احتضار وسقوط امبرطورية العبودية الرومانية.


عيسى بن ضيف الله حداد
2022 / 6 / 8 - 22:34     

احتضار وسقوط إمبراطورية العبودية الرومانية..
هو الاحتضار كما قد اظهره هذا المرجع المشار إليه، سأشير لما حدث كما يراه، بمقتطفات موجزة..
علامات التقهقر (ص 701- 70 ) - أقدم قسطنطبن على تقسيم الإمبراطورية وكأنها ملكه الشخصي بين أولاده الثلاثة وحفيديه/ .. أولهم قسطنطين الثاني في العشرين من عمره، والأصغر في الرابعة عشر، وإندلع الصراع بين الإخوة، وتصاعد التأزم أكثر بظهور عدد من الطامعين والمغتصبين الذي دام 16 عاماً، وانتهى في العام 353 بانتصار أبناء قسطنطين الثاني وسرعان ما نهض ضده جوليان الذي نجح بتوطيد السلطة دون اقتسام خلال سنتين (361- 363). وضد تجبره وتحكم نبلاء الأرض الكبار، استعان بالشرائح الوسطى وفقراء المدن. لكن الصراع الأشرس مارسه ضد الكهنوت الكنسي ومحاولته اليائسة لبعث الوثنية، مما قد أدى إلى فوضى أعمق من كل الاضطرابات التي حدثت في عهد كل الأسر المستبدة. لقي جوليان مصرعه في إحدى الحملات الفاشلة ضد الفرس، ومن بعده تجزأت السلطة 20 عاما، خلالها حمل التاج أحياناً فتيان بل أطفال، مثل غاليان (في الربعة) وفالانتان (في الثانية)..
فيما تلى ظهر تيودوسيس وهو رجل حرب (379-395) مارس القسوة ضد الطامعين بالسلطة وضد الاضطرابات الشعبية، وفي تسلوميك دفع الجنود إلى السيرك وقطعوا رؤوس سبعة آلاف مواطن، انتقاما لأحد قادتهم. صارع بدون رحمة ضد عبادات الأوثان، أمر بتحطيم المعابد المعجزة، مثل ساريم في الإسكندرية وحظر تحت طائلة الموت الطقوس والأضاحي والاحتفالات الوثنية، وبحث بحماس عن رعاية وعطف الأساقفة وشخصيات الكنيسة. راغبا في أن يجد في تأثيرهم على الناس دعما للسلطة الإمبراطورية المزعزعة. وقد خضع بتذلل للإدانة القاسية التي انزلها به مطران ميلانو، أمبرواز عقابا له على مذبحة ميلانو، وتحمل بصبر عقوبة الحرمان المؤقت.
لم يتورع تيودسيسن وهو على فراش الموت ان يقسم الامبراطورية الرومانية بين ولديه القاصرين: أركاديس كإمبراطور للشرق/ وهونوريس إمبراطور الغرب، وسمى بربريين كوزيرين إلى جانب كل منهما.. وصار شعار النسب الامبراطوري نسر برأسين. وانطلاقا من تلك الحقبة (395)، قسمت الإمبراطورية فعلا إلى شطرين: شطر غربي / وشطر شرقي، سمي فيما بعد ب الإمبراطورية البيزنطية..
يختتم الكاتب هذه المرحلة بقوله: في هذه الحالة من الانحطاط التام والانهيار الكامل الشامل، تلقت الإمبراطورية الرومانية طلقة الرحمة من القوى الثورية التي كانت تعمل ضدها بزخم ما يزال يتسع ويتسع. إن الحركات الشعبية في نهاية الإمبراطورية الرومانية لم تدرس جيداُ حتى الآن لكي يمكن مع ذلك ملاحظه نمو هذه الحركات حيثما توجهنا...
وفي مقتطفات كنماذج - [والمزيد من الفوضى العارمة.. بين الأقواس مني ]
(ص 704) انطلاقا من العام 375 يصير وضع الإمبراطورية الرومانية أكثر فأكثر مأساوية، تيار جديد من البربر يتخطى الحدود، نتيجة ما عرف بهجرة الشعوب الكبرى، ومن حدود الصين الغربية تتوافد إلى السهوب الاوربية مجموعات القبائل من الهان (هيو - نو )، التي صارت سيدة الحوض الشمالي للبحر الأسود، من الدون حتى الكاربات، وخضعت لهم الشعوب التي سماها الكتاب الغوت.. [ أدت التشابكات والتطورات والاختلاطات إلى ] – إلى إند-لاع انتفاضة جبارة ، دعمها مستوطنو البلد، وعمال مناجم تراسيا والعبيد. أبادوا جيشاً رومانياً قرب أندرنوبل، وهلك الإمبراطور فالانس في المعركة (عام 387)..
