ما تفعل الريح بمحب ليلى قراءة في-الوصول إلى ليلى- لشلال عنوز


سعد محمد مهدي غلام
2022 / 9 / 19 - 01:32     

الوصول إلى ليلى"
-----------------------
كانت الريحُ مشغولةً
بعدِّ أسى المحطّات
تُهرولُ مُستاءةً
تلمُّ عباءة الوقت
تتسلّلُ عَبرَ..
……….جوع النّوافذ
……….صدأ ألأبواب
………غسق القلوب
تذرعُ الأمكنة…كلّ ألأمكنة
…………………..في الغدوِّ وألآصال
تمرُّ عليهم..
………حيث لاوجود الاّ لأثرٍ مُندثر
………………………وبقايا مِن حُطام
تستصرخُ قبورَ الأحياء..
….قبراً قبراً
لا أحدٌ يُجيب
سوى (الحلاّج) يُجمّعُ أوصالَه
………………………مِن فَم الريح
وهذه الريح تُعلنُ
……………..أن لا وصول إلى (ليلى)
فقد سرقوها…!
ولم يطلع (سُهَيلٌ) بعدُ.!!
وهو مازال ممسكاً صولجانه
يتحدّى الريح. .
يُمنّي نفسه بقُبلةٍ.
…………….مِن (ليلى)
ويُعلنُ أن لاعودة بدونها..
القصيدة المضغوطة ليست تقليلية القرن التاسع عشر الأمريكية ولا تقليلية الستينات من القرن المنصرم والتي لاتزال تشيع في أوساط عدة بفعل "الشان" و"الزان" وما اشتق منهما. تشمل كل شؤون الحياة ومنها الأدب والشعر وترافقت مع تطور استخدام "الهايكو" وتسمح شكًلا في التعاطي مع القصيدة. هي نمط كثيف من البوح الشعري يختار فيه الشاعر نوازع خلجاته ويدخلها في فم سكينة الإضمار فتفوح روائح ليس في جميع الأحوال طيبة ولكنها تنم عما في الذات الأنوية للشاعر ،سنستعين بليلتين ممن كفر أحداهن الشاعر لتمرير ما يبتغي قوله لنا ...لو توكأنا على نص أخر نجد فيه إفصاحات دالية لما في هذا النص الذي ساقه الشاعر بلغة العشق كقناع . نعتمد مدلولاته عند الحاجة وقد نورد النص في خاتمة المبحث. أرغب أنْ انقل وجهة نظر من شخص يتعاطى الشعر ولكنه استهجن النقد فلأنه لا يعرف من اللغة إلا بضع كلمات وليس لديه مرجعية معجمية ولا خزين معرفي كما هو المطلوب من شاعر قصيدة النثر الحديثة ليس الفعل والفاعل والمسند والتشبية والمحسنات والاستعارة ليست تلك الفعالية اللغوية بل التصوير الذهني ... نحن في الربع الأول من قرن جديد، قفزات هائلة في العلوم والتقنيات حتما تتماهى معها اللغة في المفردة والدالة ويتصاعد دور "دي سوسر"و"بيرس "ولكن بقراءة جديدة تمتاح من معطيات ما تقدم من علوم وانعكاس ذلك على علم اللغة العام والإشارة والعلامة والوحدات الصغرى والكبرى نحن نعينها في أحايين ومرات نتوخى أنْ يعود القاريء إلى شروحات سبق وتناولناها وفيها تفصيل آليات التسبير والتأويل التي نعتمدها،وقد نغفل العرض بالتوضيح لبعض من المصطلحات نعلم علم اليقين، إنًّ منها الكثير بحاجة إلى سبر ولكن نعتقد، إنَّ على المتلقي الراقي العمدة أنْ يجهد نفسه للتعرف عليها عبر متون مصادرها...
البحث عن معاني الإلهام اومايسميها "رولان بارت" بال"جيولوجية " الطبقات" التكتونية "للنص أو مما استوحته "كريستيفا "من "باختين" من التثاقف والتناص والبوليفونية، هي من صلب مهامنا نقدم حراك دوالها ومداليلها لكم لان ذلك واجبنا ولن نتنصل منه كما نستعين بال"سايكولوجيا" بكل مدارسها وال"سوسولوجيا" بكل "مناهجها" بل نعود إلى" الأنطولوجية" من "هدجر" و"سارتر" و"كيركيغارد" والحفر "الأركولوجي" ل"ميشيل فوكو" وأنْ كنا لا نؤمن بكل طروحاته ولكن لها قيمة بحثية واعتبار نقدي لابد أنْ نأخذ به ومن الواجب توخي الحداثة فنستميح المتلقي العذر أن وجد بعض ما هو غير مطروق ولكن بكل يقين نقول :إنّ النقد ومن سلك دربه يتحملون وز التجهيل وعدم شيوع المفردات والمصطلحات ولمجرد العلم، إنّ بعضها يعود إلى نصف قرن واكثر فلم نستخدم معطيات النقد الثقافي وال"براكسيس" و"الإمبريقية" ولا تجريبيات الأمريكان التي أذهلتهم موسوعة جنس للأرقام القياسية … فلا تواخذونا لو وجدتم أيما تضاريسية غيرما في خارطة النقد التقليدية ونحن كلنا استعداد لمن يرغب أن يدلو بدلوه أو يطلب مشورة وسنكون كلنا أذان للسماع وسنجيب عن أي سؤال...
