-مُقَدِّمة عَامة عن النقد وتوقف عند مَفْهوم النَّصّ - ًًًًًًًًًََََََََََََََََََََََُُُُِِِِِّّّّّّّّّّّّّْْْْْْْْْ


سعد محمد مهدي غلام
2022 / 9 / 6 - 17:36     

التعامل مع النصوص هو ليس معالجة الحرف والكلمة والمدماك وحدات منفصلة أومتصلة ولا النص كمعطى محض لساني بل النص كبنية كلية لتشابك الأنساق البنيوية مع الأنساق الرابطة والأنساق السياقية كخلق ينتظم عبر مجموعة كبيرة من الفاعلات الظاهرة والمضمرة { الثقافية والنفسية والاجتماعية والمتناصة}والمسكوت عنها تجسده وحدات التعبير اللغوي المقصود واللاواعي كعلامات وإشارات سيميائية دالة ، في المنهج النقدي والمدرسة التي نتبعها. المعطى الإبداعي المعبر عن الناص بنية كلية تعبيرية هو الجزء المتحرك منه ،والذي رغم انفصاله عنه تبقى فيه حياة المبدع العامة والخاصة ،الفكرية والنفسية والثقافية... وهو الذي نتعاطى معه - كأَثَر - بالتفكيك البنيوي والحفر" الأركيولوجي "والتتبع السياقي" الجينولوجي" والسبر : الجيولوجي" النسقي الغوير ،ولذلك نتحرى جيدا عمن نكتب ونتعمق في نصوصهم ومحيطهم .قد نخطئ ولكن في العموم لا نتعامل مع نصوص منفردة وتسبق الكتابة فترة طويلة نراقب المبدع فيها وندرس منجزه ومحيطه وبيئته وجذوره الثقافية والاجتماعية...
ويوضح"رونان ماكدونالد" في كتابه المهم "موت الناقد" ما يحدث في هذا العصر في التعامل مع العملية الإبداعية وكيفية النظر للممارسة النقدية قائلا:" لقد تم في السنوات الأخيرة الإعلاء من شأن الأنواع الثانوية غير المقدرة فيما مضى، مثل اليوميات والرسائل. لكن مازال ينظر إلى عمل الناقد حتى هذه اللحظة بالطريقة ذاتها التي ينظر فيها إلى عمل الخصي في القصر المليء بالحريم والجواري أو في أحسن الأحوال على أنه عمل عادي لا يحتاج إلى تخصص ويمكن لأيّ شخص أن يقوم به دون بذل الكثير من الجهد".
وهذه واحدة من كوارث ما حصل في العقود الأخيرة وبعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي اختلط فيها الغث بالسمين وشاعت ثقافة الأ كلات السريعة في عصر التفاهة هذا ..
وكما يقول، -"ماكدونالد"- :"إذا كان النقد الأكاديمي بما لديه من عدة نظرية واصطلاحية، قد انسحب من الميدان عائدا إلى الجامعة، فإن هناك قوة بديلة تمتلك قوة طرد مركزي قد صنعت منا جميعا نقادا. هنا على الأقل، يبدو أن الوعد بولادة القارئ قد سمح بمفصلة أكثر اتساعا لعملية رد الفعل على الفن".
وهذا الإرتقاء المتلقي هو تصعيد للمهمة القرائية ولكن ماينبغي قوله :إنّ القراءة المنتجة للنقد ليس مبتناة وفق معيارية الذوق الفردي غير المهذب وغير المصقول بالمعرفة والثقافة الواسعة والإطلاع ...
وكما علق "ماكدونالد" على موضوع بنية القاعدة النقدية للقارىء المتصدي لمهمة النقد بقوله:" قد حان الوقت لنعترف أن النقد صناعة إبداعية وشكل أدبي، وهو الصيغة الوحيدة من صيغ الكتابة الأدبية التي يمكن أن نقول بكل ثقة إن معظم الناس حاولوا ممارستها في يوم من الأيام، لأننا جميعا كتبنا مقالات نقدية أثناء تعليمنا المدرسي. لكنه رغم ذلك قد يكون أكثر الأشكال الأدبية تعرضا للنبذ وتبخيس القدر".

