المعلوماتيون والديمقراطية


طارق المهدوي
2022 / 6 / 24 - 04:32     

المعلوماتيون برسالتهم ثلاثية الأبعاد المتمثلة في الاستعلام عن المعلومات ثم تقدير المعلومات ثم الإعلام بالمعلومات هم أكثر الفئات المهنية حرصاً على الديمقراطية التي تعتمد رسالتهم عليها جملةً وتفصيلاً سواء من حيث الشكل أو من حيث المضمون، في علاقة ثنائية عضوية إيجابية جدلية مع الديمقراطيين الذين هم من جانبهم أكثر الجماعات السياسية حرصاً على المعلومات سواء من حيث الدقة أو من حيث التنوع أو من حيث الوفرة أو من حيث التدفق على نحو يواكب الأحداث زمنياً، ويتفق المعلوماتيون والديمقراطيون على أنه لا سقف ولا حدود لحرية تحصيل وتداول ونشر كافة المعلومات باستثناء تلك الضارة التي هي في حد ذاتها حالة استثنائية ضيقة جداً، تنشأ عندما يكون البلد الأم طرفاً في حرب أو خصومة أو تنافس مع بلد آخر ويكون من شأن نشر وتداول معلومة معينة وبالتالي تحصيلها مفيداً للبلد الآخر إفادة واضحة ومباشرة على حساب البلد الأم في مجال الحرب أو الخصومة أو التنافس بينهما، وعلى الجانب المضاد فإن الفاشيين بكل أنواعهم العرقية والدينية والطبقية والجندرية والعمرية يكرهون المعلوماتيين بقدر كراهيتهم للديمقراطيين ليس فقط على خلفية العلاقة العضوية بينهما لكن أيضاً على خلفية رفض الفاشيين لحرية تحصيل وتداول ونشر المعلومات، باعتبارها تؤدي إلى اكتشاف وكشف جرائمهم وجرائم حلفائهم العضويين من استعماريين وتوابع وفاسدين واستغلاليين بما يخلق رأياً عاماً ضاغطاً نحو المساءلة والعقاب قد يتطور إذا كان الفاشيون يحكمون إلى عصيان وتمرد وعمل منظم للإطاحة بحكم الفاشيين وحلفائهم، ويترجم الفاشيون إذا كانوا يحكمون كراهيتهم للمعلوماتيين والديمقراطيين عبر آلية باتت معروفة للقاصي والداني تقوم على ثلاثة إجراءات متداخلة فيما بينها، أولها هو وضع وتنفيذ آلية خشنة أو ناعمة للحجب والمنع والتعتيم المعلوماتي وثانيها هو إحلال توابع الفاشيين كبدلاء محل المعلوماتيين الحقيقيين الذين يتم تهميشهم إن لم يكن استهدافهم وثالثها هو استخدام هؤلاء التوابع في الكذب والتضليل المعلوماتي، حيث يتمثل أحد ملامح الحجب والمنع والتعتيم المعلوماتي في تطبيق قوانين الأحكام العرفية أو قوانين الطوارئ أو القوانين الاستثنائية أو المبالغة في القوانين العقابية دون مبرر لذلك، وحيث يتمثل أحد ملامح استهداف المعلوماتيين الحقيقيين في الدس بينهم وبين دوائرهم ومنابرهم المعلوماتية والإعلامية الطبيعية بهدف الاستفراد بهم لتطويقهم وتشتيتهم، وحيث يتمثل أحد ملامح الأكاذيب والضلالات المعلوماتية في توسيع نطاق الإسقاط السياسي الذي يطول الاجتماعيين والوطنيين والديمقراطيين كي يطول أيضاً المعلوماتيين الحقيقيين، الذين يتم الإسقاط عليهم عبر اتهامهم بالكذب والتضليل من قبل الكاذبين والمضللين توابع الفاشيين تمهيداً لوضع رقابهم تحت مقصلة القوانين العقابية لآلية الحجب والمنع والتعتيم، علماً بأن الكذب والتضليل المعلوماتي في حد ذاتهما هما جريمتان أخلاقيتان تستوجبان عقاباً مجتمعياً وليس قانونياً ولا يضران كثيراً في ظل سيادة حرية تحصيل وتداول ونشر المعلومات حيث يمكن التوضيح والتصحيح والتكذيب، لتكون الغلبة للمعلومة الحقيقية وبالتالي للحقيقة ويكون الاختيار للمتلقي حسب ميوله رغم علمه بالحقيقة!!.