العراق على صفيح ساخن !..


صادق محمد عبدالكريم الدبش
2022 / 9 / 3 - 22:09     

العراق على صفيح ساخن !...
يوميا .. بل في كل ساعة تسمع من الفضائيات وتقرأ عناوين الصحف العراقية والأجنبية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ، التحذيرات والانذارات .. بأن العراق في خطر كنظام وكيان ووجود !..
نتيجة لعوامل كثيرة ن اقتصادية وسياسية واجتماعية وأخلاقية ، انعكس بشكل عميق على حياة الناس ومنهم الفقراء على وجه التحديد .
هذا الواقع أحدث أمراض وعقد وفجوات غاية في الخطورة ، فتأثر الترابط الأسري والاجتماعي والأخلاقي ، نتيجة ارتفاع نسبة الفقر لأكثر من 30%حسب وزارة التخطيط العراقية ، وتدني مستوى التعلم والتعليم وتسرب الطلبة من المدارس ، والانهيار الكبير في مستوى الأداء للمؤسسات الصحية وما تقدمه من خدمات للسواد الأعظم من الناس الذين هم الأكثر فقرا نتيجة لارتفاع تكاليف الدواء والفحوصات والتحاليل وارتفاع تكاليف معاينة الأطباء .
ليس هذا فقط فهناك أكثر من عشرة ملايين عاطل عن العمل لا يجدوا سوق عمل يستوعبهم ويعينهم على الحصول على مورد رزق ليستمروا على قيد الحياة .
ناهكم عن غياب الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء وطرق المواصلات التي أصحت اليوم إحدى الوسائل التي تأخذ أرواح الألاف سنويا كونها غير مؤهلة لسير المركبات ووسائل النقل المختلفة ، والقائمين على هذه المؤسسة الحيوية غير مكترثين بأرواح الناس ، وإن حاججتهم لبرروا ذلك بضعف التمويل وكل مسؤول يأتي يلعن ما قبله ، وغياب المحاسبة والمسائلة نتيجة الفساد الذي أصبح عام وشامل ، من الوزير وحتى الغفير أو الفراش .. مع الاعتذار لنظيفي اليد والنفس ومن ما زال لديه ضمير ويحرص على وطنه وشعبه .
والأكثر شيوعا وتأثير اليوم ، غياب الأمن والقانون وغياب العدالة ، نتيجة تعدد مراكز القوى وصنع القرار الأمني والسياسي وعدم استقلال القضات وغياب الحماية لهم ولعوائلهم ، والذي يؤثر سلبا على بسط الأمن وتحقيق العدالة و حماية حياة الناس وأمنهم وأموالهم وأعراضهم وحياة عوائلهم .
نتيجة غياب العدالة والأمن وعدم المساواة ، تحملت المرأة العراقية وزر هذا التدهور وعدم مساواتها مع أخيها الرجل في الحقوق التي كفلها الدستور العراقي ، والتضييق عليها في العمل والأمومة وما تتعرض إليه من اضطهاد اجتماعي وأسري وقيمي ، وسلب حقها الطبيعي في الاختيار والزواج بمن تريد ،والسفر من دون محرم ، وغير ذلك من المعوقات كونها كائن حاله مثل أقرانها من الرجال .
ما بيناه وغيره من أفات اجتماعية معوقة لتطوره وتقدمه واستقراره ، سببه المباشر ، يتحمل وزره النظام السياسي الذي تولى إدارة شؤون البلاد والعباد على امتداد عشرين عاما .
رغم كل المطالبات والمناشدات الشعبية والقوى الديمقراطية والتقدمية الوطنية ، ومظاهرات الملايين من 2011 م وما تبعها في 2015 م و2018 م وثورة تشرين في الأول من تشرين الأول 2019 م .
لم يحاول هذا النظام والمتنفذين الحاكمين ، من التحرك حتى خطوة واحدة إلى الأمام !...
بل العكس من ذلك .. فقد ازدادوا تجبرا وتعنتا وقمعا لتلك التظاهرات السلمية المطالبة بإحداث اختراق ، والسير نحو التغيير المنشود ، ومارسوا كل أنواع البطش والقتل والتنكيل والاعتقال والترهيب والتشريد والاغتيال لنشطاء وقادة تلك التظاهرات !..