الهدف رفعة الأدب ورقيه لنساوي العالم ولو بحدود المتاح وتجاوز الصنمية والتفكير التقليدي . الناس سبقونا ونحن تخلفنا ليس بالعقود بل بالقرون. حتى أبناءنا واخوتنا من المغتربين لا نفهمهم ولا يفهموننا نعمل معكم لردم الهوة وتوسيع النياسم وتعبيد الطرق وإنْ كانت كثيرة الإلتفافات. .مما سنكتشفه أنّ الشاعر في نصه يستعين بأكثر من كتلة وله إرتكازات زحافية متعددة في النص منها استخدام الريح سنبحث ما تعنيه وهي واحدة من الكلمات التي يتداولها "العنوز" بتكرار وسعة مستنفذًا كل أبعادها الغائوية. تقمص Empathyالاستبصار Insightللشاعر حدا به إلى الاستعارات من اللغة المبتكرة Neologism

الوصول إلى ليلى
كانت الريحُ مشغولةً
بعدِّ أسى المحطّات
تُهرولُ مُستاءةً
تلمُّ عباءة الوقت
يقول "د. فخري الدباغ" :"الشخصية هي حاصل التفاعل بين التكوين البيولوجي والنفسية المتطورة وعوامل الثقافة المحلية والبيئة التي ينشأ فيها الفرد. أما مدى التأكيد على عامل دون آخر فيتوقف على الإتجاه الذي تتبناه النظريات المختلفة".قد نمر في عجالة في تناول أخر على بعض المفاهيم التي نعتمدها من علوم النفس متوخين أنْ لا يكون ذلك من الثقيل الذي بصدق نحن به نستعين. الدخول التقليدي الذي لا نتبعه إلا إنْ وجدنا فيه داليات. كما هو الآن حيث استكناه المعنى عبر وسم النص -هو العنوان العتبة النصية الكبرى ربما سيكون دربا تحف به الوعثاء ويلازمه النصب كما سيتضح من السياق السردي وهو من سندرومات الاحتلال وعلامة على اللا توازن النفسي في ذات الشاعر ومرحلة من التقنع البياتي ذهبت مع الزمن نحن هنا في مرحلة النصوص التي فيه التشيؤ والتشظي والبعضنة وشخصنة الجمادات والمسخ والرسخ والحلول وعليه فأن رتاج الوصول ليس دالة المبتغى بل إضمار العجز عن البلوغ والانحراف عن شطر الدرب والحور عن المسلك والذهاب إلى حيث لم يكن بالحسبان ...ترميز الحسبان المعني اكتسب معنى ظني ووجدي أنه الحس والحدس الوجود المادي والتوقان الروحي فكانت" ليلى "
يقول "أبو تمام":
نَقِّل فُؤادَكَ حَيثُ شِئتَ مِنَ الهَوى
ما الحُبُّ إِلّا لِلحَبيبِ الأَوَّلِ
كَم مَنزِلٍ في الأَرضِ يَألَفُهُ الفَتى
وَحَنينُهُ أَبَداً لِأَوَّلِ مَنزِلِ
ويقول "المنخل اليشكري":
إِنْ كُنْتِ عَاذِلَتِي فَسِيرِي
نَحْوَ الْعِرَاقِ وَلاَ تَحُورِي
لاَ تَسْأَلِي عَنْ جُلِّ مَا
لِي وَانْظُرِي حَسَبِي وَخِيرِي
****
مَا شَفَّ جِسْمِي غَيْرُ حُـ
ـبِّكِ فَاهْدَئِي عَنِّي وَسِيرِي
وَأُحِبُّهَا وَتُحِبُّنِي
وَيُحِبُّ نَاقَتَها بَعِيرِي
ويقول" أبو فراس الحمدانى":
أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ
أما للهوى نهيٌّ عليكَ ولا أمرُ ؟
بلى أنا مشتاقٌ وعنديَ لوعة ٌ
ولكنَّ مثلي لا يذاعُ لهُ سرُّ
ويقول رشيد أيوب- الشاعر اللبناني المهجري :
 خمرةِ الكاسِ لا من خمرة الياسِ
أعطيتُ نفسي مداها بينَ جُلاّسي
فخمرَةُ اليأسِ لي وحدي أعاقرها
وخمرة الكأسِ بينَ النّاسِ للنّاسٍ
****
كــلٌّ يُغَنّي على ليلاهُ من شَغَفٍ
يَطوي السّنينَ بأحلامٍ وآمالِ
ويقول" قيس بن الملوح":
أَلا مَن لِنَفسٍ حُبُّ لَيلى شِعارُها
مُشارِكُها بَعدَ العَصِيِّ اِئتِمارُها
بِها عَلَقٌ مِن حُبِّ لَيلى يَزيدُهُ
ويقول :
تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا
