الحركات الأجتماعية في البرازيل تقرر،لافوز أنتخابي بدون الشارع .


حازم كويي
2022 / 10 / 1 - 13:46     

ترجمة وأعداد:حازم كويي

تتحدث الصحفية بيانكا سانتانا(ناشطة أجتماعية في حركة السود في البرازيل. صحفية حاصلة على ماجستير في التربية ودكتوراه في علوم المعلومات من جامعة ساو باولو (USP)و مؤلفة عدة كتب)، عن تطور الحركات الاجتماعية في البرازيل منذ عام 2013، حيث أندلعت حقبة جديدة من الاحتجاجات بسبب زيادة أجور النقل العام، وحتى الوضع الحالي قبل الانتخابات، تقف القوى اليمينية ضد الأحتجاجات واليسار.
وكذلك التحديات التي تواجه التجديد اليساري في الكفاح ضد سياسة بولسونارو من أجل إحداث تحول أجتماعي في البرازيل.
في عام 2013 دعت حركة المرور الحرة(MPL) الناس، النزول الى الشوارع العامة، ومنذ بداياتها عام 2005 بمظاهرات حاشدة في العديد من المدن والولايات البرازيلية ضد أرتفاع أسعار النقل العام.وأقدمت الشرطة في قمع كل مظاهرة بوحشية،لكن الأحتجاجات توسعت وكبرت المطالبات،بدءاً بالطلب على أسعار معقولة أولاً، وزيادة الشفافية في قطاع النقل ثم إلى مراجعة أرباح شركات النقل. وتصاعدت الدعوات لاحقاً "غدا سيكون هناك المزيد"، الاحتجاجات لم تكن إعلاناً فارغاً وتعبيراً عن الحاجة إلى النزول إلى الشوارع. ولم يكن الأمر يتعلق فقط برفع الأسعار بمقدار 20 سنتاً فوراً. بل حول الحقوق.
لكن الرغبة في المشاركة والعمل السياسي المباشر للآلاف من البرازيليين فُسرت على أنها خيانة من قبل الأحزاب اليسارية، والتي لم تقود الاحتجاجات هذه المرة. في الوقت نفسه، عرف اليمين - الذي أعتاد على تخصيص كل شيء لمصلحته - كيفية التعرف على قوة الحركة في الشوارع وتغيير أجندته السياسية، فبدلاً من التأكيد على القضايا الاجتماعية، جاء الخطاب الذي لا معنى له حول مكافحة الفساد إلى الصدارة. سرعان ما تصاعدت دعوات رفض المؤسسات، وكثرت التصريحات في الصحافة السائدة بأن المظاهرات كانت من الحزبين. أزداد العنف ضد الأشخاص الذين يرتدون الزي الأحمر كدليل على أنتمائهم الحزبي في الاحتجاجات. لذلك، أتهم حزب العمال،كما تشير الى ذلك الناشطة بيانكا "حركتنا بالتجديد السياسي لليسار بأنها في خدمة اليمين. عدنا إلى الوطن خائفين نعتذر عملياً عن نشاطنا في حزب العمال بسبب المظاهرات المناهضة للحكومة من اليسار".
سيطرة اليمين على الشوارع.
كما أدى أستيلاء المظاهرات اليمينية على الشوارع إلى تأجيج أستياء النخبة من التقدم الذي أحرزته حكومة (لولا) فيما يتعلق بحقوق قطاعات من السكان، وأزدادت حدة الكراهية الطبقية الخبيثة.
كما أنزعجت الطبقة الوسطى العنصرية من إنجازات حركة الزنوج، الحركة الشعبية السوداء، والتي تضمنت إدخال حصة نظامية للدراسة في الجامعات الحكومية، والاعتراف بحقوق العمل المنزلي، وزيادة القوة الشرائية للسلع الأستهلاكية الى الأحياء الفقيرة.
تاريخياً، نشأت الطبقة الوسطى البرازيلية من إمتيازاتها وتمييزها ضد السود والفقراء، الذين تم تصنيفهم أيضاً على أنهم "الآخر" في المجتمع البرازيلي.لاتسامح من وجهة نظر هذه الطبقة الوسطى العنصرية أمام دراسة أبنة خادمة في جامعة عامة أو السفر بالطائرة كشخص فقير.
