مظفر النواب وداعا

في غضون اقل من شهر ، وبعد أسابيع من غياب الوطني و الشاعر الكبير علي الدميني ، فقد الشعر العراقي و العربي يوم الجمعة 20 من شهر مايو الجاري أحد أبرز رموزه المعاصرة مظفر النواب ، بعد معاناة طويلة مع المرض وذلك عن عمر ناهز 88 عاما .
يعد مظفر النواب احد أشهر الشعراء العراقيين والعرب المعاصرين ، وجسد بحق من خلال حياته ونضاله وشعره وتضحياته مفهوم المثقف العضوي وفقا لأطروحة غرامشي .
رغم جذوره الإرستقراطية وامتلاك عائلته الإقطاعية لقصر في بغداد غير أنه أرتبط بالحركة اليسارية العراقية حيث انتسب إلى الحزب الشيوعي العراقي أثناء دراسته الجامعية في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي في العهد الملكي ، وتعرض منذ ذلك الحين إلى السجن والتعذيب والملاحقة ، كما عاش حياة الفاقة والضنك بعد تعرض أسرته للإفلاس .
حكم عليه بالإعدام إثر الإنقلاب البعثي الأول في العراق في عام 1963 والذي جرى استبداله بالسجن المؤبد في معتقل نقرة السلمان الصحراوي الشهير غير انه استطاع الهرب من سجنه لاحقا بعد أن تمكن ومجموعة من رفاقة من حفر نفق تحت الأرض .
في عام 1968 أنضم إلى فصيل منشق عن الحزب الشيوغي العراقي وذلك تحت مسمى الحزب الشيوعيى العراقي – القيادة المركزية والذي رفع شعار الكفاح المسلح وحرب التحرير الشعبية ، منأثرا بالتجربة الصينية والفيتنامية ، وعلى أثر ذلك انتقل العديد من أعضائه ( ومن بينهم مظفر النواب ) للقتال في منطقة الأهوار ( المسطحات المائية ) في نهر دجلة ،وهي منطقة زراعية تكون مغمورة لعدة أشهر بمياه دجلة في جنوب العراق ، غير ان الحركة جرى قمعها بقسوة من قبل النظام العراقي .
وبسبب انحيازه لمفاهيم الحرية والعدالة ، ووقوفه إلى جانب الفقراء والمهمشين ، و مواقفه المناهضة للحكومات المتعاقبة في العراق أضطرمظفر النواب للعيش في المنافي على مدى عقود ، كما ربطته علاقات شخصية ونضاليه مع غالبية الحركات اليسارية العربية بما في ذلك السعودية و كذلك الفصائل الفلسطينية ,
يعد مظفر النواب أحد أكبر الشعراء الذين كتبوا الشعر بالعامية العراقية ( لهجة جنوب العراق ) مع انه نشر الكثير من قصائد شعر التفعيلة ,
امتاز شعره باللغة التحريضية المباشرة والنقد اللاذع ضد النظام العربي الرسمي والحكومات الإستبدادية ، وقد صدرت أول طبعة كاملة باللغة العربية لأعماله عام 1996 في لندن .
من أشهر قصائده ، مرينا بيكم حمد ، القدس عروس عروبتنا ، بكائية على صدر الوطن
العزاء الحار لعائلة وأصدقاء ورفاق الوطني والقومي والأممي الكبير مظفر النواب ، وسيظل ابداعه وعطائه وتضحياته وومأثره الوطنية والقومية في قلوب وذاكرة الشعب العراقي والشعوب العربية قاطبة .