نقطة تأمل عن مآل اليسار : المغرب نموذجا.


أحمد زوبدي
2022 / 7 / 1 - 02:27     



اليسار في المغرب ساهم في اغتيال نفسه للأسباب التالية :

1/ اليسار المغربي لم يقم بإنتاج الفكر لتنوير الواقع بغض النظر عن بعض الإسهامات الطفيفة لبعض المثقفين والتي ما فتىء أن تجوزت بحكم تغير مشاكل روح العصر وبالتالي لم يستمر هذا الإبداع على الرغم من ضآلته.
2/ هيمنة ثقافة الزعامة على العمل الجماعي بل أن هذه الثقافة تحولت إلى نرجسية ومرض أدى إلى مغادرة اليسار من قبل الكثير من المثقفين والمبدعين. من زاوية أخرى، تحول النضال إلى الحصول على وظيفة داخل الحزب من خلال المهنوية "carriérisme"، وهو ما يسمح لصاحبها بأن يستفيد من الريوع المادية والمعنوية.
3/ هيمنة ثقافة تملك الحقيقة لدى الأحزاب اليسارية غير المشاركة في الحكومة فضلا عن انحراف بعضها في اتجاه المشاركة في الانتخابات في غياب بناء القواعد الشعبية وانحراف البعض الآخر في اتجاه التنسيق مع الأحزاب الإسلاموية وتبني أطروحة تقرير المصير في ما يخص الصحراء الغربية، وهو ما يتنافى مع أطروحة لينين في هذا الباب. وقد سبق لي أن علقت في بطاقة موجزة عن هذا الإشكال من دفاتر لينين ويمكن العودة لهذا لاحقا إذا دعت الضرورة ذلك. أصحاب هذه الأطروحة لازالوا مستمرين في اجترار منظومة ماركسية بالية جعلت مرجعيتهم تتحول إلى كنيسة مذهبية ولا تسمح بالارتقاء إلى الإمام، بل العكس أدت إلى ردة تنظيمية وفكرية لهذه الجسيمات" groupuscules" الحزبية، في ما يتعلق مثلا بأطروحة بناء حزب الطبقة العاملة ( راجع مقالي في هذا الباب، المنشور في الموقع الإلكتروني للحوار المتمدن، غشت 2019).
4/ بعد انهيار الإشتراكية الفعلية تحول مفهوم الانتماء إلى اليسار والنضال وكل قيم التضحية ونكران الذات إلى مطية للوصول إلى المناصب والمكاسب من خلال مشاركة الحزب في تسيير الشأن العام، كما هو الأمر بالنسبة للاتحاد الإشتراكي والتقدم والإشتراكية. دون أن يتملك هذا اليسار، الذي ارتمى في أحضان المخزن، الوعي اللازم بأن الأمر يستدعي تغيير ميزان القوى من خلال توسيع القاعدة الشعبية و بالتالي توفير الشروط الدنيا للمشاركة في تدبير الشأن العام. وهو ما جعل المخزن يجد فرصة لتدجينه وتفكيكه أفقيا وعموديا.
5/ اختراق اليسار من طرف المخابرات المغربية والامبريالوصهيونية.
اليسار, في زيه البئيس اليوم، دخل مرحلة الموت السريري أو سرير الموت وانتهت صلاحيته وانتهى معه مفهوم الحزب برمته. التغيير اليوم أصبح في كف عفريت، لكن بصيص الأمل حاضر، كما يلاحظ مع صعود الحركات الاجتماعية المدعوة لتلعب الدور التاريخي الطلائعي المنوط بها لأجل استيقاظ الشعوب من سباتها الذي طال أمده، في أفق إعطاء الحزب والنقابة صياغة جديدة على أساس تدبير جماعي وفيديرالي !
أما الاشتراكية فتبقى حلم في المستقبل المنظور لأن البشر الذي عليه بناؤها غير مؤهل ذلك أنه فقد كل القيم الإنسانية التي تجعله يقاوم مسلسل تسليع كل مناحي الحياة و إخضاع البشر لسلوك مؤسسات وبنيات الرأسمالية التي تحولت إلى نظام الأربارتايد. العالم دخل في حروب سوف لن تنتهي إلا بعد انقراض الجيل الحالي ( أي دورة اقتصادية لاتقل عن خمسين سنة بمفهوم الاقتصادي-السياسي Kondratieff )، والسبب هو توظيف الثورة العلمية، من قبل الإمبريالية والفاشستية، في تفكيك الأمم وزرع الفتنة داخل الإثنيات وعسكرة الإقتصاد واقتصاد المخدرات والأعضاء البشرية وتبييض الأموال، محل توظيفها في تقدم المجتمعات وتوفير شروط العمل والعيش والتعايش.
البديل هو الاستمرار في النضال ولو بعدد قليل من شرفاء الوطن والعمل مغربيا على فضح المتورطين بالأسماء، منهم الخونة والمتصهينين، و على تكسير المهاذنة لدى الكثير من المنتسبين لليسار.