لقد تعرضت الممارسة النقدية إلى تجريح ومحاولة أخراجها من دائرة العمل العلمي المستند إلى أصول الدرس وفق منهجية وقواعد وأسس ومرجعيات معتبرة وهذا حجم من مكانة المؤسسة التعليمية في قدرة انتاج نقاد وفق معايير النقد الأكاديمي ،نحن الآن لسنا بصدد البحث في دواعي تراجع دور تلك المؤسسات في مجمل الفعالية النقدية وهو موضوع شائك ومختلف به وحوله حاول مقاربته الناقد "ماكدونالد" في كتابه المشار إليه والذي قد توافق معه في بعض طروحاته ولكننا نختلف معه في الكثير من الموضوعات ذات الصلة ، يقول "ماكدونالد" :"إذا كان النقد الأكاديمي بما لديه من
عدة نظرية واصطلاحية، قد انسحب من الميدان عائدا إلى الجامعة، فإن هناك قوة بديلة تمتلك قوة طرد مركزي قد صنعت منا جميعا نقادا. هنا على الأقل، يبدو أن الوعد بولادة القارئ قد سمح بمفصلة أكثر اتساعا لعملية رد الفعل على الفن”.
نحن نعتقد إنّ أسباب انحسار النقد الأكاديمي الرصين والمقروء تقف خلفها حيثيات كثيرة ترتبط بالمناهج المتقادمة المعتمدة إجرائيا في التعاطي النقدي من الأكاديميين وتأكل آليات التطبيق وأدواته العملية ...السؤال هنا هل المناهج المعتمدة تواكب التطورات الميدانية للعملية الإبداعية والمستويات الإدراكية لفعل التلقي القائم اليوم؟ هذا و من جانب آخر هل تتناسب الفعالية النقدية مع تطورات التدول والتوصيل وتوجهات الرأي العام الثقافي؟ وهل امتلكت الممارسة النقدية قدرات تضاهي ما تمتلكه القراءات والإضاءات النقدية العابرة والمتاحة للجميع في وسائل التواصل وشائعة عبر مواقع ونشريات ضعيفة المراقبة والتدقيق ومتاحة للجميع بغض النظر عن المستوى العلمي والتعليمي وبالمجان؟ يقدم "مكدونالد " تصورا أقل تشاؤمنا يقاطع ظنوننا فيقول:"لربما لا يكون الناقد قد مات، بل جرت ببساطة تنحيته جانبا، أو أنه يأخذ سِنَةً من النوم، وتتمثل الخطوة الأولى الضرورية لإيقاظه أو إيقاظها، في استعادة فكرة الجدارة الفنية وزرعها في قلب النقد الأكاديمي"...
ونحن نتوافق مع طرحه ،ولكن نقول :إنّ مسؤولية استعادة فكرة الجدارة الفنية وزرعها في قلب النقد الأكاديمي هي تقع على من في مثل أوضاع وظروف العراق ؟ هذا السؤال رهن الجهات ذات الصلة بالاكاديمية والعمل الفكري والثقافي ،وجزء منها يتحمل وزره الناقد ذاته والتلقي أيضا....ونقول مع "ماكدونالد""إذا كان النقد راغبًا أنْ يكون مقدرًا ذا قيمة ،ومهتمًا كذلك بالوصول إلى جمهرة القراء ،فعليه أنْ يكون تقويميا"...في ظل تلك الرؤى أقول الناقد ليس بقارِئ كف ولا بفتاح فآل ،ولا يقْرَأ المخفي ولكن يكْشِف عن المسكوت عنه و يحفِر كيمايظْهِر وحدات البنية وانساقها الفكرية {اللغوية مسؤولية النقد الأدبي الخالص } ويستدل على خطوط مرور النسق الثقافي ليستنبط ويؤول المعطيات القرائية ليواصل إلى مقاربة جوهر المعاني ومعاني المعاني حتى يعرف المقاصد ويحقق ملامسة منطقية لحقيقة الفهم وفهم الفهم ويكيفه ويعيد صياغته تعبيريًا في عملية إبداع النص النقدي .. الذي يكيف فكرة النص المقروء ليكون بدوره نصًا جديدًا مقروءًا...
