الطابع السياسي للتظاهرات النسوية في ايران!


عادل احمد
2022 / 10 / 24 - 02:40     

الطابع السياسي للتظاهرات النسوية في إيران!

عادل أحمد

أخذت التظاهرات في إيران طابعا سياسيا واجتماعيا من اجل اسقاط نظام الجمهورية الإسلامية في ايران. ان استمرار الاحتجاجات والتظاهرات في مدن وأماكن كثيرة، رغم القمع الوحشي وقتل المتظاهرين واعتقال الفعّالين والتهديد المستمر من قبل الملالي بمختلف العقوبات والسجن، اخذتْ مجراها السياسي بمحاولات جريئة على تجاوز التحديات التي تواجهها. وعلى الرغم من تدخلات المعارضة البرجوازية بكل ألوانها من الشاهنشاهية الى القوميين في الخارج، لتغير افقها ومسارها بما يتلاءم مع سياساتهم، اصطدمت برفض واضح، سلكتْ التظاهرات مسارا آخر بما يتجاوب على متطلبات الجماهير.
ان الحذر والترقب من قبل المتظاهرين مع السلطة حول توازن القوى، هو عامل مهم لإدامة التظاهرات من اجل تحقيق أهدافها… في السنوات الماضية اخفقت الكثير من الصدامات المباشرة بين الجماهير والسلطة الجمهورية الاسلامية الإيرانية، وفي النهاية ولم تنجح للوصول الى أهدافها، لان هناك تداخل بين مصالح الدول الغربية وبين مصالح الجماهير المحرومة في ايران، وفي النهاية استطاعت الجمهورية الإسلامية ان تقمع الاحتجاجات بالحديد والنار. ولكن هذه المرة يُستبعد أن تلتقي مصالح الجماهير مع مصالح الغرب حتى وان كان شكليا. تمكنت النساء والحركات التحررية في ايران في تقدمها إلى أمام أن تخطو بحذر شديد ومدروس، وتحاول ان لا تعطي حجة، لكي لا تسبب بقمع تظاهرات الجماهير بسهولة، وان لا تكون دعوة لبقية اجنحة سلطة لهذا القمع.
ان الحركة العمالية في ايران تقف بجانب هذه التظاهرات وتدعمها. على الرغم من مشاركة أبناء العمال والكادحين في التظاهرات ولكن كحركة وكصف مستقل وسياسي ينتظر بان تأتي الأوضاع لصالحهم وينظر بحذر شديد الى توازن القوى بينه وبين السلطة الاستبدادية الحاكمة. ولهذا نرى مشاركة الحركة العمالية وخاصة عمال النفط لمساندة النساء من اجل الحرية والتي هي في الواقع كقوة تعتبر جزء مهم من الحركة لإسقاط النظام الملالي في إيران. ولهذا السبب يكون تعامل الحركة العمالية والنزول الى ميدان المواجهة ليس سريعا وانما يدعم موقفها كداعم للتظاهرات ومطالباتها السياسية التي رفعتها. وبجانب هذا الدعم تحاول الحركة العمالية ان تنظم صفوفها اكثر ومن خلالها تقوي الحركة النسوية في المنظمات والهيئات المجالسية المستقلة من اجل تغير توازن القوى لصالح الجماهير نحو اسقاط السلطة.
يجب ان لا ننسى بان الغرب وامريكا يحاولان باستمرار ان تبرز المعارضة البرجوازية وخاصة الشاهنشاهية والقوميين وان تدفعهم الى المواجهة وتوفر الدعم الكامل بكل إمكانياتها ان تظهر كبديل للجمهورية الإسلامية الإيرانية. ولكن حتى الان واجهت هذه المحاولة الإخفاق والفشل، لان هذه المرة وجدت الحركات الاحتجاجية والتظاهرات لنفسها مسارا اخر وهي قضية النساء والحجاب الاجباري وقمع الحريات النسوية وتحرر المجتمع من الرجعية والتخلف، ولهذا السبب تأخذ التظاهرات طابعا جماهيريا شاملة وعاما في كل مكان وبعيدة عن القوميات والاطياف. وبالإضافة الى ذلك تعتبر القضية النسائية من أهم القضايا، وفي غاية الإنسانية وتكسب معه تعاطف العالم المتحرر وتكسب المساندة والدعم في جميع انحاء العالم المتمدن.
ان قضية تحر النساء واحتجاجاتها في ايران، مهمة جدا في المنطقة والعالم. ان قضية استعباد المرأة وانتهاك حقوقها وقمعها بشكل همجي في المنطقة سوف تنفتح امامها افاقا تحرريا واسعا لضرب التخلف الإسلامي تجاه المرأة. وسوف تختفي رؤوس الملالي والشيوخ الرجعيين من امام المجتمع ويذهب منظروها ودعاتها الى السبات مرة أخرى وتندحر امام القوة التحررية والمساواتية. وتكون ضربة موجعة لكل الحركات الإسلامية بكل اشكالها وأطيافها وطوائفها في المنطقة. اما بالنسبة لتأثيرها على العالم المتحرر فأن جزءً مهما من اليسار العالمي لايزال متوهم بالحركات الإسلامية ومعاداتها مع الغرب والامبريالية. عندما يأتي تحرر النساء كقوة فعالة للميدان من اجل التغيير، وعندما يكون متلاحما تلاحما شديدا مع الطبقة العاملة فستتغير نظرة اليسار العالمي بشكل عام وموقفه عن الإسلام السياسي في الشرق والعالم. وهذا بدوره يقوي الجبهة الأممية المناهضة للرأسمالية.

في داخل ايران تتجه التظاهرات شيئًا فشيئًا نحو الراديكالية، وفي الخارج نالتْ الدعم والمساندة بشكل منقطع النظير. ان التظاهرات بعشرات الالاف في المدن والعواصم العالمية كما رأينا في تورونتو واليوم في المانيا وفي أمريكا وأوروبا تقف بجانب التغير الثوري لقضية المرأة والتي ستكون راس رمحها الموجهة من أجل إسقاط الجمهورية الاسلامية الإيرانية. وهذه المرة وصلت معاناة الجماهير والنساء بشكل خاص الى حدوده القصوى، ولم تعد قادرة على تحمل المزيد من المعاناة ، في ظل تطورات العالم وتكنولوجيا المعلومات وتطور الحياة ومتطلباتها العصرية. وان العقبة الرئيسية من اجل تحرر النساء في ايران هي وجود نظام الجمهورية الإسلامية، ولهذا إزالة هذا الورم واجب على الإنسانية ودعاة التحرر في جميع انحاء العالم.
ان المجتمع العراقي وكذلك مجتمعات في الشرق الأوسط تستفيد كثيرا من المد الثوري النسائي في ايران. ولهذا يتطلب من الحركات النسوية واليسارية والعمالية والاشتراكية ان تدعم بكل قوتها وجهدها هذه التظاهرات وان تقف بجانبها. وان أي انتصار في هذا المضمار في ايران، سيكون انتصارا للكل وكذلك اخفاقاته يكون لها تأثير سلبي على مجمل حركاتنا التحررية.