
أنسنة هذا الكوكب هي بشكل ما التخلي عن نزعة النفوذ والسيطرة والقوة وبشكل ما أيضا تغيير وظيفة الجيوش من كونها كائنات مقاتلة إلى كائنات تساعد على الحياة وتنظيمها وهو ما يكرس فهما حقيقيا للأنسنة: كل الكائنات لها الحق في العيش، في الحياة، وفي التمتع من حقها في الأرض والشمس والبحر..
دون هذا الإيمان لكم الجحيم!
إذا كانت غاية كينونة الأرض هي التحول إلى نجم (من الجسم السفلي إلى النور كما في العقلانية الفلسفية بشقيها المادي والمثالي) فالأنسنة تقضي بإبطاء هذه الغاية التي تتسرع من خلال الصناعة العسكرية: يجب تركها بالمطلق !
مبدأ الوجود هو الحركة وتعني فيزيائيا الإنتقال من نقطة إلى أخرى، وتبدو طبيعيا أنها حركة بسيطة، لكنها في الحقيقة تراكم شيئا ما في ذاتها، على الأقل تراكم كم من الطاقة او القوة أي أنها لا تتم من تلقاء ذاتها بل من خلال عملية شحن تصادمت في زمن ومكان معين، ومعنى هذا أن الوجود بشكل عام من حيث هو حركة يستلزم ان تكون حركة في ظرف خاص ملزمة به وهذا الظرف ليس سابقا عليها ولا لاحقا عليها وحتى مفهوم نقطة البداية في حركة الشيء (شئ ما) سبقه تراكم ما في كوننته سابق عليه، مثلا الانفجار العظيم الذي يرصد على أنه البداية لم يكن ليبدأ أصلا لو لم يسبقة تراكم عناصر سابقة تفاعلت وأحدثت "الإنفجار العظيم" المفترض فيزيائيا ولعل الفيزيائ الحديثة تشرح هذا من خلال الرصد الكوني للظواهر الكونية وعموما لا تحل مشكلة الانفجار العظيم الإشكالية بين الفلسفة المادية والفلسفة المثالية لأنه ببساطة البدأ غير معلوم لا في الزمان ولا في المكان وما نسميه بدأ هو نقطة تحول في سياق تراكمات معينة: الانفجار العظيم هو نقطة تحول في سياق تزامن تراكمات سابقة عليه في الزمان والمكان وهو بهذا المعنى (أقصد البدأ) نسبي وليس مطلق .
أفترض ان كينونتنا ككائنات حية هي جزء من كينونة كوكب الأرض: نحن جزء من ذاتها، وأفترض في السياق ذاته اننا عامل من عوامل اختمار فيها في سياق توطور كينونة الكوكب بشكل عام أي أننا مثلنا مثل الباكتيريا التي تخمر العنب لصنع النبيذ، على أن الباكتيريا نفسها في العنب لم تفكر انها تصنع شيئا للآخر، بل ببساطة كانت تاكل وتخلف من اكلها غازات وكحول يستثمرها الآخر الذي هو نحن البشر الذي غايتهم من تخمير العنب هو صنع النبيذ من خلال داستعمال تلك الباكتيريا: نستثمر فعل الآخر بشكل نوفر له ظروف التعايش والتناسل بشكل طبيعي: الباكتيريا تستغل تلك الظروف المتاحة لتراكمها (في ذاتها لا تعمل لنا بل لذاتها)، بالنسبة لنا نوظف تطورها وظروف حياتها لخلق شيء هو غايتنا: صناعة نبيذ: يمكن إسقاط المنظومة هذه على كوكب الأرض.
إلى حد ما اومن بالفكر الذي فوق فكر الإنسان، لكن ليس بالشكل الذي تضعه الفلسفة المثالية بل الفلسفة الطبيعية: وجود عقل كبير كعقل الإنسان مثلا بالنسبة للباكتيريا كما اوردت بما هي كائن يحمل عقلا ذاتيا صغيرا، يفترض وجود عقل أكبر منها، عقل الإنسان مثلا، يفترض أيضا ان عقل الإنسان فوقه عقل أكبر وأسمى، وهنا في سباق الفلسفة المثالية سأذهب إلى الله، لكن ليس الإله في الديانات السماوية بل إلى افتراض وجود عقل هذا الكوكب: كوكب الأرض: إن الأرض التي خلقت الحيوان الذي يسيره دماغ يفترض أن يكون لها دماغ أعلى والدماغ الأعلى هذا هو الله أو الأم كما عند هنود امريكا بشكل عام وبما اننا موصوفون من خلال علم نفس كوني وراثي او طبيعي بشكل عادي: كل قوة فوقها قوة أخرى، ورثنا جينيا غريزة التحول من الأسفل إلى الأعلى، بشكل ما عقل كوكب الأرض غايته التحول من الأسفل إلى الأعلى: من المادة المنحطة إلى المادة النورية، وبالتفكير ذاته من خلال فوق كل عقل عقل أسمى منه، يمكن بتسلسل سرمدي افتراض وجود عقول متفاوتة: آلهة متفاوتة في القدرة: الباكتيريا ترى ان الإنسان إله.