وَأَيّامَ لا نَخشى عَلى اللَهوِ ناهِيا
وَيَومٍ كَظِلِّ الرُمحِ قَصَّرتُ ظِلَّهُ
بِلَيلى فَلَهّاني وَما كُنتُ لاهِيا
****
خَليلَيَّ لا وَاللَهِ لا أَملِكُ الَّذي
قَضى اللَهُ في لَيلى وَلا ما قَضى لِيا
قَضاها لِغَيري وَاِبتَلاني بِحُبِّها
فَهَلّا بِشَيءٍ غَيرِ لَيلى اِبتَلانِيا
****
أَمَضروبَةٌ لَيلى عَلى أَن أَزورَها
وَمُتَّخَذٌ ذَنباً لَها أَن تَرانِيا
****
أَلا لَيتَ شِعري ما لِلَيلى وَمالِيا
وَما لِلصِبا مِن بَعدِ شَيبٍ عَلانِيا
أَلا أَيُّها الواشي بِلَيلى أَلا تَرى
إِلى مَن تَشيها أَو بِمَن جِئتُ واشِيا
****
عَلى مِثلِ لَيلى يَقتُلُ المَرءُ نَفسَهُ
وَإِن كُنتُ مِن لَيلى عَلى اليَأسِ طاوِيا
خَليلَيَّ إِن ضَنّوا بِلَيلى فَقَرِّبا
لِيَ النَعشَ وَالأَكفانَ وَاِستَغفِرا لِيا
ويقول:
أَلا إِنَّ لَيلى بِالعِراقِ مَريضَةٌ
وَأَنتَ خَليُّ البالِ تَلهو وَتَرقُدُ
ويقول :
يَقولونَ لَيلى بِالعِراقِ مَريضَةٌ
فَما لَكَ لا تَضنى وَأَنتَ صَديقُ
شَفى اللَهُ مَرضى بِالعِراقِ فَإِنَّني
عَلى كُلِّ مَرضى بِالعِراقِ شَفيقُ
و يقول:
أَلا مَن لِنَفسٍ حُبُّ لَيلى شِعارُها
مُشارِكُها بَعدَ العَصِيِّ اِئتِمارُها
بِها عَلَقٌ مِن حُبِّ لَيلى يَزيدُهُ
مُرورُ اللَيالي طولُها وَقِصارُها
وَلَم أَرَ لَيلى بَعدَ يَومَ اِغتَرَرتُها
فَهاجَ خَيالاً يَومَ ذاكَ اِغتِرارُها
ويقول:
أَقولُ لِحادي عيرِ لَيلى وَقَد يَرى ثِيابِيَ
يَجري الدَمعُ فيها فَبُلَّتِ
أُلامُ عَلى لَيلى وَلَو أَنَّ هامَتي
تُداوى بِلَيلى بَعدَ يُبسٍ لَبُلَّتِ
ويقول :
تَعَشَّقتُ لَيلى وَاِبتُليتُ بِحُبِّها
وَأَصبَحتُ مِنها في القِفارِ أَهيمُ
فَجُد لي بِلَيلى وَاِصطَنِعني بِقُربِها
أَصيرُ لَها زَوجاً وَأَنتَ سَليمُ
وَإِنَّ زَماناً فَرَّقَ الدَهرُ بَينَنا
وَبَينَكِ يا لَيلى فَذاكَ ذَميمُ
أخيرا ينسب له ولم نجده في ديوانه:
وَكُلٌّ يَدَّعِي وَصْلاً لِلَيْلَى
وَلَيْلَى لا تُقِرُّ لَهُمْ بذاكا:
الدخول الليلوي مع غوث الوصول هو مسار ركب الحرف على ظعن النص ،أنه شحيح الإمل شديد التعب أخذت منه سنوات فاقت العقد الكثير من طاقة التحمل بان نحوله وقد شطبته جروح ليس لها علامات ولكنها تحدب في الروح تحبو وتجري من موقع لأخر داخل النفس المجهدة من هول ما يجري. فسار على درب ليلى .الليلات كثر في الشعر والتصوف والعشق وهن كالعوائش واللارات أقنعة مقنعة لمن يركب الاستعارة والتورية والدلالات الغاطسة في بحور المقاصد. في كلمتين أطلق من سلاحه الناري المخصص للاستغاثة سيل من الإطلاقات فكاد ينفد ما لديه من مذخر للتصويب و يعرج على الريح وهي التي محطاتها تفريغ لها وليس الانتظار، كلها خوار وخواء مهما جسمتها ووهبتها الكينونة تبقى الريح التي تجول في الأبراح لتستكين هنيهة وتعاود الهيجان هنيهات في محيطه وفي دواخله متعجلة لإخفاء عوارها وعريها وجروحها وما تفعل بمحاولة يائسة لتجمع الزمن بتقطيره في دنان التعتيق ولكن إلى متى؟ لا يجيب ليس لأنه ضنين بل لأنه لا يعرف كما الجميع متى توقف تلك الرعناء استهتارها بالسكون !!!!!
تتسلّلُ عَبرَ..
……….جوع النّوافذ
……….صدأ ألأبواب
………غسق القلوب
تذرعُ الأمكنة…كلّ ألأمكنة
…………………..في الغدوِّ وألآصال
تمرُّ عليهم..
………حيث لاوجود الاّ لأثرٍ مُندثر
………………………وبقايا مِن حُطام
تستصرخُ قبورَ الأحياء..
