أريف ما تهزك ريح


كوسلا ابشن
2022 / 8 / 26 - 00:34     

أريف أرض المقاومة للغزواة الإستعمارية, و شعب الصمود في وجه الأنظمة الكولونيالية و سياساتها العنصرية. لن تفنيه الأسلحة الكيمياوية, و لن تخضعه سياسة التفقير و الإستغلال و التهميش و الإقصاء. و لم تستطيع سياسة التمييز العنصري و الإضطهاد و الإعتقالات و التعذيب في سجون العروبة إركاعه بل زادته قوة و ثبات على مواصل درب النضال و المقاومة لمشاريع الإحتلال.
قيم الإرتباط بالأرض و الثقافة و اللغة و العيش الكريم حرا في أرض الأجداد مستقلا عن الشرق و الغرب, جعلت أريف يصتدم بالسياسة الإستعمارية الوحشية و يتعرض للهجمات الفلكلورية لمرتزقة النظام آل علوي, و تهكمات بيادقه. الكثير من الجمعيات الإنتهازية و العنصرية و التسولية و الإنتهازية لا تختلف في مهامها الرئيسية في التجسس على أبناء الشعب و مهاجمة أحرار البلد و كيد التهم المفبركة للأحرار, وفي هذا السياق هاجمت ما يسمى "الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب" ( تجمع نام دهرا و نطق كفرا), و لحقدها العنصري و الكراهيتها لأهل ريف, لم تنتبه "الجبهة" لخطورة الهجوم العنصري على شعب ريف, بلغة الكراهية و الحقد و التمييز العنصري, لتعري التوجهات الحقيقية لماسمي ب" الجبهمة الوطنية لمناهضة التطرف و الإرهاب" أمام الرأي العام ريفي, و تبين حقيقة توجهاتها السياسية و الإيديولوجية, أنها جبهة عنصرية تهدف الى محاربة الأمازيغ و مناهضة قيمهم. "جبهة" بتنوع أطرافها العنصرية يجمعها هدف تغذية العنصرية و التطرف و الإرهاب و التحريض ضد ريف و أهله.
الثغرة الملغومة التي أوقعت "الجبهة" بسبب حقدها الأعمى, الى حد رفع شكوى الى "الوزارة الداخلية" (الجهاز المسلط على رقاب الشعب), بتهمة خدمة أجندة الإسلام السياسي و الإنغلاق و الكراهية و التمييز و التطرف و الإرهاب, كل هذه التهم الخطيرة بسبب عدم إختلاط الجنسين بحامة الشعابي الموجود بريف . هذه التهم نابعة من سيكولوجية (الشيزوفرنيا) لأعضاء "الجبهة", تهاجم بها الأعداء الإفتراضيين. المعلومة التي هيجت الجبهة التي فاقت من نومها الطويل, هي لافتة كتب عليها أوقات الولوج الى حامة الشعابي الموجودة بجماعة دار الكبداني إقليم الدريوش. اللافتة منظمة لولوج النساء للحامة (المسبح) صباحا و الرجال بعد الزوال, المسبح طبيعي صغير بالمياه الساخنة يستخدم للعلاج الطبيعي. ردود أهل المنطقة على البيان و الشكوى, كانت موضوعية في إستنكارها و تنديدها للغة العنصرية و التهم التحريضية أنتي شعب ريف, وطالب أهل المنطقة بالتحقيق في مغالطات "الجبهة" و إتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع الخطاب العنصري و الإساءة لريف. و للتوضيح لحقيقة لوحة حامة الشعابي, أصدر مكتب جمعية آيت سعيد للثقافة والتنمية ( جمعية محلية), بيان نشر في المواقع الإلكترونية يوضح حقيقة الموضوع بمايلي:
1) أن الأمر لا يتعلق مطلقا بالتحريض على الكراهية والتمييز والتشجيع على الإرهاب, كما يُروّجُ لذلك, بل يتعلق الأمر بإجراء تنظيمي وتقني ينظم عملية الولوج إلى الحامة وليس إلى الشاطئ.
2) اللافتة المقصودة لا تعني المنع من الولوج إلى الشاطئ, وإنما الفضاء والمكان المقصود هو الحامة، ذلك أنه لا يمكن السماح باختلاط الرجال والنساء في نفس الوقت داخل حامة لا تتعدى مساحتها 10 متر مربع, وهو أمر جاري به العمل في جميع الحمامات في مختلف المدن والمناطق. كما أنه لم يسبق أن أثارت هذه المسألة أي تأويل أو استنكار من لدن الزوار أو أي جهة أخرى.
3) نستغرب من مضمون الرسالة الموجهة لمسؤولي الإدارة الترابية لما فيها من تغليط وتهويل ومبالغة وقفز على الحقائق, ولهذه الحملة المغرضة التي أثارت استياء ساكنة المنطقة ومختلف الفعاليات, لاسيما وأن ساكنة المنطقة معروفة بانفتاحها وحسن الضيافة واحترامها للزوار ونبذ كل مظاهر التطرف والتزمت.
4) الإجراء المنصوص عليه في اللافتة المعنية معمول به منذ عقود طويلة وهو يدخل في إطار أعراف المنطقة المنظمة للحياة العامة والفضاءات المشتركة, ولا علاقة له بما يروج له من ترهات تنم عن جهل بالحقيقة.
