مشاركة الحزب الشيوعي المصري في الحوار الوطني في أكثر القضايا التي تشغل اهتمام شعبنا 3 التعليم الجامعي


الحزب الشيوعي المصري
2022 / 9 / 30 - 00:45     

حـــول التعــليم الجــامعي وكيفية تطويره
باعتباره الركيزة الأساسية لتطوير المجتمع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ دكتور/ حمزة السروي – استاذ الفلسفة بجامعة قناة السويس
تشمل هذه الورقة المحاور الآتية:-
1. رؤية تاريخية للتعليم عموما والتعليم الجامعي خصوصا0
2. توصيف التعليم الجامعي في مصر
3. معوقات التعليم الجامعي في مصر
4. الحلول المقترحة للنهوض بالتعليم الجامعي في مصر
وفيما يلي تفصيل ذلك:-
أولا:- رؤية تاريخية:-
مع بداية القرن التاسع عشر، شهدت مصر تغيرات مهمة بدأت بخروج الحملة الفرنسية من مصر 1801 وظهور محمد علي في الحياة السياسية في مصر 1805 وتحالفه مع طبقة البرجوازية التي تكونت من مشايخ الأزهر والعلماء من ناحية وطبقة الحرفيين من ناحية أخرى0
لكن محمد علي سرعان ما انفرد بالسلطة وأقصى الجميع سعيا لتحقيق مكاسب شخصية، إلا أنه في نفس الوقت قدم بعض المكاسب للبلاد في مجالات الزراعة والتصنيع الأمر الذي جعله يهتم بالتعليم، لكنه كان اهتماما محدودا بحدود مصالح حكمه حيث كان يهدف إلى تخريج موظفين لجهاز حكمه، ولا يهدف إلى تخريج مفكرين، وعلماء، وفنانين، وعندما اصطدمت مصالحه بمصالح الدول الأوروبية، كان طبيعيا أن يتخلى عنه الشعب0
ومع الاحتلال البريطاني لمصر 1882 تراجعت الدولة أكثر فأكثر عن بناء المدارس، وأهملت الصناعة وإن تم الاهتمام بالزراعة بقدر ما تتماشى مع مصالح الاحتلال مع إبقائها معتمدة على أدوات بسيطة ووسائل تقليدية0 وإزاء هذا التردي انتصرت الحركة الوطنية المصرية والتي تمثلت هذه المرة في إنشاء الجامعة الأهلية 1908 بجهود ذاتيه على الرغم من محاولة المعتمد البريطاني عرقلة المشروع0
لقد ناضل الشعب المصري بعد ثورة 1919 من أجل التوسع في التعليم وإتاحته بالمجان على مستوى الابتدائي والثانوي ومع مجئ ثورة 1952 امتدت مظلة مجانية التعليم لتشمل التعليم الجامعي سنة 1961 فكان هذا القرار تتويجا لجهود الحركة الوطنية المصرية0
شهدت فترة الانفتاح منذ عام 1974 تراجعا على كافة المستويات، من زراعة وصناعة، ومن بينها بالطبع التعليم، والتعليم الجامعي، حيث ظهرت طبقة اجتماعية جديدة تملك الكثير من الثروة مما ساعد على انتشار التعليم الخاص، والتعليم الأجنبي على حساب التعليم الوطني، ومازال التعليم في مصر يعاني حتى الآن الكثير من السلبيات السابقة وفي أمس الحاجة إلى تدخل الدولة لتدارك تلك السلبيات0
ثانيا:- توصيف التعليم الجامعي:-
يمثل التعليم الجامعي قمة السلم التعليمي، وهو يهدف إلى بناء الإنسان وتكوينه ليصبح القوة الدافعة لتقدم المجتمع وتطوره، وإذا كان التعليم عموما يُمثل مفتاح التنمية، فإن التعليم الجامعي هو الوسيلة المتقدمة لتلك التنميه0 وتتحدد وظيفة التعليم الجامعي في الأمور الآتية:-
• نقل المعرفة (من خلال التدريس والتعليم)0
• تطوير المعرفة (من خلال الدراسات العليا والبحث العلمي)0
• تطبيق المعرفة (من خلال توظيف الأبحاث العلمية لخدمة المجتمع وتنمية البيئة)0
وهي أمور، إن روعيت على النحو الأمثل، لكان لدينا تعليما جامعيا صحيحا يحقق التقدم الذي نرجوه لبلادنا0 ولعل أفضل النظريات في هذا المجال هي ما يُعرف بنظرية رأس المال البشري والتي تعتبر التعليم استثمارا بشريا، هو أفضل وأرقى أشكال الاستثمار، وهي ترجع إلى الاقتصادي الأمريكي شولتز عام 1960 حيث أشار إلى عملية التعليم بإعتبارها استثمارًا لازمًا لتنمية الموارد البشرية، وأنها أعظم الموارد في أي مجتمع على الاطلاق0
ولعل سنغافورة والصين هما المثلين الأبرز في مجال الاهتمام بالتعليم والتعليم الجامعي باعتباره استثمارا بشريا هو الأرقى من بين جميع أنواع الاستثمار0 ومصر بالطبع أحوج ما تكون إلى الاستثمار في التعليم عموما والتعليم الجامعي خصوصا0