على ان المسألة متفاوتة بأشكال متناقضة: لقد خلق إله كوكب الأرض (العقل الأعلى من عقل الإنسان: عقل الارض) خلق الإنسان ليلعب دور تحولها من خلال استيعاب القوانين الفيزيائية مثل التفجير النووي ولقد صنع الإنسان ما يكفي لتحويل الأرض إلى نجم نووي وهي غاية اختمار كوكب الأرض التي نحن فيها باكتيريا فعالة وإن عقل الأرض فوقه عقل كوني بشكل نسبي كما هو مستوعب في أدمغتنا.
إن غاية وجود الإنسان تحكمها نفس غاية وجود الباكتيريا: تاكل العنب لتتناسل وتتكاثر، فوقها عقل آخر مدبر لغايتها، إن الباكتيريا تناضل هي الاخرى في الزمان والمكان الذي هو حبة العنب والتي ينتهي وجودها بانتهاء وجود الحبة: هو امر متسلسل رائع، لكنها في السياق ذاته، هذه الباكتيريا تناضل لأجل البقاء: تبحث عن حبة عنب اخرى، في هذا السياق يمكن الحديث عن هم الإنسان في البحث عن كواكب أخرى، إنه ببساطة يعي أنه سيحول كوكبنا الأرض إلى نجم نووي لو توفر كوكب آخر بنفس ظروف شروط البقاء والتناسل والتكاثر. إن غاية عقل الكوكب الأرضي هي: الإنتقال إلى العالم الأسمى النوري، وفي غياب وجود هذا الكوكب البديل نحن باكتيريا الأرض نجادل في استعمال التفجير النووي: من سيمات العقل الحر انه احيانا يميل إلى ديمومة ذاته (في الحيوان، من خلال التناسل وغريزة مقاومة القتل) يعاكس إرادة الله، في السياق ذاته يعاكس إرادة السلطة الحاكمة كما في النظام الاجتماعي البشري ، وطبيعي جدا، من خلال غريزة البقاء، ان يعاند العقل البشري غاية العقل الكوكبي للأرض: النشاط البشري في كوكب الأرض من خلال إرادة التفوق والسيطرة ساهم في تسريع استهلاك عناصر الإختمار: الصناعة والتيكنولوجيا بشكل عام تساهم بشكل أكبر في تسريع عملية اختمار كوكب الأرض لينفجر الانفجار الأعظم ويتحول إلى نجم نوراني (نعم هو امر تخيلي افتراضي واتمنى ان يكون هكذا مجرد احتمال) : الباكتيريا البشرية تقتضم موارد كوكب الأرض بشكل سريع لتحول فاكهة التفاح (كل الفواكه، التفاح هنا كنموذج) إلى نفي سرمدي: إنهاء الحياة: إنهاء الأرض وتحولها إلى نجم!
في الفلاحة والزراعة، نساهم بشكل كبير في إنضاج المنتوجات بتدمير جزء كبير من الثروة الطبيعية: الفوسفاط ومشتقاته
إننا بشكل ما نسارع في تفجير كوكبنا والأنسنة تفترض التعجيل حتى نجد كوكبا آخر نخربه كما خربنا الأرض :
ضد وجود العسكر وصناعة التسليح!
ضد تخريب كوكبنا من خلال صراعات اناناية لا إنسانية!
مع مبدأ الموت الطبيعي دون تسريعه واعرف مسبقا أن كوكب الأرض سينتهي ذات يوم لكن انسنة الحياة ستأخر ذلك اليوم في انتظار وجود كوكب آخر .
الامل: ان نقتع بالفعل بوجود كوكب آخر برغم أن الأرض هي اجمل كوكب في الكون.
الأنسنة هي الأمل، هي تعطيل تفجير كوكبنا: هي نبذ الصراعات البشرية في الأرض ونبذ تسلط سلطة البعض على الآخر ..
نعم هي المساوات! وهي ايضا الشيوعية والحلم في مجتمع لا طبقي !