نحن ومملكة الطبيعة


كمال غبريال
2022 / 9 / 4 - 17:48     

يتصور الإنسان نفسه حراً،
يتحرك في فضاء حياته كما يريد.
في حين أن حريته الحقيقية محدودة،
بما تتركه له مملكة الطبيعة من مساحات يتحرك خلالها.
يرتب حياته بما تسمح له من إمكانيات وحرية حركة.
نستطيع أن نوظف قوانين الطبيعة من أجل ما ننشده من حياة أفضل.
لكن من الحماقة والعبث أن نحاول كسر هذه القوانين.
يسري هذا الكلام على سائر صنوف قوانين مملكة الطبيعة.
بداية من القوانين الفيزيائية ، مروراً بالقوانين البيولوچية التي تحكم الكائنات الحية،
حتى القوانين الاجتماعية التي تحكم أساسيات تشكيل المنظومات الاجتماعية.
نقول هذا على ضوء ما نشهد من جدل هنا وهناك حول قضايا.
نراها تعدت حدود الحريات التي تسمح لنا بها "مملكة الطبيعة".
وتذهب دون وعي خلف انفلات نتصوره حرية إنسانية،
إلى ما يعد محاولة لكسر قوانين المملكة.
ما هو عين المستحيل.
تحدد قوانين المملكة مثلاً أن الإنسان حيوان آكل لحوم.
ومحاولة تحويله لكائن نباتي أكثر رقة ورحمة وفق تصوراتنا،
هي محض أضغاث خيالات أقل ما توصف به الحماقة والجهل.
وتحدد مملكة الطبيعة إنقسام أفراد كل الفصائل والأنواع الحية من الكائنات غير النباتية إلى ذكر وأنثى،
لكل منهما طبيعته ودوره وطبيعة علاقته بالنوع الآخر.
ومحاولات القفز على هذا النظام الطبيعي،
ارتكاناً لبعض ما تنتجه الطبيعة من أخطاء أو شذوذ في تكوين بعض أفراد الجنس الإنساني،
واعتبارها جزءاً أساسياً في التكوين الطبيعي وليس شذوذاً،
هو حماقة يغذيها نزوع الإنسان لحرية تتجاوز ما تسمح به مملكة الطبيعة.
ولعل أكثر محاولات لكسر قوانين المملكة طرافة أو سخافة،
ما تشهده الساحة المصرية الآن من محاولات للعبث،
بالعلاقة الطبيعية بين الأم ووليدها.
وإن كان عليها أن ترضعه، أم أنها إن فعلت ذلك أن يكون مقابل أجر من الأب!!
وكأننا أحرار نصوغ هذه العلاقة كما نشاء،
عبر هلاوس تذهب بنا أو نذهب بها إلى هذا الاتجاه أو ذاك!!
لا تنتمي هذه السطور لرؤية قدرية للحياة.
ولا هي دعوة ضد الحرية والتطور الإنساني المستمر.
هي مجرد تحذير من تصور حرية تكسر قوانين المملكة الطبيعية التي نحيا في ظلها.
تماماً أشبه بتنبيه صانعي السفن إلى قوانين الطفو والإبحار في لجج المياه الواجب مراعاتها.
فتصور حرية بناء سفن لا تراعي تلك القوانين ليس من قبيل حرية الابتكار.
هي من قبيل نوازع لها نعوت أخرى ذكرنا بعضاً منها عاليه.