(ص 705 ) ..- لذا اعتبر العام 476 عام سقوط إمبراطورية الرومان العبودية الغربية وانتقلت السلطة كلياً إلى زعماء من مختلف الأمم الجرمانية..
وقعت أحداث في النصف الشرقي من الإمبراطورية، حيث كان السلاف مع العبيد والمستوطنين، هم الذين لعبوا في القرنين الرابع والخامس دور حفاري قبور الإمبراطورية..
في كتابه تاريخ حروب جوستينان / كتب بروكوب بالتفصيل غزوات السلاف المستمرة الذين " يعيشون على مساحة كبيرة من ضفاف أستر (الدانوب) في الجهة الأخرى من النهر ". ورغم جهود الامبراطور جوستينان (565-527) لإعادة بناء خط دفاعي للدانوب، " ظل الدانوب ابداً ممراً للبربر، والأرض الرومانية كلها مفتوحة لغزواتهم (13،3 ) في إيليريا وفي كل تراسيا، أي في اليونان كلها، من البحر الأيوني حتى ضاحية بيزنطة، منذ يدء عهد جوستينان في الإمبراطورية الرومانية، كان الهانس، السلاف، والآنت، في أثنا غزواتهم المستمرة يكيدون سكان هذه المناطق آلاما لا تطاق. اعتقد أن كلاً من هذه الغزوات كلفت الرومان مائتي ألف قتيل وسجين، بحيث صارت البلاد أشبه بصحراء سيسيا.. (بركوب تاريخ سري، 20،8)
آخر اللقطات
في عهد جوسينيان، في نهاية القرن السادس، لم يعد السلاف يكتفون بهذه الغزوات الدورية، بل بدأوا يتحولون إلى جماهير في شبه جزيرة البلقان كلها، هذا ما يثبته في عمله " تاريخ الأكليروس " جان إيفيز، مؤرخ آخر من القرن السادس، مشكلاً صدى للضائقة التي سيطرت في الأوساط الحاكمة في الإمبراطورية:
بعد ثلاث سنوات من موت جوستنيان وبعد عهد تيبير (في العام 581)ن غزت أمة السلاف اليونان الكبرى – هيلاد – كلها، وتسالونيك، وأقاليم تراسيا، واستولت على مدن عديدة وحصون حصينة، حارقين ناهبين ومسيطرين على كل البلدان، حيث تقيم منتصرة على ارصها بالذات... يدمرون، يحرقون، يسرقون البلد حتى جدران السور ( من القسطنطينية )، واختطفوا قطعان الإمبراطور وغيرها من الغنائم ، وهكذا عندما وجدوا، واستقروا وسرقوا الأقاليم الرومانية، فاغتنوا، أدخروا الذهب والفضة، وقطعان الأحصنة وأكوام الأسلحة، وتعلموا بل أجادوا خوض الحرب خيرا من الرومان، الذين كانوا حتى الأمس القريب فظين، وما كانوا يجرؤون على الخروج من غاباتهم وسهوبهم (25،6 )
[ ولنتذكر ان تلك الأحداث، جاءت قبل الحروب الصلبية، وبعد غزوات شعوب البحر القادمة من الشمال لمنطقة آسيا الصغرى وبلاد الشام.. وهذا غيض من فيض، ومثله الكثير.. والقول لي..]
تلكم هي مجرد لقطات، في ظلها نتحرى ما جرى..
[أشاره لا بد منها، ان كلمة بربر تطلق عادة لكل ما هو اجنبي)..
ô ô
ملحق
اضاءة عامة تظهر طبيعة النظام الإمبراطوري الروماني
العبد غير موجود بنظر القانون الروماني (ص 519) كموجز: رجال القانون الرومان يحمون نظامهم المتسلط: " العبد ليس إنساناَ " نقرأ في اللوائح (1/14/4) يحدد المشرع كابوس هذا النص قائلاً: " العبيد، حيوانات وسلع أخرى ". مجموعة القوانين، 7، 1، 3 فقرة 11- والمشرع الرماني الشهير أولبيان يعبر بصورة أوضح: العبد أو أي دابة " (مجموعة القوانين 6، 1، 15، الفقرة3)
بهذا الحكم الأساسي، يعطي القانون الروماني سلطة غير محدودة لمالك العبد، مشبها إياه بشيء ما، دابة. فللمالك عليه حق الموت والحياة، وكل ما عداه..
في موجزات: الحرمان من أبسط الحقوق المدنية، يفرض عليه اسم
مستعار، تماما كالحيوانات.. / لا حق له الزواج والأسرة.. / لاحق تملك لديه.. الخ..
[ و شتان بينهم وبين مجريات في بوتقتنا الحضارية، حيث تحول الأرقاء إلى أقنان/ فلاحين وحتى ملاك/ بل وتمتعوا بالجنسية الآشورية، على سبيل المثال.. – وفي حضارتنا العربية الإسلامية، اصبح المماليك حكاماً..]