ربما نخدع وتعجز المعرفة عن رد غوائل مين بعض النصوص ولكن سبر أغورها والحفر في أَنْسَاقها بوسائل النقد الجديدة تحول دون تعميم ضرر التعمية النقدية التي توقعنا بها الطرائق البالية. يقول "رولان بارت":في كتاب "نقد وحقيقة" في معرض رده على "ريمون بيكار "صاحب كتاب "النقد الجديد أو الدجل الجديد"" إنَّ هذه الهجمات التي تشنها مجموعة محدودة، تتسم بنوع من الأيديولوجية، وإنّها لتغوص في منطقة ملتبسة من الثقافة، ...ألم يجرح العقل بمخالفته لأوليات قواعد التفكير العلمي الواضحة بكل بساطة؟ ألم يصدم الأخلاق حين أدخل في كل شئ الوساوس الجنسية، الجموحة، والوقحة …أليس النقد الجديد خطرًا؟إذا طبقت هذه الكلمة على الذهن، واللغة، والفن، فإنّها ستعلن عن فكر اِنْكفائي يعيش الخوف...هذا الخوف التقليدي، يعرقله اليوم خوف معاكس، إنّه خوف الظهور بمظهر بائد تاريخيًا ...جانس بعضهم بين الريبة من الجديد والإجلال إزاء إغراءات الحاضر،وما كان ذلك إلا لإنّ الانحسار يبدو اليوم مخجًلا كما هو حال الرأسمالية...إنّ المثالب التي يأخذونها اليوم على النقد الجديد، ليس لأنّه جديد، ولكنه نقد بكل معنى الكلمة، وكذلك، فأنّهم يعيبون عليه توزيع الأدوار الخاصة بالمؤلف والمعلق، وإنّهم ليرون في هذا إعتداء على نظام الألسنة، وإزاء هذا فأنّهم لا يملكون سوى ملاحظة الحق، فهم به على النقد الجديد يعترضون ليكون لهم آمنًا. وهذا حق يجعلهم يزعمون أنّهم ولاة السلطة، وما كان ذلك منهم إلا لكي يقوموا بتنفيذ الحكم".
ما أردنا قوله: إنَّ البحث في النقد هو المسبوق بالبحث في الأدب وعليه فإنَّ معيارية لابد أنْ تكون سائدة وفق مقاييس وأسس وشرائط وليس كما يفعل المحدث من تلبيس العملية الإبداعية بالعملية النقدية وكلاهما في أنماط من اللا تجنيس ونقل تجارب وهدر دم معطيات التقدم لعقود تحت طائل الاجتهاد وإلا سنفعل ما فعل أهل الأيقونات من هدم النصب وقتل الأتباع والتحريم والتجريم وإبتداع الأشكال التي ما أنزل الله بها من سلطان إلى ساحة الفتوى واجتراح ما لا يخطر ببال من الوسائل واعتبارها واجبة التقليد. يقول "تودوروف": في علاقة الأدب بالكلام "إنَّ عزل المعنى في مجموع الدلالات عمل قد يؤدي بكل تأكيد إلى مساندة عملية الوصف في الدراسات الأدبية".
ونحن نتدارك مفهوم مصطلح النص لغويًا ونقديًا، لمقاربة دلالية كان لازامًا علينا الإقرار بأنَّ للنص كم كبير من التعريفات والتحديدات والمفهوميات ، كل منها له أسسه وحيثياته ومعاييره وهي وراء تعريفاته الخاصه، فالمرجعية الفكرية والخلفية المعرفية والبنية العقدية للمتصدين للتعيين أو التحديد أو التعريف هي من أنتجت هذا العدد الواسع من وجهات النظر والنظريات للنص .الأوفق لكيما نكون تصورًا أوليًا عن موضوعة النص ،هو المرور في الفضاء المعجمي للتعرف على الجذر اللغوي ...