ثالثا:- معوقات التعليم الجامعي في مصر:-
تتمثل معوقات التعليم الجامعي في مصر في عدة أمور، أهمها:-
1. سيادة منهجية غير علمية لدى الكثير من الطلاب والقيادات في الجامعة، بل وحتى الاستاذة الأكاديميين0 يتمثل ذلك في الخلط بين العلم والدين والسياسة جميعا0
2. المعوقات الاقتصادية، والتي تتمثل في ارتفاع أسعار الكتب، واسعار المواصلات، وفقر المعامل، وقلة الخامات بها، وفقر المكتبات0
3. غياب الديمقراطية في الحياة الجامعية، سواء في العمل الطلابي أو في المحاضرات أو في تولي المناصب الجامعية0
4. ضعف المستوى العلمي للطلاب والذي يرجع بدوره إلى ضعف التعليم العام0
5. ضعف المستوى العلمي لبعض الأساتذة أنفسهم وانتشار ظاهرة "مكاتب الأبحاث" التي تُجري أبحاثا للدرجات العلمية من ماجستير ودكتوراة أو أبحاث الترقي لدرجة أستاذ مساعد أو أستاذ مقابل أجر0
6. تعدد نظم التعليم في مصر بين تعليم وطني وأجنبي، وبين تعليم مدني وديني، الأمر الذي يؤدي إلى تعدد الولاءات بين أبناء الوطن الواحد ومن ثم يؤدي إلى الفٌرقة0
رابعا: الحلول المقترحة:-
تتعدد الحلول المقترحة للنهوض بالتعليم الجامعي في مصر ولعل أهمها:-
1. تحديث التعليم عموما والجامعي خصوصا والأخذ بالمنهج العلمي والأساليب الحديثة والمتطورة على مستوى القطر، بما يحقق المساواة بين المدن الكبرى والمدن الصغرى، وبين المدينة والريف0
2. إعادة الاعتبار لدور المدرسة ولدور المدرس في التعليم العام باعتباره مقدمة ضرورية لنهضة التعليم الجامعي0
3. الدعم المادي الكافي للمعامل والمكتبات والأنشطة الطلابية والرحلات العلمية0
4. توفير مناخ ديمقراطي داخل الجامعة يتيح حرية التعبير والمساواة بين جميع الطلاب داخل الجامعة0
5. ضرورة تطوير المناهج الدراسية بما يتناسب مع المنهج العلمي والأخلاق الإنسانية0
6. العدول عن نظام الامتحانات الحالي الذي يعتمد على الإجابة بتسويد علامة (صح) أو (خطأ) أو اختيار من متعدد0 والعودة إلى نظام الكراسة الامتحانية ليتمكن الطالب من كتابة تحليله ورأيه في الموضوع الذي يجيب عنه0
7. ضرورة عودة النشاط السياسي في الجامعة ليتمكن الطلاب من التدريب على التفكير والممارسة فيما يتعلق بشئون بلادهم0
8. توحيد أنواع التعليم في إطار تعليم مدني حكومي أو على الأقل تقرير مواد مشتركة بين كافة أنواع التعليم مثل مواد:- التاريخ الوطني، والجغرافيا الوطنية، والأدب الوطني، لتكون قاسما مشتركا بين أبناء الوطن الواحد0 بما يضمن حد أدنى من الولاء المشترك بين أبناء الوطن0
9. دعم قضية التأليف والترجمة والنشر وتوفير المخصصات المالية الكافية لتطوير هذه القضية من خفض لأسعار الورق وأدوات الطباعة ومكافآت التأليف وما شابه0
10. ربط قبول الطلاب بالجامعات بحاجة المجتمع إلى التخصصات المطلوبة0 مع الحفاظ على مجانية التعليم باعتبارها ضمانة لتحقيق المساواة الاجتماعية0