نتائج مؤتمر فيينا في الحوار الدائر حول الملف النووي الإيراني


حسن خليل غريب
2022 / 9 / 13 - 10:36     

من بعد إعلان نتائج الانتخابات الأميركية، في أوائل شهر تشرين الثاني من العام 2020، وإعلان فوز جو بايدن الديموقراطي، وتحت سؤال: (من أين يبدأ جو بايدن بالدخول في ملفات الوطن العربي؟)، كتبنا مقالاً، في محاولة للإجابة على ذلك السؤال.
ولأنه لا يزال صالحاً لمساعدتنا على استكشاف نتائج مؤتمر فيينا الذي أنهى اجتماعاته في العشرية الأولى من شهر أيلول من العام الحالي، نعيد نشر مقتطفات حرفية لنتائج التوقعات التي قمنا باستشرافها في 11/ 11/ 2020 . وجاء في نصها:
(يتساءل الكثيرون عن المتغيرات التي قد تحصل في منطقة الشرق الأوسط في عهد جو بايدن، الرئيس الأميركي المنتخب، وانقسموا بين متفائل ومتشائم، بين من يتطيَّر منه أو من يراهن علىه. ولأن اهتمامنا يكاد ينحصر فيما سيحصل في المنطقة العربية والدول الإقليمية المجاورة لها في المرحلة القادمة، سيقتصر مقالنا على هذا الجانب دون غيره).
وفي نتائج المقال، وكجواب على السؤال، ننقل النص الحرفي التالي:
بايدن سيستكمل خطوات ترامب في تقليم أظافر النظام الإيراني، وإعادة العراق لمشروع النهب الأميركي:
لقد أسس ترامب لملفين أساسيين اثنين، وهما: تحجيم الدور الإيراني في العراق لتجفيف سرقة أمواله التي ساعدته على توسيع مشروعه المستقل من جهة، وإعادة العلاقات مع الدول الخليجية إلى سابق عهدها بعد أن اهتزَّت في عهد أوباما من جهة أخرى. وقد استخدم في تنفيذهما أقصى العقوبات على النظام الإيراني إلى سقف التهديد العالي النبرة.
والسؤال المطروح الآن: من أين سيبدأ بايدن؟
إن بايدن لن يضحي بإبقاء العراق بين أيدي النظام الإيراني ليسرق كما يشاء وكيفما يشاء. كما أنه لن يعيد العلاقات مع دول الخليج العربي إلى نقطة الصفر كما أوصلها أوباما، بل سيعمل على تمتين الصداقة معها، وهو يعلم أن المحافظة عليها لن يكون بأقل من تقليم أظافر النظام الإيراني ونزع فتيل البارود الذي يصنعه مشروع (ولاية الفقيه)، وهذا ما سيفرض عليه استكمال مخطط ترامب.
ولهذا شاء بايدن أم أبى، فإن ملف النظام الإيراني لن يعود إلى مرحلة أوباما، بل سوف سيتابع بطريقة لا تحتمل التأجيل أو المساومة، خطى ترامب الرئيس الجمهوري، وإن كان بوسائل أخرى. وبمثل هذا الاحتمال ستذهب مراهنات النظام الإيراني على نتائج الانتخابات الأميركية أدراج الرياح، وعليه أن لا ينام هو أو أنصاره أينما كانوا على فراش بايدن الذي يتوهَّم أنه فراش من حرير.
هل يستفيد العرب من دروس المرحلة السابقة؟
وهنا، بعيداً عن التفاؤل بقدوم بايدن أو التشاؤم منه، يمكننا مناقشة مسألة الدور العربي من زاويتين اثنتين: دور الأنظمة الرسمية العربية، ودور ثورة تشرين الأول في العراق.
1-لقد فرض الاشتباك الخليجي مع إدارة أوباما، بعد تسليمه العراق للنظام الإيراني، وتوقيعه الاتفاق النووي، موقفاً خليجياً كان لافتاً بجرأته عندما رفض الإجراءات الأميركية، وهدد باللجوء إلى مصادر دولية أخرى. ولكن جاء ترامب ليصحح تلك العلاقات، بوسيلة أقل ما يُقال عنها أنها تدل على الفجاجة والوقاحة عندما أعلن (حماية دول الخليج مقابل أجور مرتفعة) من جهة، وأعلن مواقف حادَّة من النظام الإيراني لم تتم ترجمتها إلى فعل ملموس من جهة أخرى.
لم تكن تلك الإجراءات مما يجب أن ترضخ له دول الخليج، أي (الحماية بالإيجار)، لأن الإدارة الأميركية، بجمهورييها وديموقراطييها، يهمها أن يستمر البعبع الإيراني من أجل ابتزاز الدول الخليجية، والتي ربما لن يحيد عنها الرئيس بايدن. وهذا يقتضي تعديل شروط العلاقات بين الإدارة الأميركية وتلك الدول، والتي يجب أن تقوم على تبادل المصالح المتكافئة، وليس على تبادل الخدمات المأجورة بالابتزاز والتخويف من نظام تم تدعيم أركانه من قبل الإدارة الأميركية، سواء أكان هذا التكليف يحمل هوية الجمهوريين منهم أم من الديموقراطيين.
إنها فرصة أمام دول الخليج العربي، أن ترفض المعادلة الأميركية التي تستند إلى قاعدة تخليصها من الخطر الإيراني بأن تلجأ إلى حماية صهيونية من خلال توقيع اتفاقيات التطبيع مع العدو الصهيوني، يعني نقلها من وضع سيء إلى وضع أسوأ منه. بل اعتبار الأمن القومي العربي وحدة لا تتجزَّأ، من مشرق الوطن العربي إلى مغربه. بحيث تتم حمايته من قبل عدوين كل منهما أكثر سوءاً من الآخر.
2-أما عن وضع ثورة تشرين في العراق، فنحن ندرك، استناداً إلى ما نحسب أن بايدن سيبدأ في معالجة وضع العراق من الحدود التي وصل إليها ترامب، أي أنه لن يتراجع عن هدف استعادة ثروات العراق لمصلحة (أميركا أولاً)، وإن ذلك قد يتم بوسائل أخرى غير تلك التي استخدمها سلفه ترامب. وهذا الاحتمال يقتضي أن تدرك ثورة الشباب أن الإدارة الأميركية لا تعمل من أجل إعادة الثروات العراقية لمصلحة الشعب العراقي، وإن كانت تتبنى شعارات الثورة، بل على تخليصها من شباك النهب الإيراني إلى شباك النهب الأميركي. وإنما على الثورة أن تستفيد من تخليص العراق من نظام إيراني عنصري مذهبي يعمل على اجتثاث هوية العراق الوطنية إلى هوية فارسية تحت خيمة (حماية المذهب) الخادعة. وذلك باعتماد سياسة تخليص العراق كلياً من الاحتلالين معاً بإسقاط العملية السياسية القائمة على تفتيت العراق طائفياً وعرقياً.