في "تاج العروس " "لابي الفضل الزبيدي" "أَصْلُ النَّصِّ: رَفْعُك لِلشَّيْءِ وإظهاره فهو من الرفع والظهور ومنه المنصة... "
وفي "لسان العرب" لابن منظور" مادة، نصص": "النص: رفْعُك الشَّيْءَ. نَصَّ الْحَدِيثَ يَنُصُّه نَصًّا: رفَعَه. وَكُلُّ مَا أُظْهِرَ، فَقَدْ نُصَّ...وأَصل النَّصّ أَقصى الشَّيْءِ وغايتُه".
وفي" المعجم الوسيط " النص في اصطلاح الأصوليين يدل على :"مَا لَا يحْتَمل إِلَّا معنى وَاحِدًا
أَو ما لَا يحْتَمل التَّأْوِيل".
و عند أهل الحديث النص : الإسناد، والتعيين، وعند الفقهاء هو الثابت الشرعي الوارد في متن القرآن، والمتواتر من أحاديث السنة،
"الزمخشري" في" أساس البلاغة" ، يرى المعنى الحقيقي في كلمة "النص " هو الرفع والانتصاب وما سوى هذا المعنى من المجاز... 
 أما" طه عبد الرحمان" في" أصول الحوار وتجديد علم الكلام" ، يعرف النص بأنه "بناء يتركب من عدد من الجمل السليمة مرتبطة فيما بينها بعدد من العلاقات. وقد تربط هذه العلاقات بين جملتين أو بين أكثر من جملتين".
نجد شبه اتفاق بين مختلف المعاجم العربية القديمة على معنى كلمة "نص" ، وهناك شبه توافق بين الكتاب والباحثين والفقهاء و الأدباء في الماضي على مفهوم النص ولكنه ليس النص المصطلح المتداول نحويًا ونقديًا اليوم ...
فاصطلاح النص ورد بكل صيغه ومقاصده المحددة على ألسنة النحاة والفقهاء وأهل البلاغة ولكنهم لم يقصدوا به ما نتداوله اليوم، ويعرض" عبد الملك أبو منصور الثعالبي" في" فقه اللغة وأسرار العربية" الفهم اللغوي والفقهي لمصطلح النص والذي أخذ جله عن "فقه اللغة"" لابن فارس" من " فلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى” طه/117. خاطب آدم وحواء ،ثم نصَّ في إتمام الخطاب على آدم وأغفل حواء." والمقصود واضح في أنَّ النص: قطع في المعنى الواحد الذي لا يقبل التأويل ...
أما المعنى المتداول اليوم ،النص هو :" صيغة الكلام الأصلية التي وردت من المؤلف كما في "المعجم الوسيط" الصادر عن المجمع العلمي العربي في القاهرة..يلفتنا اختتام العبارة ب"المؤلف" وليس القائل أو المرسل ،فالقائمون على هذا المعجم المعاصر ينحازون إلى الصفة الكتابية للنص وهذا مخالف للمتفق عليه غالبًا والثابت في كتب التراث والمعاجم المعتبرة وكذلك ما أجمع عليه الفقهاء عبر التاريخ فالنص هو ما أجمع عليه كثرة من منقول الأثر الكتابي أو اللفظي وهنا يجدر بنا التنويه إلى أنَّه ما يقارب مفهوم النص عند الأقدمين هو" المتن "وهو " الإسناد" عند المحدثين وهو ما تم الإشارة له في معجم" اللغة العربية المعاصرة" وذلك النص/ المتن
مَتْن الإِنسان: ظهْره ،
مَتْن الأَرْض: مَا ارْتَفَعَ مِنْهَا وَاسْتَوَى،
 مَتْن الكتاب: نَصُّه  الأصليّ
مَتْن اللُّغة: مُفْرداتها و أصولها وألفاظها
مَتْن بَاخرة / طَائرة: ظَهْرها
متَن النَّهار : النهار كلّه ،...
متْن الحديث : غاية ما ينتهي إليه الإسناد من الكلام نسبة إلى رُواته ..
