معركة في الطابور


ضيا اسكندر
2022 / 6 / 21 - 14:13     

أثناء تواجدي في الطابور الطويل أمام الفرن، وكنت على مقربة من نافذة البيع، لا يفصلني عنها سوى شخصين، وإذا برجلٍ طويلٍ يرتدي بزّةً رياضية ويحمل بيده اليسرى موبايل بالإضافة إلى علبة سجائر أجنبية، وفي يده الأخرى "البطاقة الذكية". تخطّى الجميع بصلافة واقترب من النافذة متجاوزاً الدور بكل وقاحة وهو يصيح بالبائع: «ولك يا أبو فرن، يا بطّيخ.. وينك، هات اعطينا، نحنا من الدورية المشتركة».
كان أمامي مباشرة رجلٌ عجوز يبلغ من العمر سبعين عاماً. قال له بوداعة: «يا عمّي احترمْ شيبتنا، والله صرلي ساعتين ناطر!» أجابه العنصر الأمني بعدم اكتراث: «رح آخد بس ربطتين يا حجّي». فردَّ عليه العجوز بغضب: «وأنا ما بدّي غير ربطتين. ولك يا عمّي افترض حالك محلي، وإجا شخص يتجاوز دورك هيك عينك عينك، شو بكون موقفك؟»
فما كان من أحد الواقفين خلفي إلّا واندفع صوب رجل الأمن ماسكاً بتلابيبه وهو يصرخ به: «ارجع وقّف بالدور متل كل هالعالم، وإلّا أقسم بالله بجْعلك عبرة لمن يعتبر».
تطلّع عنصر الأمن مذهولاً بوجه الرجل الشجاع وقد أدرك سريعاً أن نشوب معركة معه ليست في صالحه إطلاقاً. فالمقتحم شابّ مفتول العضلات وتبدو على محيّاه أمارات الجرأة والبسالة. فما كان من عنصر الأمن إلّا أن اعتذر متمسكناً من أنه جريح حرب ويصعب عليه الانتظار الطويل وووو..

هامش: بغضّ النظر عن النتيجة، أقول: كم عدد حالات الشجار التي تندلع يومياً أمام الأفران لأسبابٍ متعددة؟ والتي يمكن تلافيها تماماً فيما لو زادت السلطات المسؤولة عن إنتاج الخبز، عدد منافذ البيع للمستهلك، وتوزيعها في الأحياء بعدالة.
أم أن المطلوب هو إشغال الناس وإلهائهم وتطويعهم وإذلالهم.. بغية تحويلهم لقطيع يسهل السيطرة عليه؟