….قبراً قبراً
لا أحدٌ يُجيب
هل العاهر تخجل وتلتمس الحياء؟ لانظن كما علمتنا الدنيا من أيام "زليخة" و"أستير "حتى تقوم الساعة. فعن ماذا تبحث؟ وهي تتسلل خلسة تنقر النوافذ المغلقة والتي ما عاد فيها زجاج تمرق وتنفذ للفراغ بلا استأذان ولا حياء تستغل كون النوافذ خاوية كالعروش و لا أحد ينظر خلالها لما يجري وهل يحتاج العري أمام المرايا التي تملأ الطرقات إلى أن يعرف المرء أنه بلا كساء؟ سغب مقيم في نوافذنا هو الرفيق الأمين القهر فدعها تتأرجح وتمر وهل هناك ما بقِ لم تجتحه تلكم الريح الرعناء؟
أبوابنا موصده ليس لأننا لا نريد الخروج،
ولكن النفس في انكسار مريب
وقد نحتاج كيما نذرف الدمع لفسحة من السكينة
ولتكن لنا خصوصية بوح الكلمات المغسولة بالدموع المعقمة لنبدد ألما مقيما
على أنْ يكون ذلك بعيدًا عن الرقيب ،
ولو كنا نعلم إنَّ للجدران آذان و عيون!!.
الكشف السافر: حالنا؛ نحن عراة حتى من الإهاب تصفعنا الريح تارة قارس وتارة هجير . القلوب داهمها الغروب وهاتي علاماته الحمرة للرمز التي تنزفه النهارات في العراق والأمة.
الشاعريقول :
يُشعلُ قناديله في أُفقٍ قَتام
يُشاكسُ الريح حيثُ المَدى المُزدحم
….بأصواتٍ مُشَوّشة
…..يشربُها ألضَّجيج 
يتنفّسُ دُخاناً
…….امتطتهُ رائحةُ التّبغ
فتشظّى في رئتَيهِ
……….ألَماً
…….قَيحاً
……مَرارَةً 
يبتلِعُ طُوفاناً مِن صراخٍ
……………….توسّدَ أذرُعَ الغسَق
لنتوقف قليلا، ونلقي نظرة عجولة في الفضاء المعجمي للتعرف على معنى لفظ ريح ..
في معجم المعاني الجامع ،
ريح: (اسم)الجمع : أَرْوَاح و أَرْياح و رِياح ،
أَرَاويح و أراييح ،الرِّيحُ : الهواء إذا تحرك
الرِّيحُ :النصر والغلبة
الرِّيحُ: الدولة
وهبَّت ريحُه: جرى أمره على ما يريد
ريحُ الشَّمال: الريح التي تهبُّ من تلك الجهة، وهي ريح باردة،
ريحٌ دوَّاميَّة: زَوْبعة؛ إعصار مصحوب بمطر ورعد وبرق،
الرِّياح التِّجاريَّة/ الرِّيح التِّجاريَّة: ريح دائمة تحتل معظم المناطق الاستوائية، تكون شمالية شرقية في نصف الكرة الشمالي، وجنوبية شرقية في نصف الكرة الجنوبي، وتستخدم الكلمة غالبًا بصيغة الجمع،
الرِّيح الخفيفة: ريح تكون ذات سرعة ميل إلى ثلاثة أميال بالساعة حسب مقياس سرعة الريح،
الرِّيح الخلفيّة: الريح التي تَهُبُّ بنفس اتجاه سفينة أو مركبة أخرى،
الرِّيح الموسميّة: رياح مدارية وشبه مداريّة ينعكس اتجاهها من موسم لآخر، ويكون الطقس فيها جافًّا ومثقلاً بالرطوبة في الهند وجنوب آسيا،
ذهَب عملُه أدراجَ الرِّياح: ضاع جُهده عبثًا ودون فائدة وبلا نتيجة،
ذهَب مع الرِّيح: اندثر وزالت آثاره،
رَجُلٌ ساكنُ الرِّيح: وقور هادئ،
ركِب ذنَبَ الرِّيح: سبَق فلم يُدْرَك،
ريحُ الجَنوب: ريح يمانية (عكسها ريح الشمال)
ريحُ الخماسين: ريح حارَّة تأتي من الصحراء، وتهبّ عبر مصر من أواخر شهر آذار إلى أول أيار،
ريحُ الدَّبور: ريح تأتي من المغرب،
ريحُ السَّمُوم: ريح حارّة جافة في الصحاري العربية،
ريحُ الصَّبا: ريح لطيفة تأتي من المشرق،
ريشة في مهبِّ الرِّيح: ضعيف لا حيلة له، لا إرادة له،
سابَق الرِّيحَ: جرى بسرعة كبيرة،
يباري الرِّيحَ: جوادٌ كريم، سريع العَدْو،...
و، ريح حاصب‏: (مصطلحات)
‏حاصب أي ذات حصباء , والحصباء صغار الحجارة‏. (فقهية)
حتى نستكمل الفهم الدلالي ،علينا تمييز استخدم لفظ: الرِّياح وهي الجمع عن مفردها لفظ: رِيح
والذي كان من أوجه أعجاز القرآن الكريم ، والشاعر" شلال عنوز " حتما ،على إطلاع ودراية باختلاف المعنى الدلالي عن المعجمي،ولذلك نعتقده وظف كلمة ريح المفردة عن سابق تصور
وتقصد بوعي من جذره المعرفي أو لا وعي من جذره الثقافي ...
