أولى مآلات و متاهات التطبيع


حسام تيمور
2022 / 9 / 17 - 17:21     

عندما يعلن "الشيخ بنزايد" حضوره شخصيا احداث القمة العربية المنعقدة في الجزائر، فهذا امر طبيعي كما يظهر، و عادي و معتاد.
لكن باطنا، أو من خلال السياقات الطارئة و الغير مسبوقة التي تعيشها المنطقة المغاربية و منطقة الشرق الاوسط، فإن المعنى الوحيد الظاهر، و المتصاعد، هو أن أمواج التطبيع المتلاطمة فشلت بشكل كامل في عزل دولة "الجزائر، أو أن التطبيع الآن نفسه صار معزولا و منعزلا، بشكل مبهم و غريب، رغم كونه هو السائد، و كونه القاعدة لدى اكثر الدول تأثيرا في المنطقة، و يبحث دائما عن مكان للعودة، او منطقة توازن ! فماذا يعني الأمر هنا ؟ بالنسبة للمنخرطين في مسار اللاعودة؟
ببساطة و وضوح فإن تطبيع الرخيصين انتهى لعنة و عارا أبديين، و يستحيل بعده الرجوع، حتى على البطن، الى نقطة الما قبل. و كذلك، و في خضم مزيد من السياقات و التقاطعات، نجد أن الكلمة المفتاح هنا هي موقف "السعودية" من التطبيع، باعتبارها السند الذي تعتمد عليه دولة الامارات مثلا، في البقاء على حال رجل هنا و رجل هناك.
إن الموقف السعودي ثقيل جدا، في منطقة الشرق الأوسط، كما الموقف الجزائري، في شمال افريقيا.
و هو موضوع طلب و ابتزاز مستمرين و معلنين من قبل تل ابيب نفسها، يصل مستوى الاستجداء الوضيع و الرخيص.
و لفهم المعادلة، التي أنتجت و تنتج الاستقطاب الراهن، وجب النظر الى المخفي من النقاش، حاليا على الاقل، و هو العلاقة التي لم يعد اعلام التطبيع و التضبيع يتحدث عنها كثيرا، لانه امر صعب جدا، هو العلاقة بين السعودية و المغرب، تحديدا منذ اقبار مشروع "الوليد ابن طلال"، و صعود مشروع "ابن سلمان"، الذي لعب اكثر على ورقة المصالح بصيغتها المطلقة، عكس الامير المطاح به، و الذي كان يسوق نفسه و المملكة كماخور جيوستراتيجي، عن طريق ادوات اشتغاله في الاقتصاد و الاعلام. و حيث كما كان يصف خسارات اسهمه المليارية على انها خسارة فقط على الورق، فقد انتهى نهاية "ورقية" محضة و صرفة، هو و باقي مقربيه هنا او هناك.
هنا بات من الصعب جدا، التطرق بكل الوضوح و الشجاعة، لموضوع هذه العلاقات القوية و الراسخة كما توصف، مجاملة هناك أو تذللا هنا، و خصوصا بعد ان القى "تركي ال الشيخ" بتدوينة طائشة نصها بالحرف "مبروك للمغرب البربري تنظيم كاس العالم للدعارة"، او هكذا جاء على صفحته الرسمية، او التي تحمل اسمه، او التي تم قرصنتها، و بعدها تم استقباله استقبالا ملكيا رسميا، دون توضيح او اعتذار لأحد، و كان شيئا لم يكن.
لا نتحدث هنا عن "التدوينة" التي سينكر احدهم ان فلان اصلا قد كتبها، بل نتحدث بالتحديد عن حدث واقع، هو منح السعودية صوتها في سباق تنظيم المونديال لامريكا بدل المغرب، و هذا لعمري اسوء بكثير! و لا اسوء منه الا التعاطي الاعلامي الفظ و العنيف جدا مع الحدث، لدى الجانب السعودي، و الذي لم يكن متحملا هنا، و بشكل لا يترك مجالا حتى لحرب اعلامية متكافئة، و هو موضوعي في اغلب دفوعاته طبعا ؟! و لعل الحاضر الغائب كان كذلك و بالضرورة، الموقف الرسمي من احداث "الريتز"،و الذي انتهى برد غير معلن لكنه عنيف كذلك، انتج بدوره تلك الوجهة نحو "قطر المحاصرة"، و وسم "كلنا تميم"، المضحك جدا جدا، بما ينحدر الى مستوى المراهقة السياسية في سن الياس.

أخيرا سوف تنعقد القمة، و بكل المعاني و الكليشيهات المنتجة حولها و المتوارثة عبر السنين، لكن بفارق ان هناك دولة سقطت في أبد العار، و دائم الانحطاط، في مستنقع اسوء من التطبيع، و العمالة، و هو الامتهان الشامل، الذي يسوق له خطاب سياسي فاشل، و تدافع عنه "عصابة" اعلام أمي جاهل، و رخيص و "سافل".