سريلانكا: الدولة تصعِّد القمع بعد إسقاط الرئيس

مصطفى عبد الغني
2022 / 7 / 29 - 10:32     

ترجمة مصطفى عبد الغني

كشَّر رانيل ويكريمسينجه، رئيس سريلانكا المُنصب حديثًا، عن أنيابه سريعًا للحركة الاحتجاجية التي اجتاحت البلاد منذ الربيع الماضي. أرسل ويكريمسينجه قوات الشرطة والجيش، بعد ساعات من توليه منصبه يوم الخميس، لفض الاعتصام الاحتجاجي ضد الحكومة الرئيسي في وسط العاصمة كولومبو. ووصف النشطاء المدافعون عن الديمقراطية هناك بـ”الفاشيين”. تأذى كثير من الناس وخطف الجنود هواتف المتظاهرين في محاولة لمنع انتشار لقطات الاعتداء، ومسحوا فيديوهات صورها مراسل شبكة بي بي سي البريطانية.

جاء الهجوم بعد تصريح بعض المتظاهرين بأنهم مستعدون لإعطاء الرئيس الجديد فرصة للخروج بالبلاد من الأزمة، وكان رد ويكريمسينجه بالحل الأمني. إذا كان الرئيس الجديد يعتقد أن استخدام العنف سيكون كافيًا للقضاء على الحركة التي أطاحت سلفه من الحكم فهو مخطئ. لقد واجه آلاف الناس القوات المسلحة بعتاد ثقيل والغاز المسيل للدموع رغم عدم تناول الكثير منهم الطعام بشكل جيد لأسابيع.

ويكريمسينجه شخصية غير محبوبة بالفعل، ومرتبط بشدة بنظام راجاباكسا المخلوع. وساعد أثناء دوره كوزير في الحكومة في الثمانينيات في فض الإضراب العام، ودشن أعمال شغب مناهضة لأقلية التاميلية، مما قاد البلاد إلى حرب أهلية. لا يستطيع هو ولا السياسيون الذين صوتوا له لتولي المنصب الوفاء بمطالب الناس بعودة الكهرباء والطعام والوقود والأدوية. تعاني سريلانكا من نقص شديد في كل هذا بعدما وقعت في أزمة ديون مطلع هذا العام.

قالت كالاني، المعلِّمة التي انضمت إلى الاحتجاجات الضخمة مطلع الأسبوع الجاري، لصحيفة العامل الاشتراكي البريطانية: “نحن نراقب الموقف بقلق شديد. لو قرر ويكريمسينجه الاستمرار في نفس السياسة، فسيضطر لمواجهة غضب الشعب”. لا تثق كالاني، مثل كثير من الناس، في المؤسسة السياسية، إذ قالت: “يبدو أن السياسيين مهتمين أكثر برفاهيتهم وأماكنهم في البرلمان عن العمل على حل الأزمة الاقتصادية، وهذا أكثر شيء مقزز”.

تحاول الحكومة الجديدة إفساح الطريق لاتفاق إعادة تمويل مع صندوق النقد الدولي مما سيسمح بتدفق المال. ولكن هذا النقد لن يستفيد منه الناس، بل سيستخدمه ويكريمسينجه لتسديد الديون الحالية المستحقة أغلبها لصناديق الاستثمار الخاص العالمية. وسيأتي أي اتفاق مع صندوق النقد بثمن كبير على الفقراء، إذ سيطالب بتخفيضات كبيرة في عدد الوظائف والإنفاق الحكومي، علاوة على خصخصة أصول الدولة. وللأسف ستوافق الأحزاب اليسارية الرئيسية على هذا، على الأقل للوقت الحالي.

المواقف السابقة للمجموعات التي لديها جذور راديكالية كانت استخدام أية أزمة كفرصة لعقد صفقات مع الحزب الحاكم، بما في ذلك حزب جبهة التحرير الشعبي الماوي من قبل، والحزب الاشتراكي السريلانكي التروتسكي سابقًا. والأكثر خزيًا هو تبني الحزبين أحيانًا للشوفينية السنهالية المستخدمة في اضطهاد الأقلية التاميلية.

هذا يعني أن مقاومة الهجوم النيوليبرالي سيقع على عاتق المجموعات الاحتجاجية والنقابات العمالية وحدها. لقد أظهروا حتى الآن قدرة مبهرة على الحشد ومقاومة عصابات نظام ويكريمسينجه المسلحة. ولكن هزيمة المؤسسة السياسية سيتطلب أكثر من ذلك وتحويل الثورة إلى مصدر بديل للسلطة في سريلانكا.

التقرير بقلم: يوري براساد – صحيفة العامل الاشتراكي البريطانية