البوصلة السياسية المعطوبة .. تبشر بالفشل الذريع


علي عرمش شوكت
2022 / 8 / 23 - 04:35     

عندما تنشب نار الصراعات السياسية في ساحة ما، تتصاعد نزعات حرق المراحل، وكذلك خلط الاوراق، وتطغى حالات الخروج عن سلوك قواعد الاشتباك المرعية، وترجح مسارات الكيد ومحاولات الاطاحة بالخصم باي ثمن. لذا يسمى هذا المستوى من الصراع بـ { التناحري }. الذي يُفتقد به احتمال نجاة اي من اطرافه. ان هذه العتبة من اي معركة سياسية كانت او سواها، غالباً ما تؤدي الى الاطاحة باصحابها. حيث تصبح الاقفال والانسدادات هي السائدة. ويغدو ركام ومخلفات الخسائر التي لن تعوض بيسر هو المتوفر. وحينها لا ينفع عض الاصابع.
ان ما دعانا الى مستهل الحديث اعلاه هو المستوى الذي ارتقت اليه حالة الصراع في الساحة السياسية العراقية. وهنا لا يأخذنا العجب و لم نتوقع غير هذا الذي يحصل الان. لكون الاطراف المتصارعة المتنفذة عودتنا ان لا نرى منها غير الذاتية المنغلقة المتطرفة الناتجة عن حالة العشو السياسي الذي جاء على خلفية غرق هؤلاء الساسة بمستنقع الخطايا التي ارتكبوها بحق الشعب العراقي، وهذا النهم في الاستحواذ احتل جل تفكيرهم فاختلت بوصلتهم وتوقف عقرب تأشيرها ولم يعد يهديهم الى الاتجاه الصائب.
وفي وطيس هذا الصراع كان وما زال المرمى هو تشكيل الحكومة.ومن خلفه استثمار سلطة الحكم.. وفي هذا الخضم كانت حسابات التحالف الثلاثي قد اصيبت بضعف البعد الاستراتيجي، ولم يسدد ايقاع خطواته اتجاه الهدف المطلوب، وهو صاحب الاغلبية الوطنية المؤهلة لتشكيل الحكومة. كما اتسم موقفه بالترقب السلبى. لما سيتخده الاطار التنسيقي ومن ثم يكون له رد فعل عليه. وللاسف كان منغمساً بذلك مما دفعه الى الاتجاه المعاكس، اذ انه وعلى حين غرة اختصر الامر بانسحاب احد اهم واكبر اطرافه من البرلمان، مما شكل ذلك صدمة واستغراباً من اطراف التحالف الثلاثي الاخرين. من سرعة التخل عن شرعيته لتشكيل الحكومة وتسليمها الى خصمه على طبق من ذهب وهنا تجلى اختلال البوصلة بكل وضوح. ولكن لو استمر في البرلمان لما حصل ما يحصل الان والقادم اخطر.
وفي الصفحة الاخرى صار الاطار التنسيقي يتنفس الصعداء وقد وجد امامه فرصة لم يتوقعها . فراح يحاول استثمار هذا الفراغ ليشرع بتشكيل الحكومة، دون ان تأشر له بوصلته المعطوبة بانه هو الاخر سوف لن يدرك غايته التي ظلت مغطاة برداء سياسي. غير ان واقع الامر يسفر عنه جوهر تصارعه المكرس على استلام سلطة القرار. والدليل الذي لا يدنو منه الشك يتجلى بانعدام البرنامج وكذلك النهج السياسي البديل للنظام الحالي اللذين يعنيان بتوطيد اسس الدولة واستقرار الحياة الكريمة للناس وارساء العدالة الاجتماعية سياسة المواطنة. انما كان البديل عن ذلك وحسب ما تسرب هو تجيش الاتباع ولاحكام السيطرة على احوال الناس وموارد الدولة وسحق المعارضين.
اما بوصلة التيار الصدري فقد ظل يتأرجح عقربها بين التأشير الصائب والزوال الخاطئ اذ ان ثمة مؤشرات واضحة في هذا الصدد. وبالامكان تلمس ذلك اولاً: بالانسحاب من البرلمان وتفكيك " تحالف انقاذ وطن " الذي مثل هدم السد اذ كان كفيلاً بايقاف فيضان الفساد ، ثانياً: مطالبتة باجراء انتخابات مبكرة بذات القانون " الدوائر المتعددة " الذي قطع الطريق امام بعض حلفاء التيارعندما اعتمد في الانتخابات الاخيرة. ثالثاً: للان لم يتحرك لحشد الحلفائه السياسيين الذين لديهم مشتركات سياسية عديدة، وتتويج ذلك بتشكيل حلف الثورة الضارب. ورابعاً: وجود ضبابية في الموقف تتجلى بعدم اعلانه بوضوح عن ابعاد انطلاقته كاملة. واذا ما استمر الايقاع على منوال البوصلة هذا ربما يبعد تحقيق التغيير المنتظر.
لنا حديث لاحق مكمل