الاحزاب الكردية تممت ما سعت اليه الحكومة الايرانية


بهروز الجاف
2022 / 9 / 30 - 20:49     

ظلت الحركات الكردية اسيرة العاطفة الراسخة في ظل النظام القبلي المعروف محليا بنظام الآغا والمسكين، اذ انجرفت حيث رأت عواطف الناس تصب في مدى بقائها وديمومتها دون التمعن في اسباب الحالة المهيّجة لشعور يقع على دافع المضلومية وما سوف تؤول اليه في نهاية المطاف من خير او شر.
لم تع الاحزاب الكردية الايرانية المتخِذة من اقليم كردستان العراق معسكرا لها، وهنا استثني التنظيمين الكرديين المسلحين الضئيلين السوري والايراني واللذين هما قوات مرتزقة للمحتل التركي احداهما لمجابهة المد الاوجلاني والأخرى لمجابهة الحشد الشعبي العراقي، لم تع معنى الاحتجاجات الايرانية اثر وفاة فتاة ايرانية من أصل كردي في طهران اثناء اعتقالها بوساطة شرطة الاخلاق بسبب الادعاء بالاخلال بالحشمة في طريقة ارتدائها للحجاب. بدت المظاهرات في ظاهرها احتجاجا ضد تقييد حرية المرأة في بلد يباري العالم بحضارته ومدنيته ولكن باطنها وشى بحركات قومية ناشئة مثلت امتدادا للاحزاب القومية النامية حديثا في البلدان الاوربية، اذ كان ذلك واضحا من خلال شعاراتها في الداخل الايراني او في الدول الاخرى والاوربية منها على وجه الخصوص.
من الطبيعي جدا ان يثير موت فتاة كردية بهذه الطريقة مشاعر الكرد بدوافع المضلومية ولكن القضية في جوهرها ليست قضيةً كردية، أو سياسية، وان تحويلها الى غير معناها يؤدي الى التيه والضلال وربما الى عواقب وخيمة كتلك التي حدثت في قصف معسكرات الجماعات المسلحة الكردية الايرانية في اقليم كردستان العراق.
كانت حادثة وفاة الشابة مهسا أميني فرصة مفاجئة هبطت من السماء للاحزاب الكردية الايرانية، وهي الاحزاب المارة بطور السبات في ظل النغنغة التي تتمتع بها في ظل حكومة الاقليم، للمتاجرة بالقضية وتحويلها الى "نضال الكردايتي" وهي ليست كذلك على الاطلاق، وبذا أفادت تلك الاحزاب الحكومة الايرانية أيمّا فائدة فأنجتها من اجماع وطني ايراني للمطالبة بالحرية وسلمتها تخويلا بضرورة قمع ما يسمى بالشعور الانفصالي لدى الكرد!
ان المشكلة الرئيسة التي واجهت الاحزاب الكردية على مدى ظهورها منذ مطلع القرن العشرين وما زالت هي الحسابات الخاطئة التي جرّت عليها وعلى الشعب الكردي البلاء اثر البلاء. لم تع الحركات الكردية بأن باطن الاحتجاجات سياسي بحت، اذ ماذا لو تسيدتها الحركات القومية الناشئة في ايران وانتصرت في مسعاها؟ هل كانت لتنتصر للقضية الكردية؟ بالطبع لا!
كان على البعض ممن ادلوا بدلوهم، من السياسيين الكرد، في قضية أميني ان يكونوا أكثر عقلانية وليحصروها في قضية الحجاب والحريات العامة وليس حرفها باتجاه اهدافهم وهو ما أدى الى ضرب مقراتهم، والى اثارة مدى مشروعية وجودها في الاقليم، وكذلك الى تعزيز المد القومي في طهران وهي النتائج المتوقعة، بل والحتمية، لما أقترفوا من خطأ.