ظاهرة الإستثناء موركي


كوسلا ابشن
2022 / 7 / 12 - 22:33     

تجتاح الكثير من البلدان مظاهرات إحتجاجية تنديدية بما أصاب الإقتصاديات المتهالكة من أزمات بنيوية آثرت على القدرة الشرائية للكادحين, و زادتها الحرب الروسية على أوكراينا حدة و إنتكاسة و لم تستطيع الأنظمة الإستغلالية الأوضاع القائمة إلا بالزيادات في أسعار المواد الأساسية و الأولية, مع جمود رواتب الشغيلة و الموظفين. لقد تصاعدت حدة هذه الإحتجاجات في السيرلانكا الى حد إقتحام المتظاهرين للمؤسسات الدولتية, و أجبرت الرئيس على الإستقالة و الفرار الى وجهة غير معروفة, و إستقالة رئيس الوزراء.
بلدنا محكوم ب "الإستثناء" في كل شيْ, في الدعارة السياسية و التقشف الإقتصادي و التخلف الإجتماعي, لم يستثني "الإستثناء" حتى الفقر و سلوك فقراء, ف"الإستثناء" موركي منحهم قوة الصبر على أعاصير الجوع و البرد و المعاناة اليومية. بركة السماء "الحمد لله" تغنيهم عن مواجهة الظلم و الإستبداد و سياسة التجويع و التفقير و العنصرية. "الإستثناء" علم الشعب ثقافة الإستحمار و الرضى عن الفقر و الإستغلال و كما علمه محاربة الوحدة الشعبية ( حيد عل رسي و شقف) و قبول الخضوع للظلام و الإستعمار.
كان من مطالب رحيل دولة الحماية و إستخلافها بالسلطة آل علوي الأجنبية, شرط تبعية هذه الآخيرة للإمبريالية الفرنسية و للمؤسسات المالية العالمية. قبول مطالب دولة الحماية الإجبارية, بالإرتباط بشجع الأوليغارشية الكولونيالية بتنمية رصيدها المالي و إستحواذها على خيرات البلد, كانا عنصران أساسيان متلازمان لتخلف البنية الإقتصادية والإجتماعية و الثقافية للمجتمع موركي منذ إستلاء آل علوي على السلطة السياسية و إحتلال البلد. عقود من الإحتلال آل علوي, عرف فيه المجتمع موروكي أزمات هيكلية, شل فيه الوضع الإقتصادي الذي زاد من تدهور الوضع الإجتماعي و الثقافي. لم تفلح الترقيعات و لا الخطابات الدعائية حول المستقبل الزاهر, من حل الأزمات, بل الواقع كان يؤكد كل مرة عن تعميق هذه الأزمات و عن إزدياد من مآساة الكادحين و توسيع الهوة بين العناصر المستفيدة من رحيل دولة الحماية و بين الشعب الكادح من قاوم الإحتلال الأوروبي بالسلاح.
الإستثناء موركي كان دائما لصالح الأوليغارشية التي كانت بسياستها اللامحلية و اللاشعبية تستفيد من الأزمات الإقتصادية للإغتناء أكثر و تفقير الفقراء أكثر. و الأزمات الإقتصادية العالمية, كيفما كان حجم تأثيرها على الإقتصاد المحلي تخرج منه الأوليغارشية رابحة لأن الشعب الكادح هو من يدفع فتورته, كما يلاحظ حاليا من عواقب الحرب الروسية على أوكراينا و أزمة الغاز و القمح المفتعلة لضرب القدرة الشرائية للشعب الكادح و الفقراء, ولم تستثني الأوليغارشية أية بضاعة من الزيادة في سعرها. السياسة الأوليغارشية ترمي الى زيادة أرباحها أضعافا على حساب القوت اليومي للفقراء, حتى في المناسبات دينية. الأوليغارشية تنفذ مهمتها في الإستغلال و النهب والفاسد, فالمسألة طبيعية أن لا تهتم الأوليغراشية بمصير الشعب الكادح و بأوضاعه الإجتماعية. لكن ما هو ليس طبيعي في مجتمع الإستثنائيات, هو الرد السلبي و اللامبالي للكادحين من يكتوي يوما عن يوم, من سياسة التجويع و التفقير الممنهجة.
موركيون ليسوا في أحسن حال من السيرلانكيين الذين إنتفضوا ضد السياسة الحكومية الفاشلة في حل أزمتها الإقتصادية و ديونها الخارجية, نتيجة نهجها السياسي اللاوطني و اللاشعبي بتبعيتها للمؤسسات المالية العالمية. السيرلانكيون خرجوا الى الشوارع و إحتلوا المؤسسات الدولتية و أجبروا الحكام على الإستقالة. أما موركيون فقد حمدوا السماء على مشيئتها و خروجوا الى أوكار الدناسة و التخلف للصلاة على "الإستثناء" آل علوي و قدرة نظامه على تنويم الشعب و إستعباده.