نظرة خاطفة على نص تراثي


ماجد الشمري
2022 / 6 / 22 - 15:48     

"طوبى لمن لايعرف الناس ولايعرفه الناس،طوبى لمن كان حيا كميت،وموجودا كمعدوم،قد كفى جاره خيره وشره،لايسأل عن الناس ولايسأل الناس عنه".


هذا النص الغريب المثير الوارد في نهج البلاغة والمنسوب للامام علي والمروي عنه، يدعو للارتباك والمراجعة وبقراءة خاطفة متأنية ومتأملة ومفككة تثير الكثير من الاسئلة الحائرة وتدعونا للتوقف والنظر في معاني ودلالات النص المحير!.فهل هو اعلان سافر يشهر العدمية الاجتماعية كأمنية ورغبة لدى الامام لالغاء الاخر او تجاهله والابتعاد عنه كغير الذات،والعيش المنطوي او المتقوقع على الذات كحياة مثالية منعزلة عن الآخرين؟!.ام هو رد فعل لتجربته المريرة والمحبطة مع الناس كخليفة مثالي في الدين والسياسة والحرب،والتقاطع الحاد بينه وبينهم وغير القابل للتجسير او الانسجام؟!.ام هو منهج وجودي وسلوكي فرداني يعتقد بأيمان ان الوحدة الذاتية والابتعاد عن ضجيج الحشد وصخبه هو الاسلوب الامثل للعيش؟!.او هو خيارفكري-ديني-صوفي يجعل من الفرد المؤمن اقرب الى الله من خلال العلاقة الواحدية الخاصة والحميمة بين الاله والانسان وبعيدا عن الافراد وصولا الى الفناء في الكائن الاسمى؟!.هل كان علي بن ابي طالب يعاني-بمفهوم معاصر- من اغتراب مركب:انطولوجي-لاهوتي-سايكولوجي-اجتماعي وهو يعيش وسط بحر من العوام الاجلاف السوقة الهمج الرعاع!.في زمن غير زمنه ومكان ليس مكانه ،وليس من صلة هناك او وشيجة او آصرة تربط او تجمع بينهم وبينه،وهو لم يكن يفهمهم او يفهموه،ولم يطيقهم او يطيقوه فسد شاهق يفصله عن مجتمعه فكريا ودينيا وقيميا،غريبا عنهم وغرباء عنه؟!.انه امر محير بتناقضه فالدين الاسلامي الذي يعتبر الامام على من اعلى رموزه السامية يؤكد على الجانب الاجتماعي-الجماعي-الحشدي للاسلام فالصلاة جامعة-جماعية،والحج حشود غفيرة من الحجيج وكل العبادات والممارسات الاسلامية تدعو للتضامن والائتلاف والاجماع، فالاسلام دين هو الاكثر اجتماعية وبعدا عن الفردية،فحتى الخطاب الالهي كان يوجه الى الجماعة:المؤمنين-المسلمين-الناس/وليس للمؤمن اوالمسلم،او الفرد بشكل عام ،فكيف نجد الامام ينفر من الناس،ويدعو للوحدة والانعزال عنهم ويتمنى ان يكون حيا كميت وموجودا كمعدوم،ويمنع عن جاره ليس شره فقط،بل وخيره ايضا!.!.لانرغب بمد الاشكال والتساؤل لتفريعات وطيات حساسة وحمراء تثير اللبس وتعرضنا بسببها للاتهام بالتجديف والكفر او التطاول او ازدراء المقدسات او المس بالمذاهب.فهذا ليس مطروحا او واردا حتى كمفكر به،ولكنها دهشة وحيرة تطمح للمعرفة وتتعطش للحقيقة لاغير.....