ايهم افضل حكومة الإطار ام حكومة التيار ام حكومة القوى المدنية؟


جلال الصباغ
2022 / 8 / 12 - 06:47     

بعد الصراع المتفاقم على خلفية دعوات التيار الصدري لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة جديدة يكون التيار اللاعب الرئيسي فيها، وبين دعوات قوى الإطار متمثلة بالمالكي والخزعلي والعامري وشركاؤهم، للحفاظ على الدولة ومؤسساتها! وبين دعوات بعض القوى المدنية والاحزاب المنبثقة عن تشرين التي تطالب هي الأخرى بمطالب تشبه إلى حد كبير مطالبات التيار الصدري، يتسائل البعض اي من هذه الدعوات وهذه الحكومات هي التي ستمثل تطلعات الجماهير؟

وسط هذه الدعوات يحشد كل طرف من هذه الأطراف انصاره للنزول بتظاهرات، لتحقيق مطالبه. لكن تبقى الاسئلة المطروحة دائما هي: اي دولة يسعى إليها هؤلاء؟ وهل ستقدم الخدمات من كهرباء وماء وغيرها للمواطنين؟ هل سيُقضى على البطالة المليونية؟ هل ستشهد البلاد عصرا بعيدا عن عصر الطوائف والقوميات وتحكم رجال الدين وشيوخ العشائر بمصير المجتمع؟ هل ستحل المليشيات ويقدم مجرموها إلى محاكم عادلة؟ هل ستحصل النساء على حقوقهن ومساواتهن التامة؟ وهل سنشهد عصرا بعيدا عن هيمنة الجمهورية الاسلامية في ايران وتحكم الولايات المتحدة الامريكة؟ وهل وهل وهل ....

علمتنا التجارب الفعلية طوال العقدين الماضيين، ان الإجابة عن الأسئلة أعلاه، تقول ان اية حكومة يدعو لها الإطار او التيار او اية قوى اخرى تدور في فلكهم وأية حكومة يدعون لها، لن تختلف في شيء عن سابقاتها، لأن الإطار بكل احزابه ومليشياته كان المساهم الأكبر في إدارة البلاد، وفي فترة حكم المالكي لوحده نهبت مئات المليارات من خزينة الدولة وهجر الملايين من مدنهم، اما بالنسبة للتيار الصدري فبكل ما يملكه من مليشيا ووزراء ومسؤولين كان له حصة الأسد فيما شهدته البلاد من عمليات نهب وقتل على الهوية.

تبقى القوى المدنية و"الوطنية" و"اليسارية" إضافة لبعض القوى المنبثقة عن الانتفاضة بدون مشروع تغيير ثوري يسعى لتغير شكل ومضمون النظام القائم، وتبقى دعوات هذه القوى كعادتها إما إجراء انتخابات مبكرة تحت إشراف اممي، أو المطالبة بحكومة إنقاذ وطني من التكنوقراط، أو محاولة الاستعانة بالخارج من أجل الخلاص من هذا النظام، غير مدركة أن من يحافظ على النظام ويحاول تخفيف ازماته هو نفس هذا الخارج الذي يطالبونه بالتدخل!

ان شكل الدولة التي تدعوا لها هذه الأطراف جميعا سيبقى ذاته، وهو الحفاظ على نفس التقسيمات الطائفية والقومية، مع المحافظة على المحاصصة الحزبية وسيطرة كل طرف من الأطراف المتحاصصة على مورد خاص به، بالضافة لبقاء تحكم هذه الدولة أو تلك بالنظام وأحزابه وتياراته.

ان الخطر الحقيقي ليس بقطبي الصراع الأساسيين وهما التيار الصدري والإطار التنسيقي فقط، فهؤلاء خَبِرتهم الجماهير جيدا ورفضتهم بشكل واضح إبان انتفاضة أكتوبر، ولكل واحد منهم جمهوره ومؤيديه من المنتفعين او المخدوعين، فهؤلاء هم الأعداء الواضحين امام الشعب. لكن الخطر على الحركة الاحتجاجية واي حراك ثوري في المستقبل يأتي ايضا من القوى التي تحاول جر اي انتفاضة او ثورة إلى مجرد مطالب إصلاحية تكون نتيجتها النهائية المد في عمر هذا النظام المهزوز، وخير دليل على ذلك هو حرف وتحويل مطالب الانتفاضة بإسقاط النظام إلى مجرد مطالبات بتعديل بعض القوانين أو المطالبة بانتخابات مبكرة، وجميعنا يعلم أن هذه المطالب انما هي مطالب التيار الصدري في وقتها والتي تبنتها وروجت لها العديد من الأحزاب والقوى التي شكلت بالمحصلة النهائية جزءا من قوى الثورة المضادة.

تعود اليوم ذات القوى " المدنية" و " الوطنية" و المحسوبة على الشيوعية لتعيد نفس السيناريو، فمع اشتداد أزمة النظام ووصولها إلى نفق مسدود يأتي الشيوعي العراقي ونازل اخذ حقي وغيرهم، ليرددو نفس جملهم الفارغة والمبهمة، ويعزفو نفس اللحن المقزز، ليكونو خير منقذ لهذا الجسد المتعفن المحتضر.