من يتدبر آيات القرآن الكريم سيجد ، إنّ لفظ
الريح {مفردا} قدجاء 18 مرة في 17 موضعا { كررت في سورة يوسف} مقترنًا بالغضب
والعذاب والوعيد، مثل ؛الحَاصِب، السَّموم، الصَرْصَر، العَاصِف، الإعْصَار، العَقِيم، القَاصِف.
أما لفظ الریاح {جمعا} قد وردت 10 مرّات في 10 مواضع كلها تشير للخير والبركة والرحمة ،مثل؛ المبشّرات،‌ المرسلات، الحاملات ، الذاريات ، الناشرات ، و اللواقح. يقول،" القرطبي ،أبو عبد الله محمد بن أحمد " في " الجامع لأحكام القرآن":"قال أبو عمرو: وكل ماكان بمعنى الرحمة فهو جمع ،وما كان بمعنى العذاب فهو موحّد"، ويقول ، الطوسي ،محمد بن الحسن" في "التبيان في تفسير القرآن ": وفي الرحمة تجمع الرياح؛ لأنها جمع الجنوب و الشمال والصبا. وفي العذاب (ريح)؛ لأنّها هي الدّبور وحدها و هي عقيم، ‌لا تلقح، فكل الرياح لواقح غيرها.ويقول ،في "مفردات ألفاظ القرآن" الراغب الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد": "وعامة المواضيع التي ذكر الله تعالی فيها إرسال الريح بلفظ الواحد فعبارة من العذاب، ‌وكل موضع ذكر فيه بلفظ الجمع فهو عبارة عن الرحمة" وروي {بسند غير متواتر} عن الرسول محمد ( ص) إنه كان كلما هبت الريح، يقول: "اللّهُمَّ اجْعَلهَا رِياحاً وَلاتَجْعَلْهَا رِيحاً ".
لتتجول تلك الريح و لتذهب أنى تشاء ولأنى مكان... لا مفاجآت أنْ أدبرت أو أقبلت منا قبول . ماذا تعنينا وهي استفردتنا واستباحتنا وراحت تعدو وتلهو بمقاماتنا وقاماتنا بالروح والجسد. عمّاذا تبحث وماذا تبغي؟ ماالذي تريدينه يا ريح يا غابة الأشجار اليابسة ، يا مدفن رماد الأحياء والأاموت؟... نبشت فينا بهياكلنا وماضينا وما أهالته العصور من تربان لا غايات ،لا أثر كل ما كفرته التقية أخرجته الضرورة وبالسفور ظهر علانية... لإنك وسيلة مسخرة، نسمعك عندما تستصرخين ...حتى "المهدي( عج ):وهو هنا" الحلاج/المسيح" المصلوب في ذواتنا ووجدنا ووجداننا لن تسمعي كما يقول، المصري" صريخ ابن يومين "فلا حياة لما تنادي... ما الذي تترقبين؟ من يجيب؟ حتى الجدران حفرتها الفئران والإسفلت حملته السرفات لم يبق إلا النياسم وأنت أتيتيها من دبر وقبل ... من يجيب الصوان والحجارة الصماء نخلاتنا تحدبت عطشًا وسدراتنا جردت من ثيابها ولا من يأبر نخلة في موسم الطلع أو يستر سدرة في موسم العري، فكيف تثمر النخلات وكيف نعيد للسدر رونق الحياة ؟
………………………مِن فَم الريح
وهذه الريح تُعلنُ
……………..أن لا وصول إلى (ليلى)
فقد سرقوها…!
ولم يطلع (سُهَيلٌ) بعدُ.!!
وهو مازال ممسكاً صولجانه
يتحدّى الريح. .
على باب :خرسان" ذرور من بقايا رجل ضرير المعرفة بالبشر هنا فأطلق لسانه وباح بالمستور فأقاموا عليه الحد صلبًا وتقطيعا، ثم حرق بالنار وذر رماده في دجلة الشاهدة الصامتة... لإنّه المحب والعاشق لم يؤذ أحدا ولم ينازعهم العروش كُفِرَ لأنُه توحد بخالقه فهل أنتم من يمثل الرب لتعرفوا شؤون القلب وما يكتم؟ مرت الريح بالنسيم "الحلاجي" لأنّ فيه عبق مهدوي انتظره المريد عبر السنين مع اليقين أنّه لفظ أنفاسه فقد أحرق جثمانه، ولكن هو الأمل لولا فسحة منه لضاق العيش، إنْ كان ثمة عيش...
هو الذي يأتي ولا يأتي ...
صدى صوته يرن عبر العصور تحفظه الريح. .ويغيب بغياب سهيل الذي لم يُرَ من قرون.