بدأت عملية لافو جاتو(Lava Jato ) "فرقة عمل لمكافحة الفساد ذات دوافع سياسية" في عام 2014 وأستمرت حتى عام 2021، تجاهلت مبادئ الديمقراطية البرازيلية بإستخدام مزاعم الفساد كذريعة، تعرض الناس من الحكومة للاضطهاد الصريح. فقدت حركة المرور الحرة، التي أطلقت احتجاجات الشوارع من أجل الحقوق الاجتماعية مكانتها في العام السابق على الساحة السياسية. ظهرت محاكاة ساخرة يمينية، وهي (حركة البرازيل الحرة)، والتي سوقت خطاباً مناهضاً للنظام إلى الشوارع.
ومع ذلك، في عام 2014، أعيد إنتخاب ديلما روسيف،التي خلَفت لولا. كان فوزاً من خلال صناديق الأقتراع. لكن مع أستمرار ملكية الشارع لليمين، حدث أنقلاب في عام 2016. أطاح بالرئيسة ديلما وتعزز بإعتقال لولا، أشهر ضحية لعملية لافا جاتو، والتواطؤ السياسي لليمين مع الجيش والولايات المتحدة. وبلغ هذا التطور ذروته في الاستيلاء على السلطة من قبل قائد الجيش المتقاعد جاير بولسونارو في إنتخابات 2018.
واليوم، في عام 2022، نُركز مرة أخرى على صندوق الاقتراع ونهمل الشارع. بعد عام واحد فقط من فوز اليمين في صندوق الاقتراع، تم تشكيل عملية جديدة للتعبير السياسي في البرازيل، أسست المنظمات والمؤسسات والمجموعات والتجمعات التابعة لحركة السود البرازيليين(التحالف الأسود للحقوق) بالترتيب للوقوف في وجه العنصرية التي تقتل كل يوم المئات من الرجال والنساء السود في جميع أنحاء البلاد.
أنتفاضة ضد الطيف الواسع من الكراهية العرقية والجنسانية والاجتماعية التي تُميز حكومة بولسونارو. وسمعت قطاعات مختلفة من اليسار البرازيلي أن (التحالف الأسود للحقوق) هي أهم حركة ظهرت في البرازيل في السنوات الأخيرة، وهذا مقلق. ليس بسبب التحالف نفسه،لكن لكونه ليس حركة جماهيرية بعد، و- للأسف – كونها مازالت بعيدة من أن تصبح حركة جماهيرية.
في عام 2019، أتحدت الحركات السوداء لتصبح نشطة سياسياً على المستويين الوطني والدولي والدفاع عن نفسها ضد بيروقراطية الحكومة الاستبدادية. وأوقفت محاولات إلغاء حصة السود في الجامعات الحكومية. في عام 2018 تمت عن كثب متابعة التحقيق في مقتل عضوة المجلس الأسود مارييل فرانكو، التي أغتيلت على أيدي الميليشيات في ريو دي جانيرو، وجرى دعم مجتمعات كويلومبولا في ولاية مارانهاو بالدفاع عن أراضيها، والتي يريد الجيشان البرازيلي والأمريكي أستخدامها لبناء موقع لإطلاق الصواريخ. والأهم من ذلك لقد تحققت قفزة تنظيمية.
تناضل الجماعات السوداء من أجل مجتمع عادل ومتكافئ.
حالياً هناك أكثر من 230 مجموعة سوداء في جميع أنحاء البلاد تعمل على وضع أجندة سياسية للدفاع عن الحقوق الاجتماعية ومكافحة النيوليبرالية. وأطلقت حملة "هناك أناس يتضورون جوعاً"، والتي بدأت توزيع الغذاء في حالة الطوارئ لوباء كورونا، وتعزيز التربية المدنية في المناطق السوداء، المهمشة في جميع الولايات البرازيلية. ويجري اللقاء الأسبوعي لمناقشة الوضع الحالي وإتخاذ قرارات جماعية. والدعوة إلى إتخاذ إجراءات ليس فقط ضد بولسونارو، ولكن أيضاً لإدانة وإنهاء الإبادة الجماعية للسود في جميع أنحاء البلاد.
