الازمة العراقية بين سياسات محور التطبيع ومحور المقاومة


سلام عادل
2022 / 6 / 16 - 01:08     

في كل الأحوال يمنح قرار السيد الصدر الاخير بالانسحاب من العملية السياسية نقطة لصالح (محور المقاومة)، لان هذا القرار قد اعطى لقوى هذا المحور، والتي ائتلفت في (الاطار التنسيقي)، دفعة قوية لقطع الطريق على مخططات (محور التطبيع).

ولست هنا اتردد عن قول ما لا يود احد الافصاح عنه، وهو أن (محور التطبيع) لطالما استغل الظروف الشائكة والملتبسة لينمو اكثر، ولعله في السنوات الاخير قد وجد في المرور من تحت عباءة السيد اسهل الطرق للوصول الى السلطة، او لنقل عرقلة خطوات (محور المقاومة) الساعي لبناء نفسه اكثر على الارض العراقية.

ولا شك من أن انزعاج اطراف محور التطبيع (بعض الكرد + بعض السُنة + بعض الشيعة المتنفذين في السلطة)، ولا حاجة لذكر الاسماء بالقلم العريض حالياً، يبدو انزعاجاً واضحاً من قرار الصدر بانهاء وجود الكتلة الصدرية داخل البرلمان، لان هذه الاطراف لطالما عولت على الانقسامات الشيعية داخل السلطة التشريعية لإدامة السياسات التي فرضت على العراق منذ عام 2003، وهي سياسات فرضها الاحتلال على أي حال، وهي محل اعتراض دائم من قبل الوطنيين العراقيين، ويعتبر تغييرها على رأس محاور الاصلاح الكبرى.

وهنا ينبغي توضيح طبيعة ونوعية تلك السياسات الضارة التي يجري التجديد لها دورة بعد اخرى، باستثناء مرحلة عبد المهدي القصيرة كونه سعى للتحرر منها، والتي على رأسها (السياسة الاقتصادية التائهة) التي تعتمد على نصائح البنك الدولي، وتمثل الورقة البيضاء إحدى تمظهراتها الجديدة.

وكذلك التشتت في المنظومة الأمنية من خلال الاستمرار بالعمل وفق صيغة (قيادة العمليات المشتركة)، وليس (القيادة العامة للقوات المسلحة)، في مخالفة واضحة لصيغة الدستور الذي فرض وجود (قائداً عاماً للقوات المسلحة) لتكون السياسات الأمنية مركزية وليس مجرد قيادات متعددة منقسمة على أساس المكونات والانتماءات، ويشمل التخبط في السياسات الأمنية ملف التسليح الذي مازال يعيق القدرات العراقية على فرض معادلات الردع.

والابرز من بين هذه السياسات المفروضة على العراق هي السياسة الخارجية، التي جمدت دور العراق الاقليمي والدولي تحت عنوان قد يبدو جذاباً في شكله، وهو (عدم الانحياز للمحاور)، إلا أن مضمون هذا العنوان جعل العراق منذ سنوات غير فاعل وغير متفاعل ولا يبحث عن مصالحه حتى، لدرجة انه لم يعد على لسان جهازه الدبلوماسي غير خطابات المجاملة.

وحتى هنا اكتفي ضمن حدود هذه المقالة في الإشارة لثلاثة انواع من السياسات (الخارجية، الأمنية، الاقتصادية)، من ضمن مجموع السياسات التي فرضها الاحتلال على العراق، وهي سياسات يعارضها (محور المقاومة)، في حين يريد استمرارها (محور التطبيع) عبر هيمنته على السلطة من خلال ما يعرف بـ(التحالف الثلاثي)، والذي يريد أن يبني نفوذه على حساب الكتلة الصدرية.

وبالتالي يبدو الصدر بانسحابه من العملية السياسية، والذي هو تفكيك للتحالف الثلاثي دون شك، قد غلق الباب بوجه مخططات (محور التطبيع) للتمدد أكثر، في الوقت نفسه منح العديد من النواب الجهاديين فرصة للصعود الى السلطة بديلاً عن العديد من النواب المسلكيين المحسوبين عليه، وهي منحة من الصدر لاطراف محور المقاومة تسمح بتنفيذ تطبيقات المحور السياسية في حال كان أداء (قوى الإطار) بمستوى المسؤولية والتنازل والتضحية التي ابداها الصدر.

وانا لا أود هنا، بكل صراحة، تقديم مدائح مجانية للصدر، فهو ليس بحاجة لها أصلاً، إلا أن تنازلاته عن استحقاقاته الانتخابية تعتبر اكبر رافع لقوى المقاومة، وهو ما يجعل مسؤليات الاصلاح السياسي لما خلفه الاحتلال برأس الشيعة المتصدين حالياً، الذين يطلقون على انفسهم (قوى الاطار)، فهل يا تُرى سيكونون على قدر المسؤولية لفعل ما ينبغي فعله قبل موعد الانتخابات النيابية القادمة ؟.

سننتظر ونرى ..