كلب جدي.. أو جثمان كلب..


قاسم حسن محاجنة
2022 / 8 / 8 - 15:01     

في تقريرها عن مهرجان القدس العالمي للافلام بأنواعها، كتبت صحيفة معاريف ما يلي،" وصل مهرجان السينما العالمي في القدس 2022 الى نهايته، وتم الإعلان عن الافلام الفائزة في المسابقة. ومن بين الفائزين الكبار في المسابقة الإسرائيلية، سطع نجم المخرجين يوئال بيلد ويارا قاسم محاجنة، والممثلين شموئيل فيلوجني واوشرات اينجدشاط". الى هنا ما ننقله عن معاريف.
أما لجنة التحكيم فقد سوغت قرارها، " تم اختيار الفيلم بناء على ما يقدمه من المعايشة السينمائية المبهرة والنص الذي يطرحه ...انها ساتيرا تصور طقس رثاء غير واقعي والذي يحمل صدى لماض مليء بالصدمات..... يارا قاسم محاجنة تنقل المضمون السياسي الى حيز سينمائي مختلق والذي يخلق ويستمد الصفاء من معايشة الواقع " . يعني نقل الواقع الى حالة من الصفاء المطلق والواضح .
إذن، فقد فاز الفيلم المؤسس على قصة من الناراتيف العائلي إبان نكبة الشعب الفلسطيني، والذي يحكي قصة كلب العائلة والتي طالما رواها جد يارا( والدي يعني)، والذي لم تتعرف عليه..الفنانة يارا..
وللتوضيح فالجائزة هي لمسابقة فن الفيديو والسينما التجريبية . واليكم القصة :
لا أذكر بدقة، ولكنني قد أكون رَويتُ هذه القصة المتداولة في الناراتيف العائلي ، عن كلب العائلة في القرية المُهجرة وذلك قبل أن تتحول عائلتي إلى عائلة لاجئين في الوطن ...
أقتربت أصوات الحرب من القرية ، وقرر والدي، كباقي أهل البلد ، المُغادرة والهروب من وجه الحرب، لأيام معدودات، وذلك بناءً على تعهد "جيش الإنقاذ" ، بالنصر القريب المؤزر !!! وللتنويه فقط ، فقد أطلق الفلسطينيون المهجرون واللاجئون على "جيش الإنقاذ" ، إسما ساخرا ألا وهو، "جيش الركاض" ، الذي فرّهاربا من المعارك والمواجهات ..
حمّل والدي على جمليه وحماره، ما خفّ حمله وغلا ثمنه ، وبعض(الفراش) الفرشات والألحفة، ليجدوا ما ينامون عليه ويتغطون به ، لتلك الأيام المعدودة، حتى يحين موعد عودتهم الى البيت ..
تكونت العائلة من الوالد والوالدة، ثلاثة إخوة وأخت واحدة، وهي البكر أو الكبرى .
طبعا لم ينسَ الوالد، أن يسوق قطيع أغنامه أمام "قافلة" العائلة ....
ولكن الكلب حارس القطيع ومرافقه الدائم ، رفض مغادرة البيت ، ومهما حاول الوالد والأخوة سحبه أو جره، تسمّر في مكانه ولم يتحرك قيد أنملة، طاغيا بنباحه على "دعوات" وصياح أفراد الأسرة ...
أًضطرت العائلة لترك الكلب في ساحة البيت وغادرت، على أمل العودة بعد وقت وجيز .. وطال الإنتظار ...
-لقد كان هذا الكلب أذكى منّا جميعا... رفض مغادرة البيت ..!! بهذه الجملة كان والدي يُنهي حديثه عن كلب العائلة ... ويتحسر على أنهم لم يكونوا بذكاء ذلك الكلب ، الذي تمسك ببيته وقريته ، وفضّل "الموت" هناك في رحاب "بيته" الحبيب..!!!
سمعت إبنتي الفنانة يارا هذه القصة من الرواية العائلية ، وعلقت بذهنها ... حتى آن الآوان وقررت أن تحول هذه القصة إلى عمل فني ...
قامت يارا بإنتاج وإخراج فيلم قصير بعنوان "جثمان كلب" ، "تُخلّد" فيه "بطولة" هذا الكلب الشجاع والمخلص ..
والفيلم قصير ، تتخلله مشاهد جنازة يُشارك فيها حشد من البشر والحيوانات وهم يسيرون في الجنازة ويتوجهون نحو المقبرة، لإتمام مراسيم الدفن ...
وجدير بالذكر أنّ الفيلم قد تم عرضه في صالات عرض فنية ، وتم قبوله للمشاركة في مهرجان القدس للافلام ..