5) نستنكر ونستغرب من ربط هذا الأمر بتوغل الخطر الإرهابي و الإنغلاق و التطرف و بأحداث 16 ماي, بعيدا عن البحث عن الحقيقة. كما نعتبر أن التهميش والعزلة والاقصاء والهشاشة والبؤس الاجتماعي هي العوامل التي يمكن أن تشكل جذور التطرف، وليست أعراف تنظيم الحياة العامة.
بيان جمعية آيت سعيد واضح و موضوعي يعبر عن علاقات إجتماعية و قوانين عرفية معمول بها في البلد و في كامل تراب تامازغا و في جل دول العالم في إدارة مثل هذه المواقع (الحمامات) على أساس التقسيم الجنسي إحتراما لخصوصية الجنس و حسب ما هو سائد في المجتمع, و في كل بلد على حدة, و الحمامات ليست هي الشواطئ التي يسمح فيها بالإختلاط بين الجنسين, كما هو معمول به في كل شواطئ ريف و في كل شواطئ مورك. على ما يبدو أن أعضاء "الجبهة" سمعوا عن ثقافة حرية الجسد بأوروبا و أمريكا, و إختلاط الرجال و النساء عرات في حمامات ساخنة ( زاونا), و أرادوا التشبه بها في بلد يحترم خصوصية الجسد, ويحترم القوانين الغير الضارة للآخرين. "الجبهة" عن وعي أو عن غير وعي تتحدث عن التمييز الجنسي من دون الإدراك أن واقع التمييز الجنسي لا يحدده الحوض المائي و لا هو نتاج ثقافة محلية , إنما التمييز الجنسي الحقيقي نتاج البنية الثقافية المسيطرة, حولها الفكر المعرفي الاجتماعي الى ممارسة عملية في حقل العلاقات بين الجنسين, التي تصنف فيها المرأة ناقصة عقل و تفوق الرجل عن المرأة, و تحرم النساء من المساوة في الإرث, و التمييز في العمل و الأجور و في غيرها من حقول المجتمعية. التمييز بين الجنسين, سياسة ممنهجة يمارسها النظام المسيطر, و تجلياتها و مظاهرها طاغية في العلاقات الإجتماعية و السياسية و القانونية السائدة في المجتمع و هي أكثر إضطهادا و تمييزا ضد النساء من حالة منع الإختلاط في الحمامات الشعبية.
نحن نعيش في مجتمعات تطغى عليها المعتقدات الدينية و التقاليد و الأعراف و ليس من السهولة التغاضي عنها, ومن الطوبوية أن يتحدث المرء عن حرية الجسد و الإختلاط الجنسين عراة داخل حوض زاونا, كما أن ثقافة الجسد و حرية الإختلاط بين الجنسين ليس من أولويات و لا من مطالب النساء, لتتكرم "الجبهة" للدفاع عن تساوي الجنسين فيما هو غير ضروري في حياة النساء. "الجبهة" و مواقفها العنصرية و أفكارها المسبقة عن أحرار ريف من جعلها تشعل فتيل الحقد من باب المساواة بين الجنسين, المساواة المنعدمة اصلا في كل البلدان "الإسلامية".طبعا المساواة التي تكافح النساء من أجلها ليس هي ثقافة حرية الجسد و الإختلاط في الحمامات (زاونا), بل المساواة بين الجنسين التي تطالب بها النساء هي المساواة في الحقوق كما هي تطبق في الواجبات, فميثاق جمعية الأمم المتحدة كان واضحا في رفض التمييز و تحديد حقوق النساء في كل المجالات الإجتماعية و الإقتصادية و السياسية و الثقافية. أما ثقافة حرية الجسد و الإختلاط عراة في أحواض الحمامات, فهذا نتاج ثقافة معينة لأشخاص من عرق معين.
إيديولوجية "الجبهة" العنصرية المعادية لحقوق الشعوب في العيش أحرار في بلد حر مستقل, من دفعها الى هذه الغطرسة الهيستيرية في إتهام ريف بالإنغلاق و التشدد و التطرف و الإرهاب, و من دون تبصر قدمت "الجبهة" شكوى للجهاز العتيد صاحب التاريخ الدموي بريف. "الجبهة" بإقحامها المخزن كانت ترمي الى ما هو خبيث و طبعا مضر لريف وأهل ريف.
الإنغلاق و التشدد و التطرف و الإرهاب هي توجهات في البنية الإيديولوجية الفاشستية المعادية للآخر و التي تنتمي إليها "الجبهة" و تتحرك من خلالها, ليس لمحاربة التطرف و الإرهاب و إنما للتحريض على كراهية ريف و القضاء على أهله, و العمل على إفساد القيم النبيلة للمجتع ريفي. و أكيد أن ما روج من أخبار حول إرسال عاهرات الى ريف مصابات بالإدز, يدخل في هذا السياق. نقل الأمراض المميتة (مرض الإدز)و الى ريف بهدف جريمة إنسانية تستهدف آبادة أهل ريف. مشروع خطير و مكشوف, يندرج فيما يسمى حرية الجسد لكن ليس للإستمتاع الجنسي فحسب و إنما لإبادة شعب.