عباس لمسعدي و ثورة نريف


كوسلا ابشن
2022 / 6 / 30 - 22:39     

يستذكر الشعب إمازيغن عامة و الحركة الأمازيغية خاصة ذكرى إغتيال قائد جيش الثورة التحررية بريف على يد الخونة عملاء الأنظمة الإستعمارية.
عباس لمسعدي, مقاوم أمازيغي, قاوم الإستعمار الفرنسي و أعتقل سنة 1954 بكزابلانكا, و بعد إطلاق سراحه, إلتجأ الى أرض الثوار و حاضنة المقاومة المسلحة الأمازيغية ضد الإستعمار, منطقة نريف, وهناك أسس جيش التحرير, قيادة الشمال (آيت ناظور), و قاد الثورة التحررية ضد الإحتلال الأجنبي. و من سنة 1955, قاد الهجمات على المراكز الإستعمارية في مثلث الموت بين أكنول و بورد و تزي أوسلي. قاتل الإستعمار مع رفاق السلاح, و لم يستسلم هو و رفاقه لمؤامرة الظهير الإستعماري " إكس ليبان" و رفض التخلي عن مساندة ثورة دزاير. رفض جيش التحرير تسليم السلاح و إستمر في مقاومته ضد الظهير الإستعماري "إكس ليبان". زاوية الخيانة و العمالة "الإستقلال", تحت إشراف دولة الحماية أسست ميليشيات الثورة المضادة بمدينة تطاوين (تطوان) لمقاتلة و التصدي لجيش التحرير الثوري, وبقيت هذه الميليشيات مهيكلة إعتمدت عليها الزاوية في إغتيالات قادة جيش التحرير و إزاحة المناضلين الأحرار. الزاوية كانت ترى أن عباس لمسعدي يشكل الخطورة على مشروعها العرقي في بناء دويلة عروبية, ولإزاحة عباس لمسعدي, إلتقي به السكرتير التنفيدي للزاوية (الاستقلال) الخائن المهدي بن بركة, الذي إستدرج لمسعدي الى فاس لقتله, ونجحت المؤامرة بإغتيال قائد جيش التحرير بفاس 26 يونيو 1956, في فيلا مستأجرة من طرف الخائن المهدي بن بركة الشوفيني العروبي, قتل لمسعدي في المكان الذي كان من المفروض أن يكون موقع القاء, إلا أنه أصبح مقبرة الشهيد. بن بركة الشوفيني الخائن, لقي نفس المصير (1965), لكن على يد أسياده.
بعد سنتين (1958) من إغتيال قائد جيش التحرير, قرر أحرار نريف نقل جثمان الشهيد لمسعدي من فاس وكر الخيانة و العنصرية و الفساد, الى أرضه, ريف أرض الثوار الأحرار ودفنه في مقبرة الشهداء بأجدير, لكن قوبلت إرادة الأحرار برفض ميليشيات الزاوية وجنود القصر الترخيص لنقل جثمان الشهيد, وتحت التهديد نقل الشهيد في جنازة مهيبة سلمية, لكنها تعرضت للرصاص الغادر الذي أطلقته ميليشيات الزاوية "الاستقال" و جنود القصر, الخونة و العملاء للأجانب. تحولت الجنازة التي شارك فيها ألاف المشيعين المسالمين, الى مجزرة رهيبة إرتكبها أعداء الإنسانية.
كان الرد الضروري على وحشية النظام, إندلاع إنتفاضة عارمة ضد النظام الدموي وضد سياسة التمييز العنصري, سياسة التهميش والإقصاء و الإستبداد. هاجم المنتفضون مقرات ميليشيات ((الاستقلال)) وجنود القصر, وأعلنوا العصيان المدني, وإلتجأ الشباب المكافح الى الجبال. لقد روى جيل بيرول أحداث مجزرة الريف, في كتابه "صديقنا ملك مورك" ص.49, الطبعة الألمانية : "كيف إقتحم عشرون ألف عسكري أريف بقيادة الحسن الفاشي , وهم مقسمين الى ثلاثة فرق, السلاح الجوي بطاقمه الفرنسي, لكن بألوان العلم آل علوي, يدمر القرى بالقنابل لعدة أيام. و فرق المشاة يقتحمون البيوت ويقتلون الرجال والأطفال و يغتصبون البنات و النساء ويطلقون عليهن الرصاص, وقد وصلت بهم وحشيتهم ببقر بطون الحوامل أو وضع القنابل في جيوب جلابيب مواطنين نريف لتنفجرهم عن بعد, وقد أحرق البرابرة الدمويون المزارع والبيوت وقتلوا المواشي". لحسن الحظ بإقتحام البرابرة الدمويون أريف, كان إلتجأ الكثير من المدنيين الى الجبال هربا من الموت والبطش الإستعماري العروبي, إلا أن مكر الأعداء نجح في إستدراج الضحية, لقد إطمئن البعض الى وعود محمد العروبي و علال الفاشي بأن لا يتابع قانونيا كل من ترك الجبل. لقد إنخدعوا وقتل منهم الكثير وإعتقل الآخرون وتعرضوا لأبشع أنواع التعذيب والإغتصاب اليومي للسجينات. لقد قاتل الأمازيغ دولة الحماية بالسلاح, ليسقطوا قتلى معزولي السلاح على يد البرابرة العروبيين, عملاء فرنسا.
لم تعرف حصيلة القتلى و الجرحى, فالسلاح الجوي لوحده حصد أرواح الآلاف من المدنيين, بالإضافة الى مجزرة المشاة الوحوش حاملي قيم قتل العزل من السلاح و التنكيل بالجثث. أما المعتقين كما حددهم الرئيس الراحل محمد عبد الكريم الخطابي:" بلغ عدد المعتقلين (8420) أطلق سراح (5431) بعدما ذاقوا ما لا يوصف من أنواع التعذيب والتنكيل في المعتقلات العسكرية التي كانوا يحيطونهم فيها بالأسلاك الشائكة، وحكم على (323) بأقسى حكم سمعنا به لحد الآن، والباقي ما زال محتفظا به في السجون بدون محاكمة ولا إطلاق سراحهم .أما المبعدون إثر حوادث ريف فقط، فلقد بلغ عددهم (542) موزعين على إسبانيا وإيطاليا والجزائر وألمانيا وفي جهات أخرى. والمسجونات والمعتقلات فلقد بلغ عددهن (110) أطلق سراح (95) منهن فقط".