مُخّطَطٌ تُركي خبيث


امين يونس
2022 / 6 / 14 - 13:58     

روسيا " مُتفهِمة " لمخاوف تركيا بالنسبة لأمنها القومي على حدودها الجنوبية . الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً " متفهِمة " لهواجس تركيا . الدولتَين العظميَين " متفهمتان " لإستعدادات تركيا لِشَن هجومٍ عسكري ضخم على ( منبج و تل رفعت ) وغيرها من المناطق في شمال سوريا وإعلان ما يُسّمى منطقة آمنة [[ رغم العداء المُستحكم بين روسيا والولايات المتحدة ولا سيما بعد حرب أوكرانيا ، فأن الدولتَين كما يبدو سيعطيان الضوء الأخضر لتركيا لتنفيذ مخططاتها في شمال سوريا وشمال العراق ، كُلٌ حسب مصالحه مع تركيا ]] .
أما الأُمم المتحدة العتيدة ، فموقفها ثابتٌ كالعادة ، فهي أي الأمم المتحدة ، تشعرُ ب [ القلَق ] ، وهو نفس القلق الذي شعرتْ به منذ نصف قرن عندما إحتلتْ تركيا جزءاً مهماً من جزيرة قبرص ولا تزال ! .
* تجربة قوات سوريا الديمقراطية التي تُدير مناطق عديدة في شمال شرق سورية ، فريدة من عدة أوجُه : وّفَرتْ للمرأة دوراً حقيقياً في كل مفاصل الإدارة والمجتمع / التعايُش بين المكونات القومية والدينية وتوزيع السلطات فيما بينهم بدرجةٍ معقولة " بين الكُرد والعرب والمسيحيين والأرمن " / الإبقاء على نوعٍ من التنسيق مع النظام في دمشق من خلال الروس / الحفاظ على علاقات طيبة مع الأمريكان والإستفادة قدر الإمكان من الدَعم الأمريكي رغم محدوديته / محاربة داعش والمليشيات الإرهابية المدعومة من تركيا بكل شجاعة / نظام الحُكم في شمال شرق سوريا الذي تقوده قوات سوريا الديمقراطية ، ليسَ عائلياً ولا عشائريا ولا طائفياً ، ويمتلك حداً معقولاً من النزاهة والشفافية ، رغم العديد من السلبيات الموجودة .
هذا " الكيان " المتمثل بأقليم شمال وشرق سوريا ، يُشّكِل حَجر عثرة في طريق مخططات تركيا العنصرية والشوفينية . ولهذا فأن نظام أردوغان في الواقع ، لا يعتبر داعش تهديداً على أمن تركيا ، في حين يُعامِل حزب العمال الكردستاني PKK ووحدات حماية الشعب YPG في سوريا وحزب الشعوب الديمقراطي في تركيا HDP ، بإعتبارهم " إرهابيين " ومُعادين للدولة التركية ! .
النظام العنصري في تركيا ، لا يألوا جُهداً في سبيل الإستعانة بأيٍ كان في سبيل القضاء على PKK و YPG و HDP ويضعهُم كلهم في سلةٍ واحدة ويتهمهم بالإرهاب ، وكذلك يهدفُ الى المزيد من إضعاف أقليم كردستان العراق وأقليم شمال شرق سوريا ، والضغط عليهما بمختلف الوسائل تمهيداً لإزالة هاتَين التجربتَين .
إستخدام ميليشيات المعارضة السورية الموالية لتركيا والقريبة من داعش ، في محاربة YPG / الإستعانة بالأحزاب اليمينية الشوفينية في تركيا والضباط الكبار في الجيش والمخابرات المستعدين دوماً لمحاربة الكُرد في أي مكان / إستغلال الحرب الروسية الاوكرانية من جانبَين : مُساومة أمريكا للسماح لها بإنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا ، مُقابل موافقة تركيا بإنضمام فنلندا والسويد لحلف الناتو . ومساومة روسيا للسماح لها بإحتلال منبج وتل رفعت وإقامة منطقة آمنة ، مُقابل موقفها المرن من العقوبات على روسيا وكذلك دورها المرتقب في حماية السفن في البحر الأسود / عدم سماح تركيا بإقامة علاقات حسنة بين أقليم كردستان العراق وأقليم شمال شرق سوريا ، بل الإستمرار في خلق التوترات بين الجانبين / الضغط المتواصل على سلطة أقليم كردستان العراق ولا سيما الحزب الديمقراطي الكردستاني ، من أجل الإنخراط في عمليات مُحاربة قوات ال PKK المتواجدين في أراضي الأقليم ، وتهيئة قوات ROJ المُشّكَلة من اللاجئين الكرد السوريين والمُدّرّبة والمُمَوَلة من قِبَل حكومة الأقليم وتركيا ، من أجل الوقوف بوجه ال PKK و YPG / هدف تركيا الرئيسي من إيجاد " منطقة آمنة " في شمال شرق سوريا بعمق 30 كم ، هو إحداث تغيير ديموغرافي خطير في المناطق الكردية ، من خلال إفراغها من سكانها من الكُرد والمسيحيين وإحلال مليون من اللاجئين السوريين العرب ولا سيما الموالين لتركيا ، في تلك المناطق وخاصة عفرين / تحاول تركيا من خلال وسطاء قطريين ، إقناع النظام السوري بالموافقة على خطة تركيا ، بإسكان اللاجئين العرب والتركمان في المناطق الكردية .
بِمُجّرد إقتناع أردوغان بأن الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ، لن يكون رَد فعلهما ، عنيفاً ومُؤَثِراً ، فأنه سيأمر قواته بضرب منبج وتل رفعت وغيرها وتنفيذ خطة المنطقة الآمنة ، في الوقت الذي تُرّسِخ فيه وجودها الفعلي أي القوات التركية في مناطق عديدة من أقليم كردستان العراق .