والنص عند أحمد اليبوري " في دينامية النص الروائي"-هو- :" مجموعة السلسلة اللغوية اللامحدودة بسبب إنتاجية المنظومة"وهو " "عمل كاتب أو مجموعة من الوثائق المعروفة أو الشهادات التي تم جمعها، وفي هذه الحالة يكون النص مرادفا للمتن" 
ويقول عن النص:" أبو إسحاق إبراهيم الشيرازي" في "المعونةفي الجدل" -إنه-” لا يحتمل إلا مـعنى واحداً ". أما" أبو الوليد الباجي"في المنهاج في ترتيب الحجاج" فيقول-عن النص:
"مـا رُفع في بيانه إلى أبعـد غـايته". كانت الدلالة عماد الاحتكام الأصولي وهي ذات الصلة بالمنطوق لفظا أو كتابة ،يقول في هذا الصدد" نصر حامد أبو زيد" في" مفهوم النص{دراسة في علوم القرآن}":" النص هو الواضح وضوحاً بحيث لا يحتمل سوى معنى واحد " والمقصود بيان الدلالة القارة والتي لا تقبل التأويل لغير ما جلي منها من معنى واحد ...
عند الدارسين والنقاد تتعدد التعريفات وتبايت تبعا المرجعيات والاختصاص والتوجهات والمناهج أو المدارس المتبعة ،" طه عبد الرحمن" - عرف النص في"في أصول الحوار وتجديد علم الكلام ":" كل بناء يتركب من عدد من الجمل السليمة مرتبطة فيما بينها بعـدد مـن العلاقات"
 والنص في اللغات الأوربية والفرنسية هو Texte مأخوذ من النسيج والأسياخ المظفورة كما يقول "فولفجانج هنيه مان ،وديتر فيهفجر"في" مدخل إلى علم اللغة النصي" وللنسيج ارتباطات دالة تقارب مفهوم النص ،و عملية النسج تلامس معنى عملية الكتابة...
لقد اجتهد الكثر من الدارسين في النص وعلومه لإيجاد مقاربة لجذر مفهوم النص عربيًا {من الرفع والإظهار والتعيين للشيء } مع مفهومه الغربي من النسج ،ونحن نرى أنَّ ذلك من التكلف غير المبرر كما حصل مع محاولات مقاربة جذور معان كثيرة مثل مصطلح ثقافة حيث أنَّ جذره في الفضاء المعجمي العربي
" لسان العرب"
ثَقِفَ الشيءَ ثَقْفاً وثِقافاً وثُقُوفةً: حَذَقَه ...وثَقِفٌ وثَقُفٌ: حاذِقٌ فَهِم، وأَتبعوه فقالوا ثَقْفٌ لَقْفٌ
"المعجم الرائد"
1-ثقف الشيء : تعلمه سريعا
المعجم اللغة العربية المعاصر  
• ثقُف الشَّخصُ صار حاذقًا فطنًا
1- ثاقفه : خاصمه. 2- ثاقفه : لاعبه وبارزه بالسلاح إظهارا للمهارة...3- ثاقفه : غالبه في المهارة والثقافة.
أما الجذر اللغوي لكلمة Culture أوربيًا فهو من الحرث والعمل في الزراعة وعزق التربة ومنه جاءت كلمات ؛ازْدَرَع، اِسْتَنْبَت، أَدّب، ثَقّف، رَبّى، عَلّم، هَذّب، يثقف، يهذِّب، تَأدِيب، تَثَقّف، تَثقِيف، تَربِيَة، تَمَدّن، تَهذِيب، ثَقَافَة، حِرَاثَة، حَرث، حَضَارَة، زِرَاعَة، عُمران، غِرَاسَة، مَدَنِيّة، مُستَنبَت، مَعارِف... ومن ذلك نكتشف إختلاف أصل جذر المصطلح تبعًا لبيئة اللغة والغالب في محيطها ،نجد عند العرب الكثير من جذور الكلمات تعود للرعي والصحراء والبعير والسيف والرمح والخيول وبيت الشعر ...إلخ في بلاد الأسكيمو هناك أكثر من مئة كلمة تعني الثلج تصف حالته كما في العربية عشرات الكلمات تصف حالة الأسد تترجم كل صفات الأسد من العربية إلى اللغات الأخرى بكلمة "أسد" وكذلك تترجم كل صفات الثلج عند "الأسكيمو بكلمة "ثلج "...فنعتقد لا جدوى من البحث عن مقاربات تلفيقية لا تغني ولا تسمن...