يقول " حسين بن منصور الحلاج الشهيد":
أُقْتُلُوني يا ثقاتي
إنّ في قتْلي حياتي
و مماتي في حياتي
و حياتي في مماتي
ويقول:
سُكوتٌ ثُمَّ صَمتٌ ثُمَّ خَرسٌ
وَعِلمٌ ثُمَّ وَجدٌ ثُمَّ رَمسُ
وَأَصواتٌ وَراءَ البابِ لَكِن
عِباراتُ الوَرى في القُربِ هَمسُ
ويقول:
وَلا تَنَفَّستُ إِلّا كُنتَ في نَفَسي
تَجري بِكَ الروحُ مِنّي في مَجاريها
إِن كُنتُ أَضمَرتُ غَدراً أَو هَمَمتُ بِهِ
يَوماً فَلا بَلَغَت روحي أَمانيها
ويقول:
عَجِبتُ مِنكَ وِمنّي
يا مُنيَةَ المُتَمَنّي
أَدَنَيتَني مِنكَ حَتّى
ظَنَنتُ أَنَّكَ أَني
وَغِبتُ في الوَجدِ حَتّى
أَفنَيتَني بِكَ عَنّي
ويقول:
بِالسِرِّ إِن باحوا تُباحُ دِماؤُهُم
وَكَذا دِماءُ البائِحينَ تُباحُ
إنّه "فينيق" الرماد و"عنقاء مغرب" لايقوم ليعيد حياة فانية بل ليقول، بفمه الممتلئ امسحوا إيديكم بالحائط لن تكسبوا ما أدخرتم ولن تأخذوا ما سلبتم كلكم من تراب وإلى التراب تعودون، فكل ما عليها فان ويبقى وجه ربك ذي الجلال.. كان الحلاج ما تحت وما فوق الفقد...أعلنت الريح أن لا وصول لليلى العشق المفقود والأمل المنشود والحلم المرتقب الذي تكسرت شبابيكه والظل الذي بلا عكاز و لا ظهر له ولا أصل معلوم والريح هذي عقيم حمالة خيبة"مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" آل عمران/ 117
فلن تأتينا إذًا برائحة قميص يوسف! {لنمس أيدينا بالحائط} ... مكتوم شاع بين الأنام ؛ ينتظر نهب الهجامة والحوسميون الكبار ليس قطع اأاصابع والعيدان بل سرقت الحلم والأمل وطريق المنتظر، وذلك ما كان الكبير الذي قد علمهم آياه من السحر..
يقول "العنوز": -كاشفًا الغطاء
…………….توسّدَ أذرُعَ الغسَق
…………………..مُتسربِلاً 
…………………………….جَلابيبَ الضّياع
……………………………انكِساراتِ الزمن المُشوَّه
………………………….هجرة النّوارس
كُلّما ذُكر الوطن
ينهض مجنوناً
….كأُمٍّ ذُبح رضيعها أمام عينيها
..لاتجيدُ غيرَ
…………النَّواح
……….الفَزع
………التَّبتّل
بين الفَينة والفَينة
إشارات يعرفها طارق الدرب من" سهيل" ... الذي في الجنوب دائم البزوغ ...أما في الشمال فلا يرى إلا في 25 آب وهو الآيذان بذهاب القيظ واقتراب الغيث والبلل لتعويض اليباس.
النص يتكىء على "سهيلنا" وليس على "سهيل كبارق سنا السماء الذي يزاحم "اليماني" واتخذته ناسا دليًلا فضائيا ...ويتابع شلال :-بوحه الفصيح
….يقفزُ مذعوراً مثل حصان مسلوب…
……………..اعتلى صهوته عابِث لايُجيدُ
…………………….ركوب الخيل فارساً
المُتنبّي يدقُّ أعماقه بمطرقة..
……(الخيلُ والليلُ والبيداءُ……..)
المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس في حقيبة سيرته الحكمة معبأة وهو الغنى الذي لم ينضب ما طال الدهر، هي البلاغة "كُمُّ القَمِيصِ " للساحر الذي يتخفى فيه ،كلما مر الزمن استخرجنا من بحره الدرر والأسرار والكشوف النورانية،... استجاز سيف الدولة "المتنبي" في بيتين استحسن معناهما وهما:
أَمِنّي تَخافُ اِنتِشارَ الحَديثِ
وَحَظِّيَ مِن صَونِهِ أَوفَرُ
وَلَو لَم يَكُن فِيَّ بُقيا عَلَيكَ
نَظَرتُ لِنَفسي كَما تَنظُرُ
وهو من قصيدة معروفة لل"عباس بن الأحنف "
ومنها:
هَبوني أَغُضُّ إِذا ما بَدَت
وَأملِكُ طَرفي فَلا أَنظُرُ
فَكَيفَ اِستِتاري إِذا ما الدُموعُ
نَطَقنَ فَبُحنَ بِما أُضمِرُ
وَأَشهَدُ أَنَّكَ بي واثِقٌ
وَإِن كُنتَ تُظهِرُ ما تُظهِرُ
وأجازهما المتنبي بقصيدته عصماء منها :
رِضاكَ رِضايَ الَّذي أوثِرُ
وَسِرُّكَ سِرّي فَما أُظهِرُ
وَسِرُّكُمُ في الحَشا مَيِّتٌ
إِذا أُنشِرَ السِرُّ لا يُنشَرُ
قدهَجَسَ من نص" العنوز "في نفسي أن في ما قال" المتنبي" ترجمة لما خامر الشاعر حين البوح...
ويقول المتنبي :
أَرَقٌ عَلى أَرَقٍ وَمِثلِيَ يَأرَقُ
وَجَوىً يَزيدُ وَعَبرَةٌ تَتَرَقرَقُ
وَعَذَلتُ أَهلَ العِشقِ حَتّى ذُقتُهُ
فَعَجِبتُ كَيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ
عموما أراني مجبرا على القول، أني أحسب" شلال عنوز" في تضمينه الاستعاري :
( المُتنبّي يدقُّ أعماقه بمطرقة..