وترى الناشطة الاجتماعية بيانكا أن هناك تقدماً،مؤكدة أنه لا يزال هناك عدد قليل جداً من الذين أنضموا إلى الحركة. هذا فقط إذا أصبحت حركة سوداء جماهيرية، ستكون فرصة حقيقية للنضال من أجل مجتمع عادل ومتكافئ، خالٍ من العنصرية وسيطرة الرجولة، وتعزيز الحياة الجيدة. تُضيف بيانكا متسائلة، كيف سيكون الحدث عام 2022. ليس هناك شك في أنه من المهم التصويت للسود. ولكن هل ينبغي أن يكون هذا هو التركيزالأساسي؟ ما مقدار ما يجلبه كل تفويض سياسي مرتبط بالحركة بشكل عام وإلى التحول الضروري للواقع الاجتماعي للبلاد؟
في مارس من هذا العام، شاركت بيانكا مع وفد من المنظمات التي تشكل التحالف في كولومبيا وتشيلي. والتي شهدت المراحل الأخيرة من الحملة الانتخابية لفرانسيا ماركيز قبل أن تحصل على 15 في المائة من الأصوات لمنصب الرئيس، بالإضافة إلى تنصيب غابرييل بوريك في تشيلي، والتي سبقتها أنشطة الثامن من آذارفي شوارع سانتياغو.
إن التواجد وسط أكثر من 350.000 امرأة يحتلن الشوارع يُعيد ذكريات مظاهرات حزيران عام 2013 في البرازيل ويقدم إجابات على السؤال حول سبب السماح للحكومة التشيلية بأن تطلق على نفسها أسم النسوية.
على الرغم من كل الصعوبات، كانت الإضرابات والتظاهرات في الشوارع في كولومبيا، فضلاً عن أحتلال المدارس وكذلك الأضرابات والمظاهرات في تشيلي، عوامل حاسمة للنقاش الاجتماعي ونجاح الانتخابات. توسيع الوجود في الشوارع يمكن أن يؤدي إلى حكومات يسارية تفتح طرقاً جديدة في أمريكا اللاتينية. هنا في البرازيل، علينا ليس الاكتفاء بالتأرجح بين (بولوسارنو) و(لولا) في صندوق الاقتراع بالتصويت له كمرشح حزب العمال،الذي يتقدم في استطلاعات الرأي، بدلاً من ذلك يجب أن نجعل نتيجة الانتخابات مُستدامة ونوسع جدول أعمالنا السياسي ليشمل جميع السكان. كيف يمكن لـ تحالف حقوق السود توسيع مجال عملها؟ كيف يمكن الاستفادة من تجارب المهن المدرسية لعام 2015 اليوم؟ كيف يمكن دعم (حركة العمال الريفيين) الذين لا يملكون أرضاً، في الكفاح ضد الأعمال التجارية الزراعية التي تقتل العمال الريفيين كل يوم؟ كيف تُضمن ملكية الأرض وتمكين مجتمعات كويلومبولا؟ كيف ينتهي العنف ضد مجتمع فتيات ونساء الشعوب الأصلية وكيفية الأعتراف بأن الحكمة السياسية للشعوب الأصلية أساسية لاستمرار الوجود البشري في العالم؟ أن خطاب التجديد السياسي (للحزب الجديد) (Partido Novo)في البرازيل، الذي يطلق على نفسه اسم "جديد" لكنه يعيد إنتاج الممارسات القديمة. وحتى رئيس الميليشيات، بولسونارو، الذي كان عضواً في البرلمان لمدة 30 عاماً، يتحدث ضد السياسة القديمة ويقدم نفسه كبديل. كيف يمكن الدخول في اللعبة لكسب قلوب الناس حقاً؟ إن إيمان الجميع بلولا لا يكفي لإعادة بناء البلد. علينا أن نختار لولا، لكن لا بد أن يحدث المزيد.
مايساعد هو الخروج من القمقم والتعامل على فهم أننا بحاجة إلى الانفتاح على ثقافة سياسية جديدة - أكثر تشاركية، نسوية، وسوداء، والسكان ألأصليين، وأكثر معاصرة مع إمكانيات وسائل التواصل الاجتماعي، وفي إتصال حقيقي. مع المطالبة بالمصداقية في السياسة. يذكرنا شعار حملة فرانسيا ماركيز "النساء السود، من المقاومة إلى السلطة، حتى حياة كرامة يومية " كيف أتاحت الحركات النسائية السوداء التي أثرت في كل أمريكا اللاتينية فرصاً للتحليل وتغيير العالم. النساء اللواتي يعارضن سيطرة الرجولة والعنصرية، هن من يهتمن بالناس والمياه والأرض، ويجب أن يصلن إلى السلطة. ليس من أجل عكس موقفهن في منطق عدم المساواة وأخذ زمام المبادرة، ولكن للمساهمة في تعزيز المساواة والعدالة والحقوق للجميع. كانت هذه هي الأجندة السياسية لمارييل فرانكو، عندما أغتيلت بأربع رصاصات في الرأس في مارس 2018.ومازلنا لانعرف من أمرَ بقتلها.