نجد أنَّ " Texte" "الفرنسية :، و "Texto" "الأسبانية :، و" Text" "الأنجليزية" ،و" Tekta" " الروسية " جميعهن  بالأصل من جذر كلمة Textus اللاتينية بمعنى، إنَّ كل ما ترجم من معنى لمصطلح" نص " من كل تلك اللغات جاء من معناه من ذاك الجذر الذي يرتبط بالنسج في حين جذر نص في العربية كما سبق وبيناه في فضاء معجم العرب مختلف وبعيد ولكن المؤدى النهائي اليوم الذي تطور مع الزمن جعل كلمة نص العربية تعني ما يعنيه الغرب بكلمة نص في العموم أما في التفصيل تبعًا للعلم والحقل والمنهج والمرجعيات والتوجهات، فإنَّ المعنى الخاص مختلف في التفاصيل بين التوسع والتضييق وأخذ السياق من عدمه وشمولية كل حامل علامات ورموز وحتى لو كان من الملفوظات أو اقتصاره على المكتوب ...
لا يوجد تعريف واحد جامع مانع للنص ،يقول ،"سعيد بحيري"في "علم النص المفاهيم والاتجاهات " "إنَّ مسألة وجود تعريف جامع مانع للنص مسألة غير منطقية من جهة التصور اللغوي. ويؤكد ذلك الاختلاف بين علماء اللغة الذين ينتمون إلى مدارس لغوية مختلفة، حول حدود المصطلحات التي ترتكز عليها بحوثهم"...
ويقول، "سعيد بحيري" في نفس المصدر أعلاه بصدد تعريف مصطلح النص: "إننا قد نجد لدى باحث واحد بعينه،في عمل واحد بعينه،في أكثر من موضع عددا من التعريفات ويختلف محتوى كل تعريف عن الآخر."، ورغم ذلك سنحاول استعراض بعض التعريفات المهمة كجزأ من مقاربة مفهوم مصطلح النص لغويًا ونقديًا ...
محمد مفتاح " في "المفاهيم معالم ،نحو تأويل واقعي " يقول : ويعود المصطلح إلى ما تعنيه كلمة النسيج " في المجال المادي الصناعي، وقد نتج عنها إشتقاقات لا تخرج عن هذا المعنى الأصلي، ثم نقل هذا المعنى إلى نسيج النص، ثم اعتُبر النص نسجًا "
  "عبدالعزيز حمودة "" المرايا المحدبة " يقول -إنَّ النص- :"بناء لمعنى مـأخوذ من معجم ليس لمفرداته معان". ويلخص" صلاح فضل "في"بلاغة الخطاب وعلم النص" معايير ثلاثة للنص إتباعًا لتقسيمات "يوري لوتمان" وهي1/ التعبير2/ التحديد3/الخاصية البنيوية،وتتضح روح السيميائية البنيوية في تلك المعايير.
أما "جوليا كريستيفا " في "علم النص" تقول:"النص جهاز عبر لساني يعيد توزيع نظام اللسان بواسطة الربط بين كلام تواصلي يهدف إلى الإخبار المباشر وبين أنماط عديدة من الملفوظات السابقة عليه ، والمتزامنة معه . فالنص إذن إنتاجية ،..."