……(الخيلُ والليلُ والبيداءُ…… )
يعني الأبيات التالية:
وَاحَرّ قَلْباهُ ممّنْ قَلْبُهُ شَبِمُ
وَمَنْ بجِسْمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
****
أنَامُ مِلْءَ جُفُوني عَنْ شَوَارِدِهَا
وَيَسْهَرُ الخَلْقُ جَرّاهَا وَيخْتَصِمُ
****
ألخَيْلُ وَاللّيْلُ وَالبَيْداءُ تَعرِفُني
وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَم
****
شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بِهِ
وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإنسانُ ما يَصِمُ
****
بأيّ لَفْظٍ تَقُولُ الشّعْرَ زِعْنِفَةٌ
تَجُوزُ عِندَكَ لا عُرْبٌ وَلا عَجَمُ
ويستمر شلال عنوز بالبوح:
"هوَ صوتٌ لكل ألأزمنة
……………….شاخَ فيه الترَقُّب
……………تناسلَ فيه ألانتظار
أسعِفيهِ أيتها القصيدة؟
فما عادَ الشعرُ..
………سحابةً مِن وَدق
……ولاسيفاً بيد(ابي فراس)"
يقول" أبو فراس الحمداني":
أراكَ عصيَّ الدَّمْعِ شيمَتُكَ الصَّبْرُ
أما لِلْهَوى نَهْيٌ عليكَ و لا أمْرُ؟
بَلى، أنا مُشْتاقٌ وعنديَ لَوْعَةٌ
ولكنَّ مِثْلي لا يُذاعُ لهُ سِرُّ!
سَيَذْكُرُني قومي إذا جَدَّ جِدُّهُمْ،
وفي اللّيلةِ الظَّلْماءِ يُفْتَقَدُ البَدْرُ
ويقول" العنوز":
ينامُ مَكلوماً على جراحات الوطن
…يتلَمَّسُها جُرحاً جُرحا
فيفزُّ مفجوعاً
يبكي الوطن. .
…دمعةً وقصيدة
بينَ القصيدة والوطن..
…مُدنٌ مِن عُنفوان
..أُفقٌ مِن تجلّ
ذلك البهي طلوعه الذي قال عنه "المعري": سهيل كوجنة الحب في اللون وقلب المحب في الخفقان ذاك معين الضارب في مسالك البيد الذي يلي الشعرى اليماني في الإشراق ونهاية السموم وبداية فصل جديد لم يظهر بعد وهي أضغاث "المهدي" الذي مات ورفاته تذروه الريح صولجان رماد يقارع الحلاج /المسيح /المهدي به الظلم، الطوارق ،المحن ،الزمان ،النائبات.
ويقول" عنوز""
"يُمنّي نفسه بقُبلةٍ..
…………….مِن (ليلى)
ويُعلنُ أن لاعودة بدونها…:
تتحدى من والريح بلا أمان تميل وفق من تشاء بل امتطاها الفارس الهجين، وإنْ سلبت موقعها أثر بعد عين... من ينجزك الوعد وليلى /هند /عائشة/لارا في العراق مريضة .
" عمر بن ابي ربيعة" يقول:
لَيتَ هِنداً أَنجَزَتنا ما تَعِد
وَشَفَت أَنفُسَنا مِمّا تَجِد
****
كلَّما قُلتُ مَتى ميعادُنا
ضَحِكَت هِندٌ وَقالَت بَعدَ غَد
أبقَ حيث أنت، لا ليلى تعود، ولا الغد قريب... الأمس طواه سديم النسيان ..
لا تأمل من ليلاك حضور ،
حالك كما" ليلى الأخيلية "قالت:
عفا اللّه عنها هل أبيتَنَّ ليلةً
مِنَ الدَّهْرِ لا يَسْرِي إليَّ خيالُها
وتقول:
لَعَمْرُكَ ما الهِجْرانُ أنْ تَشْحَطَ النّوى
ولكِنَّما الهِجْرانُ ما غيَّبَ القَبْرُ
وأراك تقول كما " توبة الحميِّر العامري" صاحب "ليلى الأخيلية" قال :
نأتْكَ بليلى دارُها لا تَزورها
وشطّت نواها واستمَّر مريرُها

أخذت الريح كل ما أمامها ولن يعود ما ذهب في المنظور ... محطات الانتظار سجون واسعة بلا سقوف لنا لا تقينا العواصف والريح تجري بحرية وتحدٍّ وكما يقول" ريجيس جوليفيه": "كل ما هو عظيم يزول ؛وقوى التحطيم تأتي دائمًا عند آخر الأعمال الإنسانية. ولا شئ يبقى، وسرعان ما أراد الإنسان تخليده والماضي هوة سحيقة يغرق فيها كل شئ"...
إنْ كان "هدجر" يرى الحياة الحقة تكون في اليأس، فأن "جان بول سارتر" يراها فيما وراء اليأس. حيث يقول: "استبدال النظام المفتوح المضئ للعقل الذي جعل لإدراك الوجود وقوانينه المطلقة نظامًا تجريبيًا في سجن بلا أبواب وبلا نوافذ ".
