خيانة الأحزاب الحاكمة وحوار الكواليس


حزب اليسار الشيوعي العراقي
2022 / 7 / 7 - 03:37     

مازالَ خونةُ العراق؛ من كومبرادور وأحزابٍ ضالعةٍ في العمليةِ السياسية الإستعمارية متوارين عن أنظارِ الشعبِ العراقي بعربِهِ وأكرادِهِ، يدبّرون خططَهم خلفَ الكواليسِ، ويتآمرون على مصالحِ العراقِ ووحدتِهِ ووحدةِ شعبِهِ من زاخو إلى الفاو، يحكمُ تحركاتهِم الوضيعةِ تهافتُهم على كراسي الحكمِ التي توفّرُ لهم فرصَ السطوِ والاستحواذِ على أموالِ الشعبِ العراقيِ وثروتِهِ الوطنيةِ. بينما يصمتونَ جميعاً، ودونما استثناء، أحزاباً وحكومةً عميلةً عن التجاوزاتِ والاعتداءاتِ المسلّحة للقوات التركيّة المعتدية التي تدنّسُ أراضينا، وتقتلُ أبناء شعبنا من المدنيين المسالمين في مدنِنا وقُرانا في الشمال. ويصمّون آذانَهُم عن شكوى الشعبِ من تدخلاتِ الأجنبي المحتلِ، وتدخّل دولِ الجوارِ في الشؤونِ العراقيةِ على كلِّ المستويات.
يصمتون عن، بل ويعملون وفقَ التدخّلات المستمرّة للسفارة الأمريكية وواشنطن في الشؤون العراقية، وتمرير ما تتطلبه مصالحها على الرغم من الخراب الذي تلحقه بمصالح العراقِ وشعبهِ، مع رعايتِها المعلنةِ للوجودِ الصهيوني السرّي في بغدادَ والمحافظات، والعلني في أربيل. والعمل على تمريرِ سياسةِ واشنطن التخريبيةِ في المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. ناهيكم عن تراجع الحكومةِ وأحزابِها وصمتهم جميعاً عن تدخّل دولِ الجوارِ الأخرى في الشؤون السياسية العراقية وحتى الإدارية منها، مثل التدخّل المريبِ للكويت واعتراضِها على تعيين أحد القادة العسكريين العراقيين في إدارة ملفّ البصرة الأمني، لمعرفتها أنّه لنْ يخدمَ خططَها. فضلاً عن السكوتِ حيالَ التدخّل الإيراني الواسع في الشأنِ العراقيِ، ورعاية إيران لأحزابٍ وكتلٍ شيعيةٍ تمحَضَها ولاءَها المطلقَ، مع تخطيطِها لكلِّ نشاطاتِ هذه الأحزاب المسلحة وجرائمها داخلَ العراق. وهي التي عملتْ ومازالت تعملُ على تحكيمِ السلاحِ في دماءِ الأبرياء من شعبنا، وتصفيةِ خلافاتِها مع الآخرين بالطرق الدمويّة. أضف إلى ذلك الصمتَ المريبَ عن التدخلاتِ السعوديةِ والأماراتيةِ والقطريةِ، التي ينظّمها الحلفُ الأمريكيُ الصهيوني الخليجيُ في شؤون العراق السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والأمنيّةِ.
ومن أمثلة الخيانات الكبرى؛ الحلفُ المريبُ الخياني الذي تقيمه حكومةُ بغدادَ مع المُطبِعَيْن الأردنِ ومصر، اللّذين باعا قضيّة الشعبِ الفلسطيني المقاومِ، وتنصّلا من دماءِ الأبرياءِ في غزة وفي عمومِ الأرضِ الفلسطينيةِ المحتلّةِ، إضافة إلى تهافت حكومة بغداد في خدمة هذا الحلف الذي تصبُ نتائجُه السياسية والاقتصادية في نهايةِ الأمرِ في صالحِ العدو الصهيوني الغاصبِ، كما في المشروعِ المريبِ "خطُ أنابيبَ نفطِ البصرة- العقبة" الذي يؤكّدُ الخيانةَ الوطنيةَ.
ولا تفوتنا الإشارة إلى أنّ انسحاب أعضاء كتلة التيّار الصدري من البرلمان يثبتُ أنّ البرلمانَ مجرّدُ إضحوكةٍ وسخريةٍ مريرةٍ وسوداءَ، وإهانةٍ كبيرةٍ للعمليةِ السياسية التي لمْ تحظَ بالاحترامِ يوماً. وما الانسحاب بذاتهِ إلاّ خيانةً للذين كانوا يوالون هؤلاءَ النواب الذين تصرّفوا بلا إرادة، وقد أثبتوا أنّهم لا يستحقون تمثيلَ الناسِ حتى الذين يوالونهم. فضلاً عنْ أنّه تسليمٌ بعجزِ التيّارِ عن تحقيقِ ما ادعاه بشأنِ محاربةِ الفسادِ الماليِ والاداريِ والقضاءِ عليهما، فالانسحاب هذا أعطى صورةً واضحةً عن محاربةِ التيارِ طواحينِ الهواءِ، وهو في حقيققتِهِ تسليمُ العراق إلى الّذين ادعى هذا التيار محاربتهم بوصفِهم الفاسدين.
ومن اللّازم إطلاع الشعب على خفايا تحالفِ (إنقاذ وطن) الذي أثبتت الحوادث المتأخرة انطواءه على خيانة لايمكن تبرِئة أيِّ طرفٍ منها. كذلكَ مِنَ الواجبِ أنْ لا تمرَّ أسرارُهُ بصمتٍ من دونِ أنْ يقولَ الناسُ فيها رأيَهُم. فقد كشفَ حليفا التيّار الصدري (الحلبوسي ومسعود) عنْ شروطِهِما بعدما انفضّ تحالفُ إنقاذ وطنٍ حينما قدّما شروطهما إلى أحزابِ "الإطارِ التنسيقيِ" فظهر حجم ما كان يُبيّتُ للعراق منْ جرائمٍ وخيانات واستهتارٍ بحقوقِ الشعبِ عرباً وأكراداً.
