محن السودان: في الخريف غرق وفي الصيف عطش !


ايليا أرومي كوكو
2022 / 8 / 21 - 10:45     

السودان: في الخريف غرق وموت عطش وفي الصيف ظمأ عطش و جفاف ! كتبه ايليا أرومي كوكو
كثيراً ما يردد السودانيين عند هطول الامطار ( اللهم اجعله أمطار خير و بركة ). هذا مع العلم بأن الامطار دائماً و ابداً و في كل زمان ومكان هي نعمة خير رباني مجاني تتنزل و تهطل في الغالب لنفع وفائدة البشر . لكن للأسف الشديد ارتبطت هذه النعمة والبركة الالهية عندنا في السودان و بالنكبات والازمات و الكوارث الطبيعية البشرية الاقتصادية . و مع بداية كل خريف نشمر السواعد و نستنفر و نحول كل الميزانيات والامكانيات لمقابلة و درء طوارئ الخريف . نعمل تفادي الامطار و لا نجتهد للأستفادة هطولها بتخزين مياه هذه الامطار و ما يتبعها من سيول وفيضانات لوقت الحاجة . حتي كاد الخريف في السودان يتحول الي موسم من مواسم الكواراث و الابتلاءات . في كل عام يتكرر سيناريو فقدان الانفس و الارواح وموت الكثير من الحيوانات و الانعام غرقاً و غمر المشاريع و تلفها . هذا بجانب دمار القري بأكملها و تحول بعض المدن الي جزر نائية يصعب الوصول اليها اذ تتحول شوارعها و ساحاتها الي برك و مستنقعات او مسطحات مائية تستحيل الحياة فيها.
منذ العام 1988م و هو العام الشهير بسنة مثلث الامطار والسيول و الفيضانات ، لم يبرح هذا السودان هذا المثلث ابداً ابداً . يهطل الامطار تنهمر السيول تمتلئ الاودية و الخيران و الانهر و يفيض النيل الازرق و الابيض و نهر النيل الكبير. فتبدأ الكوارث و من ثم تبدأ و تنشط عمل لجان الطواري بالنداءات و الاستنجادات و الاستغاثات طلباً المساعدات والمعونات الانسانية من المنظمات المحلية و الدولية . يتحول مطار الخرطوم الدولي الي مهبط الطائرات التي تنقل الاعانات و الاغاثات و المساعدات من كافة دول العالم الشقيقة مصر و قطر و السعودية و دولة الامارات . كما من كل المنظمات الدولية و الانسانية الصديقة منها و العدوة معاً . ينقضي الخريف سريعاً بتراجع نسبة هطول الامطار و ترجع مياه السيول و الفيضانات الي مجاريها الرئيسية الطبيغية دون حلول جزرية لأثارها و لا حل شامل للضحايا من المتضررين منها . سينتهي زفة المولد لكن بدون حمص للضحايا كالعادة فالخير لغيرهم . و يا دار ما دخلك شر ، لتعود حليمة الي عاداتها القديمة . فاصل و نواصل نفس الفلم في الخريف القادم يأذن الله و بنفس السيناريو و الاخراج المقرف الممل بصورة طبق الاصل من صور الاعوام السابقة في كل العهود و الحكومات بلا استناء .
الي متي سيظل السودان يدور في هذه الحلقة المفرغة و الدوامة الكارثية الجهنمية اللآنهائية دون حلول . مع كل فصل خريف أمطار سيول وفيضانات غرق موت دمار بيوت ومباني و بني تحتية و شوارع و مزارع و حقول و غيرها .و في فصل الصيف يحل فصل الجفاف و التصحر في كل ربوع السودان الحبيب من ظمأ و عطش في البوادي و القري و الحضر . و المشاريع الزراعية ، الناس و الحيوانات معاً تشكي ظمأ عطشها لمجاري النيل و كل الانهار و السدود و الخزانات و الانها ر . لكن لا حياة لمن تنادي . سيمضي خريف هذا العام تاركاً و مخلفاً ورائه اثاره الكارثية دون ان يستفيد السودانيين من النعمة خيره الكثير الجزيل . و في الصيف القادم سيشتكي الجميع من العطش و عدم وفرة المياة للري و الرع و الانسان . هكذا دواليك في الاعوام العشرين القادمة لطوال الاعمار سيبث نفس الفلم .
( اللهم اجعل أمطار هذا العام امطار خير و بركة علي السودان )