لا يسعنا إلا قول، إنّ قصيدة ما بعد الحداثة- رغم أنَّ ذلك من المصطلحات القديمة التي تعود لعقود مضت- هي قصيدة بالغة التعقيد، والصعوبة ليس من استحضارات التعريفات النقدوية التقليدية فعندما يعتقد "المكولج" إنَّ التنضيد يسير يعتقد أنَّ النقد كذلك نحن نزعم أنَّ النص بالغ التعقيد وكذلك النقد لأنَّ كم من المعرفة هائل يستند إليه الناص والناقد وليس الحرفية النصية ومجرد اللغة التقليدية نحتاج كل المخزون المعجمي ولكن باستخدامات حداثوية وهو من المشاق التي يجهل من يعتقد، إنَّ ترصيف مداميك الوحدات الصغرى يصنع وحدات كبرى وهذه تخلق نصا ... النقد ليس حشد الالفاظ في نص إنشائي . قصيدة النثر تستوعبها "زها حديد" دونما مراجع أدبية أكثر من "ابن سلام الجمحي" فليس لغة المفردات و النحو والصرف ولا فقه اللغة والبلاغة ولكن كل ذلك مع استيعاب نظرية النظم" الجرجانية " وتطويرها المعاصر إلا إنَّ قصيدة النثر غير ذاك أيضا ... إنها هندسة المعاجم والتصورات الذهنية اللاأقليدية وهي علم لا تقليدي ورياضيات مابعد" كاوس" و معمار عبثي من هدم وبناء ،ولا يقوم على قواعد متعارف عليها ...
إنّ كم الإنزياح هائل في المعنى والمفردة والاشتغالات النحوية ... حتى العنوان هو نص فائق الدلالة الشبحية وربما يستبطن مراوغة عقل القاريء والناقد... يفصح الشاعر عن عما يعتوره من تداخل الذاتي مع الموضوعي والخاص مع العام والجزء مع الكل... الوطن والمحبوب ،الماضي والغد في الحاضر الهيولي :
يقول "عنوز ":
.راياتٌ مِن شموخ
………….يبتلعُ كلّ
………………..غبار الخنوع 
……………..سَخام الهزيمة
……………وجع ألانكسار
أسعفيهِ أيتها القصيدة..؟
………..لتزدهي الحروف
………يضجّ الضّوء
………يورق الصّباح
فيرقص الأمل مَفتوناً
على تراتيل شاعر الوطن
استعنا ب "ميشيل فوكو "للوصول إلى جيولوجيات تكتونيات "رولان بارت" في نص الشاعر الرائع" شلال عنوز"... ما يحدث في المحيط له الأثر الخاطف العاطفي للارتكاسات الوجدية... يقول "الن هاو":" يعارض (هابرماس )حاجات النظام في المجتمع الحديث بحاجات عالم الحياة؛ أفق المعنى الذي يشكل خلفية الحياة اليومية حيث توجد إمكانية التوصل إلى توافق تواصلي بين الذوات ...إنَّ الولايات المتحدة الأمريكية قد تطورت تطورًا بالغ النجاح على صعيد النظام وعلى حساب التكامل الاجتماعي الذي يجري على صعيد الحياة .هذا البلد مجتمع ذا ثراء ويسر عظيمين إلا إنه مبتور وناقص على صعيد عقلنة عالم الحياة " نفهم من هذا الاقتباس أنَّ ما يحدث لدينا بفعل أدوات مجتمع فاسد وناقص تقوده مجموعة من الدجالين المتخلفين... فبمن نستعين إذا ؟ الشاعر أجاب بوضوح فالمتحصل الفكري والثقافي والوطني له ما يؤهله ليقدم رؤية ناصجة ... يقول "لوسيان غولدمان": إنَّ تظهير علاقة هذه الإبداعات الثقافية مع بعض الحقائق الاجتماعية والتاريخية يشكل، بمجرد تكونها، مؤشرات ثمينة تخص العناصر البنائية لهذه الحقائق"ويقول: إنَّ الصراع السياسي اليومي، والحاجة إلى محاربة الخصوم بجميع الأسلحة، كثيرًا ما ينتهيان إلى التأكيد على وحدة ضرورية بين الانتاج الأدبي وفعل الفرد، إذا ما حكمنا عليهما من وجهة نظر أهميتهماالاجتماعية الموضوعية ...
يقول "جاك لينهارت": -"في قراءة سياسية"- كان الكاتب يشكل، هو واللغة، جسمًا واحدًا وبالتالي هو الأيديولوجية الخاصة بهذه اللغة ومن الآن فصاعدا، فأنَّ تباعدًا قد شق بينهما بل أنَّ وظيفة الكاتب أصبحت تميل إلى جعل هذا التباعد موضوعًا لها. فبالعمل الذي يمارسه على اللغة، يربح الكاتب حق تحريف المجرى اأايديولوجي، فيقيم نفسه كوعي خطابي شقي، إنَّ البداهة قد تخلت عن اللغة مثلما تخلت عن وعي الكاتب فإذا ظهرت بعض القيم " أصلية" فإنّها تعد قابلة لأنْ تقال "... هذه التضمينات تفكيك جدلي أولي يمسك الدوال ويعين في إدراك المداليل التي تناولناها وهي إرهاص لما تناولناه ...
نعد نص قصيدة "الشاعر " ل" عنوز" يتجلي فيه عموم ظاهريات ما سبق ألمحنا إليه بصدد الدلالية المقربة لفهم عاطفة المقاصد .ولذلك راودتنا رغبة بإ ضفته للسياق كخاتمة لولا متطلبات النشر والحيز المتاح للنشر.