العراق بين تموزين


وصفي أحمد
2022 / 7 / 11 - 14:05     

من يقرأ تاريخ العراق المعاصر يجد تشابهاً كبيرا بين ما جرى في البلد من أحداث بعد انتخابات عام 1954 إبان العهد الملكي , وما يجري اليوم من وقائع خصوصا في ما يتعلق بالانسداد السياسي . ففي تلك السنة جرت انتخابات وصفت بأنها الأنزه في تاريخ الانتخابات العراقية في العهدين الملكي والجمهوري والتي أسفرت عن فوز حوالي احدى عشر نائباً يمثلون القوى الوطنية من ماركسيين وقوميين وليبراليين ومستقلين , لكن هذا العدد البسيط لم يرق لنوري السعيد المكلف بتشكيل الوزارة صاحب الأغلبية البرلمانية , فقد فاز حزبه بـ 56 نائباً , لذلك أصر على حل مجلس النواب حتى قبل أن يعقد المجلس ولو جلسة واحدة في سابقة لم تحصل في تاريخ الأنظمة الديمقراطية .
بعدها قام بإجراء انتخابات لمجلس نواب فاز أغلبية أعضائه بالتزكية بسبب الممارسات القمعية التي رافقت الانتخابات , وفي ظل مقاطعة واسعة من قبل أحزاب المعارضة الوطنية , ثم تبع ذلك بسلسلة من المراسيم كان الهدف منها تكميم الأفواه , وقد كان الهدف من هذه الممارسات من قبل نوري السعيد هو تهيئة الأجواء لدخول العراق في حلف بغداد الذي تسبب في إدخال العراق في عزلة عربية التي كانت تعيش دولها حالة من المد الثوري المعادي للإمبريالية . ونتيجة لهذه الأفعال فقد وصلت قوى المعارضة إلى نتيجة مفادها انسداد الطريق أمام اصلاح النظام وبالتالي لابد من اسقاط النظام .
اليوم , وبعد اندلاع انتفاضة تشرين العظيمة , أجبرت الطبقة السياسية على إجراء انتخابات مبكرة في ظل قانون جديد ومفوضية جديدة , كانت نتيجتها اختلال في موازين القوى حيث خسرت معظم القوى التقليدية الشيعية معظم مقاعدها , باستثناء التيار الصدري وائتلاف دولة القانون , مع صعود قوى اجتماعية جديدة تُعرف اليوم بالمستقلين , لكن هذه القوى التقليدية لم تتقبل هذا الواقع الجديد وسعت إلى الوقوف ضده بقوة في سبيل اسقاطه , خصوصاً بعد دعوة زعيم التيار الصدري إلى تشكيل ما عُرف بحكومة الوحدة الوطنية التي فشلت بعد أن جوبهت بممانعة شديدة من قبل قوى الإطار التنسيقي الشيعي وكانت النتيجة انسحاب نواب التيار الصدري من البرلمان .
وبدل أن تستوعب قوى الإطار هذا الانسحاب عملت على استغلاله كغنيمة من خلال سعيها لتشكيل حكومة على ذات الأسس القديمة ومن ثم ترشيح شخصيات جدلية دون أن تستوعب ما يجري حولها من تغييرات على الصعيدين العالمي والإقليمي و الداخلي , وبهذا أصبحت هذه القوى السياسية في واد وجماهير الشعب وبالتالي لابد من إزاحة هذه الطبقة السياسية من خلال تشكيل تحالف مدني واسع يمثل مصالح الطبقات الاجتماعية التي تأذت من ممارسات هذه الطبقة السياسية .