هل تُقبر قضية الشهيدة الفلسطينية أبوعاقلة ؟


رضي السماك
2022 / 8 / 27 - 18:34     

بعد نحو أربعة شهور من أستشهادها برصاص الأحتلال الأسرائيلي، وما أعقبه من مماطلات وتسويف من الجانب الأميركي، تخاذلاً مع الجانب الأسرائيلي في محاولاته تبرئة نفسه من الجريمة، بما في ذلك رفض واشنطن مطالب عائلة الشهيدة أجراء تحقيق مستقل، وعدم تلبية طلبها بمقابلة الرئيس بايدن، نتساءل بعد كل ذلك إلى أين وصلت قضية الشهيدة الصحفية الأميركية من أصل فلسطيني شيرين أبو عاقلة؟ هل تُقبرالقضية كغيرها من آلاف قضايا الشهداء الفلسطينيين دون تحميل الأحتلال مسؤولية جريمته الوحشية يحق صحفية مدنية، دون أن تنال سلطات الأحتلال القصاص القضائي العادل بحقها؟
المؤلم في مسار القصية أن لا القيادة الفلسطينية الغارقة في الفساد كانت على مستوى المسؤولية في تبني القضية والمتابعة الدؤوبة الجادة لنصرتها، سيما مع ما تشهده الساحة الفلسطينية من تشظ طال أمده بموازاة موت منظمة التحرير الفلسطينية منذ أتفاق أوسلو عام 1993 سريرياً، ولا الأنظمة العربية، وبخاصة المطبعة مع الكيان الصهيوني، بأفضل حال في ظل تنكر معظمها عن القضية الفلسطينية، وتخليها حتى عن الحد الادنى المعهود تاريخياً من التضامن العربي الرسمي مع القضية، دع عنك العجز المزمن للشعوب العربية وحركات المعارضة في ظل القمع الوحشي المستمر والمتفاقم، بما في ذلك مصادرة حقه في التعبير السلمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني داخل وطنه المحتل في مواجهة ما يتعرض له من بطش. ولذلك ليس غريباً أن تقف واشنطن بكل وقاحة مع الجاني دون إدانة جريمته، فالقيادة الفلسطينية التي رفضت تسليم الجاني أداة الجريمة الرئيسية- الرصاصة- سرعان ما سلمتها إلى الجانب الأميركي، توهماً منها بأنه سيكون حكما عادلاً في الوقوف مع الحق ،لكن هذا الأخير وبعد سويعات فقط من أستلامها وفحصها مع المحتل الأسرائيلي قرر أن لا دليل على أن الرصاصة إسرائيلية!
والحال ليس غريباً على الولايات المتحدة التي تفتخر بنظامها الديمقراطي العريق أتخاذ ذلك الموقف المخزي من مواطنة تحمل جنسيتها، فهي لم تكن قط دولة كل مواطينها منذ أنشائها، وسجلها العنصري الحافل تاريخياً بالتمييز بين أعراقهم شاهد على ذلك، وفي هذا الخصوص تحديداً فإنها ومنذ عقود لم تحرك ساكنا أزاء ما يتعرض له مواطنيها من أصل فلسطيني، بمن فيهم المولودون في الولايات المتحدة، من أجراءات عنصرية وتطفيشية عند وصولهم المطارات والمنافذ الأسرائيلية دون أن تسري هذه المعاملة على مواطنيها البيض. وقد وثـّق الكاتب الأميركي من أصل لبناني جيمس زغبي، رئيس المعهد العربي الأميركي، ، وثـّق وقائع عديدة تثبت تلك الممارسات التي يتعرض لها الأميركيون من أصل فلسطيني، على الرغم من وجود اتفاق بالأعفاء المتبادل من التأشيرة.
وفي الواقع فإنالجهات الأميركية المسؤولة أزاء تلك الوقائع لطالما تكتفي بوعودها الكلامية بمتابعتها ولفت نظرالجانب الأسرائيلي بعدم تكرارها، دون أن تكون جادة فعلاً لاتخاذ موقف حازم مع حليفتعا إسرائيل في متابعاتها، حتى أن الزغبي أكّد بأن هذه القضية أخذت منه جهود مضنية، لأكثر من أربعة عقود دون أن يصل إلى نتيجة ملموسة مع الدوائر الأميركية المعنية، ومنها وزارة الخارجية. وعندما شرح هذه القضية على عدد من أعضاء الكونجرس أكتفوا بالتعاطف الكلامي معه، خوفاً من تآمر اللوبي الصهيوني ايباك باتهامهم بالعداء للسامية بوعرقلة إعادة أنتخابهم، حتى قال أحدهم له بصريح العبارة: " زغبي مالاتفهمه هو أنه منذ يوم انتخابهم أصبح كل هم زملائي الأساسي وتعريفهم للمصلحة الوطنية مرادفاً لإعادة انتخابهم". فلتعش إذاً الديمقراطية الأميركية ما دامت تلك آليات عملها وعمل سلطتها التشريعية مرتهنة لمصالحهم ومصالح دولة الأحتلال الإسرائيلي !