أما "جانوس .س . بيتوفي" في "اللغة وسيلة مكتوبة" : النص ، ضمن "الموسوعة اللغوية ، تحرير ن .ي . كولنج " هو موضوع رمزي ـ علائقي تغلب عليه السمة الكلامية ذو شكل مكتوب يدوياً أو مطبوع في شكل أو هيئة مادية … "
"جان ماري سشايفر "في " العلاماتية وعلم النص"  يحاول ان يقدم وفق وجهة نظر التداولية تعريفا للنص نراه قاصرا ،لأنه لم يجعل الدلالة موجه للنص ولاعدها من أهم غايات خطاب النص حيث يقول النص- :" سلسلةٌ لسانية محكية أو مكتوبة وتشكل وحدة تواصلية ، ولا يهم أنْ يكون المقصود هو متتالية من الجمل ، أو من جملة وحيدة ، أو من جزء من الجملة "
"كلاوس برينكر"في التحليل اللغوي للنص {مدخل إلى المفاهيم الأساسية والمناهج } حاول تقديم تعريفًا موحدًا للنص مجسرًا الجانب اللساني البنيوي مع التداولية السياقية فيقول: "النص بكونه وحدة لغوية وتواصلية في الوقت نفسه"
أما "تون آ.فان دايك" يقول في"العلاماتية وعلم النص ":" النصوص لا تملك فقط بنى قاعدية على مستويات مختلفة ( أصوات ، كلمات ، بناء الجملة ، المعنى ) ، ولكنها أيضاً تملك بنى أخرى مثل البنى العليا ( الترسيمات) والبنى الأسلوبية ، والبلاغية التي هي في عدد من مستويات النص مسؤولة عن التغيير ، وعن البنينة الإضافية " وهذا العريف كرس وعمق فكرة النسج وكون النص نسيجًا ويؤكد ذلك المنحى "رولان بارت"لذة النص" حيث يقول :"" إنَّ النص يتكون ويصنع نفسه من خلال تشابك مستمر، ولو أحببنا عمليات استحداث الألفاظ لاستطعنا أنْ نصف نظرية النص بكونها علم نسيج العنكبوت (هو نسيج العنكبوت وشبكته" مثل هذه التكيفات لمفهوم النص لا تؤل إلى اقتصار النص على المكتوب الذي يقول، به العديد ومنهم" بول ريكور"والذي يميز الخطاب عن النص حيث الأول لفظيًا
محتوى في النص الذي هو الذي يثبت بالكتابة.
ونرى" مصطفى الكيلاني"في "وجود النص – نص الوجود"يقول :" النص: هو الوجود اللغوي في اتجاه أول، يستقل بذاته عن جميع الأبنية بما في ذلك فكر المبدع الذي أنتجه، ويتراءى منفتحاً إلى الداخل، ينتظم في نسيج خاص ليس له أي حضور مخصوص خارج اللغة" وهنا هو يعطى تكييفًا لسانيًا دون الخوض في كونه كتابيا أو لفظيا، ويعرف" سعيد يقطين" النص في "انفتاح النص الروائي" بأنه:" بنية دلالية تنتجها ذات (فردية أو جماعية)، ضمن بنية نصية منتجة، وفي إطار بنيات ثقافية واجتماعية محددة"
ويقول، محمد عزام" في" النص الغائب" عن النص الأدبي إنّه-: "وحدات لغوية، ذات وظيفة تواصلية - دلالية، تحكمها مبادئ أدبية، وتنتجها ذات فردية أو جماعية"
وكذلك "أحمد اليبوري"في" دينامية النص الروائي" يقول- إنَّ النص-:" مجموعة السلسلة اللغوية اللامحدودة بسبب إنتاجية المنظومة"
وينقل "محمد عزام "في" النص الغائب "عن" تودوروف " القول :"النّص إنتاج لغوي منغلق على ذاته، ومستقل بدلالاته، وقد يكون جملة، أو كتاباً بأكمله"
ويقول ،"روبرت دي بوجراند" في" النص والخطاب والإجراء" - النص -: "يتألف من عناصر ليس لها ما للجملة من الشروط (مثلا علامات الطرق والإعلان والبرقيات ونحوها"
"جوليا كريستيفا" في "علم النص" تدمج تعاريف عدة وتضيف موضوعة حيوية للنص وهي التناص وتقول- عن النص: "جهاز عبر لغوي، يعيد توزيع نظام اللغة بكشف العلاقة بين الكلمات التواصلية، مشيرا إلى بيانات مباشرة تربطها بأنماط مختلفة من الأقوال السابقة والمتزامنة معها. والنص نتيجة لذلك إنما هو عملية إنتاجية مما يعني أمرين:1- علاقته باللغة التي يتموقع فيها تصبح من قبيل إعادة التوزيع {عن طريق التفكيك وإعادة البناء}، مما يجعله صالحاً لأنْ يعالج بمقولات منطقية ورياضية أكثر من صلاحية المقولات اللغوية الصرفة له،2-يمثل عملية استبدال من نصوص أخرى، أي عملية {تناصّ}، ففي فضاء النصّ تتقاطع أقوال عديدة مأخوذة من نصوص أخرى، مما يجعل بعضها يقوم بتحييد بعضها الآخر ونقضه"
ولذلك وجد" كرستيفا" " عبد القادر بقشي" في "التناص في الخطاب النقدي والبلاغي" "تقترح رؤية نقدية جديدة، تؤكد انفتاحية النص الأدبي على عناصر لغوية، وغير لغوية {إشارات ورموز} متجاوزة بذلك التصور البنيوي." ونحن لا نعقدها خرجت عن البنيوية التكوينية ولكن أدخلت السيميولوجيا لتوسع أفق التصور المفهومي للنص وفتح بابًا واسعًا لتطوير مفهوم النص بعلاقته العضوية مع مفهوم التناص وليستجد فرعًا جديدًا حيويًا في الدرس النصي ..