فقد كانت للحلبوسي شروطٌ استرضائية امتدّتْ من الموصل إلى جرف الصخر، وتضمنتْ سحبَ الحشدِ الشعبي من المحافظات تلك؛ بصرف النظر عن عدالةِ هذا المطلبِ أو عدمها، وتفريغ جرف الصخر بالطريقة الطائفية التي تعيدُ العراقَ إلى فوضى القتلِ والتغييبِ والمصادرةِ على الهويّة الدّينيّة. والجميع يعرف ماذا يعني هذا الفصلُ الطائفيُ في حياة العراقيين. وبدلاً من أنْ يتبنّى الجميعُ مشروعَ وحدةِ البلادِ وتأكيدَ لحمةِ الشعب الداخليةِ، يذهب الجميعُ نحو قبولِ الخيانةِ وتكريسِ الطائفية وتجزئةِ البلادِ طائفياً. أضف إلى ذلك مطلبَ الحلبوسي الذي لا يقبلَ الجدلَ في موضوعِ الوزارات السياديّةِ ورئاسةِ البرلمانِ.
مِنْ جهةٍ أخرى، مازال الخائنان مسعودُ البرزانيُ وبافلُ الطالبانيُ رغمَ خلافاتهِم الدمويةِ يصرّان على ابتزازِ الشعبِ العراقيِ بشروطٍ فوضويةٍ، وهُما يعرفان أنّ أحزابَ المنطقةِ الخضراء العميلة، سوفَ تتهافتْ لاسترضائهما كي تحققَ مكاسبَ شخصيةَ وحزبيةَ رخيصةَ، على الرغمِ من فوضويةِ تلكَ الشروطِ، وعلى ضوءِ هذا الواقعِ الانتهازي السيّء، قدّما شروطَهُما إلى أحزابِ "الإطار التنسيقي". وفي هذا الموضوع تفاصيلَ لايمكن التغاضيَ عنها.
وقد لخّصَ مسعودُ وبافلُ "شروطَهُما!" المشتركةِ بجملةٍ من المعاييرَ الابتزازيّة والتجاوزات على حقوقِ العراقيين جميعاً بمن فيهم الشعب الكردي. ولم يسمّياها حقوقاً أو مطالبَ لأنها ليست حقوقاً، حتى وفقَ الدستورِ الطائفي المهلهلِ الذي وضعته إدارة بريمر الإستعمارية لتكريس النهبِ والفوضى والعدوان.
وليس غريباً أنْ يفرضَ مسعود شروطاً على أحزابٍ لا تتمتع بالشعبيّة، لكي يخرجَ الجميعُ من الأزمة المستعصية وتفوز أحزابُ المنطقةِ الخضراء بفرصِ النهبِ. وهُمُ جميعاً مستعدون لتلبية تلك الشروط التي مسعود برزانيل بالتالي:-
- إلغاءُ قرارِ المحكمةِ الاتحاديةِ بخصوصِ النفط والغاز الذي تستولي عليه حكومةُ أربيل.
- إقرارُ قانونٍ للنفطِ والغازِ على أنْ يكونَ لمسعودٍ الرأي النهائي بشأن بنوده.
- تفعيلُ المادةِ 140 من الدستورِ الذي يعني إجبارَ حكّام بغدادَ على العودة إلى هذه المادة، لكي يشرعنوا لمسعود حقَّ الاستيلاءِ على أراض جديدة يدعوها أراضٍ متنازع عليها، على الرغم من أنها لم تقعْ يوماً ضمنَ الحدودِ البلدية للمحافظات الكردية الثلاث.
- حسمُ مسألةِ سنجارَ بإعادتها لهيمنةِ عصابةِ مسعودٍ وحزبِهِ، وهُمُ الذين تركوا أبناءَها عزّلاً بلا سلاح أمام الإرهابِ الداعشي وفساده.
- تخصيصُ 17% من الموازنةِ لصالحِ حكومةِ اربيلَ، مع أنَّ جميعَ الأطرافِ يعلمون إنها ليست من الحقوقِ المشروعةِ.
- فرضُ تخصيصاتِ البيشمركةِ على موازنةِ بغدادَ على أنْ تُدفَع من ميزانية وزارةِ الدفاعِ. والبيشمركة جيشٌ تقومُ الإمبرياليةً العالمية برعايتِهِ وتسليحهِ وتدريبهِ، وهو بالنتيجة لا يغادر أربيل.
وكان شرطُ مسعود الأخيرُ قبولَ الإطار التنسيقي وبطاناته مرشّحَهُ لرئاسةِ الجمهورية دونما تصويت برلماني.
لنْ نتجنّى على الحقيقة، ولنْ نقولَ ما يخرج عن المألوفِ لو قلنا أنّ الخونةَ يتوارون خلفَ الأبوابِ المُغلقةِ لكي يقوموا بتنظيمِ الخيانةِ والغدرِ، والتضحيةِ بمصالحِ الشعبِ العراقيِ عرباً وأكراداً على مذبحِ مصالحِهِم ورغباتِهِم ورغبات المحتلينَ، ويتكتمون على كلِّ جريمةٍ يقترفونها.
عاشَ الشعبُ.. المجدُ للطبقةِ العاملةِ العراقيةِ ولكادحي العراق عموماً..
لجنة العمل الفكري
5/7/2022