سقط على إثرها ما يربو على الألف شهيد واكثر من ثلاثين ألف مصاب وجريح ومعوق ومغيب ومعتقل وشريد .
نتيجة تمسكهم بمواقعهم ومراكزهم السياسية والأمنية والعسكرية ، وبمكاتبهم الاقتصادية وسطوتهم على مؤسسات الدولة المختلفة ، بقوة السلاح الذي يمتلكونه من خلال ميليشياتهم المسلحة والمنضوية قسم منها تحت مضلة الحشد الشعبي والقسم الأخر خارجة عن سيطرة السلطة التنفيذية ولا تخضع للدستور والقانون .
إن ما حدث قبل ما يزيد على شهر واعتصام التيار الصدري في المنطقة الخضراء ، وما حدث قبل عدة أيام من اقتتال بين التيار الصدري والاطار التنسيقي ، والصراع المحتدم المحموم على السلطة ومغانمها !...
هذا الصراع الذي يمثل الخطر الأكبر ، المحدق على حاضر ومستقبل العراق وعلى شعبه ، يستدعي الإسراع بإيجاد الحلول العاجلة ، دون تسويف وكذب ومراوغة وتحايل ودجل ونفاق سياسي الذي عودوا شعبنا عليه ، الهدف منه إعادة الكرٍُة ثانيتا وكسب الوقت ، للبقاء على رأس السلطة أطول فترة ممكنة ، من خلال الدعوة إلى الحوار المسؤول والجاد حسب ما يدعون ؟؟!!..
هذه المعزوفة سمعناها ، بعد انتخابات 10/10/2021 م ، وما زالت تكرر على مسامعنا ، بعد عام على إجراء الانتخابات ، واعتبار الحوار هو الوسيلة الأسلم للوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف !.. حسب ما يدعون ولكن أي حوار يريدون ؟..
لا أدري عن أي حوار يتحدثون ؟..
هل حوار طرشان وعميان وخرسان ؟..
ومع من تتحاورون ، ولمن تريدون إقناعهم بسياساتكم الهوجاء التي أتت على كل شيء ؟..
ألم تحرككم ضمائركم تجاه هذا الشعب الذي يتضور جوعا ويعيش البؤس بكل تفاصيله ؟..
هذه الدماء التي سالت بالأمس والأرواح التي أزهقت ظلما وكفرا ، ألا تحرك في عقولكم الرحمة إن كانت لكم عقول أو في قلوبكم رحمة ؟..
إلى متى تستمرون في غيكم وطيشكم وحماقاتكم التي رائحتها تزكم الأنوف ؟..
ألا يكفيكم فساد ولصوصية وقمعا وقتلا وإفقار لشعبكم ، ألا يكفيكم كل ما سرقتموه من مئات المليارات من الدنانير والدولارات واليورو ؟..
خذوا كل شيء وارحلوا عنا وعن العراق واتركونا وربنا نعيش بسلام وأمن ومحبة !..
هذا النظام عصي على الإصلاح ، وكل المحاولات التي جرت لإصلاحه بائت بالفشل ، ولم يبقى أمام شعبنا سوى وسيلتين لا غير !..
فإما قيام حكومة إنقاذ وطني ، تأخذ على عاتقها إعادة بناء دولة المواطنة وحصر السلاح بيد الدولة وتعديل الدستور وحل البرلمان الغير شرعي ، وتحديد فترة انتقالية وإعادة النظر بالمفوضية المستقلة وقانون انتخابات عادل وتطبيق قانون الأحزاب ، وتحديد موعد انتخابات نزيهة وبإشراف دولي وتحسين أداء الحكومة ودوران عجلة الاقتصاد وتحسين الخدمات ومعالجة مشكلة البطالة ، ومحاسبة قتلت المتظاهرين السلميين .
والوسيل الأخرى وهي عودة ثورة تشرين بكل قوة وبمشاركة جماهيرية واسعة ، تحمل نفس الأهداف التي ذكرناها ، وتكتسح هذا النظام وترميه في مزبلة التاريخ .
النصر حليف شعبنا وقواه الديمقراطية والتقدمية الوطنية .
صادق محمد عبدالكريم الدبش
3/9/2022 م