وقام" روبرت دي بوجراند" في" النص والخطاب والإجراء" بتسليط ضوء على ما قبل النص { اخذ به نقاد العرب والمسلمين الأقدمين في دراسة ومعالجة النصوص }،وهو ما يعرف بالحال أو سياق الموقف فيقول: "ينبغي للنص أن يتصل بموقف يكون فيه، تتفاعل فيه مجموعة من المرتكزات، والتوقعات، والمعارف، وهذه البيئة الشاسعة تسمى سياق الموقف"
في ظل هذا التشابك المعقد لمفهوم النص فإنَّ الحديث عن النص الشعري وتحديده وتعريفة ذلك يفاقم المعضلة ويدفع لتدارس مفهوم الشعر وتعريفه إضافة لمفهوم النص وهو خوض غمار درس الشعرية والنظرية الأدبية وذلك سندفعه إلى مكان أخر للبحث فيه وعنه ...
كما في الخطاب اليومي، عندما ينعزل المعنى عن مجموع الدلالات الأخرى في مجموع يمكن أنْ نعطيه اسم التأويلات التي لا تأخذ السياق الحال والموقف بالحسبان ... أيها السادة! ،إنَّ دراسات كبيرة وعميقة تتناول ذلك وتوصلت إلى أنَّ اإاقتداء ب"البنائين" في تفسير النصوص "التلمودية" أو اعتماد التجفير مقابل إبتداعات من غير الأَنْساق وخلط الأجناس ليس بالعمل المحفوف بالمخاطر وحسب بل أنَّ قوى بعينها تقف وراءه. وعليه ونحن نمارس نقودنا حذرين من الوقوع بين براثن أمثال هؤلاء ممن يستبدلون النقد بالتعليق وبمن يسطح الإبداع. إنَّ من لا يدفع الناس إلى القراءة والازدياد في المعارف عبر الكتاب، ومن يدخل في أوهامه طرائق ومسارات للإبدع والنقد من خارج سياق المعارف الرصينة، ومن يزدري الكبار ويرى أنّه في الطليعة هو حجر إعاقة في نهر الإبداع. ما اعتمد في كل الدروس المنهجية التي أنتجتها مدارس عريقة للأدب الذي اِنْطلق من الأسئلة الفلسفية من أيام آرسطو حتى اليوم هو أنَّ ما يبلغ السمو والاستقامة المعرفية ويكون له قصب السبق في الفهم والتفهيم وينطلق من قواعد وله مصادر ومرجعيات ويكون عبر تراكم وتواصل وأنْ شهد نقلات نوعية لا تعد عن كونها من التطور الكيفي للتراكم الكمي وهي من قوانين أنتهى العلم منها وأضحت مسلمات. كل غير ذلك مريب، قد يقول قائل: إنَّ الجديد هوالغريب نقول، نعم، ولكن في الإنسانية أخوان، في الأدب إبداع ... إنّ الناقد يقرأ نصًا إبداعيًا وينتج نصًا إبداعيًا فتتكامل عملية الإبداع..